وصلت حياة بني غانتس السياسية إلى نهايتها الكئيبة. وللحظة يستيقظ الفرح: هناك ثواب وعقاب في السياسة. لقد سرقت أصوات معارضي نتنياهو للانضمام إلى حكومته. وصدقت أساطير عبثية على “التناوب على رئاسة الحكومة”، وقد تم تكريمك بألقاب فارغة من المضمون وبسيارة “أودي”. وكل ما تعرضت له تستحقه، من إقصاء عن عمليات سياسية، وفخ إلغاء ميزانية الدولة من أجل حل “الوحدة” واستخفاف من متحدثي اليمين، والآن الوحدة الفاشلة مع حاييم رامون من أجل إخضاع الجهاز القضائي، والتي أدت إلى تصفية “أزرق أبيض” في التصويت الليلي في الكنيست.
يحظى غانتس بشكل عام بتخفيضات على صورته العامة ليست لسياسيين آخرين. فهم يقولون إنه ساذج ومسكين وجاء من الجيش ولم يفهم السياسة، وأنه ليس نموذج ماكر مثل نتنياهو وما شابه. هذه الادعاءات غير مقنعة. فغانتس أراد أن يكون وزيراً للدفاع، وفي مرحلة معينة كان يأمل أيضاً بتولي رئاسة الحكومة. مع كل الاحترام، تصعب الموافقة على ادعاء الدفاع بأنه “غير كاذب وغير غبي”. غانتس عرف بالضبط أين يدخل ومع من، وسقط بسبب آمال فارغة للتقدم.
كيف يمكنني أن أعرف؟ لأنني عدت إلى خطاب غانتس الأول عند دخوله الحياة السياسية على رأس حركة “المنعة لإسرائيل” في 29 كانون الثاني 2019، أي قبل أقل من سنتين. وهاكم بعض الجواهر لمن نسي: “سأوقف العادة المشينة التي تحولت فيها سياسة الأمن السرية إلى حفل للحصول على أكبر عدد من المشاهدين، وتحولت العمليات الحساسة إلى برنامج واقعي”؛ “الحكومة التي سنشكلها ستكون حكومة دولة رسمية وليس حكومة ملكية، بدون سادة وخدم وهدايا فاحشة ومهرجي بلاط”؛ “بدون تأجيج الكراهية ضد نصف الشعب من اليمين أو نصف الشعب من اليسار”؛ “الحكومة الرسمية التي سنشكلها لن تظهر أي تسامح مع الفساد”؛ “إن التفكير بتولي إسرائيل رئيس حكومة مع لائحة اتهام/ هو تفكير مضحك في نظري”.
أصبح غانتس أضحوكة، ووافق على شرعنة رئيس الحكومة المتهم، وفي نهاية المطاف أخضع الجهاز القضائي لسلطة المتهم. والأجمل من ذلك أن جميع الأمور السيئة التي قام غانتس بتفصيلها في خطابه الأول ذاك تواصل الوجود حتى وهو يتحلى بصفة “رئيس الحكومة البديل”. البديل بني غانتس، نائب السلطان بيبي.
في هذا الوقت، إسرائيل ذاهبة إلى جولة انتخابات جديدة، ويحلق فوقها سؤال هل سيجد نتنياهو نفسه في نفس دائرة الثواب والعقاب في السياسة مثل غانتس، أم أنه كما جميع المرات السابقة منذ 2009، سيهزم خصومه ويسحق كل من يتنافسون على تاجه؟ تدل خطواته الأخيرة على سعيه لرص صفوف اليمين في محاولة لتطويق جدعون ساعر قبل اتساع الشرخ في الليكود، من المقاعد الخلفية إلى مقدمة المنصة. يجري تحدي نتنياهو منذ فترة طويلة بادعاءات اليمين الأيديولوجي بأنه لا يلتزم بـ “إصلاحات قضائية، استهدفت تبرير نظام التفوق اليهودي وضم المناطق. لذلك، طبخ نتنياهو الصفقة مع غانتس ورامون لتغيير طريقة التعيين في الجهاز القضائي، ومن أجل ذلك أرسل ياريف لفين لتهديد المحكمة العليا بألا تتجرأ على مناقشة قانون القومية. وفي الطريق، أمل نتنياهو بإلغاء محاكمته أو إفراغها من مضمونها.
“أزرق أبيض” لم يخلق البديل للحكم، مثلما وعد، ولكن وجوده وإنجازاته المثيرة في الجولات الانتخابية الثلاث الأخيرة منعت نتنياهو من الحصول على الحصانة وضمنت محاكمته. يخرج نتنياهو الآن إلى الحملة الانتخابية الرابعة في الوقت الذي تتوقع فيه الاستطلاعات أغلبية صلبة في الكنيست لأحزاب اليمين، ولكن بدون أغلبية لوقف المحاكمة. والفضل في هذا الإنجاز يعود لغانتس رغم أنه بدد سلوكه الانتحاري أمام نتنياهو.
بقلم: ألوف بن
هآرتس 23/12/2020