القاهرة ـ «القدس العربي»: أولت الصحف المصرية الصادرة أمس الأربعاء 1 مايو/أيار، اهتماما كبيرا بالكلمة التي ألقاها الرئيس عبد الفتاح السيسي في الاحتفال بعيد العمال في مدينة الإسكندرية، خاصة في كلامه خارج نص الخطاب المكتوب، الذي اتسم بالحيوية والأهمية، لأنه كشف عن خطته لدعم شركات القطاع العام، والمبالغ الضخمة التي رصدها لتطوير مصانع النسيج، في الوقت الذي أكد فيه على دور القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي، وكاشفا أيضا عن أن الإرادة تتجه الآن إلى تحقيق الربح.
موجة غضب بسبب الأسعار المرتفعة لتذاكر مباريات كأس الأمم الإفريقية والمطالبة برقابة صارمة على الأسواق
كما وجه انتقاده لعدم نجاح أسلوب إدارة هذا القطاع، عندما دخل في مناقشة مع أحد العمال الحاضرين، الذي طالبه بتطوير مرفق النقل، فأشار الرئيس إلى أن المرفق ليس الوحيد الذي يخسر، إنما السكة الحديد والموانئ، ولكنه حرص على القول إن هذه مسؤولية الجميع.
وكما قلنا قبل أن الاحتفال بعيد العمال كان محظورا في مصر قبل ثورة 23 يوليو/تموز سنة 1952.
واهتمت الصحف باقتراب دخول شهر رمضان وإعلان وزير التموين والتجارة الداخلية مد العمل أسبوعا آخر في سرادقات «أهلا رمضان» الذي تقيمه بالتعاون مع الغرف التجارية ومصانع القطاع الخاص لبيع السلع بأسعار أقل من أسعار السوق. وأبرزت الصحف تصريح المتحدث باسم الرئاسة الأمريكية بأن الرئيس ترامب وإدارته يدرسون بجدية وضع تنظيم الإخوان المسلمين في قائمة المنظمات الإرهابية، وكذلك الأحكام التي أصدرتها محكمة جنايات القاهرة في قضية الإضرار بالاقتصاد القومي، وتمويل الإرهاب المتهم فيها عدد من قيادات الإخوان بالسجن المؤبد لحسن مالك وستة آخرين، وعشر سنوات مشددة ضد ثلاثة، وبراءة أربعة عشر. وبدأ أغلب الموظفين والعاملين في العودة إلى أعمالهم بعد انتهاء فترة الإجازات الطويلة وكانت نتيجتها كارثية. كما بدأت الصحف القومية والخاصة تستعد هي الأخرى لشهر رمضان بتخصيص صفحات يومية له تتضمن مقالات وتحقيقات عن قصص تاريخية وفتاوى وأشهر المساجد وأكلات الإفطار والسحور، وتناولت المقالات والتحقيقات عيد العمال والخلافات حول أسعار تذاكر مباريات كأس الأمم الإفريقية، والسودان وليبيا بينما الأغلبية لا تزال في أماكنها من الاهتمام بالامتحانات والاستعدادات لرمضان. وإلى ما عندنا..
كاريكاتير
أخبرنا الرسام الموهوب عمر سليم في «المصري اليوم» أنه بينما كان يسير في الشارع والسيدات فيه حوامل، سمع موظفا في وزارة الإسكان يقول لزميله: ماعرفش حاسس ليه أن الإجازات الكتيرة دي كلها حتيجي على دماغنا إحنا في الآخر.
عيد العمال
أما أهم ما نشر عن الاحتفال بعيد العمال فقد ذكرنا الدكتور أسامة الغزالي حرب في «الأهرام» بقصة هذا العيد في أمريكا وتحيز الزعيم الراحل جمال عبد الناصر للعمال والبسطاء والفلاحين وقال: «احتفال عمال مصر وشعب مصر اليوم بعيد العمال له في تقديري شقان، الشق الأول عالمي، والشق الثاني مصري. الأول العالمي يشترك فيه العمال المصريون مع نظرائهم من عمال العالم، في إحياء ذكرى الإضراب الكبير عن العمل، الذي شارك فيه ما يقرب من 400 ألف عامل في شيكاغو في الولايات المتحدة الأمريكية، في الأول من مايو/أيار عام 1886، الذي طالبوا فيه بتحديد ساعات العمل، تحت شعار، ثماني ساعات عمل، ثماني ساعات نوم، ثماني ساعات فراغ للراحة والاستمتاع. ونظموا مظاهرات كبيرة يعبرون فيها عن مطالبهم، ما أغضب بشدة السلطات وأرباب الأعمال ففتحت الشرطة النار على المتظاهرين، وقتلت عددا منهم، ثم ألقيت قنبلة أدت إلى مقتل 7 من الشرطة وأربعة من المتظاهرين.
