باريس: لقيت المتسلّقة الإيرانية إلناز ركابي، الأربعاء، استقبال الأبطال عند عودتها إلى إيران، بعد الضجة التي أثارتها مشاركتها من دون حجاب في مسابقة آسيوية أقيمت في كوريا الجنوبية، حيث تجمّع عشرات من مواطنيها للترحيب بها.
وعادت ركابي إلى مطار طهران بعد المسابقة في كوريا الجنوبية، فيما لا تزال إيران تحت وطأة التظاهرات التي تقودها نساء احتجاجاً على وفاة الشابة مهسا أميني بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق على خلفية عدم التزامها القواعد الصارمة للباس في الجمهورية الإسلامية.
في منشور على انستغرام وتعليقات في المطار، اعتذرت ركابي عن “القلق” الذي تسبّبت به، وأكدت أن ظهورها سافرة كان “غير مقصود”.
لكن ناشطين أبدوا تخوفاً من أن تكون تعليقاتها جاءت تحت الضغط من السلطات الإيرانية التي قد تكون غضبت من تصرفاتها.
واكتفت ركابي في المنافسات النهائية، الأحد، بوضع عصبة على الرأس، في خطوة فسّرت على أنها تأييد للاحتجاجات التي تشهدها إيران منذ شهر في أعقاب وفاة الشابة مهسا أميني. وشكّلت خطوة ركابي مخالفة لقواعد اللباس التي يجدر بالإيرانيات التزامها لدى مشاركتهن في مسابقات خارجية، ومنها تغطية الرأس بالكامل.
وردد عشرات المؤيدين الذين تجمعوا أمام مطار الإمام الخميني الدولي في طهران، فجر الأربعاء، “إلناز بطلة” وصفقوا رافعين هواتفهم النقالة لتصوير هذه اللحظة.
كما أظهر شريط مصوّر نشرته صحيفة “شرق” الإصلاحية عبر تطبيق تلغرام، عشرات الأشخاص متجمعين خارج مبنى الوصول، يهتفون ويصفّقون. وأحاط هؤلاء بحافلة صغيرة وسيارة يعتقد أن ركابي وآخرين من أفراد الفريق المشارك في مسابقة التسلق، كانوا على متنهما.
ولم تعرف وجهتها. وبعض النساء اللواتي حضرن إلى هناك لم يضعن الحجاب.
وقال مركز حقوق الإنسان في إيران، ومقره نيويورك: “استقبال الأبطال- من قبل نساء لم يضعن الحجاب- خارج طهران … القلق على سلامتها باق”.
في وقت سابق، كانت ركابي ظهرت داخل مبنى المطار وهي ترتدي سترة سوداء اللون ووضعت على رأسها قبعة. وبعدما استقبلها أفراد من عائلتها، تحدثت إلى وسائل الإعلام الرسمية وقد أنزلت قناعاً طبياً وضعته على وجهها.
وقالت ركابي: “بسبب الأجواء في نهائيات المسابقة والدعوة غير المتوقعة لي لكي أبدأ مشاركتي، ارتبكت مع معداتي التقنية (…) وهذا ما جعلني غير مدركة لمسألة الحجاب الذي كان يجدر بي وضعه”.
وأضافت: “لقد عدت إلى إيران بسلام، بصحة ممتازة ووفق الجدول المقرر مسبقا. أعتذر إلى شعب إيران بسبب التوترات التي خلقتها”، مؤكدة أنها “لا تعتزم مغادرة المنتخب الوطني”.
جاءت تعليقاتها مماثلة لتلك التي أدلت بها الثلاثاء من خلال منشور عبر أنستغرام اعتذرت فيه عن “القلق” الذي سببته مؤكدة أن ظهورها سافرة كان “غير مقصود”.
لكن الجمهورية الإسلامية واجهت تكراراً اتهامات من قبل ناشطين بإرغام أشخاص على الإدلاء بتصريحات عبر التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي.
وكتبت الممثلة البريطانية من أصل إيراني نازانين بونيادي، وهي سفيرة لمنظمة العفو الدولية في بريطانيا، في تغريدة، أنه من الواضح أن ركابي “أرغمت على الإدلاء بهذا البيان من قبل السلطات التي تستخدم باستمرار اعترافات قسرية ومتلفزة”.
وقال مركز حقوق الإنسان في إيران إن المراقبين “يجب ألا يتأثروا بدعاية الدولة”.
ووصف الصحافي الإيراني البارز، المقيم في المنفى، مزيار بهاري تعليقات ركابي في المطار بأنها “اعتراف قسري”،
وقال: “يمكن رؤية الخوف في عينيها. هي تكرر ما طلب منها”.
لم تعرف أخبار عنها أو أي تعليق على حسابها على أنستغرام منذ مغادرتها المطار.
وتحدثت تقارير غير مؤكدة عن احتمال تعرضها لضغوط من جانب مسؤولين إيرانيين في كوريا الجنوبية.
ونقلت شبكة “بي بي سي” بالفارسية عن مصدر لم تسمّه قوله إن أصدقاء لم يتمكنوا من الاتصال بها، وإن الفريق غادر الفندق الإثنين قبل يومين على الموعد المقرر للمغادرة.
من ناحية أخرى، ذكر الموقع الإخباري “إيران واير” أن رئيس الاتحاد الإيراني للتسلق “خدعها” لدخول السفارة الإيرانية في سيول، وأنه سيتم نقلها مباشرة بعد ذلك إلى المطار. وقال الموقع إن رئيس الاتحاد وعدها بعبور آمن إلى إيران إذا سلمت هاتفها وجواز سفرها.
غير أن السفارة الإيرانية في سيول نفت “جميع الأخبار الزائفة والمزوّرة والمعلومات المضللة المتعلقة” بركابي، مضيفة أنها غادرت كوريا الجنوبية مع أفراد فريقها الثلاثاء.
من جهتها قالت المتحدثة باسم المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، رافينا شمسداني، إن الأمم المتحدة “تتابع عن كثب” القضية. وصرحت في جنيف “لا ينبغي أبدا مقاضاة النساء على ما يرتدينه”.
وأظهر بث تدفقي نشره الاتحاد الدولي لرياضة التسلق أن ركابي ظهرت في المنافسة الأولى ورأسها مغطى بمنديل مشدود إلى الوراء، ولكن في المنافسة التالية لتسلق جدار مرتفع بواسطة حبل، اكتفت بلفّ رأسها بعصبة تظهر كل شعرها المربوط إلى الوراء.
وأتى ذلك بينما تشهد إيران منذ 16 أيلول/سبتمبر، احتجاجات على خلفية وفاة أميني (22 عاما)، تخللها قيام العديد من النساء المشاركات بخلع حجابهن في الشوارع ومؤسسات تعليمية.
وخلال التظاهرات الأخيرة، عبّر العديد من الرياضيين والرياضيات عن تأييدهم لمطالب النساء، وطالت بعضهم إجراءات من السلطات مثل التوقيف الموقت.
(أ ف ب)