المصريون يسندون هدم سد الخراب… ووزير التعليم العنيد يتوعد الغشاشين في الثانوية

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: لا شعور أشد مرارة على المصريين هذه الأيام، أكثر من إحساسهم بالسطو على أهم كنوزهم قاطبة.. أيام ويبدأ الملء الثاني للسد، في ما كتاب معدون سلفاً يشغلون الأغلبية بمعارك أقل ما يقال بشأنها، إنها انطلقت في التوقيت الخطأ، ولعل أحدثها فتاة الفستان في كلية الآداب جامعة طنطا، التي اتخذ منها العديد من الكتاب الفرصة للهروب من استحقاق اللحظة، متمثلاً في النيل الذي أوشك أن يهاجر، وإثيوبيا التي تتلاعب بنا على مدار الساعة. وفي صحف أمس الاثنين 28 يونيو/حزيران، واصل كتاب احتفالهم بمرور سبعة أعوام من حكم الرئيس السيسي، وأعدت الصحف عدتها في هذا السياق، حيث أفرد العديد من الصفحات للإسهاب في سرد الإنجازات التي تحققت خلال تلك الأعوام، وبدوره هنأ الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمناسبة حلول الذكرى الثامنة لثورة الثلاثين من يونيو المجيدة. وعبّر رئيس الوزراء، بالأصالة عن نفسه، وبالإنابة عن أعضاء الحكومة، عن تقديم أسمى آيات التهاني القلبية بهذه المناسبة العظيمة، مقرونة بأطيب التمنيات لرئيس الجمهورية بالتوفيق والسداد دوماً، لما فيه خير مصر وشعبها الأصيل.
واحتلت أخبار الطقس الأولوية بعد أن تجاوزت درجة الحرارة الأربعين مئوية. ومن الأخبار التي لها الصدارة تلك التي لها علاقة بامتحانات الثانوية العامة: قالت وزارة التربية والتعليم الفني، إن الوزارة وضعت عدة وسائل وآليات لإحكام السيطرة علي لجان امتحانات الثانوية العامة، ومنع الغش الطلابي، حيث أن أولى تلك الآليات لجوء الوزارة للاستعانة بالشاشات الذكية في الفصول لمراقبة لجان امتحانات الثانوية العامة. ومن أخبار السكة الحديد ما قاله وزير النقل كامل الوزير، الذي يتعرض للانتقاد الدائم، “الراكب أمانة عندي.. و480 مليون جنيه كانت بتضيع سنويا من جراء هروب الركاب من دفع تذكرة القطار”، في ما كشف محمد أنور عصمت، ابن شقيق الرئيس الراحل محمد أنور السادات، تفاصيل الحالة الصحية للسيدة جيهان السادات أرملة الرئيس الراحل. وأكد أنها أصيبت بالمرض الخبيث، وقضت فترة للعلاج خارج مصر، وعندما تحسنت حالتها عادت إلى مصر، وكانت تتلقى العلاج في مصر، لافتا: “خلال الأسابيع الماضية زاد المرض عليها، فتقرر نقلها إلى أحد المراكز الطبية المتخصصة في القاهرة. وأكد أن حالتها حرجة وما زالت في الرعاية المركزة”.
قدسية الماء

من المفارقات التي رصدها محمد عبدالمنعم الشاذلي في “الشروق”، أن العرب وأغلبهم من المسلمين يقرأون في القرآن قوله تعالى «وجعلنا من الماء كل شيء حي» ما يجعل للماء قدسية قبل القيمة الخاصة، وأن بلادهم تعد من أكثر المناطق فقرا في الماء. ومن ثم كانت المنطقة العربية تستورد أكثر من 75% من غذائها، ولا تخفي الولايات المتحدة أنها استخدمت القمح كورقة ضغط على مصر في فترة عبدالناصر، كما تعرض العراق لواحدة من أكثر الاتفاقات المهينة، وهي اتفاقية النفط مقابل الغذاء؛ وأوضح الكاتب أنه قد آن الأوان لنطرح سؤالا مشروعا: هل هي محض مصادفة أن تكون أكثر الدول العربية المتعرضة للقلاقل، وعدم الاستقرار هي الدول التي تمتلك مصادر ثرية للمياه، التي يمكنها أن تكون منتجة للغذاء الوفير؟ السودان والعراق وسوريا واليمن السعيد، الذي كنا نتغنى بخصوبته، وحتى الصومال التي نسينا أنها دولة عربية. ومن الأمور المأساوية أن العرب لم يعدوا أنفسهم لمواجهة طمع جيرانهم في مياههم، رغم أنهم أعلنوا منذ البداية عن أطماعهم ولم يخفوها، فبعد صدور وعد بلفور أرسل حاييم وايزمان رئيس المنظمة الصهيونية العالمية رسالة إلى رئيس وزراء بريطانيا في 29 ديسمبر/كانون الأول 1919 يطلب فيها ضم وادي الليطاني وجبل الشيخ، وهي المناطق الغنية بمصادر المياه، إلى فلسطين. وألحقت الدوائر الصهيونية بعد 22 سنة على هذه الرسالة برسالة ثانية أرسلها بن غوريون سنة 1941 إلى وزارة الخارجية البريطانية يطلب فيها ضم وادي الليطاني وجبل الشيخ إلى حدود فلسطين.

نسرق علناً

أكد محمد عبدالمنعم الشاذلي، أن إسرائيل عمدت إلى تغيير الأمر الواقع عمليا، فأقامت محطات ضخ لسحب مياه نهري الليطاني وحاصباني التي تصب في نهر الأردن افتئاتا على الحق العربي، وعندما أبدى العرب اعتراضا، قال رئيس الأركان الإسرائيلي، إن بلده سينفذ مشروعه بالقوة. ومن المفارقات أن الولايات المتحدة وقفت ساكنة إزاء الانتهاكات الإسرائيلية، رغم تعارضها مع مشروع جونستون نسبة إلى السفير جوزيف جونستون، الذي كلفه الرئيس ايزنهاور في عام 1953 بدراسة توزيع المياه في المنطقة، لتكفي التنمية لصالح اللاجئات واللاجئين الفلسطينيين. واستكملت إسرائيل مخططاتها المائية بالقوة، باحتلال مرتفعات الجولان عام 1967 وسيطرتها على بحيرة طبرية، واستمرت إسرائيل في عملياتها ضد لبنان مثل عملية الليطاني عام 1978، ثم اجتياحها لبنان بالكامل وسيطرتها على بيروت عام 1982 واحتلالها جنوب لبنان لفترة طويلة، نفذت فيها عمليات هندسية لخدمة أطماعها المائية، وبشكل أكبر حققت عمليا إرهاب لبنان عن اتخاذ أي إجراء يعوق أطماع إسرائيل في المياه. ولم تكن مياه لبنان وسوريا والأردن وحدها مطمعا للجيران، فقد استغلت تركيا العداوة الشديدة بين النظامين في سوريا والعراق، لسرقة مياه نهر الفرات، ومن المفارقات أن النظامين ينتميان لحزب البعث، وشعاره أمة عربية واحدة، فأنشأت تركيا سد اليسو لتخزين 44 مليار متر مكعب من المياه، وهي ماضية في إقامة 22 سدا أكبرها سد أتاتورك، الذي يعد رابع أكبر سد في العالم، الذي يخزن 70 مليار متر مكعب من الماء، وبذلك تكون تركيا قد سيطرت على 90% من مياه الفرات. ولا يمكن أن نطوي هذه الصفحة بدون أن نذكر مشروع قناة جونجولي، الذي كان سيوفر 9 مليارات متر مكعب من المياه لمصر والسودان، وهاجمته قوات الحركة الشعبية لجنوب السودان عام 1984.

متين أم فالصو؟

فى حوار أجراه مع قناة «روسيا اليوم» حاول الجنرال بوتا باتشاتا ديبيلي، مدير إدارة الهندسة في وزارة الدفاع الإثيوبية، أن يرسم «صورة أسطورية» لسد النهضة، حين أشار إلى أنه يستعصي على التدمير، وأنه متين بصورة تحول دون النَيل منه. وبدوره ذكرنا الدكتور محمود خليل في “الوطن” بتكتيك إسرائيلي قديم اعتمدت عليه الدولة العبرية قبل عدة عقود، ووظفته في بناء أسطورة حول خط بارليف الحصين، وردد مسؤولوها أنه يحتاج إلى أسلحة من نوع خاص، حتى يمكن تدميره، وكان الهدف من ذلك إثناء المصريين عن عزمهم على تحرير سيناء التي احتلتها إسرائيل عشية 5 يونيو/حزيران 1967. إسرائيل حاولت أن تضع نفسها في خانة الدولة التي لا تقهر، بما تملكه من أدوات، وما وفرته من موانع تحول بين المصريين وتحرير أرضهم، وهي الأسطورة التي تهافتت وترنحت منذ اللحظة الأولى التي قرر فيها الجيش المصري عبور القناة، ومواجهة خط بارليف بصورة مباشرة. لا يوجد شيء صنعه البشر يمكن أن يستعصى على غيرهم من البشر، وأي سد أو خط أو حائط، مهما علا وتمترس، لا بد أن هناك أدوات تستطيع تفكيكه وتحويله إلى كوم تراب. ولو أننا استرجعنا تفاصيل مواجهة المصريين لخط بارليف خلال حرب أكتوبر/تشرين الأول المجيدة، فسنجد أن تدميره تم بفكرة عبقرية ابتكرها اللواء الراحل باقي زكى يوسف، رحمه الله، وكان وقتها ضابط احتياط، حين اقترح استخدام ضغط مياه القناة لإحداث ثغرات في الساتر الترابي، وهي الفكرة التي تم تنفيذها وحققت نجاحاً باهراً في تحطيم الأسطورة ظهر يوم 6 أكتوبر 1973.
أساطير مكررة

