القاهرة ـ «القدس العربي»: سيطرت احتفالات المصريين بعيد الربيع على معظم مساحات الصحف المصرية الصادرة أمس الثلاثاء 30 إبريل/نيسان، من تغطيات واسعة منها لصور العائلات في الحدائق العامة والمنتزهات، وهم يأكلون الفسيخ، وفي الرحلات في نهر النيل.
وعشرات المقالات التي ابتهج أصحابها بالانتصار الذي حققه المصريون على المتشددين الذين حرموا الاحتفال بهذا اليوم، لأن هذا العيد مصري خالص أقامه الفراعنة منذ آلاف السنين ولا علاقة له بالمسيحية. كما استمرت الشكوى من الروائح الكريهة في الحدائق، المتخلفة عن أكل الفسيخ وترك بقاياه وقشور البيض والبصل. ووصل الأمر إلى حد أن الرسام في «البوابة» أنس الديب أخبرنا أنه شاهد فسيخة ضخمة، تقدم باقة ورد لمحتفل وتهنئه، بينما هو يضع كمامة على أنفه حتى لا يشم رائحتها ويمد يده ليأخذ الورد منها.
واعترف الجميع بنجاح أجهزة الدولة ووزاراتها في توفير الراحة للناس، خاصة وزارة الداخلية، حيث نجحت الشرطة في تأمين الاحتفالات من أي عمل تخريبي أو مشاجرات في الشوارع والحدائق، ومنع التحرش بالنساء والفتيات، وسبق ذلك بيوم نجاحها في تأمين احتفالات الكنائس بعيد القيامة المجيد.
تحذير من خطورة الديون الخارجية وإعلان إفلاس مصر وخضوعها للسيطرة الأجنبية ودعوة لتحصيل الضرائب التصاعدية من الأثرياء
وأبرزت الصحف عودة الرئيس السيسي من زيارة الصين، بعد مشاركته في قمة الحزام والطريق والاتفاقيات التي وقعتها وزارة الدولة للإنتاج الحربي، والهيئة العربية للتصنيع مع مؤسسات صناعية صينية، وبالإضافة للمقالات عن الاحتفال بعيد شم النسيم، ونتائج زيارة الصين، فقد أبرزت الصحف نبأ الكلمة التي سيلقيها الرئيس في الإسكندرية بمناسبة الاحتفال بعيد العمال، في الأول من مايو/ أيار. فيما ظل الاهتمام الأكبر للأغلبية لشهر رمضان وامتحانات الثانوية العامة وتوزيع أرقام الجلوس على الطلاب الممتحنين، والمسلسلات التي ستقدمها القنوات التلفزيونية، والإعلان عن أسماء المساجد التي حددتها وزارة الأوقاف للاعتكاف فيها في العشر الأواخر من رمضان. وإلى ما عندنا..
قصة عيد شم النسيم
ونبدا بأبرز ما نشر عن شم النسيم، حيث عبر الكاتب خالد منتصر في الوطن عن سعادته بما شاهده في مدينة الاسماعلية من إقبال كبير من المواطنين على الحدائق والمتزهات، وقال شامتا في المتطرفين الإسلاميين بسبب عدم استماع الناس إلى فتاواهم بتحريم الاحتفال بهذا اليوم: «عندما شاهدت حدائق الإسماعيلية أمس في شم النسيم مليئة ومزدحمة بشكل أكبر من كل سنة زاد اطمئناني على مصر المحروسة، وزاد إيماني بأن أهلها سينتصرون حتماً على كل مظاهر الفاشية الدينية.
نواة مصر الجميلة الأصيلة كانت قد تكلست بعض الشيء وغلفتها أفكار سلفية متشددة ومتزمتة، لكن ظلت النواة المصرية محتفظة بجينات البهجة والحب والود والتسامح.
لم تكن تحتاج إلا زفرة هواء لكنس تراب التجهم عنها، كان قد داهمني الإحباط وأنا أقرأ تعليقات البعض في وسائل التواصل على تهنئة دار الإفتاء ونقابة المهندسين للأقباط بعيد القيامة وشم النسيم، تعليقات في منتهى الغل والسواد والسفالة والحقد والبربرية، جهة دينية تبعث تهنئة فيدخل آلاف الضباع على الفيسبوك بالشتائم والسخرية والتطاول. نقابـــة المهندسين التي تضـــم خــيرة العقول العلمية التي تفكر بالخطط والتصميمات والإحصاءات، يدخل البعض عندما يقرأون التهنئة بسكاكين وخناجر الكلمات الجارحة، رافضين تهنئة إخوتهم المسيحيين.
