العنف الإسرائيلي ضدّ الفلسطينيين في بيوتهم وقراهم وبلداتهم وجامعاتهم، بائتلاف مباشر بين قوات الاحتلال وأجهزة الـ»شين بيت» ومفارز «المستعربين» وقطعان المستوطنين؛ ليس طارئاً، بالطبع، أو بالأحرى لا يقترن بجديد بين حين وآخر إلا على صعيد إضافة جامعة بير زيت إلى اللائحة تارة، أو مدينة بير السبع تارة أخرى، فتستوي في معاناة السياسات الهمجية بقاعُ فلسطين التاريخية كافة، من النهر إلى البحر ومن ضفاف طبريا إلى رمال النقب. تستوي كذلك، وبالاضطراد المنطقي، سياسات هذا الائتلاف الإسرائيلي الحاكم أو ذاك، فلا يكاد تاريخ الكيان الصهيوني يسجّل فارقاً واضحاً، أو جديراً حقاً بالتفريق، بين دافيد بن غوريون أو مناحيم بيغن أو إسحق رابين أو بنيامين نتنياهو، فكيف تكون الحال مع أمثال الثنائي نفتالي بينيت/ يائير لبيد بافتراض أنّ التناوب بينهما سوف يتمّ أصلاً.
تستوي، ضمن الاضطراد المنطقي إياه، سياسات الإدارات الأمريكية المتعاقبة، أو طبعاتها الثلاث الأخيرة على الأقلّ، بصدد الاستيطان؛ فلا يتشكل فارق ملموس، أو جدير حقاً بالصفة هنا أيضاً، بين امتناع إدارة باراك أوباما في آخر أيامها عن استخدام الفيتو ضدّ قرار يطالب دولة الاحتلال بوقف الاستيطان؛ أو اعتراف إدارة دونالد ترامب ليس بالاستيطان هنا وهناك في سائر فلسطين فقط، بل باحتلال الجولان السوري أيضاً؛ أو الإعراب عن حرج إدارة جو بايدن إزاء مشاريع الاستيطان الجديدة.
وللمرء أن يعود القهقرى إلى المؤتمر الصهيوني الأوّل في بازل السويسرية صيف 1897، وإلى كتيب «الدولة اليهودية» الذي وقّعه الصحافي النمساوي اليهودي المغمور تيودور هرتزل؛ وإلى طرائق تنفيذ «الحلم» على الأرض كما تولّته التيارات الصهيونية المختلفة، من الجناح «الاشتراكي» عند بن غوريون ثمّ المابام وحزب العمل، إلى الجناح اليميني عند جابوتنسكي وميليشيات الإرهاب والأحزاب الدينية، والجناح الوسط الذي تزعمته مجموعة الجامعة العبرية في القدس ممّن أطلق عليهم بيغن الشاب صفة «المفكرين الخاملين المتثائبين على جبل الأوليمبوس».
وأمّا في الجوهر الأعمق فقد توافق الجميع، علانية أو استبطاناً، على ما بشّر به هرتزل بصدد ثلاثة أنواع من الثروات الروحية التي تحفظ «الحلم»: 1) روحية الاستثمار في الأعمال والتجارة، الأمر الذي سيتيح لليهود (وللمرّة الأولى في الألفية المنطوية بأسرها) فرصة تطبيق مهاراتهم الإبداعية ضمن هذا الميدان الذي عُرفوا به تاريخياً في كل حال؛ و2) روحية التفوّق الثقافي والعلمي، حيث ستعطي الأدمغة اليهودية أفضل ما تحلم به الإنسانية من إنجازات؛ و3) روحية الديانة اليهودية ذاتها، التي سوف تحيل بالضرورة إلى مفهوم الهوية اليهودية ونظيرتها المواطَنة اليهودية.
وفي قفرة حاسمة، مفتاحية تماماً واستبصارية أيضاً، كتب هرتزل: «طيلة السنوات الممضّة من ليلهم التاريخي الطويل، لم يكفّ اليهود عن إدامة هذا الحلم البديع النبيل: السنة القادمة في أورشليم! وليس في وسعنا أن ندرك هوّيتنا التاريخية إلا إذا عملنا بوفاء مطلق لهذا الحلم الذي لازم الأسلاف وينبغي أن يلازمنا». ولم يكن بغير توصية اختراقية، سوف تتردد أصداؤها على مدار تاريخ الكيان وسياسات الاحتلال والاستيطان، أنّ هرتزل حثّ على ضرورة بقاء الحاخامات على مرمي حجر من الساسة… دائماً وأبداً؛ وكتب، بصراحة بليغة: «في الدولة اليهودية القادمة، لا بدّ من بقاء الكنيس ماثلاً أمام البصر. ينبغي أن يظل مرئياً».
والكنيس اليوم ليس ماثلاً ومرئياً وضاغطاً على أعضاء الكنيست اليهود والوزراء في الحكومة ورئيس الحكومة نفسه وقيادات جيش الاحتلال وضباطه، فحسب؛ بل هو موئل الاستيطان ومرجع المستوطنين، المحرّض على مزيد من نهب الأراضي أو تجريفها أو تخريبها، وبالتالي على ممارسة أقصى أنماط العنف ضدّ الفلسطيني أينما كان؛ من جلجيليا في ظاهر رام الله إلى سعوة في قلب النقب، ومن زيتا شمال طولكرم إلى جبل صبيح في نابلس…
“هرتزل .. كتب، بصراحة بليغة: «في الدولة اليهودية القادمة، لا بدّ من بقاء الكنيس ماثلاً أمام البصر. ينبغي أن يظل مرئياً». هؤلاء القوم جاء بهم دين و أبقاهم الدين، و الدين لا يقاومه إلا الدين!
أذكر حادثة، أظنها كانت مفتعلة بخبث، تناقلتها وسائل الاعلام لنتنياهو في مجلس يقول لحاخام الى جانبه :” أعتقد أن علمانيينا ليسوا يهودا بما يكفي”. قالها ثم ادعى أنه لم يكن يعلم ان الميكروفون كان يشتغل. ولا وجه طبعا للمقارنه بين من يعالن بتحيزه لدينه، و بين آخر عاكف على تجفيف منابع التدين!!
الثورة على الاستعمار في الجزائر قامت في أعقاب إصلاح ديني و ليس قبله.
تحياتي أستاذ صبحي
شكرا على المقال. ملاحظة صغيرة، وتصحيحا للخطأ الشائع، عنوان كتاب هرتزل هو “دولة اليهود” وليس الدولة اليهودية.
في عدد واحد (المثقف) السوري/الفرنسي/الأكاديمي في (النقد)، نشر عنوان (المستوطنة الإسرائيلية وكنيس هرتزل)، في (نقد تجربة الكيان الصهيوني)، كدولة/كيان من كيانات سايكس وبيكو، في جانب،
وفي جانب آخر، كيف ترفع الفساد، عن أي صفقة تجارية، في أجواء سوق العولمة؟! هو أول ما خطر لي عند قراءة ما نشره، من له خبرة عملية بعد أن جلس على كرسي له علاقة بالإدارة والحوكمة، للمعارضة في سوريا، الأكاديمي الكوردي/الكُردي (عبدالباسط سيدا)، وسطره في مقال بعنوان (تطلعات الشعوب بين تراجع الديمقراطية وشراسة الاستبداد) ونشرته جريدة القدس العربي، البريطانية، في بداية عام 2022، والأهم هو لماذا، وما دليلي على ذلك؟!
فأي ترجمة، على أرض الواقع، هي طريقة فهم المترجم، للنص بلغة الأصل،
ومن ثم التعبير عنه، بلغة الدولة التي ترجمه إليها، وفق محددات خبرته في الحياة، وهذا ما نبهني عليه أول كتاب لوالدي (بين الإتباع والتقليد) وآخر كتاب له (رسالة الإيمان)، عند الجمع بينهم، مع رسالة الماجستير (تطوير التعليم الصناعي في العراق) ورسالة الدكتوراه (تعليم العرب في اسرائيل)،
لأن النقل الحرفي الببغاوي، ليس ترجمة أو تأويل، وهنا مشكلة خريجي مناهج تعليم مدارس دولة الحداثة، بعد سقوط الدولة العثمانية، في سوء فهمهم، للتجارة أو السوق أو الإنتاج بشكل عام، زاد الطين بلة، إقتصاد كيبوتسات الشيوعية الجنسية، في الكيان الصهيوني،
هل احتكار أي علم في إنتاج أي مُنتَج جائز؟!
هل الربح من إنتاج أي مُنتَج جائز؟!
لماذا المنافسة بلا أي واسطة أو محسوبية أو شفاعة، هي أفضل ضمان ليكون سعر في أي سوق، يتحكم فيه عملية العرض والطلب، وليس يتحكم فيه موضوع الاحتكار؟!
نحن في حاجة إلى دولة من خلال إدارة وحوكمة وتنظيم التعامل بين فلان أو علان داخل أي سوق، بلا واسطة أو محسوبية أو شفاعة، لتحقيق العدالة،
ولسنا في حاجة إلى دولة استعباد فلان وعلان من أجل تحصيل الضرائب والرسوم والجمارك، لدفع الخُمس كمصاريف (آل البيت) لتحقيق مصالح شعب الرّب المُختار من الشفاعة المحسوبية أو الواسطة/الرشوة، أليس كذلك؟!
نحن عرضنا على الدولة في العراق بداية عام 2022، لتحويلها إلى سوق صالح (الحلال)، لتنفيذ مشروع صالح التايواني، لتكوين جيل يستطيع منافسة الروبوت الآلة، في أداء أي وظيفة/مناقصة، لتحقيق إيرادات أفضل للجميع الإنسان والأسرة والشركة المنتجة للمنتجات الإنسانية وبالتالي الدولة،
في البداية بدورة لمدة أسبوع في تايوان، خمس أيام عمل، لكل من له سلطة القرار، بداية من أصغر مدير إلى رئيس الجمهورية، ليستوعب لماذا أتمتة تايوان، أفضل من أتمتة الصين، التي بسببها حصل ما حصل في هونغ كونغ يوم 1/7/2019، لأن الآلة (الروبوت) بلا قلب أو مشاعر إنسانية في إدارة وحوكمة أي شيء، كما حصل في تنفيذ مبادرة الحزام والطرق عند إدارة وحوكمة أي دولة، بداية من عمود الكهرباء، في الوصول إلى طرق الحرير (سوق العولمة بعد 2008) حسب النموذج الصيني.??
??????
2-2 ما يجعل مهمة القزاير وصعبة جدا لكن لابد من الفوز امام كل من كو و غيينا