في ليالي هولير الباردة
كلّما مشيتُ أسمعُ صوتَ وقوعٍ خلفي
دائماً ما خفتُ الالتفات
ألتفتُّ مرّة بعد شجارٍ مع خوفي
يا إلهي إنّه وطني!
لم أحاولْ أن أمسكَ يدهُ
لم أحاولْ الاقتراب
إنهُ يقعُ منذ سنوات
أخاف منه
يطاردني كشبحٍ كلّ ليلة
يطاردني كقاتلٍ مأجورٍ كلّ ليلة
يطاردني حتى في نومي
في ليالي هولير الباردة
أرتدي معطفاً سميكاً
يداي ترتجفان كلّ ليلة
أراهم من النافذة كلّ ليلة
أخافُ منهم
منذ سنوات وأنا لا أزيحُ الستائر ليلاً
إنهم في الخارج كلما اشتدّ البرد
أخافهم
إنهم أصدقائي القدامى
منهم من غرق
ومنهم من استشهد
ومنهم من انتحر
منذ سنوات وهم يطلبون أن افتح النافذه كي يدخلوا
لكنني أخافهم
يطاردونني كذئابٍ باردةٍ
يطاردونني كذئابٍ جائعةٍ.
في ليالي هولير الباردة
أركضُ نحو أمي
كطفلةٍ خائفةٍ
يطاردها مجنون.
أراها تذبلُ أمامي
أمسكُ بيديها
أحاولُ أن أدفئ الجليد بداخلي
لكنّ ذبولها يحكي لي كلّ ليلة
أن لي وطنا وقع
ولي أصدقاء لم يصلوا للنجاة.
٭ شاعرة من سوريا
هناك مقولة بدويّة : إذا سخن الفنجان بردت القهوة وارتعشت الضيف…فهل يداك لا تزال باردة ( الندى ) كماء بــــردى؟ لأنّ برودة اليد تسخّن الخوف فيرتعش القلب من مفقود الدفء.أما في ھەولێر فستجدين ( ثلوجًا مشتعلة ) هي عنوان ديـوان الشاعرخسرو الجاف ؛ لا تسخن ولا تجفّ ؛ لا في شتاء ولا في صيف…لأنّ ( المركب ) قد وصل وأنت لاتزالين ( كطفلة خائفة ) من القديــم ؛ ياشاعرتنا خوناف.
تحياتي دكتور لقد ذكرتني بقصيدة قنديل للشاعر خسرو يقول فيها
من هناك
ارى نجمة الصبح تعلق قنديلا
يعصف بها البرد وحيدة
ليست غافية.. ليست يقظة
نجمة الصبح غير واعية
تمد جسر الخيال على نهر الامل
ذابلة. تداري حزنها وتصغي
الى اغنية (حيران).
ابقى بخير دكتور جمال
رائع هذا الحوار بين الكاتب والشاعر والقارئ نتمنى ان يبقى ظاهرة ادبية في الجريدة الموقرة