ظهر بعد ذلك أنها ألقيت من عناصر الشرطة وألقي القبض على العديد من قادة العمال، وحكم على أربعة منهم بالإعدام. هذه بإيجاز شديد جدا قصة أصل الاحتفال العالمي بأول مايو، الذي يشارك فيه عمال مصر عمال العالم. أما الشق المصري في الاحتفال في تقديري فهو الاحتفال بإرساء حقوق العمال «مع الفلاحين» على نحو غير مسبوق في تاريخ مصر على يد جمال عبد الناصر، فتعاطف وتحيز عبد الناصر مع الطبقات العمالية، فضلا عن تعاطفه بشكل عام مع الطبقات الدنيا والفقيرة كان أحد ملامح أفكاره وسلوكياته منذ اليوم الأول لثورة يوليو/تموز، خاصة أنه هو نفسه كان ابنا لموظف بسيط في البريد، ثم أرست قوانين يوليو الاشتراكية في أوائل الستينيات تقنينا لا يمكن الرجوع عنه للحقوق السياسية والاقتصادية للعمال والفلاحين، خاصة ما انطوى عليه تغيير في الثقافة السياسية للمصريين، بتقبل بل الترحيب بالمشاركة السياسية للعمال والفلاحين، ليس على مستوى حقوق الانتخاب، وإنما حقوق الترشيح والعضوية للمجالس النيابية وغيرها، تحية حارة لعمال مصر في عيدهم».
كلمة السيسي بمناسبة عيد العمال
أما الرئيس عبد الفتاح السيسي فإنه في كلمته في الاحتفال بعيد العمال في الإسكندرية، التي نقلتها كل الجرائد والمواقع المصرية، فقد حرص على الإشادة بالعمال وصبرهم ودورهم في بناء اقتصاد مصر، وبدور القطاع الخاص، إلا أنه لمس وترا مهما في حديثه عن تطوير مصانع شركات قطاع الأعمال ومما قاله خارج النص عن الكلمة الرسمية نقلا عن محسن الميري في «الجمهورية»: «تمنى الرئيس السيسي اتساع مشاركة العمال في مثل هذه الاحتفالات قائلا، «عدد العمال الذين حضروا اليوم جيد، لكنه ليس كافيا.
والشريحة التي تم عرضها – الآن – جميلة، ولكنها ليست كافية، فنحن نريد أن نكون أكثر من ذلك بكثير، حتى نقول للناس في كل قطاع من قطاعات الدولة، إننا نراكم ونشكركم، فمثلا نشكر من يعملون في الجامعات وقطاعات الصحة وقطاع الإنتاج والقطاع الخاص وقطاع الزراعة، داعيا كل العمال أن يأتوا إلى الاحتفالية ليهنأهم ويشكرهم ويحييهم على ما بذلوه» .وأرجع الرئيس عبدالفتاح السيسي فشل كثير من القطاعات إلى الإدارة السيئة وعدم الجدية، مؤكدا ضرورة الاهتمام بالتفاصيل الخاصة بتطوير القطاع العام بقطاعاته المختلفة، لكي تكون هناك منظومة قابلة للنجاح.
ولفت الرئيس إلى ما تقوم به الدولة من إجراءات لإصلاح القطاع العام وتزويده بمعدات جديدة من أحدث ما يكون، مؤكدا في هذا الصدد على أهمية تدريب العامل، وأن يكون مسؤولا عن عمله. وتابع قائلا «إن ما تقوم به الدولة – وحدها – من إجراءات لإصلاح القطاع العام لا تساوي 50٪ من النجاح المطلوب».
وأردف السيسي قائلا: أنا اطلعت على الأوضاع في القطاع العام و«محدش هيضيع»، مشددا على ضرورة عمل منظومة قابلة للنجاح، لأنها لو لم تنجح ستهدر الأموال التي تم إنفاقها في هذا الإصلاح، مشيرا إلى التجارب السابقة في هذا الخصوص، ودلل على ذلك بمصانع الإسمنت التي كانت تابعة للقطاع العام ولم تنجح، ولكنها حققت نجاحات حينما ذهبت «لحد آخر». واستطرد الرئيس «أحاول أن أكون موضوعيا في تناول حياتنا لأن هذا مستقبلنا ومستقبل أولادنا، وأكون صادقا معكم إننا نتحرك بسرعة لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة».
