إذا كانت أمريكا قد بدأت تتملص من التزاماتها مع حلفائها التاريخيين في المنطقة الذين تربطها بهم معاهدات ومصالح كبرى تعود إلى ثلاثينات القرن الماضي، فلا عجب أبداً أن تستخدم حلفاءها الطارئين في المعارضة السورية كعتلات صغيرة لتحقيق مشاريعها عن بعد، وفي أحسن الأحوال كفئران تجارب. قبل أيام قلائل أطل الرئيس الأمريكي أوباما علينا بتصريح من العيار الثقيل. فبعد سنوات من الدعم اللفظي لقوى المعارضة السورية. وبعد عنتريات إعلامية مكررة ضد النظام السوري، صرح أوباما على حين غرة بأن المعارضة السورية التي تقاتل النظام مجرد ثلة من المزارعين وأطباء الأسنان الذين لا يمكنهم أبداً أن يهزموا نظام الأسد.
والسؤال الأول الذي يطرح نفسه على أي شخص يفهم ألف باء السياسة: هل كان الرئيس الأمريكي يحتاج إلى أكثر من ثلاث سنوات كي يتوصل إلى هذا الاكتشاف «المذهل» بأن الجيش الحر الذي طبلت أمريكا والغرب له ردحاً طويلاً من الزمن هو عبارة عن ثلة من البسطاء والمقاتلين غير المحترفين الذين لا يمكنهم بأي حال من الأحوال التصدي لجيش نظامي متدرب منذ عقود وعقود ومدجج بكل أنواع السلاح؟
لماذا عملت أمريكا إذاً على توريط الفلاحين ومعلمي المدارس في حرب مع جيش خاض الكثير من المعارك ضد الداخل والخارج؟ لماذا لم تقل لممثلي جيش المعارضة «الخـُلبي» هذا الكلام الذي قاله أوباما قبل أيام منذ بداية الأزمة؟ لماذا استلم سفيرها في دمشق روبرت فورد الملف السوري منذ بداية الثورة، وكان يمضي معظم وقته مع قادة المعارضة من السياسيين والعسكريين، ويرشدهم إلى أفضل الطرق لمواجهة النظام؟ ماذا كان يفعل سفير أوباما في تركيا مع ممثلي أطباء الأسنان والمزارعين على مدى أكثر من ثلاث سنوات؟ ألم يقل فورد لسيده الرئيس وقتها إن قوات المعارضة السورية بدائية وغير مدربة، ولا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تبلي بلاء حسناً في وجه قوات النظام؟
هل يعقل أن السفير الأمريكي الذي كان يدير قوات المعارضة السورية كان يعمل لحسابه الخاص، ولم يكن يرسل تقاريره للخارجية الأمريكية أو البيت الأبيض أو وكالة الاستخبارات الأمريكية؟ هل علم أوباما فقط في الأسابيع الأخيرة أن قوات المعارضة التي تقاتل الجيش السوري وحلفاءه بلا فائدة عسكرية تـُذكر؟
لماذا صدع الرئيس الأمريكي رؤوسنا وهو يدعو الرئيس السوري إلى التنحي إذا كان يعلم أن قوات المعارضة التي ستحل محل الجيش السوري مجرد ثلة من المزارعين والنجارين والحدادين؟ ماذا كان سيحصل لسوريا لو وصل أطباء الأسنان والفلاحون إلى سدة القيادة السورية سياسياً وعسكرياً؟
هل كانوا قادرين على إدارة البلاد سياسياً، وحمايتها عسكرياً؟ أم إن أوباما كان يعمل على تكرار النموذجين العراقي والليبي في سوريا، بحيث تنهار القيادتان السياسية والعسكرية دون أن يكون لها أي بديل سياسي أو عسكري يمسك بزمام الأمور في البلاد؟
والسؤال الأهم الذي لا بد من توجيهه للرئيس الأمريكي بعد تقزيمه لقوات المعارضة السورية إلى ثلة من المساكين: لماذا يا سيادة الرئيس كنت تستقبل أنت وسفراؤك ووزارة خارجيتك ودفاعك ممثلي أطباء الأسنان والمزارعين السوريين الذين تسخر منهم؟ لماذا اعترفت بممثلي القوات التي تتهكم عليها كممثل وحيد للشعب السوري؟ ألم تعترف بائتلاف قوى المعارضة السورية على أنه الممثل الشرعي للشعب السوري؟ ألم تمنحه قبل أسابيع فقط مكتب ممثلية دبلوماسية، بينما قمت بإغلاق السفارة السورية؟ لماذا قدمت لهم كل تلك الخدمات الدبلوماسية والإعلامية واللوجستية إذا كانوا مجرد ممثلين لجوقة هزيلة من المزارعين البائسين الذين لا يمكن أن يحموا بيوتهم، فما بالك أن يقاتلوا جيشاً من أقوى جيوش المنطقة؟ واضح من خطتكم الأمريكية في سوريا على مدى أكثر من ثلاث سنوات يا سيادة الرئيس أوباما أنكم لا تريدون لطرف أن يحسم الوضع في البلاد، بل تريدونها حرب استنزاف منظمة تنهك كل أطراف الصراع السوري، لا بل محرقة للجميع.
وعندما تشعر الأطراف المتورطة في الصراع بأنها فقدت قدرتها على الاستمرار في القتال، تتدخلون أنتم، وتفرضون مشاريعكم التي تعملون عليها منذ عشرات السنين.
يبدو أنكم اقتربتم من تحقيق هدفكم في الاستنزاف والإنهاك للسوريين جميعاً، لهذا اعترفتم فجأة بضعف المعارضة التي كنتم تستخدمونها فقط كوسيلة إنهاك واستنزاف للطرف الآخر، فإذا ضعف طرف قمتم بتقويته كي يستمر في عملية الاستنزاف تحضيراً لعام 2018، حيث يكون قد مر على معاهدة سايكس- بيكو 100 عام، ولا بد عندها من إعادة رسم خارطة المنطقة من جديد.
صدق من قال: المتغطي بالأمريكان عريان.
٭ كاتب واعلامي سوري
[email protected]
د. فيصل القاسم
إستنتاجك هذا يا دكتور جاء بعد ما يزيد على ال 1400 عام مما جاء ذكره في كتاب الله و سيبقى كذلك !!! :)
اللهم إسترني من أولئك الذين يعلقون من وراء حجرات الشبكة العنكبوتية و الذين غالبيتهم لا يعقلون ؟؟؟!!!! :)
فالغرب و بمن فيهم أمريكا هم الذين جاؤوا بالأفكار القومية و زرعوها بين العربان إذ جعلوا المسلم العربي يقاتل المسلم التركي تحت شعار عرب و أتراك و الثورة العربية الكبرى و حرية و ديمقراطية و أنظمة دكتاتورية وووو يصلونهم إلى أنصاف الآبار ثم يقطعون الحبال بهم متخذين منهم حميرا و بغالا يحملون أثقالهم على ظهورهم إلى حين أو ردح من الزمان ثم طاخ و طاخ و طاخ و هكذا !!! :)
للأسف هناك إدمان و تسابق من الكثيرين من العرب على ما جاء في الفقرة الثالثة من تعليقي هذا !!! :)
* من الآخر : إسمحولي بطرح السؤال التالي : ـ
* هل ( إنتصار ) الثورة السورية يصب في مصلحة ( اسرائيل ) أم ضدها ؟؟؟
* على ضوء تحديد الجواب يكون ( التجاوب الأمريكي ) والموقف الأمريكي ؟؟؟
* لو قلنا أنّ إ نتصار الثورة السورية ضد مصالح اسرائيل الحيوية ف المنطقة
يعني ببساطة ( أمريكا ) لن تساعد في ( إنتصار الثورة ) النهائي
وهذا هو الأرجح والقابل للفهم والتصديق .
شكرا والشكر موصول للأخ الكاتب الدكتور ( فيصل ) .
اسئلة غير منطقية ابدااااا ,,,,,,,,,,,
صدقت واللة يا د. فيصل حتى ان وزير خارجية بولندا اول حليف لامريكا من حلف وارسو في المنظومة الشيوعية سابقا صرح بان ما جصل في اوكرانيا
مخيف وان الاعتماد على حماية الولايات المتجدة الامريكية هو وهم لماذا تدافع
امريكا عن اوكرانيا او بولندا ليس لها مصالح هناك فقط تناور روسيا ليس الا
ولقد تخلت الولايات المتحدة سابق عن اقرب حلفائها شاة ايران و ورئيس
الفلبين ومؤخرا عن حسني مبارك الرئيس المصري وزين العابدين بن علي
الرئيس التونسي الذي هرب واستقر في السعودية
كيف يعني ثلة من الفلاحين ؟؟؟واين ذهب اكثر من 200الف جندي سني انشقوا عن النظام ؟؟؟ام ان كل تلك الانشقاقات لم تكن سوى ضرب من ضربات التمني
هدا ما يريده الغرب تدمير جميع القدرات العربية دون ان يتدخل هو عسكريا لقد استفادت الولايات المتححدة من حربها في العراق ةافغنستان
كلامك سليم أن امريكا اذا ضعف طرف قامت بتقويته كوسيلة إنهاك وإستنزاف ألم تقل اسرائيل أن القتال سوف يدوم لمدة عشر سنوات انظر كيف أرسلت امريكا حاملة الطائرات وقوات خاصة وطائرات بدون طيار لمساعدة المالكى لكى لا يقطع العشائر إمدادات ايران من الأسلحة والرجال للنظام السوري وأيضاً لضمان عدم وصول أسلحة وأغذية وأدوية للشعب السوري لكى يستسلم ألم يقل رئيس الموساد السابق أن بشار هو رجلهم فى دمشق
أحسنت النّقد للجانبين يا د. فيصل القاسم، نحن لسنا بحاجة إلى جيوش وأجهزة أمنية تتعامل مع الشعب كما تعامل البلطجية والشبيحة في ميدان التحرير يوم تنصيب عبدالفتاح السيسي لعمل حفلات للإغتصاب الجماعي لإرعاب المواطن حتى لا يستطيع فتح فمّه للمطالبة بأي حقوق، تماما كما يفعل الكيان الصهيوني من خلال المُستعربين مع أهل فلسطين في كل فلسطين.
لماذا إرعاب المواطن جائز ولا بأس به ويقوم مثقفينا بتبريره بحجة ضرورة الحزم إن كان في الكيان الصهيوني أو مصر أو سوريا أو العراق؟!
لم لا يتم معاملة الإرعاب (البلطجيّة/الشبيّحة/المُستعربين) بنفس طريقة الإرهاب (المقاومة) في أي مجتمع ديمقراطي بداية من الكيان الصهيوني؟
لماذا يتم الصرف على جيش وأجهزة أمنية لا تستطيع حماية المواطن كما حصل مع الشلاليط الثلاثة في الكيان الصهيوني، وما حصل في ميدان التحرير في قضية الاغتصاب الجماعي يوم تنصيب عبدالفتاح السيسي، وهل ما حصل يختلف عن انهيار الجيش والأجهزة الأمنية العراقية أمام داعش في العراق عام 2014 أو أمام القاعدة في أمريكا في 11/9/2001 عندما لم يقم الجيش الأمريكي والأجهزة الأمنية اطلاق رصاصة واحدة؟!
ما رأيكم دام فضلكم؟
واخيرا فهمها واحد
بسم الله الرحمان الرحيم , وبالله نستعين , وبعد.
ماقلته يا د. فيصل في مقالك هذا جميل ورائع ويعرفه كل مواطن عربي , ومتى كان المتغطي بأمريكا من العرب دافئا ؛ حكومات وشعبا؟, , لم تكن أمريكا يوما في تاريخها الطويل عادلة ومنصفة للحق العربي يوما , كم من فيتو أمريكي أتخذ ضد حق الفلسطنيين في أرضهم ووطنهم ؟ وهم يعلمون تمام العلم أن هذه القرارات اتخذها مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة بالاجماع وهو حق للفلسطنين وليس منة من أحد . وهذا أكبر دليل على غطرسة أمريكا ووقوفها ضد الحق والعدل والانصاف لشعب وقع عليه أكبر ظلم في التاريخ , وتدعي أنها راعية الحق والد يمقراطية وانصاف الشعوب , أيوجد دليل أكبر من هذا على زيف أمريكا وخداعها وظلمها للعرب . هل نحن أغبياء أم متغابون ,؟
ألم يساعدوا العراق في حربها ضد ايران , وعندما أنتصرت العراق انقلبوا عليها واحتلوها , تما ما كما وقفوا مع القاعدة في حربها ضد الروس في أفغانستان , وعندما طردوا الروس انقلبوا على القاعدة وصارت ألد أعدئهم .
لم تكن ولن تكون أمريكا يوما مع العرب الا فيما يخدم مصالحهم فقط .
كم مدحت المعارضين للحكم السوري ولبشار الأسد بالذات وكم وعدتهم با لأسلحة ثم عادت تقول : هؤلاء مجرد فلاحين ومزارعين وأطباء وغيره ، ليس لهم في العير ولا في النفير.كما ذكرت في مقالك .
هذه أمريكا يادكتور فيصل : عدو مخادع ولدود ,
مثلما فعلوا مع صدام. حرضوه على قتال ايران و ساندوه و لكن ليس بالقدر الذي يحسم المعركة وعندما بدا انه قادر على ذلك ساعدوا ايران. ثم ورطوه في غزو الكويت فقصقصوا اظافره الى ان صفوه عندما استنفذوا غرضهم.
و هذا ما كان ايضا في استنزاف سوريا ضد منظمة التحرير و اليسار اللبناني حتى اذا ما لاح الحسم اخرجوا لهم ميشال عون.
وهذا ما فعلوه مع القذافي عندما غزا تشاد فساعدوا المقاومة التشادية بما يكفل استمرار النزيف دون الحسم.
وحتى عندما ساعدوا الاكراد و البوسنة و كوسوفو على الاستقلال لم يفعلوا ذلك الا بعد ان انهكوهم و ضمنوا ولائهم و خضوعهم الكامل بلا شروط.
وهو ما يحدث اليوم في العراق و في اليمن و في ليبيا.
صحيح ان سياسة امريكا تحكمها المبادئ و المصالح ولكن اول مبادئها هو الحفاظ على مصلحتها. امريكا ليست جمعية خيرية و حتى عندما تنوي العمل لله فنحن اعداء الله بنظرها