المدينة التي تم خلطها

حجم الخط
0

ذات صباح، قبل بضعة ايام، جلست شابة يهودية مغطاة الرأس على عتبة قصيرة في مركز سوق اللحامين في الحي الاسلامي من البلدة القديمة في القدس. كتل كبيرة من اللحوم، معلقة تدلت في مداخل صف من دكاكين اللحوم. وكان أصحاب الدكاكين منشغلين في تلك اللحظة بشحذ سكاكينهم تمهيدا ليوم عمل آخر. وخلف الشابة ذات غطاء الرأس وقف زوجها بقبعة دينية كبيرة. وخرجت من اطراف لباسه خيوط طويلة. وكان يحمل بين يديه رضيعا صغيرا.
نظر الزوجان بصبر الى فتى عربي شاب ونشيط، صاحب بسطة لاصلاح البناشر، أصلح دراجة جلباها له. كل شيء بدا هناك موضوعيا، عاديا – إن شئتم. الشاب هو القبعة الدينية صافح الشاب العربي مع انهاء مهمة الاصلاح، شكره على عمله، دفع له وودعه بسلام.
على مسافة غير بعيدة من هناك، عاد الى منازلهم في حي بيت يسرائيل اصوليون أنهوا صلاة الفجر في الحائط الغربي (المبكى). توقف بعضهم قرب بسطات خضار عند باب العامود لشراء البندورة، الخيار والفجل. هناك أيضا، مثلما في سوق اللحامين، كل شيء كان سوي العقل كما يبدو. هادئا وساكنا.
على مسافة بضع عشرات أمتار فقط من باب العامود، قرب باب الساهرة، كان يمكن للمرء أن يوثق في تلك الايام تماما صورا مختلفة جوهريا: مارة يهود، يتعرضون المرة تلو الاخرى لرشق الحجارة؛ شرطة ورجال حرس الحدود يُمنعون أن يمتنعون عن الدخول الى مركز الشغب في حي باب حطة؛ اطلاق الالعاب النارية في اتجاه مباشر نحو افراد الشرطة.
كما كانت ايضا مسيرات وطنية حمل المشاركون فيها أعلام م.ت.ف وحماس وتوعدت باليهود. في أعماق سلوان تعرض للاعتداء المرة تلو الاخرى بالطوب وبالزجاجات الحارقة بيت يونتان، الموقع المتقدم للاستيطان اليهودي في مدينة داود التي تعج بالسياح.
قصة فرع البريد في العيساوية، التي يصدر اسمها كثيرا في العناوين بسبب أعمال الشغب والاخلال بالنظام الشديدة، يعكس جيدا الميول المتضاربة التي تسود اليوم في شرقي القدس.
فقد كافح السكان في العيساوية لسنوات بمساعدة جمعية حقوق المواطن كي تقيم البلدية وبريد اسرائيل فرعا أول لتوزيع البريد في القرية. ولكن في الليلة التي سبقت تدشين المبنى، أحرق مجهولون الفرع الجديد ورشوا عليه وبجواره شعارات ضد التطبيع والتعاون مع البلدية.
سكان الحي، الذين استيقظوا في الصباح ورأوا ما حصل لم يستسلموا او يخافوا من الخطوة العنيفة. فقد ازالوا آثار الحريق، رمموا وفتحوا الفرع بسرعة، وهذه ان شئتم خلاصة قصة القدس في هذه الايام: من جهة صدامات عنيفة، صعود في قوة حماس وتطرف وطني؛ وسجل الاخبار مليء بكل هذا.
من جهة اخرى: انخراط مفاجيء وجارف لعرب القدس في حياة المدينة، والذي يكاد لا يبلغ عنه في وسائل الاعلام المختلفة.

