دعا الرئيس التونسي السابق مُنصف المرزوقي إلى تشكيل «اتحاد الشعوب العربية الحرة» مشيرا إلى أن الاتحادات العربية التقليدية كالجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي واتحاد المغرب العربي، فضلا عن مشاريع الوحدة التي أطلقتها التيارات البعثية والناصرية تجاوزها الزمن. لكنه أشار إلى أن الاتحاد المنشود قد يحتاج لعقدين من الزمن ليصبح أمرا واقعا، على اعتبار أن أغلب الشعوب العربية ما زالت تُحكم من قبل أنظمة ديكتاتورية واستبدادية.
من جانب آخر، اعتبر المرزوقي أننا نعيش «الموجة الثانية» من الربيع العربي، مشيرا إلى أن هذه الموجة ستتجاوز الجزائر والسودان لتطال دولا أخرى كالسعودية، وقد تتبعها موجة ثالثة ورابعة في ظل تواصل الوضع القائم في العالم العربي.
ووجه دعوة إلى الجزائريين تتعلق بضرورة استكمال الثورة في بلادهم، مشيرا إلى أن «نصف ثورة» لا يمكن أن تنجح وتحقق التغيير المنشود في البلاد. كما أكد أن قرار قطع العلاقات مع النظام السوري «لم يكن خاطئا» مشيرا إلى أن من يدّعون «الممانعة» فقدوا مصداقيتهم وتجاوزهم التاريخ.
وقال إنه لم يحسم قراره بشأن الترشح للانتخابات الرئاسية في تونس. كما دعا حركة النهضة إلى التوقف عن التحالف مع النظام القديم ومحاولة إبقائه في المعارضة لعقدين من الزمن، مشيرا إلى أنه لا يمكن بناء تونس بالفاسدين. واعتبر أيضا أن انتخابات 2019 ستشكل محطة مفصلية في تاريخ البلاد، مشيرا إلى أنها ستكون «معركة حول السيادة الوطنية ومواصلة الثورة واستحقاقاتها».
اتحاد الشعوب العربية الحرة
وقال منصف المرزوقي، رئيس حزب حراك تونس الإرادة، في حوار خاص مع «القدس العربي»: «لحد الآن المشروع العربي الوحيد الذي كان مطروحا على الساحة هو إما الوحدة العربية على طريق البعثية والناصرية، أو شيء هلامي أكثر هو اتحادات جهوية كاتحاد المغرب المغربي أو مجلس التعاون الخليجي أو الجامعة العربية، وهذه أصبح من الواضح أنها ماتت كلها، حيث لم يعد هناك مشروع عربي واحد. بل نرى -على العكس – أن الدول العربية تتشظى، فالسودان انقسم واليمن وسوريا والعراق وليبيا مهددة بالانقسام. أمام هذا الخطر المتمثل بتشظّي الأمة وغياب أي مشروع جدي للعمل المشترك، نحن فكرنا أنه لا بد من إعادة إحياء فكرة أو صياغة حلم جديد وهو اتحاد الشعوب العربية الحرة، وهذه الفكرة طرحتها في ثلاث قمم عربية، لكن لم أجد آذانا صاغية».
وأضاف «النموذج الأفضل (الذي يمكن اتخاذه كمثال) هو نموذج الاتحاد الأوروبي، فالأخير لم يُبنَ بالنازية والفاشية، لأن الاتحادات لا تُبنى بالديكتاتوريات، فكل ديكتاتور يريد أن يسيطر هو على مزرعته. الاتحادات الحقيقية لا تُبنى إلا بالدول الديمقراطية، فالولايات المتحدة الأمريكية مبنية على دول ديمقراطية، والاتحاد الأوروبي كذلك. أنا أردت فقط أن أزرع المستقبل لعقد أو عقدين مقبلين، لا بد أن نهيء فيها أجيالنا لفكرة اتحاد الشعوب العربية الحرة. فهذه الفكرة غير واقعية في العصر الحاضر، باعتبار أن أغلب الدول العربية مُقوقعة على نفسها وتحكمها أنظمة استبدادية، والشرط الحقيقي لإقامة هذا الاتحاد هو أن يكون هناك شعوب من المواطنين ودول ديمقراطية. إذا السعي الأول لتحقيق هذا الاتحاد هو بناء شعوب مواطنين ودول تخضع لمصالح شعوبها».