أصابني الاكتئاب وقلت: إذا كان هذا هو حال رواد الفيسبوك فماذا سيكون حال البسطاء؟ جاءنى الرد من حدائق الإسماعيلية المبهجة وهي تحتضن الجميع مسلمين ومسيحيين، بسطاء غير مهمومين بالفيسبوك وتويتر لا تشغلهم «اللايكات» ولا يبحثون عن «الشير»، يعيشون بفطرة المصري الذي يقول: «موسى نبي وعيسى نبي ومحمد نبي وكل من له نبي يصلي عليه».
عيد الخصب والحياة
وفي «البوابة» قالت أمل جمال تحت عنوان «شم النسيم هويتنا التي لن يقدروا على طمسها»: «شم النسيم العيد الفرعوني الذي أتعب البعض لدرجة تحريمهم الاحتفال به، ظنًا منهم أنه عيد مسيحي، بدون أن يكلفوا أنفسهم مشقة فتح كتاب أو ضغطة زر على الـ»كي بورد» العيد الفرعوني الذي يحتفي بالحياة وجمالها، وكل ما يذكرنا بالتجدد والصيرورة والخصب والنماء والجمال، والملايين التي تخرج في الصباح لتصافح الطبيعة وتستقبل الربيع جماعات وأسر، ضحكات ومسيرات كرنفالية عمرها آلاف السنين، فهل يعرف المحرمون أن أجدادهم الفراعنة كانوا يؤدون الطقوس نفسها تقريبا، وكانت مظاهر الاحتفال تقام وسط الحدائق بين الزهور والخضرة، وعلى ضفاف النيل، وقد تركوا لنا ما يسجل ذلك في لوحات كاملة على جدران مقابرهم، صورهم وهم يستنشقون الأزهار ويجلسون جماعات وبجوارهم الأسماك المملحة والبيض الملون المزركش بزهور اللوتس، تلك الزهرة المقدسة لديهم، مرتدين الملابس الجديدة ومهتمين بزينتهم وشعرهم الذي اعتنوا بتصفيفه بشكل واضح.
هل يعلمون أن كل تلك المظاهر قد ارتبطت لديهم بمدلول الخصب والحياة والخلق وتجــــدده، وخــــروج الحــــي من الميت ناهيك عن البرديات التي تربط الخلق كما تصوروه بالبيضة، ولهذا كانـــوا يرسمون أحلامهم على البيض في هذا الاحتفال، ويكتبون أمانيهم عليه ويضعونه في سلال، وكان اهتمامهم بتمليح الأسماك نابعا من تقديسهم للنيل».
«بستان الزروع»
وفي «الدستور» أوضح القس رفعت بكري سعيد أنه لا توجد علاقة بين موعد عيد شم النسيم بعد يوم واحد من الاحتفال بعيد القيامة وقال موضحا: «كلمة «شم النسيم» swm `nnicim هي كلمة قبطية «مصرية» ولا تعني «استنشاق الهواء الجميل» بل تعني «بستان الزروع» «شوم» swm تعني «بستان» و«نيسيم» nicim تعنى «الزروع» وحرف «إن» بينهما للربـــط مثل of في الإنكليزية فتصير الكلمة «شوم أن نسيم» بمعنى «بستان الزروع» وقد تطوَّر نطق الكلمة مع الزمن فصارت «شم النسيم» التي يظن الكثيرون أنها كلمة عربية مع إنها في الأصل قبطية «مصرية».