أن نكون أو لا نكون، معا

الحالة الطبيعية هي موضوع نسبي. خلافا للسؤال الذي يعرض اليوم ايضا في السنة الـ 47 لتحرير القدس – هل المدينة مقسمة أم موحدة؟ – من الاسهل الاختبار والتوثيق لمقاطع الحالة الطبيعية الكثيرة ومظاهر التعاون بين المجموعتين السكانيتين من انتاج الواقع.
خلافا للسؤال – «موحدة أم منقسمة؟» ـ من الاسهل الاختبار والتوثيق لمقاطع غير قليلة من الحالة غير الطبيعية، الفصل، الاغتراب، الانعزال وغير مرة العنف بين المجموعتين السكانيتين. حقيقة ان هذه تسكن الى جانب تلك، لا تلغي الواحدة الاخرى. صور الفصل والتقسيم تخلق الخلاف السياسي على مستقبل المدينة. صور التعاون والحالة الطبيعية تخلق واقع الحياة الواحدة الى جانب الاخرى والواحد الى جانب الاخر منذ 47 سنة.
الغالبية الساحقة من السكان اليهود والعرب في القدس – 85 في المئة من العرب و 80 في المئة من اليهود – لا يذكرون على الاطلاق كيف كان شكل المدينة المقسمة. فقد ولدوا في واقع المدينة الموحدة. هذا معطى أساس يشرح ميل الكثير من عرب شرقي القدس تفضيل استمرار الوضع القائم وعدم الانتقال الى العيش بسيادة فلسطينية.
اساس آخر يوجد فيه ما يشرح الميل شبه المعلن هذا من الكثير من سكان العرب في القدس، ينشأ من مكانة الاقامة لديهم. هذه المكانة تمنحهم سلسلة من الامتيازات المادية (مثل مخصصات التأمين الوطني)، لا يتمتع بها سكان السلطة الفلسطينية.
سكان القدس العرب يكسبون أربعة اضعاف فأكثر من نظرائهم في نطاق السلطة الفلسطينية. لديهم اماكن عمل مرتبة اكثر وشروط اجتماعية مناسبة. يتمتعون بجهاز الصحة في القدس، ويعرفون ايضا تقدير حرية التعبير، الحركة والعبادة الدينية المهيئة لهم كمقيمين في هذه المدينة.
عرب القدس يتعرضون للثقافة الاسرائيلية والغربية أكثر من أخوانهم الذين يعيشون في مناطق السلطة الفلسطينية. كل هذا يجعلهم ما يصفه الصحافي القديم داني روبنشتاين الخبير في شؤون شرقي القدس: «التوجه العربي الاسرائيلي لعرب شرقي القدس. وهم يشبهون اليوم احمد الطيبي اكثر مما يشبهون ابو مازن».
روبنشتاين، محاضر في جامعة بن غوريون يقول متأثرا: «هم أقرب عقليا الى عرب اسرائيل منهم الى عرب الضفة. وهم غير مستعدين بأي شكال أو حال الى تقسيم المدينة من جديد، ويطلبون ايجاد ترتيب سياسي يلبي تطلعاتهم الوطنية في اطار مدينة موحدة. وابو مازن هو الاخر، حسبما يشير روبنشتاين، وافق على هذا النهج: «فهو يطالب بعاصمة فلسطينية في القدس، ولكنه كف عن الحديث عن تقسيم المدينة. وهو يعترف بالحاجة الى ابقاء المدينة مفتوحة».
د.اسرائيل كمحي، مدير مركز بحوث القدس في معهد القدس للبحوث الاسرائيلية، يتابع منذ سنين المجموعتين السكانيتين. ويوضح كمحي بأنه في كل ما يتعلق بالحياة المجتمعية، علاقات الجيرة، واختلاط الجماعات السكانية – «المدينة لم تكن في اي مرة موحدة. دوما كانت فيها جماعات وتجمعات اهلية مختلفة تعيش حياتها، في الغالب دون الاختلاط الواحدة في حياة الاخرى. هكذا تدار ايضا حياة العلمانيين والاصوليين. هكذا عاشت القدس في سنوات الانتداب ايضا، قبل ان تقسم في 1948».
«من جانب آخر»، يقول كمحي، «المدينة مرتبطة بواسطة منظومات من البنى التحتية المشتركة. في كل هذه المجالات توجد علاقة وثيقة بين مقدمي الخدمات ومتلقي الخدمات. عندما يسمي سكان شرقي القدس هداسا هار هتسوفيم «هداسا العيساوية» فان هذا يدل على صلتهم بالمؤسسة. فالمستشفى يخدمهم كمرضى، كما أنه يشغل غير قليل من الاطباء، الممرضات وعاملي الطاقم العرب، الى جانب طاقم يهودي كبير».

مسيرة الارتباط

وبالفعل، من يعيش في القدس، بل وأكثر من ذلك من يفحص بحثيا، مثل كمحي وكاتب هذه السطور نسيج الحياة المشتركة في المدينة يكتشف الكثير مثل هذا. يكفي الصعود الى خطوط المواصلات العامة لنستوعب على الفور أن الكثير من السائقين هم عرب. الوضع مشابه ايضا في فرع السيارات العمومية وشركات السياحة، التي تعمل في شرقي القدس وتسفر سياحا لكل أجزاء المدينة.
صلات، احيانا مفاجئة، توجد بالطبع ايضا في مجال التجارة والعمل. في سوق بمحنيه يهودا قسم كبير من البسطات يديرها عرب، وكذا قسم من الباعة هم عرب. وحتى في حارة اليهود في القدس، قسم من اصحاب الدكاكين هم عرب، ويشغلون يهودا. المنطقة الصناعية في عطروت، التي تضررت بشدة في سنوات الانتفاضة، تشغل اليوم عربا ويهودا في مصانع المعادن، في مجال البناء، في النجارة وفي الكراجات.
كانيون (المجمع التجاري) المالحة ، وكانيون «الاخوان اسرائيل» في تلبيوت يعجان بالمشترين، يهودا كانوا أم عربا. والامر حتى واضح اكثر في متنزه المحلات الاعتبارية بين باب الخليل وبين حي ماميلا. هناك يجلس كأمر عادي يهود (واصوليون ايضا) وعرب في المقاهي، هؤلاء الى جانب اولئك.
هذا المتنزه خاص ايضا في أن «الاختلاط» موجود حتى داخل الدكاكين. في الكثير منها (مثل دكاكين الملابس والاحذية) ليس فقط الزبائن يأتون من المجموعتين السكانيتين بل والباعة ايضا: بائع أو بائعة يهوديين وبائع أو بائعة عربيين، يخدمون ويعطون احساسا مريحا للمجموعتين السكانيتين. واقع مشابه من الاختلاط، سواء في أوساط الزبائن أو في اوساط العاملين، يوجد ايضا في فروع رامي ليفي – في محيط القدس (في ميشور أدوميم، في منطقة بنيامين وفي غوش عصيون.)
واقع «الاختلاط» قائم ايضا في حدائق الملاهي والالعاب التي في خط التماس في داخل القدس- في حديقة الجرس التي يتدفق اليها الفتيان العرب، الذين يكاد لا يكون في احيائهم ملاعب رياضية وحدائق. ويأتي العرب ايضا الى عين ياعل وحديقة الحيوانات التوراتية، بل وغير مرة يرسلون أولادهم الى المخيمات الصيفية التي تقيمها هذه الاماكن. «الاختلاط» سيطر بشكل خاص على مجال الصيدلة – المجموعة السكانية اليهودية تتلقى خدماتها في هذا المجال من صيادلة معظمهم عرب.
«اختلاط» اكثر تشويقا قائم في مجال السكن. ومع أنه ضيق في حجمه، ولهذا فانه ليس مميزا، الا انه يولد العناوين الرئيسة، يخلق الاحتكاكات ويرفع غير مرة الى السطح النزاع الوطني. المعطيات عن هذا «الاختلاط»، التي جمعها المحامي يئير جباي، عضو مجلس بلدية القدس سابقا، مشوقة على نحو خاص.
يتبين أن عدد العرب الذين يعيشون اليوم في الاحياء اليهودية في القدس أعلى من عدد اليهود الذين يعيشون داخل احياء ذات اغلبية عربية. حسب معطيات مكتب الاحصاء المركزي، يسكن اليوم 2.537 يهودي داخل أحياء ذات أغلبية عربية، مثلا، مدينة داود قرب سلوان أو الحي الاسلامي في البلدة القديمة، اما في الاحياء ذات الاغلبية اليهودية – مثل التلة الفرنسية أو ارمون هنتسيف – فيسكن 3.378 من السكان العرب.

احتفال النور

«أسرلة» عرب شرقي القدس، كما يشير داني روبنشتاين، تسارع أكثر فأكثر بعد اقامة جدار الفصل على مسار غلاف القدس: «شبان عرب كانوا يسافرون قبل ذلك الى بيرزيت لاكتساب التعليم العالي، يفعلون ذلك اليوم في الجامعة العبرية في القدس او في الكليات في المدينة. يوجد ارتفاع في التسجيل للبجروت (الثانوية) الاسرائيلية، وفي شرقي المدينة تفتح المزيد فالمزيد من المؤسسات المهنية، مثابة المعاهد أو المراكز التعليمية، التي تستهدف تسهيل الانخراط في التعليم العالي في اسرائيل».
كل الاعمال اليدوية في غربي المدينة تعتمد، على حد قول روبنشتاين على قوة العمل العربية: «في كل المؤسسات – في هداسا، في الجامعة العبرية، في مخبز انجل». روبنشتاين يبالغ، ولكن قليلا فقط. يوجد ايضا عمال يدويون يهود، ولكن من يدخل مثلا الى رواق الكنيس الكبير في القدس، نافذة عرض اليهودية الارثوذكسية، سيتبين له أن كل عمال الصيانة والنظافة هناك تقريبا هم عرب.
كقاعدة، عدد اكبر من العرب يزورون مناطق معيشة اليهود ويستهلكون خدمات أو يعملون هناك، مما هو العكس. الاف اليهود والعرب يسافرون معا كل يوم في القطار الخفيف الذي يمر في احياء عربية ويهودية – من المزايا البارزة للاختلاط. وحدها البلدة القديمة استثنائية. هناك – الاختلاط، سواء في السكن او في مجال التجارة والعلاقات الانسانية – أوضح. الى مركز المشتريات الجديد في بيت حنينا شمالي القدس يأتي السكان اليهود من النفيه يعقوف وبسغات زئيف، ولا تزال هناك بضع عيادات اسنان «عربية» مثلا في العيساوية يأتي اليهود اليها (الاسعار أدنى بكثير)، ولكن كقاعدة «الاختلاط» الاقوى مثلما في البلدة القديمة لا يبدو ظاهرا في أجزاء اخرى من المدينة.
ما حصل في السنوات الاخيرة حول احتفال النور يجسد هذا جيدا. ففي السنة الاولى جرى الحدث في حارة اليهود فقط، و 100 الف شخص وصل اليه. في السنة الثانية اتسع ايضا الى حارة النصارى و 100 الف جاءوا اليه، وفي السنة الاخيرة حصل في الحي الاسلامي والارمني و 300 الف شاركوا فيه.
التجار، الذين في بداية الطريق هددوا وخافوا من فتح دكاكينهم «يكسبون اليوم المال»، وينتظرون بقصر نفس الاحتفال الرابع، الذي يحل بعد نحو شهر. كما أن الترميم المادي لشارع الواد، الذي يربط بين المبكى وباب العامود، والذي اصطدم بداية بشكوك لجنة التجار، انتهى مؤخرا بالنجاح.

