لندن: أعادت المدارس البريطانية فتح لقسم من التلاميذ الإثنين، في مرحلة أساسية إنما دقيقة من عملية رفع الحجر المنزلي المفروض لمكافحة فيروس كورونا المستجد، تصر عليها السلطات فيما يعتبرها العديد من الأهل ونقابات الأساتذة والبلديات سابقة لأوانها.
وتسجل بريطانيا ثاني أعلى حصيلة في العالم من الوفيات جراء وباء كوفيد-19 بعد الولايات المتحدة، إذ أن حصيلة الفيروس فيها أكثر من 38 ألف حالة وفاة لأشخاص ثبتت إصابتهم به، كما تشير عدة دراسات إلى أنها تسجل أعلى معدل وفيات بالنسبة للتعداد السكاني في العالم.
وبعدما واجهت حكومة بوريس جونسون المحافظة انتقادات شديدة أخذت عليها تأخرها في التحرك لمكافحة الوباء، تسعى السلطات الآن لإعادة تحريك اقتصاد متباطئ.
غير أن التدابير الأولى الطفيفة المتخذة لرفع الحجر المنزلي الساري منذ 23 آذار/مارس، جرت وسط الفوضى في منتصف أيار/مايو، وازدادت البلبلة مع قيام جدل حاد حول تنقلات دومينيك كامينغز مستشار جونسون الخاص الذي خرق قواعد العزل المفروضة.
وسيسمح مجددا اعتبارا من الإثنين بتجمعات تضم ستة أشخاص في الخارج، ما سيسمح للعائلات أو الأصدقاء بالالتقاء في منتزه أو حول مائدة طعام في الهواء الطلق. أما الأشخاص الأكثر عرضة والذين تحتم عليهم لزوم عزلة تامة، وعددهم 2,2 مليون نسمة، فسيكون بوسعهم الخروج مجددا إنما مع لزوم الحذر. كما سيسمح لمواقف بيع السيارات والأسواق في الهواء الطلق بمعاودة نشاطاتهم.
وسمح بعودة التلاميذ الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و6 سنوات وبين 10 و11 سنة بالعودة إلى المدارس الإثنين، ما يمثل حوالى مليوني تلميذ.
ولا يقابل هذا القرار بالارتياح بين المعلمين.
وتطالب النقابة الوطنية للتعليم بمزيد من “الفحوص والأدلة العلمية المتينة” من أجل “إعادة الفتح في الوقت الملائم، فيما تبدي جمعية رؤساء المدارس والكليات مخاوف حيال “مشكلات لوجستية كبرى”.
وأقرت مديرة مدرسة ابتدائية في وورسستر بغرب إنكلترا برايوني باينز بأنه “لا يمكننا أن نعد الأهل فعليا بأن أطفالهم سيبقون على مسافة مترين الواحد من الآخر طوال الوقت”.
ولا يبدي جميع الأهل ارتياحا لإرسال أطفالهم إلى المدارس مجددا. وأظهرت دراسة أجراها المعهد الوطني للأبحاث حول التربية وشملت 1200 مدير مدرسة أنهم يتوقعون أن تبقي 46% من العائلات أطفالها في منازلهم.
ويتوقع مدراء المدارس التي تستقبل أعلى نسبة من الأطفال من أوساط فقيرة وتقدم لهم وجبات طعام مجانية، أن تكون نسبة التغيب فيها أعلى من المدارس الأخرى (50% مقابل 42%).
وكتب وزير التربية غافين ويليامسون في صحيفة “ذي دايلي تلغراف” المحافظة “أفهم أن يكون البعض لا يود أن تفتح المدارس مجددا منذ الآن. لكننا بحاجة إلى المضي قدما، وعلينا أيضا التثبت بأن أطفالهم لا يتراجعون”.
ودعت مفوضة الطفولة آن لونغفيلد في الصحيفة ذاتها الحكومة إلى تنظيم دورات صيفية في تموز/يوليو وآب/أغسطس لمساعدة الأطفال “الأكثر فقرا” للتعويض عن التأخير خلال أشهر الحجر المنزلي.
وقال الوزير المكلف الشركات ألوك شارما ردا على أسئلة البي بي سي الإثنين “إنها مرحلة دقيقة”. وأوضح أن الحكومة تتحرك “بحذر” وبصورة “تدريجية”، مؤكدا أن “لا أحد يود رؤية ذروة جديدة من الإصابات”.
وتستند استراتيجية رفع الحجر هذه إلى نظام يقوم على رصد المرضى والاتصال بالأشخاص الذين احتكوا بهم. وأعلنت الحكومة السبت أنها باتت قادرة على إجراء فحوص لمئتي ألف شخص في اليوم لكشف الإصابات.
غير أن ذلك لم يقنع السلطات المحلية في عشرات المدن والبلدات في إنكلترا، فطلبت من مدارسها الانتظار قبل استقبال التلاميذ من جديد، مشيرة إلى أن المدارس في اسكتلندا وإيرلندا الشمالية لن تفتح أبوابها قبل آب/أغسطس وأيلول/سبتمبر.
وتلتقي هذه المخاوف مع ما أعرب عنه بعض أعضاء اللجنة العلمية المكلفة تقديم المشورة للحكومة بشأن فيروس كورونا المستجد.
وفي هذا السياق، رأى أحد أعضاء اللجنة البروفيسور جون إدموندز أن الانتقال إلى المرحلة التالية من رفع الحجر ينطوي على “مجازفة” بل هو “خطير” في وقت لا تزال تسجل آلاف الإصابات يوميا (حوالى ثمانية آلاف في اليوم في إنكلترا).
(أ ف ب)