شدد الدكتور محمود خليل على أن الترويج للأساطير إحدى أدوات الحرب النفسية في أي صراع بين الدول. خلال الحرب العالمية الثانية راجت أسطورة تقول إن هتلر يمتلك سلاحاً فتاكاً سوف يحسم به المعركة لصالحه، كان المصريون المتحمسون للألمان حينها يرددون أن هتلر سوف يفتح «المخزن رقم 13» ويستخرج منه سلاحاً يحطم به أعداءه، وكانت النتيجة أن حطمت الولايات المتحدة الأمريكية حلمه وحلم حلفائه، حين استخدمت القنبلة النووية لأول مرة في مأساة هيروشيما ونجازاكي. إسرائيل حاولت أن تؤدي بالطريقة نفسها، بعد أن قامت دولتها على الأراضي المحتلة بعد هزيمة 1948، واشتطت في تطبيق هذا التكتيك بعد هزيمة العرب في 1967، حتى عادت الأمور إلى نصابها بعد 1973. التفكير في إثيوبيا يتماهى إلى حد كبير مع تكتيكات التفكير الصهيوني، لذا يحاول أن يلعب اللعبة نفسها، ويظن أن بمقدوره أن يروج بأنه صنع مشروعاً يستعصي على المواجهة، وكأن إثيوبيا أصبحت دولة عظمى. الهدف الأساسي من الترويج للأسطورة في حالة الصراع هو الرغبة في فرض الأمر الواقع، وذلك ما تسعى إليه إثيوبيا بالضبط، كما سعت إليه إسرائيل من قبل. الجنرال الإثيوبي أراد أن يقول إن أديس أبابا نجحت في فرض السد كأمر واقع على كل من مصر والسودان، وإن مرور بلاده بالملء الثاني سوف يحول دون إيذاء السد، لكنه لا يدري أن المصريين إذا عطشوا فسيكسرون حوض النيل كله وليس السد فقط.

حرب ممتدة

يبدو أن إثيوبيا والكلام لمحمود الحضري في “البوابة” تصر على مغالطاتها وعجرفتها في التعامل مع أزمة سد النهضة، وتصر على تصدير معلومات فيها الكثير من المغالطة والنظر للقضية بعين المستفز، بل تفريغ أي بادرة أمل، في تقريب وجهات النظر، من مضمونها. ولا يمر أسبوع إلا وتفجر أديس أبابا تصريحات تزيد من الأزمة سخونة، في تأكيد على أنها ترغب في التصعيد يوما بعد يوم، واستفزاز الأطراف الأخرى (مصر والسودان) لنقطة معينة، والدفع نحو إشعال المنطقة في أزمة صراع طويل المدى. المتتبع لملف سد النهضة منذ بدايته، يدرك بالفعل أن أديس أبابا، ودبلوماسية وسياسة أبي أحمد لا يمكن أن يخرج في تفسير ما يستهدفونه ليس التوصل إلى حل سلمي، واتفاق يرضي كل الأطراف، ويحقق العدالة والمصالح للجميع، بل تسعى بكل قوة إلى دفع المنطقة إلى أتون حرب ممتدة، بدون أن تدرك خطورة هذا، ليس على إثيوبيا، بل على كل المنطقة في أثرها. وادعت أديس أبابا، أن “الإجراءات الأخيرة لمصر والسودان هي ببساطة استمرار لمخطط منظم جيدا لتقويض العملية التي يقودها الاتحاد الافريقي، وإعلان عدم فعاليتها في نهاية المطاف”، ولم تكتف إثيوبيا بذلك، ففي الوقت الذي سعت فيه لإفشال كل جولات التفاوض، ذكرت رسالتها زورا “إن طلب مصر والسودان لدور لمجلس الأمن يؤدي إلى تآكل الثقة بين الدول الثلاث”! ولم تتوقف أديس أبابا عن استفزازاتها في قضية حياة أو موت لمصر والسودان، لتقول في رسالتها نصا، إن “البلدين حاولا خنق العملية التي يقودها الاتحاد الافريقي، من خلال إدخال قضايا غير ذات صلة في المناقشات، وإضفاء الطابع الأمني غير الضروري وتدويل الأمر، وجر الجامعة العربية إلى الموقف لزيادة تعقيد القضية”. وسعت إلى خلق أزمة افريقية مع رئيس الكونغو فليكس تشيسكيدي والرئيس الحالي للاتحاد الافريقي بالمغالطة في نشر معلومات غير دقيقة، مدعية “أن مصر والسودان تعملان على تقوض كل الجهود.

الأزمة السودانية

نتوجه نحو الخرطوم بصحبة عمرو الشوبكي في “المصري اليوم”، حذر رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، من التشظِّى داخل مؤسسات البلاد العسكرية، وأعلن عن مبادرة وطنية للخروج من الأزمة السياسية، التي وصفها بأنها تضع البلاد على مفترق طرق يستهدف وجودها، بحيث تكون أو لا تكون، وأن ما تعانيه البلاد من أزمات يُعد من مظاهرها الأزمة السياسية، لأن الأزمة أعمق من ذلك بكثير. ونبّه حمدوك إلى خطورة الانقسامات داخل الكتلة الانتقالية، وعدم وجود مركز موحد لاتخاذ القرار، وغياب الأولويات المشتركة للانتقال الديمقراطي، وأن نزع فتيل الأزمة لن يتم إلا عبر تسوية سياسية شاملة، تشمل توحيد الجبهتين المدنية والعسكرية، وإيجاد رؤية مشتركة بينهما، لإنجاح الفترة الانتقالية وبناء الدولة المدنية الديمقراطية، التي تنهض على قاعدة المواطنة المتساوية. وتقدم بمقترحات لخصها في قيام جيش وطني، عبر إصلاحات هيكلية. وانتقل إلى بيت القصيد في مبادرته، حين تعرض للانقسام الحادث داخل المؤسسة العسكرية، وتحديدا بين قوات الجيش والدعم السريع، وقال: «إن قوات الدعم السريع أسهمت بدور إيجابي في التغيير»، مبينا أن عملية دمجها في القوات المسلحة تتطلب توافقا بين قيادتها وقيادات الجيش، وأن جهاز المخابرات، يجب إنفاذ ما ورد بشأنه في الوثيقة الدستورية، باضطلاع الجهاز التنفيذي بدور في إدارته، وتطوير صيغة مجلس الأمن والدفاع لمجلس الأمن الوطني.
المشكلة من هنا

الحقيقة التي خلص إليها عمرو الشوبكي، أن أزمة السودان منذ اليوم الأول تتمثل في أن حكومته ورثت مؤسسات دولة ضعيفة، تمت أخونة الكثير منها وإضعاف البعض الآخر، ورغم أن الجيش السوداني طاله جانب من هذه السياسة على يد النظام السابق، فإنه نجح في الحفاظ على تماسكه، رغم التحديات الكبيرة التي واجهها والخلافات التي جرت بين بعض قادته، ووجود قوة موازية للجيش، هي الدعم السريع، حتى لو اعتُبرت جزءا من المؤسسة العسكرية. قضية توحيد المؤسسة العسكرية قضية صعبة، ولكنها ليست مستحيلة، وسيبقى السؤال: هل تستطيع حكومة انتقالية ومسار انتقالي يواجه صعوبات سياسية واجتماعية وأمنية عديدة أن يقوما بهذه المهمة؟ لا أعتقد. إن تعدد مراكز القوى وانقسامها داخل السلطة الانتقالية، في بلد يعاني انقساما سياسيا وجهويا، وانفصل جنوبه عنه، وتطالب أقاليم أخرى بالانفصال، ويعاني أيضا وجود ميليشيات مسلحة، كما يواجه اتفاق السلام الذي وُقِّع في جوبا العام الماضي، مع عدد من الفصائل المسلحة تحديات كثيرة. مبادرة رئيس الوزراء السوداني مهمة، ويجب التعاطي معها بإيجابية، لكن وضع الظهير السياسي المدني الداعم لحمدوك، يعاني بدوره انقساما، ويجعل الأدوات – التي يمتلكها للضغط على المؤسسة العسكرية لكي تتوحد وتحل إشكالية الدعم السريع – محدودة. المطلوب هو إنهاء المرحلة الانتقالية بأسرع وقت ممكن، وعدم الانتظار ثلاث سنوات أخرى، والتوافق على ملامح النظام السياسي «ما بعد الانتقالي»، القادر على اتخاذ إصلاحات جراحية في كل المجالات.