ظلم في الشرق

الى جانب نسيج الحياة المشتركة هذا توجد منذ 47 سنة امام باب دولة اسرائيل الفوارق الهائلة بين شرقي المدينة وغربها في مجالات البنى التحتية والخدمات، والتي ردمت ولكن قليلا في السنوات الاخيرة. يمكن للمرء أن يكون مع أو ضد هذه التسوية السياسية أو تلك في القدس، ولكنه اذا كان انسانا فانه لا يمكنه أن ينفي الاهمال البارز في هذين المجالين في الجانب العربي. هذا لا يزال الخط الاكثر تجسدا الذي لا يزال يفصل بين شطري المدينة. يكفي السير في الشوارع والنظر في أكوام الكمامة والخردوات، والبحث عن الحدائق العامة، او مراكز العناية بالامومة والطفولة، الطرق والارصفة، المنشآت الرياضية والمدارس وحدائق الاطفال؛ في كل مقياس تقريبا – المناطق اليهودية تفوق بالمئات بل واحيانا بالالاف في المئة.
البلدية نفسها، وبعد ذلك مؤسسات البحث ومنظمات حقوق الانسان، وثقت الفوارق الهائلة. آخر من فعل ذلك هو عضو مجلس بلدية القدس، مئير مرغليت، من ميرتس الذي اصدر كراسا من خمسين صفحة يحلل المقدرات المخصصة للسكان العرب واليهود في ميزانية البلدية للعام 2011.
وجد مرغليت بأنه في افضل الاحوال 13.7 في المئة من ميزانية البلدية يستثمر في 38 في المئة من سكانها العرب. يدور الحديث عن نحو ضعف الميزانية البلدية مقارنة بعهد تيدي كوليك في رئاسة البلدية وارتفاع بنحو 40 في المئة مقارنة بعهد ايهود اولمرت واوري لوبليانسكي في رئاسة البلدية – ومع ذلك ستمر على ما يبدو سنوات كثيرة الى أن يتلقى السكان العرب من الجهاز البلدي والحكومية ما يتلقاه السكان اليهود.
في مجال الصحة فقط وقعت في شرقي المدينة ثورة حقيقية. بعض العيادات في شرقي المدينة، مثلا في جبل المكبر تعمل بواسطة صاحب امتياز، وهي من العيادات الرائدة في المدينة. صندوق المرضى الاول الذي دخل شرقي المدينة كان «ليئوميت» وبعدها جاءت الصناديق الاخرى. قانون الصحة الرسمي الذي يعوض الصناديق حسب عدد المرضى يحول «العمل التجاري» الى عمل مجدٍ من ناحيته. فهي تكسب والسكان يكسبون ايضا. مجال آخر حققته مصلحة المياه البلدية «جيحون» هو مجال الماء، حيث فيه ايضا طرأ تحسن تدريجي في شرقي المدينة وان كان العمل لا يزال كثيرا.
70 ألف من سكان شرقي المدينة، ممن يوجدون خلف جدار الفصل يعانون من الفوارق الاكبر. فالى هناك تكاد لا تصل البلدية. والشرطة الزرقاء هي الاخرى لا تبدي اي تواجد هناك، وفي الشوارع، التي هي تحت السيادة الاسرائيلية حسب القانون، تسيطر عصابات حماس غير مرة. نوع من الفراغ الذي مستقبله السياسي ليس واضحا حتى لاسرائيل، التي بادرت قبل نحو عقد من الزمان الى نوع من فك الارتباط غير الرسمي عنه.

يعملون في الميدان

على سؤال – من ينتصر على من وماذا يتغلب على ماذا؟ الفوارق، التي في السنوات الاخيرة تبذل جهود اكبر لتقليصها أم مسيرة أسرلة عرب شرقي القدس؟ يبدو أن الجواب هو أن الاسرلة هي التي تتغلب، ليس بالضربة القاضية ولكن بالنقاط. كل سنة يطلب نحو 800 من سكان شرقي المدينة الجنسية الاسرائيلية. نحو نصفهم يستجاب طلبه.
د. اسرائيل كمحي يعتقد ان السكان في شرقي المدينة يتحركون باتجاه اكثر اعتدالا. «فهم يعرفون الوضع القائم. يسلمون به. يعيشون الحياة اليومية، يسعون الى رفع مستواهم الاقتصادي، الحرص على تعليم الاولاد، على وجود ملعب له. ومن جهة اخرى فان السكان اليهود يلتقون الطرف العربي بطرفهم كل يوم تقريبا، في سلسلة من المجالات والانشغالات».
هل ستسأل القيادة السياسية عرب شرقي المدينة رأيهم اذا ما وعندما يحين وقت الحل؟ مشكوك جدا. ومع ذلك، كلما مرت السنوات يكون للواقع على الارض وانسجة الحياة المشتركة قوة خاصة بها، وهي كفيلة بأن تلقى معنى حتى على المستوى السياسي والوطني. ومثلما هو بناء الاحياء اليهودية خلف الخط الاخضر حقيقة على الارض؛ ومثلما هي عشرات الاف وحدات السكن في شرقي المدينة التي معظمها إن لم تكن كلها بنيت دون ترخيص هي حقائق على الارض، هكذا ايضا أنسجة الحياة المشتركة والاسرلة هي حقائق. عمليا تتصمم القدس في السنوات الاخيرة كمدينة ثنائية القومية. الايام ستقول أي تأثير سيكون لهذا على نمط الحل المستقبلي.

اسرائيل اليوم 25/5/2014

نداف شرغاي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية