واحدة من أكثر النظريات تسرعا في التأويل السياسي التي تتردد في الأردن مؤخرا برسم محاولة تفسير بائسة لما يجري في الملف الداخلي الأردني، هي تلك التي تفترض أن أبناء العشائر، عناصر الثقل الاجتماعي التقليدية والتي تمثل الدولة وتسند خياراتها دائما وأبدا يمكنها أن تكون قريبا في جيب الحكومة أو حتى في جيب عملية السلام الجديدة التي يهمس ويهجس بها الجميع في الشرق الأوسط.
الحقيقة، انه من غير المنطقي المزايدة في العداء مع المشروع الإسرائيلي تحديدا على أبناء العشائر الأردنية ومن غير المحتمل بناء نظريات وفلسفات على أساسها.
ولا يوجد سبب مقنع لما يتردد عن أن هندسة الانتخابات البرلمانية الأخيرة حكما ستنتهي بوجود أغلبية من الوجوه الجديدة التي تفتقر وتفتقد للخبرة والتي يمكنها أن تمرر لاحقا حتى لا نقول تبصم على أي اجتهاد له علاقة بأي حكومة مستقبلا تحت عنوان المزايدة في الموقف السياسي وخصوصا في المجال الحيوي لأفئدة ومشاعر الأردنيين جميعا حيث تجلس قضية فلسطين باسترخاء ووقار.
وحيث خذلان وإخفاق يعلم به الجميع في إدارة عملية سياسية باسم السلام انتهت بتهديد الأردن والأردنيين دولة وشعبا والمس بمصالحهم.
من المؤسف وجود هذا النمط من المزايدة خصوصا على أبناء القبائل والعشائر العربية الأصيلة التي قدمت الدماء والشهداء على جبال القدس وعتبات المسجد الأقصى وفي أرض فلسطين الطاهرة، حيث الجيش العربي الأردني في تكوينه وتركيبته وتشكيله خاض المواجهات بالجملة في المعارك مع العدو الإسرائيلي، ومكونه الأساسي هم أبناء العشائر الطيبة الشريفة التي يحاول اليوم بعض المجتهدين القفز على وقائعهم الانحيازية فيما تحاول بعض الأدوات قليلة الخبرة في الإدارة السياسية اعتبارها جزءا مضمونا دوما من أي خطة أو اتجاه رسمي.
يتردد همز وغمز وأحيانا نسمع تصريحا وبصراحة تلك النظرية البائسة التي تفترض أن مركز ثقل العشائر الأردنية في البرلمان أو خارجه مضمون في جيب الاتجاه الحكومي، فقد يكون ذلك صحيحا من زاوية تلك العلاقة العميقة الجذرية التي تربط البنية الاجتماعية والعشائرية الأردنية بالدولة والنظام والقيادة من حيث التعبير عن الهوية السياسية. وقد يكون دقيقا عندما يتعلق الأمر بمصالح الوطن العليا كما يقدرها ويريدها الأردنيون. وقد يكون واقعيا عندما يتعلق بفهم ذلك المكون العبقري في الوحدة الوطنية بين الأردنيين من مختلف عشائرهم ومناطقهم وخلفياتهم وبين مؤسساتهم.
لكن المسألة أقرب إلى كذبة يراد منا أحيانا أن نصدقها عندما يتعلق الأمر بإسرائيل وتحرير فلسطين والتطبيع.
أوقفوا المزايدة على أبناء العشائر الأردنية فهم أصحاب موقف ورأي لا يتسلل إلى مكوناتهم الفكر التطبيعي مهما كانت عليه الاعتبارات
لا يوجد اليوم حتى في صفوف نخبة القرار الأردني وفي جميع مؤسسات الدولة من يجرؤ وانطلاقا من وظيفته على الأقل على إعلان أي تأييد من أي صنف لا للسلام ولا للتطبيع.
اتفاقية وادي عربة أصبحت عبئا على المؤسسة الأردنية ذاتها، والحديث عن ترسيم اتفاقية جديدة أقرب لسهرة وناسة ليس إلا، وحتى أعتى مناصر للسلام والعلاقة مع إسرائيل من النخبة الأردنية توارى عن الأنظار الآن، لا بل يعرف الجميع أن مهندس وموقّع اتفاقية وادي عربة سحب علنا مقولته الشهيرة عن دفن خيار الوطن البديل، ويعرف الجميع في المقابل أن عدد الذين يشككون اليوم بالتطبيع والسلام من المفاوضين الأردنيين أنفسهم أكثر بكثير من عدد من تبقى منهم على قيد الحياة مع جملة من أي نوع تحاول تجميل الشيطان أو تزويق القبح، فالسلام مع إسرائيل بوجدان الأردنيين عقيم والتطبيع مخجل وإسرائيل تنقلب على الأردنيين يوميا قيادة وشعبا.
لذلك يصبح الحديث عن ثقل عشائري أو برلماني سيساعد الحكومة أو السلطة لاحقا في تأطير السلام الإبراهيمي أقرب إلى التكهن والدجل، فلا أحد حتى من رجال السلطة أو من الذين خدموا بوظائف رسمية في الماضي يمكنه أن يكون في جيب أي حكومة أو مشروع مضاد بالفطرة والتكوين ليس لمصالح الأردنيين أنفسهم فقط، ولكن أيضا لمصالح الشعب الفلسطيني.
رهانات من يعتقدون بأن هندسة عملية انتخابية بطريقة تضمن أغلبية مريحة للسلطة ستنجح في العديد من الاتجاهات، لكنها ستخفق بصورة مخجلة إذا ما تمأسست على فكرة أن التيارات الاجتماعية الموالية دوما وأبدا يمكنها أن تؤمن ولو لحظة بإسرائيل أو بالسلام والتطبيع فما بالكم عندما يتعلق الأمر بما يهمس به بعض المشككين عن اتفاقية سلام جديدة؟
تصوري وتحليلي أن هذا الرهان البائس سيخفق فلا إسرائيل ولا الخليج العربي الهادر المهووس بالتطبيع ولا أدبيات الإبراهيميات يمكنها أن تقنع طفلا من أبناء عشيرة أردنية بوهم السلام.
وعليه وتجنبا للغث من ترديد الكلام والاسطوانات من الضروري الانتباه إلى ما هو أهم والتركيز على نقاشات الإصلاح الشامل الداخلي وكيفية إدارة لعبة التوازنات والمصالح.
وهذا الاقتراح لا يعني إلا حقيقة واحدة… أوقفوا المزايدة على أبناء العشائر الأردنية فهم أصحاب موقف ورأي لا يتسلل إلى مكوناتهم الفكر التطبيعي مهما كانت عليه الاعتبارات.
إعلامي أردني من أسرة «القدس العربي»
احسنت أخي بسام البدارين ، في رفضك وإدانتك، للمواقف الضيقة والمنتنة من تعصب واقلام مرتجلة معبأة بالكراهية وبالفتنة والتعصب. عرفناك من اهل القلم تنثر الكلمات الناصحة وتصحح مع الطيبيين كل من عصى وتعصب جهويا او عشائريا او دينيا . كلنا مع من ينوب عن الناس ويحمل الخلق والايمان بامته وقيمها . وكلنا ضد من يفتن ويتعالى على امتنا ويحتل ارضنا ، ومعركتنا مع الغاصب لارض العرب تتطلب الذكاء والوفاء والحيلة الذكية في عالم خفت فيه موازين القيم . حماك الله
“المزاودة” هي “مرافعة أو علاوة” تصاعدية من زبائن على سعر سلعة في مزاد علني. وهذا شيء ايجابي بالنسبة لصاحب السلعة. ولكن المناقصة هي مقارنة بين أسعار سلعة وأختيار أدنى سعر.
التطبيع ليس “فكرا” يتسلل، نعم، ولكن ما يمنع أن يصبح”مصلحة قومية” قد تفرض نفسها ويسهل معها التبرير والتأويل وحاجات وغايات في نفوس أناس فذلك ليس طفرة جديدة. الظروف والتداعيات تفرض نفسها وعندها يتمايز الواقع من الفرضية.
*لا احد ينكر أن (العشائر) تشكل العمود
الرئيسي للدولة الأردنية..
والمطلوب تطبيق قوانين الدولة ع الجميع
بدون استثناءات.
حمى الله الأردن من الأشرار والفاسدين والمفسدين بالأرض.
العشائر تعني التخلف والتعصب والفساد المالي والاداري وحتى خيانة الاوطان فاي دولة فيها العشيرة عامل مهم لن تستطيع ان تكون دولة حديثة مهما حاولت اي حكومة ادارتها
تعودنا دائما على سماع الجمل المنمقه والشعارات الكبيره الرنانه لكن الواقع مختلف جذريا والحسابات طوفان سيأخذ الوجدان وغير الوجدان….
اقتبسسس..
أوقفوا المزايدة على أبناء العشائر الأردنية فهم أصحاب موقف ورأي لا يتسلل إلى مكوناتهم الفكر التطبيعي مهما كانت عليه الاعتبارات.
اقول.. الهجمة على العشائرية.. هي قديمة جديدة.. باعتبارها رابطة وعروة وثقى.. يحاول البعض تشويهها.. ب مسميات.. سيئة كثيرة. لالحاقها برابطة الدين الذي يجمع ولا يفرق.. والذي تم تشويهه من خلال أعمال الإرهاب.. كداعش وغيره.
شكرا اخي بسام البدارين.. لقد اجدت وأفدت.
وكم كنت احب ان تكون هناك إشارة إلى من يتهجمون على العشائرية ويتهمونها بالرجعية والتخلف.. من أتباع دحلان وباسم عوض الله اذناب الصهاينة..