فستان جميل

اهتم علاء عريبي في “الوفد” بواقعة فتاة الفستان: حسنا فعل رئيس جامعة طنطا بإحالته واقعة الطالبة حبيبة طارق إلى النائب العام، الواقعة وصلتنا من طرف واحد، وهو الفتاة المجنى عليها، والتنمر لا يعد توصيفا حقيقيا للواقعة، بل هو تسطيحٌ وقفزٌ فوق حقائق مفزعة، والتوصيف الحقيقي حسب رواية الفتاة هو التشدد والتطرف الفكري والديني. التنمر يقع يوميا بضحكة بنكتة بجملة بتصرف أحمق بنظرة، وقد يمرره المتنمر عليه، وقد يقف ويتصدى لمن يتنمر به، والتنمر حالة فردية يمكن السيطرة والحد منها، لكن التشدد والتطرف الفكري من الصعب مواجهته سوى بالقانون، لأن التطرف يكتسب بالتربية والتعود وبالشحن اليومي، وأغلب المتطرفين فكريا، وربما معظمهم ينتمون إلى جماعة، أو حزب، والمتطرف يؤمن بما يعتقده وبما يفعله، وبما يملى عليه، ورواية الفتاة إن كانت صحيحة، فهي تنذر وتنبه إلى مخاطر حقيقية داخل الجامعات، يجب أن نلتفت إليها ونراقبها ونحاربها. لكل إنسان حرية اعتقاد ما يحلو له من أفكار، لكنه ليس حرا في تحويل ما يعتقده إلى فعل إذا كانت هذه الأفكار تخالف فكر الجماعة أو تتجاوز السائد أو تخرق القانون، له أن يكفّر المجتمع، أن يرى معظمه في ضلال وانحلال، لكن ليس من حقه أن يحاول، مجرد المحاولة، إصلاح الجماعة أو تغيير سلوكها أو دعوتها إلى تبني اعتقاده. ما جرى مع الفتاة هو محاولة تخويف وردع، سواء من المراقب الرجل أو المراقبتين السيدتين، المراقب استوقفها وسألها عن ديانتها، وهذا ليس من مهام وظيفته، وما قامت به السيدتان هو عملية تخويف للفتاة وفرض سطوة وسيطرة فكرية عليها.

حرث في النهر

ابتكرت فاطمة ناعوت في “المصري اليوم” معركة لا وجود لها سوى في عقلها والتيار الذي تمثله: دعونى أقدّم لكم «حبيبة طارق رمضان»: صبيّةٌ جميلة مثقفة عمرها 21 عاما، طالبة في كلية الآداب جامعة طنطا، قسم اللغات الشرقية. إلى جانب الدراسة، تعمل متطوعةً في استعلامات مكتبة الإسكندرية. اشتهرت على مواقع التواصل الاجتماعي باسم «فتاة الفستان»، إذْ ذهبت لتؤدي امتحاناتها بفستان بسيط «ميدي» (طولُه عند منتصف الساق) وأكمامه طويلة، فتنمّر عليها بعضُ المراقبين وكأنها جاءت شيئا إدّا! الأمرُ الآن قيدَ التحقيق الذي سوف يأتى للفتاة بحقّها، لكننا هنا نناقشُ حقَّ المجتمع الذي يُجرّمُ دستورُه جرائمَ التنمّر والتمييز الطائفي. وفق ما ذكرت حبيبة: خرجتْ من اللجنة بعد أداء امتحانها، لتتسلّم بطاقتها الشخصية من المراقب، فنظر إلى فستانها وسأل: (إنتِ مسلمة ولّا مسيحية؟)، ويعدُّ هذا السؤالُ جريمةً عنصرية يعاقبُ عليها القانون في كثير من الدول، وبإذن الله سوف يُجرَّم في مصرَ، لأنه سؤالُ فرز طائفي. ونذكرُ أن مهاتير محمد، رئيس وزراء ماليزيا، صكّ قانونا يقضي بالسجن المشدّد لأي مواطن يسأل آخرَ عن عقيدته. ونُفِّذَ القانون بحسم، وخلال سنوات قفزت بلادُه من خطّ الفقر لتغدو واحدا من النمور الآسيوية القوية. الطائفيةُ تهدمُ الأوطان، والسلامُ المجتمعى يبنيها. ووفق تصريحات الطالبة، استوقفتها معلمةٌ في ممر الكلية، وسألتها ساخرةً: (إنتِ نسيتي تلبسي البنطلون تحت الفستان؟)، وتلك جريمةُ تنمّر وتحرّش لفظى صريحة، تضعُ المعلمةَ تحت طائلة القانون. ثم قالت معلّمةٌ أخرى للطالبة: (كنتِ محجبة ودلوقتي بقيتِ مش محترمة وقليلة أدب؟)، وتلك جريمة سبّ وقذف وخوض في الشرف، ليس في حق الطالبة حبيبة رمضان وحسب، بل في حق كل مسلمة غير محجبة. نشرت الطالبةُ حبيبة على صفحتها صورةً لها بفستانها البسيط، وقصّت ما جرى لها، فتحرّك الرأي العام يناصرُ الصبيةَ، وتلك ظاهرة طيبة، تؤكد سلامة معدن شعبنا العظيم. وبدأ المسؤولون في الجامعة التحرك للتحقيق في الواقعة.

