لا ناقة لنا ولا جمل في القصة كلها، سواء جرى عزل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أو ظل في البيت الأبيض حتى نهاية رئاسته الأولى، ففرصة العزل لا تبدو مؤكدة، خصوصا مع حيازة حزب ترامب الجمهوري لأغلبية الأصوات في مجلس الشيوخ، بعكس مجلس النواب، الذي يحظى فيه الديمقراطيون المعارضون بالأغلبية، واستخدموها لبدء إجراءات العزل.
وربما لا تؤثر ضجة العزل تلقائيا بالسلب على فرص إعادة انتخاب ترامب لرئاسة ثانية، فالداخل الأمريكي لا يصوت لأولويات النزاهة بالضرورة، والمنافس الديمقراطي المحتمل جو بايدن، شخصية باهتة بامتياز، قد لا تصمد كثيرا في مواجهة «شعبوية» ترامب وعنفوانه العنصري.
والمسألة كلها تخص الأمريكيين أولا، وقد تكون مما يهم قوى اقتصادية وعسكرية كبرى في العالم، تنافس أمريكا أو توافقها، وتتأثر مصالحها جزئيا باسم الرئيس الأمريكي وسلوكه، مع وعيها البديهي، بأن سياسات أمريكا لا يصنعها شخص، بل تصنعها الإدارة ومؤسساتها، ومصالح المجمع الصناعي العسكري الأمريكي بالأساس، وإن جاز، أن يكون لشخص الرئيس بعض التأثير العابر، فقد تهتم الصين أو روسيا أو الاتحاد الأوروبى بنهاية ترامب، إن جرت، لكن الأمر عندنا مختلف تماما، فأيا ما كان اسم الرئيس الأمريكي أو عنوان حزبه، فلا شيء يفيدنا، ونحن في منطقة منكوبة بالسياسة الأمريكية، في عهد ترامب أو في عهد سابقه باراك أوباما، أو أي اسم آخر يأتى بعد ترامب، هذا أن ذهب أصلا في هوجة العزل.
ودعونا نتذكر، أن أوباما قبل نهاية فترته الرئاسية الثانية، ترك وصيته بمنح إسرائيل 38 مليار دولار تسهيلات سلاح، رغم عدم توافقه الشخصي مع بنيامين نتنياهو رئيس وزراء كيان الاحتلال، وما فعله ترامب خدمة لإسرائيل، ليس إلا مواصلة للطريق نفسه، من تأييد ضم القدس لدولة الاحتلال، إلى ضم هضبة الجولان، إلى ما يجري اليوم من تمهيد لضم كامل أراضى الضفة الغربية، فالولاء لكيان الاحتلال من شيم كافة الرؤساء الأمريكيين، أيا ما كانت الأسماء أو الألوان الحزبية، وهذا هو بيت الداء، في ما يخصنا من السياسة الأمريكية المتصلة، فالعلاقة بين أمريكا وإسرائيل هي نوع من الاندماج الاستراتيجي، أضف إلى ذلك داء آخر، له صفة التواصل عبر عقود طويلة مضت، هو ولاء كيانات عربية غنية بتروليا للسياسة الأمريكية، ووقوفها عند أعتاب أي رئيس أمريكي، ونظرتها إلى أمريكا كأنها الرب المعبود، والعياذ بالله، وإلى البيت الأبيض كقبلة أولى بالرعاية والاتباع من البيت الحرام، ودفع مئات المليارات، ربما تريليونات الدولارات للسيد الأمريكي عن طيب خاطر، فلا أحد من هؤلاء يتردد في دفع الجزية، بل ويتفاخرون بدفعها، طلبا لحماية أمريكية لا تأتي أبدا، ورغم أن هؤلاء يظهرون أحيانا في وضع التناحر البيني، ويتبادلون الحروب الكلامية صباحا ومساء، وقبل النوم وبعده، إلا أنهم ينحون خلافاتهم العبثية جانبا، حين تأتي مواسم إعلان الولاء الحقيقي، والمبادرة للمشاركة في حروب أمريكا لصالح إسرائيل، وليست حرب احتلال العراق ببعيدة، فقد انفتحت الخزائن إياها وقتها لدعم المجهود الحربي الأمريكي، وجرى نشر القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة كلها، ولم يكن ممكنا لأمريكا، أن تغزو العراق بريا، من دون وضع الأراضي والأجواء العربية المحيطة تحت تصرف السيد الأمريكي بغير قيد ولا شرط.