وتابع المرزوقي «انظر للوضع المزري المتعلق بإغلاق الحدود بين الجزائر والمغرب، هو نتيجة وجود عقلية نظام سياسي عربي لا يأبه لمصالح الشعبين. أيضا انظر إلى مجلس التعاون الخليجي كيف انهار نظرا لخلافات لا تأخذ بعين الاعتبار مصلحة شعوب تلك المنطقة. إذا الحلم أو المشروع الجديد هو اتحاد الشعوب العربية الحرة. والذي يدفع للأمل بإمكانية تحقيق ذلك هو أن الربيع العربي أظهر إلى أي مدى أن الشعوب العربية متلاحمة ومتلاصقة، فعندما حدثت الثورة في تونس انتقلت بسرعة إلى ليبيا ومصر واليمن وسوريا والآن في السودان والجزائر، لأن الشعوب العربية قريبة جدا من بعضها وتتلاقح الأفكار فيما بينها. فالثورة في تونس مثلا أكدت أن الشعوب العربية موجودة وحية، لكنها تنتظر الظروف المناسبة كي تؤلف فيما بينها فضاء مشتركا يمكن أن تعيش فيه».
الموجة الثانية من الربيع العربي
وتعيش دول عربية كالجزائر والسودان حراكا شعبيا مستمرا يطالب برحيل الأنظمة السياسية المستبدة وتغيير الأوضاع القائمة منذ عقود.
واعتبر المرزوقي أننا نعيش موجة ثانية من الربيع العربي، فـ»منذ 2015 أكدت في لقاءات إعلامية عدة أن الموجة الثانية من الربيع العربي قادمة، كنت أقول بوضوح: لا يغرنّكم «الفشل» في الموجة الأولى (طبعا هي لم تفشل) فستأتي بعدها موجة ثانية وثالثة ورابعة، لسبب بسيط هو أن في السياسة كما الفيزياء: الأسباب نفسها تؤدي إلى النتائج نفسها، فعندما تكون لديك مجموعة بشرية تعيش تحت نظام سياسي فاسد واستبدادي لا يخدم إلا الأقلية، فإن الأغلبية ستنفجر في وقت من الأوقات وتغير الوضع. المسألة مسألة وقت، وخاصة في هذا العصر الذي تسارعت فيه الأحداث وأصبحت الديمقراطية وحقوق الإنسان قضايا عالمية تطمح لها كل الشعوب، وخاصة نظرا للتجديد الذي لم ينتبه له الحكام العرب وهو تجديد الأجيال، فهم يتصرفون كما لو كانت الأجيال التي يحكمونها هي أجيال آبائهم وأجدادهم، والحال أنهم أجيال جديدة مختلفة تماما وأنا أسمّيها «الأجيال الإلكترونية» وبالتالي حُكمها بتقنيات الآباء والأجداد هو عمل غبي، ما زالوا مصرين عليه».
وأضاف «اليوم أصبح هناك تفاوت جديد بين الأجيال الجديدة (خطابها ولغتها وحاجاتها) وما بين تقنيات حكم الآباء والأجداد، وهذا سيُولد صراعا كبيرا والمسألة مسألة وقت. أنا كنت متأكدا من هذا ولم أستغرب حراك الجزائر والسودان، وأتوقع أن يحدث هذا أيضا في السعودية وأماكن أخرى، فالنظام الاستبدادي العربي الفاسد المبني على الشخص الواحد والمخابرات انتهى. الأذكياء من الحكام سيفهمون ذلك وسيحاولون التغيير، والأغبياء سيضيعون الكثير من وقتنا ووقتهم».
الممانعة تجاوزها الزمن
من جانب آخر، أكد المرزوقي أن القرار الذي اتخذه عام 2012 والمتعلق بقطع العلاقات مع النظام السوري لم يكن خاطئا، وأوضح بقوله «في 2012 وقع اجتماع في تونس ضمن ما يُسمى أصدقاء سوريا، وفي خطابي (الموثّق بالفيديو) كنت أقول: لا تسلحوا الثورة السورية ولا تمكّنوا الدول الأجنبية من التدخل لأن ستقع كارثة في هذا البلد، وللأسف الشديد ثبت أن تسليح الثورة السورية كان خطأ والتدخل الأجنبي هو الذي دمر سوريا، وأحيانا أستغرب الخطاب السخيف الذي يدّعي أن من دمر سوريا هو منصف المرزوقي. فعلى العكس الذي دمر سوريا هو ما حذرت منه».
وأضاف «أنا اتخذت موقفا آنذاك وهو أنه لم يكن مقبولا من ثورة قامت على أسس الديمقراطية وحقوق الإنسان أن تغمض العينين عن ثورة شقيقة، فالثورة السورية هي شقيقة الثورة التونسية، وأعتقد أنه لو لم تقم الثورة التونسية فربما لما قامت الثورة السورية أو تأخرت، حيث كانت لدينا مسؤولية معنوية أو أخلاقية هو أننا كنا السبب (إذا صح التعبير) في هذه الهبة، وبالتالي أقل شيء نفعله هو أن نكون مع هذه الهبة. كان موقفا مبدأيا أنا غير نادم عليه، ولو عدت إلى تلك الفترة لما ترددت لحظة في اتخاذ القرار نفسه علما أنني أعرف أن ذلك سيكلفني كثيرا من هجمات القومجيين والاتهامات الباطلة، لأنه بالنسبة لي إن لم تعش مبادئك وأنت في السلطة فكل نضالك الذي قمت به وأنت في المعارضة لاغ وهو كذب ونفاق. أهم شيء كان بالنسبة لي عندما وصلت للسلطة هو أن أبقى على تلك المبادئ التي كنت بها في المعارضة، حتى أحترم نفسي».
واستدرك بقوله «الآن تغيرت الموازنات، لكن هذا ليس من شأني، فبالنسبة لي أنا لا أعترف اليوم كعربي وتونسي بالنظام السوري لأني أعتبره نظاما مجرما وقاتلا وسيدمغه التاريخ بكل الإدانات. ومن يتحاملون عليّ مع هذا النظام بحجة أنه ممانع، أصبحوا الآن عديمي المصداقية. فالعروبة الحقيقية هي التي تطبخ الآن في هذا الإطار (التفكير في عروبة جديدة مبنية على الديمقراطية وحقوق الإنسان وشعوب المواطنين، وعلى جعل المواطنية هي الركيزة الأساسية وليست الوطنية الكاذبة) فبالتالي هؤلاء الممانعين تجاوزهم التاريخ وهم جزء من هذا الماضي التعيس الذي يجب أن نتخلص منه بأسرع وقت».
ولم يؤكد المرزوقي إمكانية ترشّحه مجددا للانتخابات الرئاسية من عدمها، لكنه قال إن الحراك الحزبي الذي يترأّسه «اتخذ قرارا واضحا وهو أننا سنساهم في الانتخابات التشريعية والرئاسية، وقررنا أن نعلن عن خياراتنا فيما يخص الأشخاص قبل الصيف، وبالتالي انتظر الصيف وستأتيك الإجابة» مقللا من أهمية استقالة بعض القيادات من حزبه فـ»جميع الأحزاب في الوقت الحالي تتعرض لمشاكل لأننا الآن في فترة انتقالية، وفي الفترات الانتقالية هناك دائما اختلاف في الرؤى. وعلى كل حال الحراك ما زال متواصلا وهو يتوسع وينتشر، ونحن الآن بصدد إعداد قوائمنا الانتخابية، وشخصيا لن أتخلى عن مبادئي وأهدافي».
الثورة المضادة ستفشل في تونس
على صعيد آخر، اعتبر المرزوقي أن نجاح «الثورة المضادة» لن يستمر في تونس، وأوضح بقوله «أتذكر أنه في 2013 زارني صديقي عزمي بشارة في القصر وسألني: هل ستترشح للانتخابات، قلت له: أنا أفكر جديا في هذا الأمر، فقال لي: انتبه فقوانين التاريخ تدل على أن من يكون في السلطة في المراحل الانتقالية ثم يترشح للانتخابات، لن ينجح لأسباب عدة هي أن الناس في المرحلة الانتقالية لديهم آمال كثيرة وأنت ستخيب هذه الآمال، لأن الناس تنتظر من السلطة كل شيء، وبالتالي الثورة المضادة تشتغل بشكل جيد على هذه التناقضات، ومن بينها أن هناك نفاد صبر وغيره. قلت له: كلامك صحيح لكن من الضروري أن يمر الشعب بمرحلة الثورة المضادة ليكتشف أنه ليس لديها ما تعطيه خلافا لما تدّعي، وآنذاك يكون التخلص منها نهائيا. وبالتالي أنا مسؤوليتي الآن هي مواكبة هذا المسار التاريخي الطبيعي إلى نهايته، حيث كنت متوقعا أن تأتي الثورة المضادة وتفشل، وبالتالي هي الآن في صدد الانهيار في تونس (أخلاقيا وسياسيا واقتصاديا). كذبوا على الناس وقالوا إن لدينا برامج سياسية واقتصادية، والناس كلها أصبحت في منتهى الوعي».
وأضاف «الثورة المضادة الآن في ورطة كبرى، هي بدّلت الواجهة، حيث اختارت الشاهد على السبسي لأن الأخير لم يعد يستطيع تقديم أي خدمات. الآن هم في حاجة لشخص يبدو شابا، لكن هي المنظومة نفسها، والانهيار الاقتصادي والأخلاقي والسياسي ذاته، حيث ثمة فرصة لعودة قطار الثورة إلى الساحة السياسية وانتصاره في الانتخابات. هذا إذا كانت الانتخابات حرة ونزيهة، وهنا السؤال الكبير هو: هل هذه المنظومة – التي أتى بها المال والإعلام الفاسد ولديها دعم من الخارج، وخاصة من الإمارات الدولة العدوة لتونس – قادرة على قيادة انتخابات حرة ونزيهة وتقبل بنتائجها؟».
وتابع المرزوقي «أنا شخصيا حذر جدا في هذا الرأي، فأنا أعتبر أن عدم وجود المحكمة الدستورية إلى حد الآن، وعدم البت في القضايا التي رفعتها أنا ضد التزوير في الانتخابات الماضية، وعدم وضوح الرؤيا فيما يخص سياسة الإعلام، الذي أصبح جزء منه مُصادر لهذه المجموعة، كل هذا يطرح إشكاليات كبرى فيما يخص نزاهة هذه الانتخابات، بحيث انتخابات 2019 ستكون ليس فقط قضية الثورة بل قضية الديمقراطية، يعني هل ستكون تونس دولة ديمقراطية حقيقية أم ستصبح دولة ديمقراطية فاسدة أو كاذبة، وبالتالي سنعود لسياسة بن علي؟ فالمعركة في 2019 ستكون معركة حول السيادة الوطنية ومواصلة الثورة واستحقاقاتها، وفي الأساس حول جدية التحول الديمقراطي، وهل فعلا ستقبل هذه المنظمة بالتداول كما قبلت به أنا، هل ستقبل بالرجوع إلى المعارضة لأن من الواضح أنها فشلت فشلا ذريعا والشعب لن يقبل بها مجددا. الرهان في 2019 سيكون قويا جدا».
التحالف مع النهضة ممكن بشروط
وحول إمكانية التحالف مجددا مع حليفه السابق حركة النهضة، قال المرزوقي «نحن لم نغير موقفنا وسائرون في الطريق نفسه وهو أنه لا بد من القطع مع النظام القديم، فأنت لا تستطيع أن تبني ديمقرطية بديكتاتوريين ولا تستطيع محاربة الفساد بفاسدين، وهذه هي نقطة الخلاف الأساسية مع النهضة، أي أننا قادرون على الحفاظ على السيادة الوطنية والسلم الوطني والاستقرار، لكن مع القطع مع المنظومة القديمة. النهضة تقول إننا لو تعرضنا لهؤلاء الناس فإنهم قادرون على (الأذى) وهذا الخوف في غير محله. هذا هو موقفي، فإذا جاءت النهضة إلى هذه الأفكار، فلا مانع لدينا من التحالف معها، لكننا لن نذهب إلى النهضة بمجرد أننا نريد التحالف من أجل الوصول إلى الكراسي. والنهضة جربت التحالف مع هذه المنظومة ورأت أنها منظومة تتنكر لها طول الوقت، يعني هم متحالفون معهم لكنهم يتنكرون لهم، ففي أكثر من مناسبة أكد الباجي قائد السبسي أنه غير متحالف مع النهضة، وأيضا الشاهد تبرأ من النهضة في مناسبات عدة».
وشهدت تونس في الفترة الأخيرة حوادث عدة مثيرة للجدل من قبيل التجاوزات التي وقعت في مدرسة الرقاب القرآنية وفاجعة الأطفال الرضّع في مستشفى الرابطة واغتصاب معلم لعشرين طفلا في إحدى المدارس الابتدائية في مدينة صفاقس، في ظل تواصل الجدل حول موضوع المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة.
وعلق المرزوقي على ذلك بقوله «هناك محاولة لجر البلاد إلى صراع أيديولوجي جديد، فمن تقنيات السياسة أنه عندما تكون في ورطة سياسية وأنت في الحكم، تخترع مشكلة لتُلهي بها الناس عن هذه الورطة، وفي بعض الأحيان تذهب الأنظمة الديكتاتورية إلى الحروب التي تعتبر أنها حل لأزمتها الداخلية. إذا المنظومة هذه -نظرا لفشلها السياسي والاقتصادي والأخلاقي – جاءت بقصة الميراث لتلهي الناس ولتعيد التموقع (علماني – إسلامي) ونحن رفضنا الدخول في هذه اللعبة».
وأضاف «القصص الأخرى تدل على عمق التدهور الأخلاقي الموجود الآن في تونس، فنحن لدينا منظومة إعلامية وتعليمية وصحية منهارة، وهذا كله في ظل حكم هؤلاء الناس، لأنه في ظل الفساد والفوضى والكذب، كل المؤسسات بدأت تنهار، فقضية الرضع والاغتصاب في المدارس تدلان على عمق الشلل والأزمة الأخلاقية في تونس، لأن هؤلاء الناس رجعوا إلى السلطة بالكذب والتزييف ويواصلون ذلك، حيث المجتمع أصبح مريضا بهذه المنظومة. وبالتالي عندما أقول لأخوتنا في النهضة إنه يجب الخلاص من هذه المنظومة وعدم التعامل معها وبعثها للمعارضة لتبقى حوالي عقدين، فأنا أعي ما أقول، لأنه يستحيل أن تعيد بناء تونس بهؤلاء الناس».
رسالة للجزائريين: نصف ثورة لا تنجح
وحول القرارات التي ندم على اتخاذها خلال وجوده في الرئاسة، قال المرزوقي «قد أكون أخطأت في تقييم شراسة وسوء المنظومة القديمة، لم أتوقع أنهم سيقاومون بهذه الشراسة والقذارة (الكذب والإشاعات والتزييف). نحن تعاملنا بفروسية مع خصومنا القدماء. هم كانوا خصومنا، ارسلونا للمنافي ودمروا حياتنا وعائلاتنا، لكن نحن لم نرغب بالانتقام منهم. فاعتبروا أن هذه الفروسية ضعفا، واعتبرونا سُذجا أو مغفلين، ففعلوا بنا الأفاعيل. والدرس الذي يجب أن يتعلمه الجزائريون هو أن نصف ثورة لا تنجح، فالثورة يجب أن تكون ثورة كاملة. وهنا أريد أن أنبه أنه كان في استطاعتنا إعادة هؤلاء الأشخاص إلى حجمهم الطبيعي، دون اللجوء إلى العنف، يعني بالقانون فقط».
وأضاف «الرسالة إلى كل الثوار العرب من الثورة التونسية هي أنه عندما يأخذ الثوار السلطة، عليهم أن يعيدوا ترتيب البيت من جديد، وعليهم أن يضعوا النظام القديم جانبا بوسائل قانونية. أنا ضد العنف والانتقام والمحاكم الثورية، لكن يجب وضع حد فاصل وحاسم لهذه المجموعة (النظام القديم) لأن ضررهم كبير، فهم لا يتعلمون من التاريخ ولا يقبلون الفروسية، ولا يتعاملون معك كطرف سياسي راشد وإنما يعتبرونك ضعيفا إذا لم تكن عنيفا وقويا. وأنا أريد أن نكون أقوياء دون عنف، لكن أيضا دون سذاجة وإفراط في المثالية».
التكنولوجيا الحديثة هي من جعلت الربيع في عقول الشباب العام كله، من لم يركب القطار يتنح حتماً
هذه الأمة بحاجة الى صدمة لتفيق من سباتها و كل من ” يتفنن ” فى حمايتها من ذلك بما فيه الإعلام يتحمل مسؤولية كبرى ….