لاهاي: يسعى المحامي البريطاني والمدعي الذي ساهم في إنهاء السياسة الأمريكية ضد المحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مما يضع منصبه من جديد في مهب مواجهة تصادمية مع الولايات المتحدة.
وأمس الاثنين، طلب كريم خان الذي يشغل منذ عام 2021 منصب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية -أول محكمة دائمة لجرائم الحرب في العالم- من قضاة الدائرة التمهيدية الأولى بالمحكمة أن يصدروا أمرا بالقبض على نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت وثلاثة من كبار قادة حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).
وبعد أشهر فقط من تعيينه في المنصب لولاية مدتها تسع سنوات في لاهاي، حول خان تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في أفغانستان بعيدا عن القوات الأمريكية وصب التركيز على الجرائم المزعومة التي ترتكبها حركة طالبان وأعضاء الفرع الأفغاني لتنظيم الدولة الإسلامية المتشدد. وأثارت هذه الخطوة انتقادات من منظمات حقوق الإنسان واعتبرها البعض محاولة لكسب تأييد واشنطن.
وبلغت معارضة المحكمة الجنائية الدولية ذروتها خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، عندما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على أعضاء المحكمة وحظرت الحسابات المصرفية للمدعية العامة السابقة.
وفي علامة على تحسن العلاقات، تم إلغاء العقوبات في عهد الرئيس جو بايدن.
وفي يونيو حزيران من العام الماضي، قام وزير العدل الأمريكي بأول زيارة على الإطلاق إلى المحكمة الجنائية الدولية في تاريخ المحكمة الممتد منذ 22 عاما. والتقى ميريك جارلاند بخان ودعم تحقيقه المتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية ومذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
لكن تحسن العلاقات مع الولايات المتحدة اتجه نحو منعطف خطير أمس الاثنين بعدما ظهر خان على شبكة سي.إن.إن ليعلن عن مساعيه القانونية التالية للصراع في الشرق الأوسط.
وسرعان ما انتقد الرئيس الأمريكي جو بايدن مساعي خان لإصدار أوامر لإلقاء القبض على مسؤولين إسرائيليين كبار ووصفها بأنها “مخزية”.
وانتقد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن المدعي العام خان وقال إنه كان من المقرر أن يزور خان إسرائيل الأسبوع المقبل لبحث التعاون مع المحكمة. وأضاف بلينكن أن خان قام بدلا من ذلك بالظهور على شاشة التلفزيون ليعلن الاتهامات.
وقال بلينكن “هذه الظروف وغيرها تثير التساؤلات حول شرعية ومصداقية هذا التحقيق”.
ووصف رئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون المنتمي للحزب الجمهوري قرار خان بالسعي لإصدار مذكرات اعتقال بأنه “بلا أساس وغير شرعي”.
حفر خان (54 عاما) اسمه كمحام جنائي دولي. وكان يُنظر إليه على أنه ذلك القادم من خارج المحكمة الجنائية الدولية ليتم تعيينه في أعلى منصب بها في تصويت أجرته الدول الأعضاء بعد خلاف سياسي حاد.
ويخضع خان ومكتبه لتدقيق مكثف بسبب تحقيقه في الصراع بين إسرائيل وحماس، مع ضغوط سياسية تضمنت توجيه انتقادات علنية نادرة في وقت سابق من هذا الشهر.
وقال خان إن جميع المحاولات الرامية إلى تعطيل أو تخويف مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية أو التأثير بشكل غير لائق عليهم يجب أن تتوقف على الفور.
وسافر خان بشكل متكرر إلى البلدان التي تجري المحكمة الجنائية الدولية تحقيقات بشأنها. وأصبح أول مدع عام للمحكمة الجنائية الدولية يزور منطقة حرب عندما زار أوكرانيا في مارس/آذار 2021.
وفي ديسمبر/كانون الأول، أجرى خان زيارة مهمة إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية، وكانت أيضا أول زيارة من نوعها يجريها مدع عام للمحكمة الجنائية الدولية.
وشدد خان، الذي تخرج في كلية كينجز في لندن، على تكريس جهده في ملاحقة مرتكبي الجرائم الجنسية والدفاع عن حقوق الأطفال.
ويعرّف نفسه بأنه عضو في الطائفة الأحمدية في باكستان، واستشهد بآيات من القرآن في عدة بيانات صادرة عن المحكمة.
خلال مسيرته القانونية التي تمتد لأكثر من ثلاثة عقود، عمل خان في كل المحاكم الجنائية الدولية تقريبا واضطلع بأدوار في الادعاء والدفاع فضلا عن العمل كمستشار للضحايا.
بدأ خان مسيرته المهنية في مجال القانون الدولي مستشارا قانونيا لمكتب المدعي العام لمحكمة جرائم الحرب الخاصة التابعة للأمم المتحدة لكل من يوغوسلافيا السابقة ورواندا بين عامي 1997 و2001.
وسطع نجمه عندما كان محامي الدفاع الرئيسي عن رئيس ليبيريا السابق تشارلز تيلور الذي كان يحاكَم بتهمة ارتكاب جرائم حرب أمام المحكمة الخاصة بسيراليون التي انعقدت في لاهاي لمحاكمة تيلور.
وفي اليوم الأول للمحاكمة عام 2007، خرج خان من قاعة المحكمة بشكل درامي مخالفا أوامر القضاة بعدما أعلن أن تشارلز تيلور استغنى عن خدماته.
وعمل خان بعد ذلك في قضايا المحكمة الجنائية الدولية بشأن كينيا والسودان وليبيا قبل تعيينه في عام 2018 رئيسا لفريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب تنظيم الدولة الإسلامية في العراق (يونيتاد).
(رويترز)