من غير داع

شارك الدكتور اسامة الغزالي حرب في معركة الفستان في “الأهرام”: لا أميل أبدا إلى التقليل من أهمية ودلالة واقعة التنمر أو التعامل غير اللائق الذي تعرضت له الطالبة في الفرقة الثانية في كلية آداب جامعة طنطا حبيبة طارق، في أثناء حضورها امتحانات نهاية العام، التي عرضها الإعلامي المتميز عمرو أديب في برنامجه “الحكاية” مساء يوم الجمعة الماضي. إنها بكل صراحة تشير إلى سرطان كامن اليوم في المجتمع المصري، تمكن من قطاعات واسعة من المصريين، ينبغي التصدي له بكل وعي وحزم. ولا أبالغ هنا في وصف ما يحدث بالسرطان، لأنه مرض خبيث يهاجم الجسم وينهش في خلاياه، ويتمكن منه، بدون أن يشعر الإنسان به، قبل أن يتم الكشف عنه… وهذا هو ما ترمز إليه واقعة حبيبة! إنه أولا سرطان يهدد الحريات الشخصية التي كفلها الدستور المصري، التي تقع من بينها حرية المواطن في اختيار ملبسه، وبدا هذا التهديد واضحا من شكل الفستان العادي والبسيط الذي كانت حبيبة ترتديه، والذي لا يختلف إطلاقا عما كانت ترتديه أمهاتنا وجداتنا. ثانيا، إنه يهدد بخبث وإصرار جوهر الهوية، المصرية، التي لم تعرف أبدا، التفرقة بين مسيحييها ومسلميها، ورفعت مبكرا الشعار الخالد الدين لله، والوطن للجميع متزامنة مع استقلالنا.. ولكننا شهدنا ـ للأسف – فتاة تُسأل أنت مسلمة ولا مسيحية، بناء على ملبسها، ونحن في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين! إنهم يريدون بلدا ينقسم على نفسه بين مسلمين ومسيحيين (أو أقباط) وتميزهم في الشوارع والمدارس والنوادي. غير أننا لمسنا من رواية حبيبة تقسيما آخر لمصر، تقسيما بين أقاليم مصر، بين الإسكندرية وبلاد الفلاحين، مع وصم أبناء الإسكندرية بابتعادهم عن تقاليد الأرياف. واقعة حبيبة تدق لنا عشرات الأجراس عن مخاطر كامنة وقوى متربصة.. إنني من هنا أشكر حبيبة على شجاعتها، وأشكر والدها على تضامنه الرائع مع ابنته، وأشكر السيد الدكتور عميد الكلية على اهتمامه بالموضوع، وأتمنى أن نعرف نتائج التحقيق فيه.