مضيفا أن تكلفة إصلاح قطاع واحد مثل قطاع الغزل والنسيج «على الأقل نتحدث في أكثر من 20 مليار جنيه، إلى جانب ثمن الأرض والمرافق الموجودة بالفعل، وسنجري تطويرا وتأهيلا في المنشآت نفسها». وقال الرئيس عبدالفتاح السيسي إن نجاح مصانع قطاع الأعمال سيؤدي إلى نجاح مصر واقتصادها داعيا عمال مصر المساعدة في المرحلة المقبلة بتفهمهم للإجراءات التي يتم اتخاذها، مع الوضع في الاعتبار عدم ضياع الإنسان، لافتا إلى أن «مصر دولة تحترم نفسها وأهلها».
العصر الذهبي للقطن المصري
ونشرت «الوطن» حديثا مع وزير قطاع الأعمال هشام توفيق أجراه معه محمود الجمل، قال فيه عن قصة تطوير مصانع الغزل والنسيج والتركيز على زراعة القطن موضحا: «نخطط لإحداث ثورة صناعية تبدأ من زراعة القطن ثم الغزل والنسيج، لإعادة مصر من جديد وبقوة لإدارة السوق العالمية في ملف القطن.
أما عن الجديد في خطة التطوير التي تختلف عما سبقها من خطط فهو عزم وإصرار القيادة السياسية ممثلة في الرئيس عبدالفتاح السيسي، والحكومة على استعادة العصر الذهبي للقطن المصري عالمياً، بعد فترة من الإهمال امتدت لعقود. وفي هذا الإطار تم تشكيل لجنة وزارية تضم وزارات الزراعة واستصلاح الأراضي والتجارة والصناعة وقطاع الأعمال العام، اضطلع فيها بمنصب مقرر اللجنة، نظراً لأن قطاع الغزل والنسيج يقع معظمه في الشركات التابعة لقطاع الأعمال العام، حيث يضم نحو 65٪ من حجم هذه الصناعة في مصر، تتضمن الخطة تطوير البنية التحتية، وشراء أحدث الماكينات لمصانع الغزل والنسيج من سويسرا وألمانيا وإيطاليا، حيث سيتم توريد ماكينات لمصانع الغزل والنسيج بقيمة نحو 10 مليارات جنيه، في برنامج سيتكلف أكثر من 20 مليار جنيه، مع رفع كفاءة الكثير من المعدات القائمة في المصانع، إلى جانب تدريب وتأهيل العاملين على الماكينات الحديثة، وتحويل 3 شركات هي «المحلة – كفر الدوار- حلوان» إلى مراكز صناعية متكاملة كبرى، ثم تبدأ المرحلة الرابعة عن طريق تخصيص 3 مراكز للتصدير، لنحقق في النهاية خلق قيمة مضافة بدلاً من تصدير القطن خاماً، كما كان يحدث في الماضي، ومضاعفة الطاقة الإنتاجية الحالية 4 مرات، بتكلفة استثمارية تصل إلى20 مليار جنيه، بالإضافة إلى تحويل خسائر شركات الغزل والنسيج من 25 مليار جنيه إلى صافي ربح يتعدى 3 مليارات جنيه، بعد إتمام خطة التطوير في غضون عامين ونصف العام فقط، كلي ثقة وتفاؤل في استعادة المجد وعودة القطن المصري لسابق عصره الذهبي، وسيكون سعر القطن والغزول هو الأعلى عالمياً، بعد انتهاء خطط التطوير، لكي نتمكن من التصدير. وهناك ثقة كبيرة في قدرتنا على إعادة الثقة للمصنعين في قطاع الغزل والنسيج، لإعادة القطن المصري لجودته العالمية لأننا بالفعل اتفقنا على كافة الشروط وسيتم التوقيع على العقود خلال الأسبوعين المقبلين، وسنبدأ تنفيذ العقد أول مايو/أيار، والبدء في دفع قيمة الدفعة المقدمة، تمهيداً لتسلم الدفعة الأولى من الماكينات مع بداية عام 2020 والدفعة الثانية بعد عام من تسلم الدفعة الأولى وأحلم بعودة القطن المصري إلى أيام مجده».
بيان حزب التجمع اليساري
ومن جانبه أصدر حزب التجمع اليساري بيانا بمناسبة عيد العمال، أشاد فيه ببعض قرارات الرئيس وانتقد النظام أيضا في بعض النواحي، ونشر البيان في جريدة «الأهالي» وجاء فيه:
«نؤكد على تثميننا للقرارات الأخيرة التي أعلن عنها الرئيس عبدالفتاح السيسي حول رفع الحد الأدنى للأجور إلى 2000 جنيه، وإنصاف الملايين من أصحاب المعاشات واسترداد حقوقهم التي استولت عليها الحكومة لسنوات، ولكننا في الوقت نفسه نطالب بربط الأجر بالأسعار وبتطبيق تلك القرارات على عمال القطاع الخاص، وبألا يتبع تلك القرارات الجديدة زيادات جديدة في الأسعار، لأنها ستلتهم كل الزيادات التي لاقت قبولا وفرحا من عامة المواطنين. كما أننا نطالب الحكومة والجهات المعنية بفرض رقابة صارمة على الأسواق لمواجهة المحتكرين والتجار الجشعين، ويجب أيضا أن يتوازى مع هذه الإصلاحات ربط التعليم بسوق العمل وتدريب العمال على التقنيات الحديثة، ويؤكد حزب التجمع على أنه إذا كان مجلس النواب يستعد لمناقشة مشروع قانون العمل الجديد، الذي تقدمت به الحكومة، وسيطبق على كل من يعمل بأجر في مصر(30 مليون عامل) فإننا نطالب بأن تكون كل التشريعات العمالية صادرة بعد حوار مجتمعي شامل. وأن تكون مصدرا لتحقيق التوازن بين أطراف العمل الثلاثة، من حكومة وأصحاب عمل وعمال، وتمنع الفصل التعسفي، وتقف ضد إعطاء صاحب العمل الحق في التحكم في الحقوق المالية للعامل، وتوفر للعمال الحياة الاجتماعية والصحية والتأمينية والعمل اللائق، وأيضا تعيد الثقة بين العمال والنقابات لإنقاذ حقوق ما يقرب من 20 مليون عامل غير منظمين في نقابات تدافع عن حقوقهم المشروعة. وأكد البيان على أن التجمع كان ولا يزال يؤمن بدور شركات القطاع العام وضرورة إعادتها إلى سابق عصرها، فهو الذي وقف وتصدى لكل محاولات تخسيرها وتصفيتها وخصخصتها، ويرى أن إصلاحها لا يتطلب فقط استيراد معدات حديثة من الخارج في إطار خطة الحكومة الحالية بتوجيهات من الرئيس شخصياً».
«المنحة يا ريس»
«لم تعد كلمة «المنحة يا ريس» في قاموس العمال الآن، ويتمنى محمد أمين في مقاله في «المصري اليوم» ألا تكون كلمة الأرباح في قاموس العمال أيضًا.. غير معقول أن تكون الشركات خاسرة، ثم يطالب عمالها بالمنحة وصرف الأرباح.. فما معنى هذا؟ معناه أن الدولة مرتعشة ولا تستطيع المواجهة.. زمان كان الرئيس يذهب للاحتفال وفي يده قرار جمهوري بالمنحة، ثم ينفجر العمال بالتصفيق والهتاف. والآن ينبغي أن نصارح العمال بما حدث بالضبط.. قد يأتي يوم لا يستطيعون فيه صرف المرتبات.. وأعتقد أن الرئيس كان واضحًا منذ البداية حينما قال: «إن فشل كثير من القطاعات سببه الإدارة السيئة وعدم الجدية». وكانت علامة استفهام تسد عين الأفق حين تساءل: «ليه النقل العام لم ينجح في القاهرة، و(أوبر) نجح؟ علشان إحنا مش جادين، وبنديره بشكل سيئ». فهل القصة في هيئة النقل العام فقط؟ الإجابة لا.. هيئة السكة الحديد تخسر أيضًا، مع أنك لا تستطيع أن تعثر على كرسي في قطار، والحجز قد يطول أيامًا، واسألوا أهلنا الصعايدة في المناسبات والأعياد.. والخسائر كما هي.. هناك منظومة فشل وسوء إدارة.. ولا تستغرب أن أي صاحب ميكروباص قد يمر عليه عام ليكون عنده ميكروباص آخر.. كيف يحدث هذا مثلًا؟ المثير للألم والأسى أنهم في نهاية العام ينتظرون الأرباح.. فكيف تدفع الدولة لشركات الحكومة والقطاع العام أرباحًا، بينما تخسر هذه الشركات بالمليارات؟ كيف تدفع لمؤسسات «الأهرام» و«الأخبار» و«الجمهورية» وغيرها من المؤسسات المرتبات والأرباح؟ أفهم أن تدفع المرتبات لكن كيف تدفع الأرباح كما كانت تدفعها منذ عشر سنوات؟ مَن يوقف هذا «النزيف» بالضبط؟ عندك شركة «مصر للطيران» أيضًا يُقال إنها تخسر.. مع أن القطاع الخاص يشتري طائراته منها، ثم تتم الصيانة بأيدي مهندسي الشركة أنفسهم، ثم تعمل على خطوط مهملة وتكسب بالملايين.. فما معنى هذا؟ معناه أن هناك فسادًا كبيرًا، وهناك إدارة سيئة كما قال الرئيس.. شركة أوبر مثلًا لا تملك سيارة واحدة.. اكتسحت السوق وعادت بالمليارات.. فهل لديك تفسير؟ وبالتأكيد هناك فرق بين الشركات «الخاسرة» والشركات «المُخسَّرة». وبالتأكيد هناك دخل للحكومة في الخسائر.. أتحدث تحديدًا عن مصر للطيران والسكة الحديد والحديد والصلب وشركات الإسمنت، التي بيعت بتراب الفلوس. وأخيرًا المؤسسات الصحافية.. والأخيرة تخسر لأنها فقدت هامش الحرية.. فماذا تبيع؟ القارئ لا يدفع في بضاعة أتلفها الهوى أبدًا. التصفيق والهتاف لا يعنيان أننا كنا على صواب.. ولا يعنيان أننا الآن على صواب.. إلا في حالة التحول من الخسائر للأرباح.. فلا يمكن دفع المرتبات والأرباح والبدلات لشركات فاشلة. الإدارات السيئة يجب تغييرها فورًا.. ينبغي اختيار إدارات تمتلك مهارات القيادة.. شركة الفوسفات نموذجًا».
معارك وردود
وإلى المعارك والردود المتنوعة وأولها الهجوم الذي شنه محمد الشماع في «اللواء الإسلامي» ضد رجال الأعمال الذين يتهربون من دفع الضرائب وقال عنهم: «في كل مناسبة وبدون مناسبة يشكو رجال الأعمال وكبار التجار، ويتهمون الصحافة بتشويه صورتهم وتصويرهم على أنهم مجموعة من النصابين، لا هم لهم إلا جمع المليارات وتكديسها بدون دفع حقوق الدولة، أو حقوق العمال. منذ فترة أعلنت مصلحة الضرائب قائمة بأسماء الفنانين المتهربين من الضرائب، وهذا حقها وواجبها، كذلك فإننا ننتظر من المصلحة قائمة بأسماء رجال الأعمال المتهربين، أو من الأفضل والأسهل إعلان أسماء رجال الأعمال الملتزمين بدلا من قائمة المئات، وربما الآلاف من المتهربين الذين يحصلون من الدولة على التسهيلات ولا يؤدون واجبهم الضريبي. الأعداد القليلة من رجال الأعمال الملتزمين يؤكد ضياع العشرات من المليارات من الجنيهات التي تكفي لإصلاح المرتبات والخدمات والمرافق، في ظل الزيادة في الأسعار المحتملة، هذا الإعلان سيكون خطوة مهمة على طريق الشفافية والإصلاح الحقيقي، بعد أن أصبح التفاوت في مستويات المعيشة غير محتمل، ويعترف به الجميع، ومن غير المعقول أن يستمر هذا الوضع الضريبي، حيث يتباهي بعض رجال الأعمال بدفع تبرعات لبعض المشروعات أو المساهمة في حل مشكلة إنسانية بسيطة كنوع من غسيل السمعة، بينما المستحق عليهم قانونا أضعاف مضاعفة لهذه التبرعات الهزيلة».