ثانيًا، بعد انتشار المسيحية في مصر حتى غطتها بالكامل في القرن الرابع، واجه المصريون مشكلة في الاحتفال بهذا العيد «شم النسيم» إذ أنه كان يقع دائمًا داخل موسم الصوم الكبير المقدس، الذي يسبق عيد القيامة المجيد وفترة الصوم تتميَّز بالنُسك الشديد والاختلاء والعبادة العميقة، مع الامتناع طبعًا عن جميع الأطعمة التي من أصل حيواني، فكانت هناك صعوبة خلال فترة الصوم، الاحتفال بعيد الربيع، بما فيه من انطلاق ومرح وأفراح ومأكولات، لذلك رأى المصريون المسيحيون وقتها تأجيل الاحتفال بعيد الربيع «شم النسيم» إلى ما بعد فترة الصوم، واتفقوا على الاحتفال به في اليوم التالي لعيد القيامة المجيد، الذي يأتي دائمًا يوم أحد، فيكون عيد شم النسيم يوم الاثنين التالي له، ومن وقتها يحتفل جميع المصريين بعيد «شم النسيم» بعد عيد القيامة، ولا توجد علاقة دينية بين قيامة السيد المسيح وشم النسيم لاسيما أن العالم الخارجي لا يحتفل مطلقًا بـ«شم النسيم» لأنه عيد مصري خالص مئة في المئة، وكل عام وأنتم في بهجة وهناء وسعادة وأعياد سعيدة لجميع المصريين».
مطالب ما بعد الاستفتاء
وبالنسبة للمطالب الخاصـــــة بعد الموافقة على التعديلات الدستورية من منح المزيد من الحريات السياسية والإعلامية، فلم أجد إلا مقالا واحدا في «الجمهورية» لعلاء معتمد، قال فيه تحت عنوان «الإصلاح السياسي تفويض جديد للرئيس»: «في الإصلاح الاقتصادي كانت الحكومة هي التي تقرر وتملي إرادتها، وعلى المواطن أن يسمع ويطيع ويتحمل.
أما في الإصلاح السياسي فالمواطن هو الذي يقول ويطلب ويحدد متطلباته، وعلى الحكومة أن تسمع وتطيع وتتقبل وتنفذ ما يريده، وإذا كان نجاح الإصلاح الاقتصادي يقاس بمؤشرات تتعلق بارتفاع معدلات النمو، وانخفاض البطالــــة، وتراجع العجز في الموازنة العامة، والسيطرة على معدلات التضخم، وحسن إدارة الدين العام ورصيد الاحتياطي من النقد الأجنبي، فإن نجاح الإصلاح السياسي يقاس بالتوسع في مساحة الديمقراطية وزيادة حجم المشاركة في اتخاذ القرارات ومقدار الدور الذي تلعبه المعارضة في البرلمان، ودور الأحزاب في الحياة السياسية، ومدى نجاحها وتجاوبها مع احتياجات الوطن والمواطن، ومناخ الحرية الذي تعمل فيه الصحافة ووسائل الإعلام ومدى تأثيرها في الرأي العام، وفي القرارات التي تتخذها الحكومة وتصرفات المسؤولين فيها».
دعوة ولدت ميتة
فوجئ زياد بهاء الدين في «الشروق» كما فوجئ آخرون، بورود اسمه ضمن قائمة المئة المدعوين من السيد أيمن نور للمشاركة في حوار وطني هدفه ــ وفقا للبيان الصادر منه ــ «إنقاذ مصر وتشكيل بديل وطني مقبول داخليا وخارجيا».
يقول الكاتب، شاءت ظروف سفري خارج القاهرة ألا أعلم بالموضوع إلا متأخرا، وبعد أن كان العديد من المدعوين لهذا الحوار قد صرحوا بعدم علمهم مسبقا به، ورفضهم المشاركة فيه، الأمر الذي وضع نهاية لهذه المبادرة التي ولدت ميتة. مع ذلك فإن الموضوع يستحق التوقف عنده والتفكير في ما دفع لإطلاق هذه الدعوة في التوقيت الراهن، وما دعا المدعوين لها من مختلف الاتجاهات السياسية لنبذها، أو على الأقل تجاهلها واعتبارها كأن لم تكن، وما ينبغي البناء عليه مستقبلا في قضية الحوار الوطني بشكل عام.
توقيت الدعوة ذو دلالة لأنه يعبر عن اعتقاد المعارضة الإخوانية المهاجرة بأن المناخ العام في مصر مؤهل لبناء رأي عام مناهض للحكم، وداعم لعودة التيار الإخواني إلى المشهد السياسي، بسبب شكوى الناس من الغلاء والوضع الاقتصادي بشكل عام أولا، ثم من الانغلاق السياسي بدرجة أقل، على نحو ما عبر عنه بروز كتلة معارضة للتعديلات الدستورية، وعدم الارتياح السائد في المجتمع للأسلوب الذي أدير به إجراء هذه التعديلات.