أخطر من الرصاص

أشار الدكتور وجدي زين الدين في “الوفد” أن حروب الجيل الرابع، هي أشد فتكاً من الحروب التقليدية، لأنها تعتمد بالدرجة الأولى على الفتن ونشر الأكاذيب. والمعروف أيضاً أن الإعلام هو أول من يدخل هذه المعركة، وآخر من يغادرها، بعدما يكون قد تحقق الهدف منه. وكلية الحرب التابعة للجيش الأمريكي كانت تعلن بكل صراحة وبجاحة عن حروب الجيل الرابع، وهي غزو الدول عن بُعد، عن طريق وسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، ويكون لهذا الإعلام دور محوري في التأثير في شعوب الدولة المراد غزوها بنشر الأكاذيب والفتن، وإحداث الوقيعة بين جميع طوائف هذا الشعب المراد غزو بلاده. الأمر بالتالي ليس مواجهة عسكرية بالمعنى المفهوم التقليدي، الذي يعتمد على تحطيم قدرة عسكرية، ولكن يعتمد بالدرجة الأولى على إنهاك هذه الأمة في الدولة المستهدفة، وغالباً ما يكون ذلك في شيء من البطء الشديد، والاستعانة بالعملاء الخونة من هذه الأمة، كما حاولت أن يكون ذلك من خلال جماعة الإخوان الإرهابية في مصر، وعدد من الدول المتآمرة، بالإضافة إلى المنظمات الإرهابية الأخرى، التي غالباً ما تتمتع بصبغة دينية ليكون تأثيرها قوياً في شعوب الدولة المراد استهدافها. الولايات المتحدة في حربها في الشرق الأوسط الذي تريده هي، استخدمت محاور كثيرة في حروب الجيل الرابع، لكن هناك قاسماً مشتركاً بين كل هذه المحاور، وهو الوصول إلى الفوضى العارمة، ولذلك لم تتورع أمريكا خجلاً عندما كانت تتحدث عن الفوضى الخلاقة من وجهة نظرها! وكانت كونداليزا رايس تعلن أن التيار الديني هو الوحيد القادر على تحقيق أهداف الولايات المتحدة، من خلال مشاركته في الحياة السياسية، ووصوله إلى الحكم بهدف تمكنها من إحداث الفوضى المطلوبة، وتحقيق كل المآرب الأمريكية والغربية، في مخططات التقسيم التي تريدها، ومن نعم الله علينا في مصر أن فيها جيشاً وطنياً يدرك كل هذه الحروب من الجيل الرابع ويتصدى لها بحكمة بالغة.

وزير المتاعب

رغم تمسك وزير التربية والتعليم طارق شوقي لفترة طويلة بإجراء امتحانات الثانوية العامة هذا العام بالنظام الرقمي، ورفضه العودة إلى النظام الورقي، إلا أنه، كما أوضح محمد سعد عبد الحفيظ في “الشروق”، تراجع وعاد ليدافع بحماس عن نظام جديد يمزج بين الإلكتروني والورقي. تراجع الوزير عن موقفه السابق، جاء عقب اجتماعه بالرئيس عبدالفتاح السيسي مطلع الشهر الجاري بحضور رئيس الوزراء ووزير الاتصالات، الذي انتهى بالإعلان عن توجيه الرئيس بـ«إتاحة النظام الورقي إلى جانب الإلكتروني كبديلين متاحين معا أمام الطلاب». توجيه الرئيس لم يأتِ من فراغ، فمن المؤكد أنه أُطلع على تقارير من أجهزة وجهات مختلفة، تُفيد بأننا لسنا جاهزين تقنيا بعد لإجراء الاختبارات بالنظام الإلكتروني، خاصة أن الامتحانات التجريبية التي أُجريت، كشفت العديد من المشاكل الفنية، أبرزها سقوط السيرفيرات، وعدم تحمل الشبكات دخول أعداد كبيرة من الطلاب عليها في الوقت نفسه. الأسبوع الماضي تلقى وزير التعليم استغاثات من بعض أولياء الأمور، تفيد بأن «بعض طلاب الثانوية الغشاشين نجحوا في تهكير، أو اختراق عوامل الأمان الخاصة بأجهزة التابلت، ما سيمكنهم من فتح وسائل التواصل الاجتماعي والغش أثناء سير الامتحانات»، وقال أحد أولياء الأمور: «كده الطلاب بتوع السايبر هما اللي هيدخلوا طب وهندسة». الوزير مشكورا رد على هذه الاستغاثات قائلا: «نعلم هذا ولكن نطمئن الجميع بأن لدينا جيشا من المهندسين، ومعنا أجهزة الدولة كلها للتصدي لأي محاولة غش». النسخة الأخيرة من الامتحانات التجريبية للثانوية العامة كشفت عدم قدرة الوزارة ولا جيشها في اكتشاف «الغشاشين»، فبحسب ما نُشر على جروبات الثانوية العامة، فقد تمكن طلاب من اختراق النظام الرقمي و«تهكير» الجهاز اللوحي.

