بيروت- «القدس العربي»: لم يأت قرار المجلس الدستوري بإبطال نيابة عضو كتلة المستقبل في طرابلس ديما جمالي مفاجئاً بعد 8 أشهر على الانتخابات النيابية، لكن الترقّب كان حول القرار الذي سيتبع إبطال النيابة؟ هل إعلان فوز المرشح الطاعن وهو ناجي طه مرشح جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية أم إعادة إجراء الانتخابات؟
وقد جاء قرار المجلس الدستوري غير القابل للنقض أو للمراجعة لصالح إعادة إجراء الانتخابات على المقعد السني الخامس وعلى النظام الاكثري الامر الذي يعيد خلط الاوراق ويحرم لائحة الكرامة الوطنية التي ترأسها النائب فيصل كرامي فرصة قوية للمنافسة بعدما نجحت بالفوز بمقعدين نيابيين في دائرة طرابلس المنية والضنية لكل من كرامي وجهاد الصمد فيما توزّعت المقاعد الاخرى بين لائحتي تيار المستقبل والرئيس نجـيب ميقاتي.
من البديهي القول إن الرئيس سعد الحريري سيخوض الانتخابات الفرعية في طرابلس مرتاحاً إلى الأجواء هذه المرة حيث أن التقارب بينه وبين الرئيس ميقاتي أتاح له سريعاً اتخاذ القرار بإعادة ترشيح ديما جمالي لتكون مدعومة من «تيار العزم» الذي يرأسه ميقاتي على الرغم من تريث الأخير بإعلان موقفه إلى حين لقاء الحريري، كما ستتمتع جمالي بدعم الوزير السابق محمد الصفدي خصوصاً بعدما سمّى الحريري زوجة الصفدي فيوليت خيرالله وزيرة في الحكومة. وسيستفيد الحريري من اصوات حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر رغم عدم تأثيرها الكبير. وهكذا شكّلت جمالي نقطة تلاق قد لا تكون متوافرة حول القيادي في تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش الذي كان موعوداً بمقعد وزاري قبل أن تتم تسمية وزيرين سنيين من الشمال هما ريّا الحسن وعادل أفيوني.
في المقابل، فإن النائب فيصل كرامي سارع إلى دعوة أعضاء لائحة الكرامة الوطنية إلى اجتماع طارئ في دارته أعلن إثره « كان لدينا ملء الثقة في المجلس الدستوري لكن تفاجأنا أنه استطرد بالقرار وذهب بعيداً باعتبار المقعد شاغراً علماً أن الكسر الأكبر مع لائحتنا «.فيما اعتبر المرشح الطاعن طه ناجي «أن هناك قاعدة معروفة «لا اجتهاد مع وجود النص» وصاحب الكسر الأعلى هو من يحصل على المقعد النيابي «.
اما اللواء أشرف ريفي الذي سبق أن خاض معركة الانتخابات البلدية وسجّل مفاجأة بالفوز فعلّق على قرار المجلس الدستوري بالقول « على الرغم من ملاحظاتنا نحترم قرار المجلس الدستوري، ونعتبره نافذاً وسوف أقوم بالتشاور مع أهل طرابلس وفاعلياتها وقواها السياسية والشعبية للتعامل مع استحقاق الانتخابات الفرعية في المدينة». وكان رئيس المجلس الدستوري القاضي عصام سليمان أعلن إبطال نيابية ديما جمالي (كتلة المستقبل)، بفعل الطعن الذي قدمه المرشح الخاسر طه ناجي (على لائحة النائب فيصل كرامي)، على أن تجرى الانتخابات الفرعية في طرابلس في خلال شهرين من تاريخ إعلان هذا القرار، على أساس القانون الأكثري، علماً أنه لم يبطل أي نيابات في دائرتي بيروت الأولى والثانية، ولا في المتن وزحلة وبعلبك- الهرمل، وبالتالي لم يأخذ المجلس الدستوري بالطعن المقدم من جمانة عطالله سلوم، المرشحة الخاسرة عن مقعد الأقليات في دائرة بيروت الأولى ولا بالعديد من الطعون المقدمة.
ورداً على التعليقات حول تدخلات سياسية، شدد سليمان على «أن أعضاء المجلس الدستوري محصنون جداً ضد التدخلات السياسية، التي تتوقف عند بوابة المجلس». ولفت إلى « أن المجلس الدستوري عمل على اكتشاف المخالفات التي حدثت خلال العمليات الانتخابية، وقدّر مدى تأثيرها على النتائج المعلنة، أما المخالفات التي ترافقت والحملة الانتخابية والتي تؤثر على تكافؤ الفرص بين المرشحين، وهي تتعلق بالإعلام والإعلان الانتخابيين والتقيد بسقف الانفاق على الحملة الانتخابية فقد أناط قانون الانتخاب مراقبتها بهيئة الإشراف على الانتخابات. وقد تسلم رئيس المجلس الدستوري تقرير هيئة الاشراف في 8 كانون الثاني 2019 ، ولا إشارة فيه إلى مخالفات في تجاوز سقف الإنفاق المالي، ولا إلى مخالفات في الإعلام والإعلان الانتخابيين، من شأنها الاخلال بمبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين».
وأكد « أننا حريصون على احترام إرادة الناخب وعدم التفريط بالإجراءات التي نص عليه قانون الانتخابات حفاظاً على صحتها ونزاهتها وصدقيتها»، منبّهاً إلى «أن المخالفات التي تشوب العمليات الانتخابية تتطلب اثباتات دامغة للتثبت منها ولا يمكن الركون إلى الشائعات والأقاويل غير المسندة إلى دليل. وقد تبيّن للمجلس من التحقيقات التي أجراها والاستقصاءات والتدقيق في محاضر لجان القيد وأقلام الاقتراع موضع الشك، وفي بيانات نظام الكمبيوتر أن ليس هناك ما يستدعي إبطال نيابات أو إبطال انتخابات في دائرة بيروت الأولى (الأشرفية- الرميل – الصيفي- المدور)، كما أن الطعون المقدمة في دائرة بيروت الثانية، ونظراً إلى عدم تضمنها وقائع تساعد على التوسع في التحقيق، ونظراً إلى الفارق الكبير في الأصوات بين الطاعنين والمطعون في نيابتهم لم يجد المجلس مبرراً لإبطال نيابات فيها، والقرارات الصادرة عنه قضت بإبطال هذه الطعون.أما عن الطعن في المتن (المقعد الماروني الذي يشغله النائب الياس حنكش)، فأوضح سليمان أنه «استند فقط إلى أقوال إحدى الصحف، لذلك قرر المجلس ردّه».