فما الذي جعل إذن هذه المبادرة تولد ميتة ويجري رفضها أو تجاهلها من مختلف الأطراف المدعوين لها، مع تنوع مواقفهم وانتماءاتهم السياسية؟ في تقديري أن هناك سببين لهذا الرفض والتجاهل. السبب الأول أنه على الرغم من أن البيان الداعي للحوار يبدو وطنيا وجامعا ومتسعا لكل الأطياف السياسية، فإنه في جوهره يستهدف وضع تنظيم الإخوان المسلمين بقياداته السابقة في قلب تيار معارضة جديد. وهو يسعى لأن يحيط نفسه بتشكيلة من أصحاب المواقف والانتماءات اليسارية والمدنية واللبرالية من جميع الاتجاهات السياسية، كي يحظى بمصداقية بين الناس، ويوحي بأنه تيار وطني مستقل ليست جماعة الإخوان المسلمين فيه إلا فريقا من الفرق وطرفا من الأطراف، مستعد لقبول الآخرين والتعامل معهم بندية.
وفي تقديري أن معظم من عبروا عن رفضهم للمشاركة في الحوار، من خارج مصر وداخلها، قد توجسوا من هذا الجانب تحديدا من المبادرة تحسبا من المشاركة في ما يبدو في ظاهره عملا وطنيا جماعيا بينما حقيقته وجوهره تمكين الجماعة من العودة للمشهد السياسي وتصدره على نحو ما جرى من قبل. أما السبب الثاني فهو أن ما لا يدركه أصحاب هذه الدعوة، وغيرها من محاولات استثارة الرأي العام وراء قيادة إخوانية جديدة، أنه على الرغم من صعوبة الوضع الاقتصادي وموجات الغلاء المتتالية، وعلى الرغم من التضييق السياسي والإعلامي، فإن الناس بوجه عام وبوعي شديد غير مستعدة للتضحية بالقدر المتاح من الأمن والاستقرار، ولا الخوض في مغامرات جديدة، ولا الاندفاع وراء شعارات سياسية رنانة لا يوجد وراءها تصور واقعي لتقديم حلول لمشاكل الوطن، وعلى رأسها المشكلات الاقتصادية الراهنة. وهذا في تقديري ليس تعبيرا عن خوف أو تردد، كما يتصور العديد من المعلقين، بل عن حكمة وفهم للموقف، واختيار واع يجب فهمه واحترامه والتعامل معه. مع ذلك فإن المشكلات الاقتصادية والاجتماعية حقيقية، وتجاهلها لا يعني زوالها، ومنع الحديث عنها لن يجعل الناس تنساها. ووفاة المبادرة الإخوانية للعودة إلى المشهد السياسي، بعد إطلاقها بساعات، لا تعني أننا لسنا في حاجة لحوار وطني حقيقي، ولا أن كل من يطالب به يستهدف مجرد إثارة الرأي العام، أو التحريض على الفوضى تمهيدا لعودة التيار الإخواني، بل العكس هو الصحيح، فما يمنح الفرصة لهذا التيار هو غياب حوار جامع ليس فقط بين الأطراف الوطنية الحريصة على مصلحة البلد، والساعية لنجاحه ونهضته، وإنما أيضا مع الدولة ومؤسساتها، التي لا يمكن للحوار أن يكون مفيدا ومحققا لنتائج واقعية بمعزل عنها. ولكي يكون الحوار مع الدولة ومؤسساتها جادا ومفيدا، فلا مفر من أن يعيد التيار المدني الديمقراطي بكل اطيافه ومكوناته تنظيم نفسه وتجاوز خلافات الماضي، ويستعيد قدرته على التفاعل مع الناس ومشاكلها وطموحاتها بعيدا عن الانشغال بالسجال على صفحات التواصل الاجتماعي، وبعيدا عن النبش فيمن كان أكثر صوابا في هذا الموقف أو ذاك، وبعيدا عن البحث عن مكاسب سريعة، لأن المرحلة تحتاج إلى صبر وبناء وتواصل وتفاوض لبناء تيار يعبر عن حلم الدولة المدنية الديمقراطية العادلة، وهو التيار الذي لا يزال في تقديري واسعا ولكن غير منضبط وفاقد للاتفاق على ما يجب عمله. فدعونا نتعاون لإعادة بناء هذا التيار بدلا من انتظار المزيد من المبادرات والاكتفاء بانتقادها والتنصل منها».
حكومة ووزراء
وإلى الحكومة ووزرائها وقول «الأهرام» في تعليقها عن جهود وزارة الصحة في تنفيذ طلب الرئيس القضاء على الأمراض وعلاج الفقراء منها على نفقة الدولة: «شكلت مبادرة الرئيس السيسي، حملة «100 مليون صحة» لفحص فيروس سي والأمراض غير السارية، السكري والضغط والسمنة، نقطة تحول مهمة في مجال الصحة العامة في مصر، فعلى مدى ثلاث مراحل واستمرت سبعة أشهر منذ إطلاقها في بداية أكتوبر/تشرين الأول 2018، حققت المبادرة إنجازات كبيرة وضخمة في إحداث نقلة نوعية في صحة المصريين، واستعادة عافيتهم عبر القضاء على أخطر أمراض العصر، وهو فيروس سي، الذي استنزف صحتهم وحرمهم من الاستمتاع بالحياة، فقد شملت الحملة، التي تعد أكبر مبادرة تاريخية ومسح طبي في العالم، إجراء الفحوص والكشف الطبي، على أكثر من 52 مليون مواطن مصري، مع تقديم العلاج المجاني لمن تثبت إصابته، وفاق نجاحها كل التوقعات، والذي تمثل في الإقبال الكثيف من جانب المواطنين على نقاط المسح الثابتة والمتنقلة، التي شملت كل أنحاء ومناطق الجمهورية في إطار صورة حضارية ووعي كبير، شكلا نموذج نجاح أصبح يحتذى به في المحافل الطبية العالمية، ولاقى إشادة كبيرة من المنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية».
الإذاعة والتلفزيون
أما محمد الشماع في «الأخبار» فاختار الإشادة بالانفتاح الإعلامي للتلفزيون والإذاعة الحكوميين وقال مؤكدا رأيه: «أصبحنا نرى ونسمع نقدا موضوعيا وغير موضوعي للحكومة ووزرائها، وكبار مسؤوليها، وأصبحنا نرى ونسمع رؤساء أحزاب عبر موجات الإذاعة وشاشات التلفزيون، حتى أن البعض قد يخطئ ويتخيل أنه يستمع إلى إذاعة ليست مصرية لكنك سرعان ما تتأكد أنها أحد برامج الإذاعة المصرية، التي تغيرت تماما وارتفع مستوى أفكارها. مناقشات وحوارات سياسية تختلف اختلافا كبيرا مع سياسات الحكومة، والمعارضة وجدت لها مكانا في الإعلام لتناقش قضايا سياسية كانت من المحرمات، ومن الصعب ومن المستحيل الاقتراب منها. باختصار أصبحت الإذاعة والتلفزيون ملكا للجميع ـ المواطن والمعارضة والحكومة ـ بعد أن كانت حكرا على الحكومة ومن يناصرونها، حتى في الباطل. لقد أصبحت لدينا سياسات إعلامية عامة، تتيح الفرصة للاجتهاد الفردي لكل قيادة إعلامية للإبداع والتطوير، بدلا من التوجيهات من أعلى لأسفل، وهذا ما وضح تماما في مناقشة التعديلات الدستورية التي أيدها الشعب».
تحذير من تكرار
تجربة الخديوي إسماعيل
وفي «المصري اليوم» حذر السياسي وأستاذ الطب والكاتب الدكتور محمد أبوالغار من خطورة الديون الخارجية وتزايدها، وإمكانية عجز مصر عن سدادها، وبالتالي تكرار تجربة الخديوي إسماعيل عندما تم عزله ووضع مصر تحت الاحتلال البريطاني عام 1882، أما هذه المرة فسيكون هناك احتلال من نوع آخر، وقال تحت عنوان «الديون الخارجية هل وصلت إلى مرحلة الخطر؟»: «في الفترة الأخيرة صدرت عن البنك المركزي ووزارة المالية بيانات دقيقة عن وضع الاقتصاد المصري، بما فيها حجم الديون المصرية الأجنبية والمحلية، وهو شيء جيد أن تتوفر هذه الشفافية، وقد اهتم عدد من الخبراء بالموازنة المصرية ومستقبل الاستثمار في هذا الأمر. وفي هذا المقال أقدم أرقام الدولة وآراء ثلاثة من الخبراء المحترمين من مختلف الاتجاهات. أولًا: تقول الأرقام الرسمية أن ديون مصر الخارجية في يونيو/حزيران 2018 كانت 9313 مليار دولار مقارنة بـ477 مليار دولار عام 2016، أي أن الديون تضاعفت في عامين. أما الديون الداخلية في 2018 فكانت 307 تريليونات جنيه، أي ما يعادل 207 مليارات دولار. ثانيًا: الأرقام ضخمة خاصة أن المصريين يتذكرون جيدًا ما حدث في عصر الخديوي إسماعيل من تضخم الديون، الذي انتهى باحتلال بريطاني استمر 72 عامًا. عدم قدرتنا على السداد كانت حجة استخدمها الإنكليز لغزو مصر، نعلم أن الدنيا تغيرت ولا مجال للاحتلال العسكري الآن، ولكننا نعرف أن بلدًا صغيرًا هو اليونان أصابته ضائقة مالية بسبب القروض المبالغ فيها، انتهت إلى شبه إعلان إفلاسه ووضع الاقتصاد اليوناني تحت إدارة خبراء أجانب بقيادة ألمانيا الدائن الأكبر، وتم تخفيض مرتبات الجميع وتعيش البلاد في ظروف صعبة، على الرغم من أنها جزء من الاتحاد الأوروبي. وهناك تعاطف شديد معها وعدد السكان قليل وتوجد بنية تحتية جيدة وعندها دخل ممتاز من السياحة، ولكن كل ذلك لم يرحم اليونان. مصر تعدادها ضخم وإيراداتها وثرواتها الطبيعية محدودة، ولذا فإن تراكم الديون وزيادتها يعرضان مصر لمخاطر كبيرة، قد تضطرها لتقديم تنازلات تعرض مستقبلها للخطر، وقد يكون ذلك مبررا لتدخل خارجي ليس عسكريًا ولكن أن تتحكم فينا قوى أجنبية لا تهمها مصلحتنا ولا مستقبلنا».
مشاكل وانتقادات
وإلى المشاكل والانتقادات، وتجديد الدكتور عمرو عبد السميع في «الأهرام» دعوته لضرورة تحصيل الضرائب التصاعدية من الأثرياء ومناسبة تجديد الدعوة قوله: «نشرت مجلة «فوربس» الشرق الأوسط، خبرا يشير إلى أن الملياردير الهندي عظيم بريمجي سوف يزيد تبرعاته إلى 21 مليار دولار، بما سيؤدي إلى تراجعه في قائمة أثرياء العالم، ونحن لا نريد مقارنته بمليارديرات مصر، ولن نغايظهم أو نعايرهم به، فنحن أولا لا نعلق آمالا كبيرة على أثرياء مصر، ومع ذلك فما نقترحه هو لحماية النظام الرأسمالي وزيادة منعته، وحين طالبنا وما زلنا بتطبيق الضرائب التصاعدية مثل بريطانيا وإسكندنافيا كنا نتحدث عن تلك الأمثلة الرأسمالية، ونحن ندرك بالضبط طبيعتها وحدودها، ثم إننا لا نطلب التأميم أو المصادرة، ولكننا ننادي بكشف ومعرفة مصادر الدخل لكل ملياردير، وكم من الأموال دفع ضرائب عن أمواله، ثم كم المبلغ الذي تطوع بتقديمه للدولة، بغرض المعاونة في إقالتها من عثرتها الاقتصادية. هؤلاء الأثرياء يحتاجون إلى التربية الاقتصادية، التي تفهم ضرورات منع الاحتكاك الاجتماعي بين الفقراء وبينهم، والتربية الوطنية التي تعني الوقوف مع البلد حين يمر بمأزق صعب. والتربية الأخلاقية التي ترفض الإثراء عبر نهش موارد البلد أو حجب ناتج الثروات الهائلة التي يقومون بتكويمها، عن رفاقهم في المواطنة، متواضعي القدرة محدودي الدخل. وحين يتربى هؤلاء الأثرياء فسوف يكون عندنا ألف ملياردير مثل عظيم بريمجي وربما أفضل منه سوف تكون مصر وقتها بلدا يليق بمواطنيه».
عوارض مرضية
ومن شكوى عمرو من الأثرياء إلى شكوى موسى حال في «عقيدتي» من الشعب المصري كله الذي أصابته الأمراض النفسية وطالب الحكومة بعلاجه قائلا: «إننا كشعب وليس كنظام وحده أصابتنا عوارض عديدة من الأمراض، التي لا يظهر لها ألم عضوي مباشر، بقدر ما تظهر آلامها داخل النفس والقلب. فلو تم عرضنا على أطباء النفس فسوف يكتشف هؤلاء الأطباء أن الدولة مطالبة بتنظيم برامج للقضاء على أمراض النفس، والإجابة على السؤال سالف الذكر قد تكون مزعجة غير مريحة أولها وآخرها لا يخرج عن اننا تخلينا عن ديننا، بمعنى أننا بعدنا عن قيم ومبادئ ومثل وأخلاق ديننا التي سنها خالق الخلق لإسعاد الخلق».
كعكة إعلانات الشهر الكريم
وفي صفحة راديو وتلفزيون في «الأخبار» التي يشرف عليها وحيد السنباطي حذر مما سيحدث من منتجي المسلسلات في رمضان، من مشاهد فيها إساءة لحرمة الشهر. وأيد قرار المجلس الأعلى للإعلام بفرض عقوبات على أي مسلسل يخرج عن التقاليد في هذا الشهر وقال: «يستعد الإعلام المصري والعربي بمختلف قنواته لتقديم مائدة درامية وبرامجية لجذب أكبر عدد من المشاهدين، أملا في الحصول على أكبر قدر من كعكة إعلانات الشهر الكريم، بدون مراعاة لقدسية هذا الشهر، فقد تعودنا في السنوات الماضية على مشاهدة برامج تسخر من المواطنين، وتعرضهم لمواقف تكاد تصيبهم بالأزمات القلبية، ومسلسلات لا تخلو من المشاهد الخارجة والألفاظ الخادشة للحياء، حتى الإعلانات الرمضانية أصبحت تنافس البرامج والمسلسلات في تقديم كل ما هو خارج عن تقاليد وقدسية الشهر الكريم. وقد أدرك ذلك المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام قبل بداية الشهر الكريم، وأصدر عدة قرارات وتحذيرات من شأنها ضبط المشهد الاعلامي إلى حد ما، مثل وقف بث أي إعلان لا يتفق مع عادات وتقاليد الشعب المصري وغرامة «250» ألف جنيه لأي عمل درامي يحتوي على لفظ أو مشهد مثير أو خادش للحياء، وهي قرارات إيجابية، ولابد من تنفيذها بكل دقة والتزام على جميع القنوات التي تبث إرسالها من داخل مصر، فهذه القرارات متسقة تماما مع ما يريده المصريون من إعلامهم في شهر رمضان فنحن نريد مائدة رمضانية إعلامية تجتمع حولها الأسرة، بدون خوف من مشاهدة أو سماع ما لا يليق بعظمة هذا الشهر».
سؤال بلا جواب!
أما استاذة الجامعة وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد، الدكتورة عزة أحمد هيكل، فقد هاجمت في «الوفد» عدم وجود البرامج المفيدة في الإذاعة والتلفزيون، والتي كانا يزخران بها وقالت: «لا توجد خطة واضحة أو إستراتيجية دولة تريد بناء الفرد الإنسان المواطن المصري، بداية من الطفل، اختفت من وزارة الثقافة كتب الأطفال وسينما الأطفال ومسرح الطفل وأغنية الطفل، وبالتالي لم تعد للتلفزيون المصري الحكومي الرسمي، رؤية أو خطة أو سياسة واضحة لما يجب أن يكون عليه الإعلام، وما هي المادة الإعلامية التي علينا أن نعدها لأطفالنا. على العكس نجد أن قنوات عربية تبث الأعمال المدبلجة أو المكتوبة خصيصاً لهم باللغة الخليجية، أو العربية الفصحى، التي هي بعيدة تماماً عن الطفل المصري، لصعوبتها وعدم استخدامها في الحياة اليومية، أو في الإعلام بشكل عام، عبر الإنترنت أيضاً نجد أعمالاً ركيكة ساذجة تحوي كلمات ومواقف تسهم في زيادة غباء وكسل وعنف الطفل المصري، لا توجد لدينا برامج أو سينما أو مسلسلات أو كرتون مخصص للمراحل السنية والعمرية المختلفة، وإنما على أبنائنا متابعة سخافات وتفاهات، وسوقية إعلانات «إشحن يالا وإرفع يالا» وغيرها. ويأتي رمضان بأعماله وإعلاناته التي تشغل المساحة الكبرى من الشاشات، فيتابعها الكبار والأطفال على حد سواء، بدون مراعاة لأي تعدٍ على البراءة أو على الطفولة، ثم نقول: لماذا أصبح الصغير لا يحترم الكبير؟ ولماذا تدنى مستوى اللغة؟ ولماذا العنف والتطاول؟ ولماذا فقدنا العديد من صفاتنا وقيمنا وأخلاقنا وتحول الشارع المصري إلى ما نحن عليه من فوضى أخلاقية؟ هل بدأنا بأطفالنا وعلمنا أنهم هم الكنز الحقيقي الذي ندخره لمستقبل وغدٍ أفضل. متى سيعود إعلام الطفل؟ سؤال بلا جواب».
نبات ورد النيل
كل هذه المشاكل يهون أمرها أمام المشكلة الأخطر التي تتعلق بحياة الناس في مصر، وهي المياه وما تعانيه من نقص فيها، إذ يأتيها المورد الأساسي من إثيوبيا، وقدره سنويا خمسة وخمسين مليار متر مكعب، بينما استهلاكها أكبر. ونشرت مجلة «آخر ساعة» حديثا مع الدكتور خالد عبد الحي رئيس المركز القومي لبحوث المياه في وزارة الري، أجراه معه ياسين صبري قال فيه: «حجم استهلاك مصر الفعلي من المياه يقترب من 80 مليار متر مكعب سنوياً، لذلك نحاول قدر الإمكان تعويض الفجوة ما بين احتياجاتنا المائية والموارد المتاحة عن طريق ترشيد الاستخدام، الذي يعد أحد محاور استراتيجية وزارة الري والموارد المائية، وهذا يتم من خلال رفع درجة الوعي لدى المواطنين، داخل المركز على تطوير تكنولوجيات تدوير مياه الصرف الزراعي، بالإضافة إلى وجود تجارب لإعادة استخدام مياه الصرف الصحي وتنقيتها، وبعد ذلك يمكن استخدامها في عمليات الاستزراع السمكي، وحتى المياه الناتجة عن عملية الاستزراع، يتم الاستفادة منها في الزراعة التقليدية نظراً لاحتوائها على مواد نيتروجينية، أي أنها تصلح كسماد طبيعي للأرض، وهذا إلى جانب تطوير تكنولوجيا تحلية مياه البحر، ومن بينها مشكلة انتشار نبات ورد النيل، فمن المعلوم أن نبات ورد النيل يستهلك كميات كبيرة من المياه، وهناك تقنية تم استحداثها في معهد بحوث صيانة القنوات المائية التابع للمركز، يتم من خلالها جمع ورد النيل وتحويله بعد ذلك إلى «بيوجاز» واستخدامه كبديل للوقود التقليدي، والناتج المتبقي عن هذه العملية يتم تحويله إلى سماد، وهذه التجربة تم تطبيقها في محافظة البحيرة، وعندما نجحت فكرنا في مشاركتها مع دول حوض النيل، فقمنا بعمل مشروع تموله الحكومة المصرية مع دولة أوغندا في بحيرتي «كايوجا» و«ألبرت» اللتين ينتشر فيهما ورد النيل بصورة قوية لننجح في توليد البيوجاز وربطه بكافة المنازل الموجودة في محيط منطقة المشروع كبديل عن مصادر الطاقة الأخرى البدائية».
معنى تسوية البنان
ونهاية التقرير ستكون من «عقيدتي» وتفسير الدكتور عاصم الروبي لقول الله سبحانه وتعالى «أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوي بنانه» وما هو البنان؟ المراد بالإنسان جنسه وجميع أفراده، والنسبة إلى الجنس لأن فيه من يحسب ذلك، بل لعله الأكثرون. والمعنى انه لجهله وحسبانه الكاذب، ظن أن الله سبحانه وتعالى لن يجمع عظامه بعد تفرقها بعد موته، وقيل المراد بالإنسان جنس الكافر المنكر للبعث، فاستبعد من جهله وعدوانه قدرة الله على خلق عظامه التي هي عماد البدن، فرد عليه سبحانه وتعالى بقوله «بلي قادرين على أن نسوي بنانه» أي أطراف أصابعه وعظامه. المستلزم ذلك لخلق جميع أجزاء البدن لأنها إذا وجدت الأنامل والبنان فقد تمت خلقة الجسد. وفي الآية تأكيد لقدرته تعالى على إحياء الموتى، بعد أن صاروا عظاما نخرة وإبطال نفيهم إحياء العظام وهي رميم».