التبعية لأمريكا لها مصير واحد، ينتظر الأتباع، هو الخراب المستعجل، بنزح أموال الفوائض البترولية
ولم يتغير السلوك المهين أبدا، سواء في أيام بوش الأب أو بوش الابن، ولا في عهود أوباما ولا في فترة ترامب، ربما بفارق، أن ترامب سليط اللسان كان أكثر فجاجة، فهو يأمر على الهواء، ويتلقى أموال الجزية الأمريكية علنا لا سرا، ولا يشبع أبدا، فلم يكتف ترامب بحلب 400 مليار دولار من المملكة السعودية مثلا، بل طلب التريليونات، ومن دون تعهد جازم بتوفير الحماية للأتباع، ولا خوض حرب عسكرية ضد إيران مثلا نيابة عنهم، فترامب لا يريد المخاطرة بحياة جندي أمريكي واحد، ولا مانع عنده من التحدث بصراحة جارحة، لا تبقي لهؤلاء الممتقعين غيضا من ماء الوجوه، ولنأخذ ـ مثلا ـ ما جرى أخيرا، حين تم الهجوم المدمر المباغت على منشآت شركة «أرامكو»، وتعطيل نصف الإنتاج البترولي السعودي، فقد اكتفى ترامب بلوم لفظي لإيران، وزاد في العقوبات الاقتصادية عليها، ولكن من دون تلبية رغبة السعودية الحارقة بشن حرب أمريكية على طهران، وقال للسعوديين ببساطة، إدفعوا المزيد، لا لكي يحارب طهران، بل لكي يبيع المزيد من صفقات السلاح للرياض، إضافة لنفقات نقل وإقامة ورواتب خبراء عسكريين أمريكيين، وبناء قواعد أمريكية جديدة في السعودية، لا تدفع عن المملكة قطعا خطر إيران، ولا خطر الجماعات الموالية لطهران عند حدود السعودية الشمالية والجنوبية، بل مجرد حلقة جديدة من مسلسل «شفط» المال السعودي، وإدامة الاستفادة من استخدام إيران كفزاعة للسعوديين والخليجيين بعامة، خصوصا أن ترامب كسابقيه من الرؤساء الأمريكيين، يعرف أن هؤلاء بلا اختيار آخر، فلا هم يريدون أو يستطيعون دفاعا عن أنفسهم، رغم الإنفاق الجنوني على شراء أحدث أنواع السلاح الأمريكي، ولا هم يريدون فراقا مع الابتزاز الأمريكي، فمن شب على شيء شاب عليه، وهؤلاء أدمنوا التبعية للسيد الأمريكي، ووضعهم عند أمريكا كوضع إسرائيل، مع فارق مرئي، فإسرائيل تأخذ من أمريكا بلا حساب، وهؤلاء يدفعون لأمريكا بغير حساب ولا توقف، أكثر من ذلك، فإن ما تدفعه أمريكا لإسرائيل، ليس إلا بعضا من فوائض المال الخليجي المدفوع للأمريكيين.
وعلى ضفاف الخليج نفسه، يتضح حجم التناقض بين اختيارين، فإيران على الجانب الآخر، اختارت خط التحدي لأمريكا، وصمدت لعقوباتها المتوالية المتصاعدة الخانقة عبر أربعين سنة، بينما اختار الخليجيون العرب خط العبودية لأمريكا، وكانت النتيجة كما ترى، فقد اشتد عود إيران، وبنت صناعة سلاح ذاتي متقدمة، وطورت برامج الصواريخ والقدرات النووية، ونزلت بمطارقها الثقيلة على رؤوس من يعارضها في منطقتي المشرق والخليج العربيتين، وصارت في موقع القوة الآمرة، بل استفادت في النهاية من مئات مليارات الدولارات، التي دفعها ويدفعها الخليجيون العرب، فقد أنفق هؤلاء بلا حساب على حروب تكفير الشيعة العرب، واستفادت إيران بضم ملايين الشيعة العرب تحت جناحها، وأنفق أثرياء الخليج العرب مئات المليارات لتقوية وتسمين جماعات التكفير والتفجير والإرهاب، التي ارتدت سهامها على من صنعوها، ويسرت السبل لتوحش النفوذ الإيراني، وامتداده في الفراغ الواسع أمامها، في العراق الذي جرى احتلاله وتفكيكه، بدعم كيانات الدفع والدعم الآلي لأمريكا، وفي سوريا، التي ساعد هؤلاء في حروب تحطيمها، ومن دون أن يجنوا شيئا، سوى إخلاء الساحة لإيران في معية روسيا، فلم يعد في سوريا من موطئ قدم لنفوذ عربي، وصارت جغرافيا سوريا في أغلبها، خرائط مفتوحة لنفوذ أجنبي قريب وبعيد، ومناطق انتداب لإيران أو لتركيا، أو لأمريكا وروسيا صاحبة النفوذ الأثقل.
وبالجملة، فليس من أمل ولا فرصة نجاة لمن أدمنوا العبودية للسيد الأمريكي، فلا تنتهى قصص العبودية لأمريكا في منطقتنا، إلا إلى مصير واحد، هو الالتحاق بالتحالف مع إسرائيل، طلبا لنجاة موهومة، والصدام الفظ مع مشاعر شعوبهم الرافضة في أغلبها لكيان الاحتلال الإسرائيلي، ولأي تطبيع معه، وهو ما يوقع كيانات الدفع الآلي في حفرة بلا قرار، تراكم مشاعر غضب مكبوت من تواليات الذل والمهانة، وتهدد العروش والكروش الحاكمة بالملك الوراثي العضوض، فلن تنفعهم أمريكا ساعة الجد، ولن تضرب لهم إيران، ولن تعفيهم من حرج ومصيبة العلاقات مع إسرائيل، والاعتماد على تل أبيب، كقاعدة أمريكية متقدمة مزروعة في المنطقة، فالتبعية لأمريكا لها مصير واحد، ينتظر هؤلاء، هو الخراب المستعجل، بنزح أموال الفوائض البترولية، وخسارة الجلد والسقط بانكشاف العلاقات الآثمة مع إسرائيل، مهما جرى التستر أو التمويه على الحقائق، ومن دون ضرر لإيران، التي يعتبرها هؤلاء في مقام العدو الأول والخطر المباشر الداهم، فإيران تقوى كلما انكشف هؤلاء، وسقطت عن عوراتهم أوراق التوت، وكلما زادوا في الدفع للسيد الأمريكي، ومن دون أن تتحقق الحماية الموعودة، وقد سبق للرئيس المصري المخلوع حسني مبارك أن قالها في لحظة انكشاف، قال مبارك بالعامية المصرية إن «المتغطي بالأمريكان عريان»، قالها في لحظة الخلع الأخير، حين باعه الأمريكيون على الناصية، ورموه في سلة المهملات بعد خدمة الثلاثين سنة، فأمريكا لا تعرف معنى الوفاء للصداقات الطويلة، ولا للخدمات ولا لدفاتر الشيكات المفتوحة، ومصالح واشنطن هى الأبقى من أصدقاء وأتباع يذهبون في العادة إلى مزابل التاريخ.
كاتب مصري
تحية للقدس العربي
همسة
هناك مظاهرات ضد أهم وأصدق أصدقاء امريكا وإسرائيل.
هناك شعب يرفض حكم العسكر ويكتوي بنار الموجة الثانية التي انبهرت العالم .
أن كانت هناك نصيحة فوجب أن تكون للاقربين اولى وخصوصا وأن صاحبها من اهل الحضوة عند أهل الحكم ولا يجلس في حضرته ألا من رضيت به أجهزة الأمن التي تقمع الشعب .
السيسي يتغطى بأمريكا وليس عريانا، فقد مدحة ترامب بأنه”ديكتاتوره المفضل”،وقد عاد من عنده، يمارس القمع بشراسة، ويحشد الموظفين بأموال المصريين الكادحين بدلا من إصلاح الطرق المكسّرة، مثلما بنى قصوره الفارهة ليقضي فيها إجازة العيد. ويستدين حتى تضاعفت الديون في عهده خمس مرات، ويتبجح بطلب تفويض جديد ليستمر في القمع
2- من المفارقات أن بعض أدعياء النضال يظهرون على شاشات النظام الانقلابي وقنوات المخابرات، يؤيدون الأستاذ بلحة الإرهابي ويتغزلون في محاسنه، وهم يعلمون أنه صديق طيب للصهايبة كما وصفه النتن، وأنه سيذهب إلى مزبلة التاريخ وفقا لما جاء في مقال الكاتب “فأمريكا لا تعرف معنى الوفاء للصداقات الطويلة، ولا للخدمات ولا لدفاتر الشيكات المفتوحة، ومصالح واشنطن هى الأبقى من أصدقاء وأتباع يذهبون في العادة إلى مزابل التاريخ”.
3- أليس من الأفضل أن نعالج أمور المصريين ونضالهم ضد العسكري المجرم وأتباعه من المنافقين والأفاقين والشواذ وأعداء الفطرة الإنسانية، والأبواق الكاذبة واللصوص الكبار والصغار، والإدارةالعشوائية،وقبل ذلك وبعده القمع الأمني الوحشي، واستهانةالأستاذ بلحةبإرادةالشعب ووجوده، بدلا من معالجةأور الآخرين التي هي نتيجةلانهيار مصر وتخريبها وإضعافها؟
شكرا للأستاذ قنديل على مقالته التحليلية والعاكسة للواقع العربي المأزوم والمهزوم.
عجبا حال العرب في علاقاتهم مع بعضهم البعض ومع الآخر خاصة القوي منه. فعلاقات العرب ببعضهم تكاد تكون فاترة في أحسن الأحوال ومتوترة في اسوئها. أما علاقاتهم مع الآخر فهي شيئآخر وخاصة مع القوى العظمى غربية أوشرقية شمالية أو جنوبية.
ومقولة3 اسرائيل تأخذ من لأمريكا بلاحساب.. والعرب يدفعون لأمريكا بغير حساب وبدون توقف” تلخص واقعنا المترهل والمؤسف له منذ نعومة أظافرنا.
فمتى يتغير الحال ومتى يتهيأ للعرب أن يستردوا كرامتهم وعزهم. هل عندما تتبع الطريق الديمقراطي أم عندما تعود الى الاسلام الذي أعزها؟ أم عندما تتحول الى نظم براغماتية ؟
ليته يجيب المتغطي بالمتغطي بالامريكان ماذا يصير؟ هيكل عظمي مثلا
ولكن يا استادنا الكريم هدا المثل يفهمه الادكياء والدهاة ومن يمتلكون عزتهم وكرامتهم ولا يبيعونها في سوق النخاسة الصهيوامريكي والغربي مقابل حماية هي في الحقيقة سراب يحسبه الظمان ماء فانظمة الاعراب كما يعلم الجميع لا تتميز بالدكاء والدهاء والفطنة بل يغلب عليها طابع البلادة والغباء ولهدا فامريكا تبيع لهم الوهم بمئات المليارات من الدولارات التي لو انفقوها في مكانها المناسب لعم الخير كل الجغرافيتين العربية والاسلامية ولكسبت هده الانظمة التاييد والحب من ملايين مئات الملايين من العرب والمسلمين.
عنوان المقال = السيسي + بن سلمان و أبيه
فهم اليوم من أكبر ال متغطين بالأمريكان في العالم
هدا المقال ينطبق تماما علي المجرم السيسي الدي عينه الامريكان رئيسا لمصر ..اجهل ما و لدت مصر و اقبح اهلها صار رئيسا عليها..و العجيب ان صاحب المقال من اكثر مؤيديه ..صدقت اغنية غناها الاستاد الكبير رابح درياسة ..هي داوي في المرضي و حبيبها مجروح…