انحطاط الذوق العام
وثاني المعارك كانت في «الأهرام» ومقال فاروق جويدة وما لاحظه من اعتلاء نكرات مجال الغناء والفن والثقافة في البرامج التلفزيونية وقال تحت عنوان «الفن الهابط جريمة»: «أي إعلام هذا الذي سمح بظهور هؤلاء النكرات، بحيث تحولوا إلى رموز وقمم وقدوة أمام ملايين الشباب. إن البعض يمر على هذه الظواهر المرضية باستخفاف شديد، وكأنها لا تعنى شيئا على الإطلاق، ولكنها في الحقيقة تعكس خللا رهيبا في انحطاط الذوق العام، وأصبح من حق أي إنسان أن يفتي أو يغني أو يقدم ثقافته الضحلة أمام الناس. كانت هناك قواعد تحمي قدسية الدين فلم يكن أحد يستطيع أن يفتي بما لا يفهم فيه، وكانت لدينا لجان للغناء وللنصوص، بحيث يصعب على أي صوت قبيح أن يفسد أذواق الناس، وكان من المستحيل أن يصمت المجتمع أمام دعاوى فكرية متخلفة أو مريضة، ولكن هناك الآن بعض الشركات وبعض رجال الأعمال الذين فرضوا وصايتهم على أذواق الناس فهل نترك عقل هذه الأمة لعدد من التجار الذين يرفعون سعر البطاطس والخيار، ويفسدون بأموالهم أذواق هذا الشعب، لأن رأس المال شديد الضراوة، والتفاهات والفوضى أقرب الطرق الآن للثراء السريع، والضحية تاريخ مضيء وشعب مبدع ومستقبل غامض، من يجرّم المخدرات عليه أولا أن يجرّم الفن الهابط».
تصريحات مستفزة
كما دارت معارك أخرى بسبب إعلان اتحاد الكرة أسعار تذاكر حضور مباريات كأس الأمم الإفريقية في الشهر المقبل، فقال محمود المخبزي المشرف على صفحة الرياضة في «الأخبار»: «فوجئ المصريون بإعلان اللجنة المنظمة لبطولة الأمم الإفريقية، التي تستضيفها مصر الشهر المقبل برفع أسعار تذاكر مباريات مصر وباقي المنتخبات، وسط دهشة كبيرة بعد أن تم تحديد سعر تذكرة المقصورة 2500 جنيه و600 للدرجة الأولى و500 جنيه للأولى علوي و400 جنيه للدرجة الثانية و200 جنيه للدرجة الثالثة. ولن أتحدث عن سعر المقصورة الرئيسية، فلها ناسها وجمهورها، ومن يستطيع الحصول عليها، بدون تعب، وحسنا فعل الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة بتدخله الفوري واتصاله بالمهندس هاني أبو ريدة رئيس اللجنة المنظمة، لبحث ومراجعة أسعار التذاكر من جديد، ويا ريت كل مسؤول داخل اللجنة المنظمة يسكت شوية ويبطل التصريحات المستفزة وان التذاكر ليست غالية».
هل تستعيد شاشات
المحروسة هيبتها؟
حسام فتحي في «المصريون»: «يشكر الله ويحمده والسبب أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام كشّر عن أنيابه أخيرا، ووجّه عدة رسائل استباقية قبل «مولد» البث العشوائي الذي يصاحب عادة شهر رمضان الفضيل، ويقدم محتوى لا علاقة له برمضان ولا بالفضيلة. المجلس الموقر «انتفض» وبدأ بتحذير من لجنة الدراما في المجلس، موجّه إلى صناع «الدراما» يطالبهم فيه بضرورة الالتزام بالمعايير المقترحة من قبل اللجنة، التي تشدد على عدم اللجوء للألفاظ والحوارات «السوقية» التي تشوّه ميراثنا الأخلاقي والقيمي والسلوكي. والتوقف عن تمجيد الجريمة باصطناع أبطال «وهميين» يجسّدون أسوأ ما في الظواهر الاجتماعية السلبية، والتوقف عن تجاهل و«دهس» القانون بالإيحاء لإمكانية تحقيق العدالة باستخدام العنف. وطالبت اللجنة صُنّاع الدراما بمنح الأولوية للموضوعات التي تدعم الانتماء الوطني وتدفع بالطاقة الإيجابية في نفوس المصريين، وإفساح المجال للدراما التاريخية والسّير الشعبية بهدف تعميق مشاعر الانتماء وتنمية الوعي القومي. وشكلت اللجنة التابعة للمجلس الموقر «لجنة مصغرة» خصيصاً لمراقبة ورصد ومتابعة «برامج المقالب» المقرر عرضها (كالعادة) في الشهر الفضيل، حتى لا يحدث فيها أي تجاوز أو مخالفة. وضمن «انتفاضة» المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تم توجيه عدة خطابات للعديد من القنوات التلفزيونية، وشركات البث الفضائي يطالبهم فيها بالالتزام بالبث من داخل مدينة الإنتاج الإعلامي، بسبب ما لاحظه المجلس من قيام شركات ببث محتويات مخالفة للقوانين من خارج المدينة، تضم إعلانات عن السحر والشعوذة، والترويج لمنتجات غير مرخصة. واختتم المجلس «انتفاضته الرمضانية» بالإعلان عن عقوبات صارمة تنتظر أصحاب «الإعلانات» التي تخالف القيم المصرية وروحانيات شهر رمضان الكريم أو تتضمن مشاهد خادشة للحياء. انتهت التحذيرات «الرمضانية» التي أطلقها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والتي أدعو الله أن تؤدي لاختفاء جزء من «الغثاء» الدرامي والبرامجي الذي يتحفنا به منتجون فاقوا تجار وموزعي «الكيف» أثراً في عقول ونفوس أهلنا، كما أتمنى أن تستمر انتفاضة المجلس وتتجاوز الشهر الفضيل لتتحول إلى استراتيجية طوال العام، تعيد للإعلام المصري مكانته.. وتستعيد لشاشات المحروسة هيبتها، وترجع لقوتنا الناعمة مجدها الغابر وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء».
مهنة التسول
في ميدان الرماية في شارع الهرم، توقفت تهاني تركي الكاتبة في «الأسبوع» في انتظارا فتح إشارة المرور، وإذا بشاب يتوكأ على عكازين يمر بين السيارات طالبًا المساعدة، تقول الكاتبة، تعاطفت ابنتي مع الشاب، وأخرجت بضعة جنيهات لتعطيها له، وبعد أن مررنا في طريقنا، أوضحت لها أنني لا أحب أن أعطي متسولي الشارع، إلا في حالات قليلة، لأنهم في الغالب محترفون، ويعملون في شبكات منظمة. بعدها بنصف ساعة تقريبًا وفي طريق عودتنا دخلنا إحدى سلاسل السوبر ماركت الشهيرة في المكان نفسه، فإذا بابنتي تلفت نظري إلى وجود الشاب نفسه في جوارنا يشتري بعض السلع، ضحكنا وذكرتها بكلماتي السابقة، ومضينا في طريقنا، ويؤسفني أنها تعلمت درسا لم أكن أحب لها أن تتعلمه، وهو أن تفكر قبل عمل الخير. في بلدنا أصبح التسول عادة وحرفة، فمن لم يحترف التسول بشكل علني، يحترفه وراء ستار أي مهنة أخرى، فبعضهم يستأجر زي عمال النظافة، وينتشرون في الشوارع، في مشهد غير حضاري بالمرة، خاصة في الأماكن التي يفترض أنها سياحية، أيضًا أفراد شركات الأمن الخاصة، الذين تستعين بهم البنوك، سواء على البوابات، أو داخل كبائن الصراف الآلي، الذين يلاحقونك بعبارات «أي خدمة وألف سلامة» ولسان حالهم يقول إعطوني مما أعطاكم الله، أما عن التمريض في المستشفيات الخاصة، فحدث ولا حرج. كنت في زيارة لأحد أقاربي في مستشفى خاص، عندما دخلت عاملة النظافة، وبدأت في الأسطوانة المعتادة «أنا نظفت الأرضيات وغيرت صابونة الحمام ووضعت مناديل.. عاوزين حاجه تاني»، يرد عليها الشاب المقيم مع والده.. «لأ شكرًا»، ثم تعود وتكرر الكلام بطريقة أخرى.. إلى أن يئست من رد فعله، فخرجت وانفجر هو بالضحك قائلاً: «بجد زهقوني.. كلما مررت بالطرقات أو الأسانسير أو دخلت ممرضة لأداء عملها.. يطاردونني بالكلمات المعتادة.. أعطيتهم في اليوم الأول والثاني، ويبدو أنهم يبلغون بعضهم بأن «الزبون متريش» إلى أن وصلت لهذه الحالة».. سألني قريبي مندهشا.. ماذا استجد ولماذا الإلحاح بهذا الشكل.. هل أصبح التسول حرفة؟ لا أحد ينكر بالطبع أن الظروف الاقتصادية التي يمر بها المجتمع، أجبرت البعض على طلب المساعدة، ولكن هل المحتاج فعلاً هو من يتسول في الشارع أو يتستر خلف وظيفة مستدرا عطف الناس؟ بالطبع لا.. فكثيرًا من المتعففين تمنعهم عزة النفس من الشكوى، ويحاولون تدبر أمورهم، وعلى من ينوي عمل الخير ومساعدة الآخرين أن يبحث عن مثل هؤلاء، ولا يستسهل بإعطاء من لا يستحق. التسول أصبح ظاهرة، وهو حرفة سهلة ومربحة، وأصبحت هناك شبكات تدير المناطق وتوزع الأدوار على «الصبيان»، لذلك نتعشم أن تكثف الأجهزة المعنية حملاتها للقضاء على هذه الظاهرة من منابعها، قبل أن يستشري المرض وينخر السوس في المجتمع».
هل السودان على طريق مصر؟
أما عمرو الشوبكي فيتساءل في مقاله في «المصري اليوم» هل السودان على طريق مصر ويقول: «قرر المتظاهرون في السودان إغلاق طريق النيل، أحد الشوارع الرئيسية المؤدية إلى قصر الرئاسة، خوفًا من فض اعتصامهم أمام مبنى القيادة العامة للجيش، في الوقت نفسه الذي اعتبر فيه تجمع المهنيين المجلس العسكري جزءًا من النظام البائد، واتهم الأخير قوى الحرية والتغيير بعدم الصدق أثناء المباحثات، وحاول بعض قادة تيار الحرية والتغيير أن يصلوا إلى حل وسط مع المجلس العسكري من خلال التفاوض، (تم تعليقه لفترة)، والاتفاق على مجلس سيادي يضم 8 مدنيين و7 عسكريين لإدارة المرحلة الانتقالية، بما يعني أن الأزمة قائمة، رغم وجود فرص لحلها. ما يجري في السودان حاليًا هو في كثير من جوانبه «Copy- paste» من مشاهد متكررة جرت في مصر عقب ثورة يناير/كانون الثاني وانتهت بفشل مُدَوٍّ، مع فارق أساسي، أن الإخوان المسلمين في مصر كانوا أملًا لدى قطاع من الشعب يتمنى وصولهم إلى السلطة، في حين أنهم في السودان كانوا في السلطة ومثّلوا تجربة فاشلة ثار ضدها أغلب الناس، وهي تمثل فرصة – لو يعرف التيار المدني – عظيمة. فهناك الاعتصامات والاحتجاجات اليومية، التي تمثل ورقة ضغط مشروعة للجماهير السودانية من أجل تحقيق مطالبها، ولكنها لا تكفي بمفردها لتحقيق أي مطلب ديمقراطي، وكلما تصورت قوى الحرية والتغيير أن هذه وسيلتها الوحيدة فإنها ستخسر كل يوم قطاعًا واسعًا من التيار المحافظ والتقليدي، الذي تفرق معه حرية التنقل والأمن الشخصي، ويمل من المظاهرات وإغلاق الطرق والجسور، وسيبدأ في الانحياز إلى خطاب الاستقرار والنظام العام الذي تمثله عادة المؤسسة العسكرية، وتصبح مطالبات نائب رئيس المجلس العسكري بفتح الكباري والطرق والامتناع عن شل حركة القطارات محل ترحيب متزايد من أغلب الشعب غير الثوري وغير المتظاهر. يقينًا لا توجد أي مؤسسة عسكرية في العالم الديمقراطي، وغير الديمقراطي ترحب بفكرة الاعتصامات والتظاهرات أمام مقارها أو وزاراتها، فهو نمط خارج طبيعتها وتركيبتها، وعلينا أن نتذكر كيف كان ترحيب الجماهير في مصر لفض اعتصام العباسية، وحصار وزارة الدفاع وبداية التراجع في رصيد الثورة لدى أغلب الناس. واللافت أن هناك اتفاقًا مبدئيًا بين قوى الحرية والتغيير على إصدار إعلان دستوري، (وكأننا في مصر 2011)، ينظم مسار المرحلة الانتقالية، وهو يعني بداية الطريق أمام هدم الأساس الدستوري القائم بوضع إعلان سيفتح الباب لفكرة انتهاك الدستور أو تعديله أو إسقاطه. الحوار الحالى بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير صورة أخرى من حوارات المجلس العسكري في مصر والائتلافات الثورية، فالمفردات نفسها وأدوات القوة والتعبئة نفسها تتكرر في السودان. تظل قدرة القوى المدنية على تقديم بديل – يصنع الاستقرار والأمان للسودانيين ويبني دولة القانون- هو التحدى الأكبر، وإلا ستسير السودان على طريق مصر، وستتحول الاعتصامات إلى شكل للتغيير بلا أي مضمون أو قدرة على تحقيقه».