المقابل باهظ

وأكد محمد سعد عبد الحفيظ، على أن وزير التعليم قال إن وزارته لم تعمل على منع الغش أثناء الامتحانات التجريبية، بدعوى أن «تكلفة منع الغش عالية جدا»، وأضاف: «الوزارة قررت أن توفر تكلفة منع الغش للامتحان الرسمي النهائي». وشدد الكاتب على أن الوزير الذي يصر على نقل التجربة الرقمية إلى نظامنا التعليمي الذي يعاني من فقر في البنية التحتية التقنية حتى الآن، قرر توفير نفقات كشف الغش، ولم يكلف نفسه باختبار «جيش التصدي للغشاشين» خلال البروفات التجريبية، وانتظر حتى يختبر ونختبر معه قدرات وزارته وجيشه خلال الامتحان النهائي، حينها ستكون الطامة قد حلت، بعد أن يتمكن محترفو الغش من عبور اختبار أو اثنين، وهو ما يخل بمبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب، فيتساوى الطالب النابه المجتهد، بالفهلوي الغشاش، والسبب عدم وجود خطط واضحة للوزارة لعلاج قضية حساسة تشغل بال نحو 650 ألف أسرة مصرية. من الحكمة أن تعيد الدولة النظر في قرار إجراء الامتحانات بنظام المزج «تابلت + بابل شيت»، كما سبق لها، وأعادت النظر في إجرائها بالنظام الرقمي فقط، هل يعلم الوزير أن أي مقارنة في القدرات التقنية بين فريق «الغشاشين» الذين يعتمدون على جيش من «الهاكرز»، وجيش المدرسين المنوط بهم المراقبة في لجان الثانوية العامة، يصب في صالح الفريق الأول الذي هدده الوزير بـ«الحبس والغرامة» في حال إثبات التلاعب، كما صرح منذ أيام. ندعو السيد الوزير والدولة كلها إلى الاستماع إلى صوت العقل، قبل أن تقع الفأس في الرأس، كما يقول المثل الشعبي.

صندوق أسود

توفيت الإعلامية والمنتجة اعتماد خورشيد، بعد معاناة لشهور طويلة مع المرض، وكان نجلها إيهاب خورشيد قد طالب بعلاجها على نفقة الدولة. وأكد إيهاب خورشيد لـ«الوطن»، «قبل وفاة والدتي بأيام، قدم رجل الأعمال السعودي السيد رامز الرشيد، إقامة مجانية للسيدة اعتماد خورشيد في أحد الفنادق مع إشراف طبي خاص، وذلك تكريما لها وللدور الذي قامت به لدعم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر». وأضاف خورشيد: «أن الراحلة اعتماد خورشيد تدهورت حالتها خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، ووضعت تحت ملاحظة طبية دقيقة، وأن الأسرة فوجئت بخبر الوفاة منذ ساعة»، متابعا: «ربنا يرحمها كلنا اتفاجأنا بالخبر.. أدعوا لها بالرحمة». وتوفيت اعتماد خورشيد بعد معاناة مع المرض، وأكد إيهاب لـ «الوطن»، أن سبب الوفاة فشل في وظائف الرئة، حيث إنها عانت من صعوبة في التنفس، وتم وضعها على أجهزة التنفس الصناعي. وقد سبق أن أعلن إيهاب خورشيد، ابن المنتجة اعتماد خورشيد، تفاصيل الحالة الصحية لها في وقت سابق لوفاتها قائلاً «بالفعل أجرينا أشعة مقطعية على الصدر، لكن الحمد لله ظهرت الأشعة سليمة، أي أنها غير مصابة بفيروس كورونا، لكنها تعاني منذ فترة من ضيق تنفس، ولهذا السبب نحن نمتلك جهاز تنفس في المنزل، لكن منذ عدة أيام أخذت حالتها تسوء بسبب تجمع مياه على الرئة». وتابع إيهاب خورشيد، أنه عندما وجد حالتها تسوء وجهاز التنفس لا يحسن حالتها، اضطر إلى نقلها إلى المستشفى لمتابعة حالتها الصحية. يذكر أنه كانت قد ترددت أخبار مؤخرا عن أن الفنانة التونسية درة ستجسد دور المنتجة اعتماد خورشيد في عمل فني قريبا. وكانت المنتجة اعتماد خورشيد، قد ظهرت مؤخرا بعد غياب دام لسنوات، من خلال صورة نشرت لها مع نجلها إيهاب خورشيد. تعتبر اعتماد خورشيد واحدة من أشهر المنتجين والإعلاميين.. تزوجت من أحمد خورشيد. واعتقد البعض أن اعتماد خورشيد هي والدة عمر خورشيد، عازف الغيتار الراحل، لكن تبين أنها كانت زوجة والده. وهي من مواليد 15 يناير/كانون الثاني عام 1939، ووصفت بـ«الصندوق الأسود».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية