المطالبة بتقييم سياسة الدولة تجاه المرافق العامة وعدم الاكتفاء بإلقاء اللوم على كبش فداء فيتفرق دم الشهداء

حسنين كروم
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: لا تزال الصحف المصرية تحذر المواطنين من خطورة ما تبثه بعض القنوات الفضائية، من تركيا بتوجيه من الإخوان المسلمين، ومن الشائعات التي تنشرها وسائل التواصل الاجتماعي، ما يؤكد أزمة الإعلام المصري وابتعاد الناس عنه. والحقيقة أن الإعلام الموالي للنظام تجاوز كثيرا في الصراخ والعويل والتحذير، بصورة أصبحت تسيء للنظام وتظهره بالمهزوز أمام حملات السوشيال ميديا.

إشاعات تهز عرش الإعلام المصري وقصة الوزير الوهمي تكشف عدم مصداقية غالبية الصحف والمواقع الإخبارية

وقد ركزت الصحف المصرية الصادرة أمس الثلاثاء 5 مارس/آذار على الاجتماع الذي عقده الرئيس السيسي بحضور رئيس الوزراء ووزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، ومحافظ دمياط ووزير التنمية المحلية، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية، ورئيس جهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة، لمناقشة ما تم تنفيذه في أكبر مدينة للأثاث في دمياط على مستوى إفريقيا والشرق الأوسط، والاهتمام بالجودة واجتذاب الاستثمارات الأجنبية.
كما تابع الرئيس مدى تنفيذ الوزراء برامج الحماية المجتمعية للفئات الضعيفة وذوي القدرات الخاصة، وبرامج العلاج من أمراض السكري والكبد والكلى والقلب على نفقة الدولة لغير القادرين. أما وزارة الداخلية فتواصل استعداداتها لتأمين مباريات كأس الأمم الإفريقية في شهر يونيو/حزيران المقبل. كما أن رئيس الحكومة الدكتور مصطفى مدبولي مهتم بقضيتين، الأولى متابعة استكمال الإنشاءات في ملاعب القاهرة والإسكندرية وبورسعيد والإسماعلية، التي ستقام عليها المباريات. والثانية توفير السلع الغذائية في شهر رمضان، وإقامة وزرة التموين شوادر في المناطق الشعبية، وكذلك القوات المسلحة ووزارة الداخلية بواسطة شركة أمان لبيع السلع بأسعار أقل من التجار. وإلى ما عندنا..

خفافيش الظلام

ونبدأ بأبرز ردود الأفعال على فضيحة السويشيال ميديا التي قال عنها عبد المحسن سلامة رئيس مجلس إدارة «الاهرام»: «كان من الطبيعي أن تقوم وزارة الداخلية بتحديث إمكاناتها لمجابهة التطورات السريعة والمتلاحقة في عالم النت، من أجل حماية المواطنين من خفافيش الظلام، ومروجي الشائعات والأكاذيب، فهناك جهود جبارة تبذلها الوزارة في هذا الإطار بدعم كامل من اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، وفريق عمل مقاتل برئاسة اللواء مدحت حسين مدير إدارة البحث الجنائى، والعقيد أسامة محمود رئيس مباحث الإنترنت، وكتيبة عمل رائعة تعمل ليل نهار لمتابعة هؤلاء الخفافيش واصطيادهم بشكل قانوني، ومن خلال آليات قانونية منضبطة وسريعة. هم يتعاملون مع آلاف الشكاوى، بعضها جاد، والبعض الآخر كيدي وغير حقيقي، ومع ذلك فهم يتعاملون بكل جدية وانضباط مع كل الشكاوى التي تصل إليهم، وفي معظم الأحوال ينجحون في التوصل إلى فك كل الطلاسم والألغاز، وتقديم الجاني إلى العدالة لينال ما يستحقه من العقاب، ويكون عبرة للآخرين، ممن يقتلهم الفراغ، وتنتابهم الأوهام، ويعيشون في عالمهم الافتراضي المظلم».

لا صحة للأخبار

وفي «الجمهورية» قال السيد البابلي تحت عنوان «الإشاعة التي هزت عرش الإعلام الجديد»:
«ما حدث على مواقع التواصل الاجتماعي «السوشيال ميديا» أول أمس يستحق التحليل والمتابعة والتعليق، والحكاية بدأت مع خبر نشره أحد رواد هذه المواقع واسمه «خالد عنخ آمون» يتحدث فيه عن ترشيح محمد وجيه وزيراً للنقل، وفور نشر هذا الخبر فإن العديد من المواقع الإلكترونية الأخري نقلته حرفياً وقالت، محمد وجيه هو الأقرب لوزارة النقل، ولم تكن المواقع الإخبارية وحدها هي التي نشرت الخبر، وإنما سارعت وسائل إعلامية تلفزيونية إلى نشر الخبر على أنه حقيقة مؤكدة، ولم يفكر كل الذين تناقلوا هذا الخبر في أن يتأكدوا من صحته، أو أن يقوموا بالاتصال بوزارة النقل للحصول على معلومات عن المرشح المحتمل. كما لم يفكر واحد منهم في أن يوجه لنفسه سؤالاً وهو من هو «محمد وجيه» وبعد أن أصبح الخبر في كل مكان وعلى كل لسان فإن «خالد» الذي نشر واختلق الخبر خرج على الجميع ليعلن أن محمد وجيه الذي رشحه وزيراً للنقل هو والده الذي توفي قبل 11 عاماً. وما حدث هو نوع من الفضيحة، وهو تأكيد لما قلناه مراراً وتكراراً من أن مواقع التواصل الاجتماعي تحولت إلى وسيلة لنقل وترديد الأخبار الكاذبة والشائعات، وأنها بهذا الشكل تمثل خطراً وتهديداً للمجتمع وبابا لاختراق أمنه وسلامته، وهي على أي حال تجربة مفيدة أيضا أظهرت قابليتنا لتصديق أي خبر أو معلومة، بدون أن نكلف أنفسنا عناء البحث والتحري والتدقيق. وإشاعة وزير النقل تكشف لنا أيضا عن نوعية من الإعلاميين الجدد الذين لا يتركون مكاتبهم والذين يعملون في غرف مغلقة وليس لهم من شاغل إلا تجميع ما يكتب من هنا وهناك، لكتابة أخبار وتعليقات في نوع لم يكن مألوفاً أو معهوداً في عالم الصحافة والخبر، فلم يكن ممكناً في ما مضي أن يتم نشر أي خبر في أي صحيفة بدون أن يكون لدى المحرر المسؤول ما يثبت صحة كل كلمة في هذا الخبر، وبدون أن يكون هناك أساس ومصدر للخبر. أما الآن فإن الكثير من الصحف وخاصة الإلكترونية والمواقع الإخبارية ينشر ما يأتيه من أخبار وحوادث، بدون تحقق من صحتها ويبرر ذلك بالسبق الصحافي والحرص على تقديم الأخبار أولاً بأول ثم يدفع بأن من حقك الرد وإيضاح الخبر الصحيح وحين يكون هناك رد أو تصحيح للخبر الكاذب فإنه لا ينشر في المكان نفسه ولا في المساحة نفسها وقد ينشر مبتوراً».

انعكاس الواقع

وفي «اليوم السابع» قال رئيس تحريرها التنفيذي أكرم القصاص: «ربما تكون ظاهرة الشائعات قد تضاعفت مع السوشيال ميديا، لكنها كانت دائمًا موجودة في الصحافة ومن يريد يمكنه مراجعة الصحف في الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين، ليرى كيف كانت التعديلات الوزارية ترافقها على مدى أيام عمليات نشر وتوقعات، لا تخلو من اختراعات وشائعات، بل كان هناك مشتاقون يرشحون أنفسهم ويتصلون بالصحف لطرح أسمائهم، وبالتالي فإن مواقع التواصل ضاعفت من حجم الشائعات ولم تخترعها. قصة الوزير الوهمي جددت جدلًا سفسطائيًا بين من يهاجمون مواقع التواصل، باعتبارها شرًا ومن يدافعون عنها باعتبارها خيرا، والواقع أن أدوات التواصل هي وسائل لها ميزاتها وعيوبها، وهي واقع لا يمكن إلغاؤه أو إغلاقه، والدليل أن قصة الوزير الوهمي فجّرها مستخدم تويتري، على مواقع التواصل، ومثلما كشف خالد وجيه عن صناعة الشائعات، وعيوب مواقع التواصل، فقد كان أحد الذين عانوا من الشائعات، ولهذا استخدم أدوات التواصل نفسها في الكشف على طريقة «وداوني بالتي كانت سوشيال ميديا»، ونفّذ ذلك بوعي، ثم إن أدوات التواصل هي في النهاية انعكاس للواقع، تضم طيبين وأشرارًا، صادقين وكاذبين، عقلاء ومرضى نفسيين، أبرياء ونصابين وخبراء ومدعين، هناك من ينشر الكتب والأفلام والموسيقى والقصص الإنسانية والأدعية والنصائح، ومن ينشر الكلام الفارغ والإباحي. وفي النهاية فإن الوعي هو الأمر الفاصل في الموضوع، ولهذا يفترض أن يتعامل الجميع بتواضع ويحاولون استيعاب الدرس بدون ادعاء أو تعال».

الأخبار المفبركة

أما عماد الدين حسين في «الشروق» فقال: «محمد وجيه عبدالعزيز مواطن مصري توفي من 11 سنة. ابنه خالد كتب على تويتر، مساء يوم السبت الماضي الآتى: تم تعيين محمد وجيه عبدالعزيز وزيرًا للنقل. وقام الابن بتأليف «سي في» للأب أو الوزير الجديد، باعتباره ملك الأنفاق وخبير هندسة القطارات في أوروبا، خصوصا فرنسا والسويد، هو كتب هذه التويتة، وتركها لمدة ساعة فقط، ثم قام بحذفها. لكن المفاجأة المحزنة أن أكثر من سبعة من المواقع الإخبارية الكبيرة القومية والحزبية والمستقلة قامت بإعادة نشر التويتة، باعتبارها حقيقة مؤكدة، بدون أن تتأكد من دقتها. وللأسف كان من بين هذه المواقع بوابة «الشروق». هذه التجربة الغريبة ليست جديدة، لكن للأسف فإن كثيرين يقعون ضحيتها في الفترة الأخيرة. وأذكر أن موقعا فرنسيا ساخرا كتب خبرا أغرب من الخيال عن الجزائر قبل سنوات، وتعامل معه كثيرون باعتباره حقيقة، وقاموا بنشره. هناك مواقع كثيرة ساخرة تنشر أخبارا غير صحيحة جملة وتفصيلا، لكن البعض لا يدقق فيها ويتعامل معها باعتبارها أخبارا صحيحة. للأسف الشديد «قصة وزير النقل المزيف» تكشف إلى حد كبير هشاشة عنصر المصداقية في غالبية وسائل الإعلام، ليس فقط في مصر، ولكن في أماكن كثيرة في العالم. لا أدافع عن الخطأ، فهو كارثي، واعتذرنا عنه بشجاعة للقراء على بوابة «الشروق»، وأكرر الاعتذار اليوم، لكنني أحاول اليوم مناقشة الأمر، من منظور أوسع، حتى لا يتكرر أو على الأقل نحد من انتشار هذه النوعية من الأخبار. «الشروق» وغيرها من المواقع والمؤسسات الكبرى أجرت العديد من الدورات التدريبية للزملاء خصوصا الجدد، بالاتفاق مع مؤسسات مصرية وعربية مرموقة. العنصر الأساسي الذي نركز عليه هو التأكد والتحقق من المصداقية، والزميل الذي نشر الخبر يدافع عن نفسه بأنه تواصل مع بعض المسؤولين في وزارة النقل ولم ينفوا الخبر بوضوح. وبالطبع حتى ذلك لا يبرر الوقوع في الخطأ. مرة أخرى، القصة أكبر من خبر خاطئ أو كوميدي بهذا الشكل. للأسف الشديد مصداقية غالبية وسائل الإعلام خصوصا الإلكترونية صارت على المحك. وإذا كان العديد من المتعلمين والمثقفين يقعون ضحية أخبار مضروبة، فمن الطبيعي أن نعذر كثيرا البسطاء الذين يصدِّقون «الأخبار المضروبة والمفبركة»، لكن كيف نعذر صحفًا ومواقع كبرى إذا وقعت في الخطأ نفسه؟ هذا الخبر المضروب ناقوس خطر للجميع بضرورة إعادة النظر في العديد من الأمور والعودة إلى تطبيق القواعد المهنية التقليدية والأساسية. لأن الخطورة الحقيقية إذا انتشرت مثل هذه الأخبار هو تقديم معلومات مضروبة للرأي العام ما يؤثر على مستوى الوعي بين الناس، علما أن هذا الوعي يمثل مشكلة حقيقية، لأسباب يطول شرحها».

نداوي أمراضنا بأيدينا

وننتقل إلى «الأهرام» ومقال وفاء محمود التي تعجبت من مهاجمة الأوربيين لإعدام الإرهابيين عندنا، بينما هم يرفضون استقبال مواطنيهم الارهابيين بعد القضاء على «داعش» في العراق وسوريا وقالت: «نحن ندافع عن حرية الإنسان الحقيقية في أن يعبد الإنسان الله كما يشاء، ونداوي أمراضنا بأيدينا، في حين يخجلون هم من مواجهتها ويخشون من عودة أسرى «داعش» من النساء والأطفال إلى بلادهم الأوروبية، خوفا من أيديولوجيتهم المغرورة التي لم يتنازلوا عنها، رغم هزيمتهم على أرض الواقع، فيخشى الأوروبيون من بضع مئات يحملون الحقيقة المطلقة ويسقطون عنهم الجنسية، ويشاغبون معنا عندما نداوي أمراضنا بالقوانين والأحكام القضائية لرؤوس الفساد في الأرض، في مغالطات فجة عن حقوق الإنسان، بينما نحن لا نتبع إلا سنة الغرب في الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي، والوئام الأهلي بمحاربة مروجي الكراهية والأحقاد الدينية والاجتماعية، التي سنت عندهم في قوانين حازمة لمعاقبة كل أشكال التحريض والكراهية ومعاداة السامية، أعتقد أن الغرض من هذه الاتهامات التي تتناثر في المؤتمرات الصحافية وبعض الصحف الغربية، ومنها ما هو مدفوع الأجر، ما هو إلا رغبة في الاستعلاء والغرور الفكري في غير موضعه، ولن ينال ذلك من عزيمتنا في محاربة الإرهاب وفضح مموليه ومستثمريه السياسيين على أرضنا الصلبة، في معرفة طريق التقدم والنهوض بشعوبنا وإنقاذهم من شغب المتلاعبين بالدين، فهي الأرض التي جمعت قادة أوروبا جمعاء في القمة العربية الأوروبية لبحث الاستقرار في هذه المنطقة، خوفا من أزمة اللاجئين التي تهدد بتفكيك الاتحاد الأوروبي حيث لا ينفع الشغب».

نافورة تبكي حالها

«لابد أن سوء حظ نافورة النيل جعلها تقع في منتصف النهر الخالد بالضبط، فالذين يمرون على الشاطئ أمام بيت السادات في اتجاه الجيزة، سوف يلمحونها هناك في منتصف النهر على يسارهم، والذين يمرون في اتجاه قصر العيني أمام فندق شبرد، المغلق منذ سنوات طويلة بدون أسباب مفهومة، سوف تقع أعينهم عليها في مكانها على يمينهم.. وفي الحالتين كما يقول سليمان جودة في «المصري اليوم»، سوف يلاحظ الفريقان أنها تبكي حالها، وأنها في انتظار أن ينتبه إليها مسؤول مختص، فيحولها من كومة من الحجارة في قلب النيل إلى نافورة حية ترسل الماء في السماء. أما سوء حظها فسببه أنها في المنتصف بين الشاطئين، فلا هي أقرب إلى الشاطئ الشرقي، فنسأل عنها اللواء خالد عبدالعال، محافظ القاهرة، على اعتبار أن كل ما هو شرق النيل، يقع في نطاق محافظ العاصمة، ولا هي أقرب إلى الشاطئ الغربي، فنسأل عنها اللواء أحمد راشد، محافظ الجيزة، على أساس أن كل ما هو غرب النيل يقع في نطاق المحافظة التي يجلس الرجل على رأسها، وإذا كان هذا هو حالها، فأخشى أن تكون دماؤها قد تفرقت بين المسؤولين، وألقى كل واحد مسؤوليتها على الآخر، فبقيت هي كما نراها ونتابعها، كلما مررنا عليها.. دائرة كبيرة جافة لا ماء فيها، رغم أن الماء يطوقها من كل ناحية ويكاد يغرقها. إننى لا أتحدث عن قضية صغيرة، أو هامشية، أو عابرة، لأن علينا أن نتطلع إلى المسألة بعين السائح الذي سوف تجذبه نافورة كهذه من بلده، فيأتي راغباً في الاستمتاع بمنظرها، أو حتى نتطلع إليها بعين المواطن الذي من حقه أن يجد متعته في النظر إلى نيل بلاده. أقول ذلك وفي ذهني نافورة مدينة جنيف الشهيرة في سويسرا، فليس سائحاً مَنْ زار المدينة ثم لم يذهب إلى بحيرتها الأشهر، بنافورتها التي ترتفع إلى أكثر من مئة متر، وتستحوذ على إعجاب كل عين، وتجذب إلى البلاد هناك من السياح الكثير والكثير. وفي كل مرة يعود فيها زائر من سويسرا، ومن جنيف بالذات، يظل أول سؤال يتلقاه هو عما إذا كان قد رأى النافورة والتقط الصور عندها؟ والقصة على بعضها لا تكلف الحكومة السويسرية شيئاً، سوى ما يتكلفه ضخ ماء من البحيرة في الفضاء عالياً، ليعود في لحظات إلى البحيرة نفسها كما كان. وإذا كانت مسؤولية نافورة النيل تائهة بين المحافظتين، فليس أقل من أن تتدخل الدكتورة رانيا المشاط في الموضوع، لأنه سوف يدعم مهمتها كوزيرة مسؤولة عن ملف السياحة في البلد، وسوف يعيد إلى نهرنا الخالد بعضاً من اعتباره الذي لا ندركه».

المهنة الإنسانية

أما صلاح الغزالي حرب في «المصري اليوم» فيوجه تحذيرا إلى: «كل من ابتلاه ربه بمحنة المرض؛ فمن المهم أن يدرك المريض جيدًا أن ذهابه إلى الطبيب ليس بهدفِ الحصول على وصفة الدواء وحسب، بل قبل ذلك، والأهم من ذلك معرفة حقيقة المرض وأسبابه وعواقبه، وكذا تفاصيل العلاج ومحاذيره وغيرها من المعلومات الأساسية قبل وصف أي علاج.. وإذا لم تُتح له هذه المعلومات، فمن حقه أن يتركه ويذهب إلى طبيب آخر.. ومن واقع خبرتي الطويلة في هذا المجال، أود الإشارة إلى ظاهرتين خطيرتين: الأولى علاج الأعضاء، والمقصود هنا هو التركيز على علاج عضو واحد يتخصص فيه الطبيب المعالج، بغير النظر إلى بقية الأعضاء؛ فالجسد الإنساني يتكون من مجموعة من الأعضاء التي – وإن ابتعدت مكانيًا فإنها ترتبط جميعها بشبكة اتصال إلهية معجزة، تتكون من الجهاز العصبى الذي يرسل إشاراته عبر الأعصاب إلى كل الأعضاء، ومعه جهاز الغدد الصماء الذي يرسل إشاراته عبر الهرمونات التي يفرزها لتصل عبر الشرايين إلى كل أعضاء الجسم، ومن هنا تأتي أهمية الربط بين العضو المصاب وكل الأعضاء الأخرى، ما يتطلب فحصا إكلينيكيا لكل الأعضاء مع الأخذ في الاعتبار عند التشخيص ووصف العلاج مدى تأثر الأعضاء الأخرى بهذا الداء، وهذا الدواء. وجدير بالذكر أن هناك أمراضًا تصيب الكثير من الأعضاء بدرجات مختلفة، أشهرها مرض السكري الذي يمتد تأثيره ليشمل كل أعضاء الجسم، وكذا أمراض الجهاز المناعي، مثل الروماتويد والذئبة الحمراء وغيرهما، بالإضافة إلى أمراض الدم والأورام الخبيثة وغيرها. الظاهرة الثانية علاج الأعراض: من حق المريض أن يسأل طبيبه عند وصف الدواء، وهل هو للشفاء؟ أم أنه فقط لتخفيف الأعراض؛ فالفارق كبير ومن واجب الطبيب أن يشرح للمريض خطته في العلاج بكل وضوح، فهناك حالات مرضيىة تتطلب سرعة تخفيف الأعراض، مثل حالات المغص الكلوي ونوبات الحساسية الجلدية أو الصدرية أو النزيف وغيرها، ما يتطلب سرعة التدخل لتخفيف العرض أولًا ثم يتبع ذلك بالضرورة البحث عن الأسباب وتوضيحها للمريض وكتابة العلاج النهائي. وتبقى ملاحظة مهمة، وهي أن بعض الأمراض تحتاج إلى تدخل أكثر من طبيب في تخصصات مختلفة، وفي هذه الحالة من المهم أن يلتقي الفريق المعالج للنقاش والاتفاق على خطة علاج تتجنب بقدر الإمكان الإضرار بأيٍ من الأعضاء، وبكل أسف وصراحة فإننا نفتقد إلى حد كبير هذا النوع من العمل كفريق طبي لأسباب كثيرة لا مجال للحديث عنها الآن. خلاصة الأمر: إن مهنة الطب مهنة إنسانية، سامية، تتطلب من الطبيب قدرًا كافيًا من العلم الحديث والمهارة الإكلينيكية والخبرة المتراكمة، وقبل ذلك وبعده: الأمانة، والصدق، والرحمة، والإنسانية».

جرار الموت

«بعد ما يقرب من أسبوع على انفجار جرار محطة مصر، فإن حالة من الإحباط والغضب لا تزال سائدة بين الناس، رغم استقالة الوزير، ورغم صرف التعويضات لأهالي الضحايا، ورغم القبض على سائق الجرار وعاملي التحويلة في المحطة وتوجيه الاتهام إليهم. وفي تقدير زياد بهاء الدين في «الشروق»، أن وراء هذه الحالة إدراك متزايد لدى الناس بأن الاكتفاء بإلقاء اللوم على السائق والعاملين، كما جرى في الماضي ليس كافيا، بل يلزم تقييم سياسة الدولة تجاه المرافق العامة، وبالذات القديم منها، وتوفير الموارد الكافية لإصلاحها إصلاحا جذريا، قبل أن تؤدي إلى مزيد من الكوارث. الذي نشرته وسائل الإعلام عن الحادث لا يخرج عن أن يكون سردا للملابسات النهائية التي أدت لانفجار جرار الموت واشتعال الحريق على رصيف المحطة: سير الجرار في مسار خاطئ، ونزول السائق للشجار مع زميله بدون وقف الجرار، وامتلاء خزانه بالسولار، واندفاعه بأضعاف سرعته المعتادة، وكل هذا سيجري الفصل في صحته وتحديد المسؤولية عنه من جانب القضاء وحده. ولكن هذه كما ذكرت هي الملابسات التي أحاطت بالحادث، وجعلت ضحاياه يبلغون هذا العدد المروع. أما الأسباب فهي كل ما يجعل من الممكن أصلا لحادث من هذا النوع أن يقع في غياب آليات وضوابط ونظم تحكم وتمنع وقوع مثل هذه الكوارث، وتوقف تنفيذ الأخطاء البشرية، حتى لو كان هناك إهمال جسيم أو خطأ فادح أو تعمد وإجرام. فالغرض من نظم الوقاية والسلامة ليس وضع تعليمات وضوابط وافتراض حسن النية والانضباط من الجميع، بل افتراض الأسوأ والعمل على تجنب الكوارث والحوادث عند ارتكاب أخطاء فادحة أو إهمال جسيم. وهذا لا ينطبق على السكك الحديد فقط، بل على كل نظم الإدارة والسلامة في المنشآت الصناعية، وفي المؤسسات المالية وأي موقع عمل، حيث يجب أن تكون مصممة لمواجهة الإهمال والتقاعس، بل التواطؤ وليس للتعامل مع الظروف العادية. ولهذا فإن الخطأ الأصلي في محطة مصر هو أن يكون انفجار جرار ووفاة وإصابة العشرات ممكنا لمجرد أن سائقا كان متهورا، أو واقعا تحت تأثير مخدر، أو حتى متعمدا لارتكاب الجريمة. هذا المستوى من التحديث والتطوير الذي يرفع كفاءة وسلامة المرافق العامة، وعلى رأسها السكك الحديدية، غير قابل للتحقيق من خلال مجرد إصلاحات مؤقتة وحلول مسكنة، بل يلزم له تغيير جذري في أولويات الإنفاق العام وغعادة توجيه موارد الدولة واستثماراتها نحو الاهتمام بصيانة وتجديد المدن القديمة ومرافقها وخدماتها التي تعاني من التردي والانهيار، على نحو يهدد حياة الناس أو يحرمهم من التمتع بالحد الأدنى من الخدمات العامة. وهذا يستدعى بدوره إعادة تقييم سياسة الدولة في بناء وتنفيذ مشروعات قومية كبرى بعيدا عن احتياجات الناس اليومية. في مقدور البرلمان أن يكتفي بطلب محاسبة السائق، وفي مقدور الإعلام أن يركز على تعاطيه المخدرات، وفي مقدور الحكومة أن تكتفي بإصلاحات عابرة هنا وهناك، ولكن ما لم يجرِ تغيير سياسة الإنفاق العام على المرافق والخدمات المملوكة للدولة، وما لم يتبن المجتمع مفهوما جديدا للسلامة والأمن والوقاية، فلن يتراجع خطر مثل هذه الحوادث مستقبلا. أسفت لاستقالة الوزير هشام عرفات من منصبه الوزاري بعد ساعات من وقوع الحادث، رغم اختلافي مع قراره العام الماضي برفع أسعار تذاكر المترو، لاعتقادي أنه كان من أفضل وأكفأ أعضاء الوزارة، ومن أكثرهم تحقيقا للنتائج في مجاله، ومن أقلهم حرصا على الظهور الإعلامي الذي صار عنوان النجاح في العمل الحكومي. ومع ذلك فإن كانت استقالته ستساهم في ترسيخ مبدأ مسؤولية الوزير عن كل ما يجري في وزارته والهيئات التابعة لها، ولو كان غير متصل بها مباشرة، فقد قدّم خدمة للوطن عن طريق ترسيخ مبدأ المساءلة السياسية، وأرجو ألا تكون آخر خدماته ومساهماته العامة.
مع خالص التعازى لأهالي الضحايا والتمنيات بالشفاء العاجل للمصابين».

تقوم الدنيا وتقعد ولا شيء يتغير

ونبقى في الموضوع نفسه ولكن ننتقل إلى «الأخبار» لنقرأ مقال حازم الحديدي الذي يقول فيه:
«بعد حادث محطة مصر قامت الدنيا ولم تقعد، لكنها ستقعد بعد قليل ولا كأن حاجة حصلت، تماما كما سبق لها أن قامت وقعدت ولم يتغير شيء سوى الأسباب والأسماء وأعداد الضحايا الذين تقتلهم القطارات دهسا أو حرقا، وفي كل مرة نتهم الإهمال ولا نعالجه ولا نسعى بجدية لحساب أو توعية هؤلاء القتلة، الذين يعلقون جرائمهم على شماعة الصيانة، ويتعللون بأنهم قالوا ومحدش سمع، وحذروا ومحدش انتبه، ويتقاذفون التهم في ما بينهم فيتفرق دم الشهداء على كتائب المقصرين الغافلين، الذين لا يعنيهم سوى قبض المرتب بدون مبالاة بالأرواح التي يقبضونها مع المرتب، وفي بلد تقوم ثم تقعد على مفيش، لا تستبعد أبدا أن تلدغ من الجحر مرتين وتلاتة وأربعة وعشرة».

خطوات للمواجهة

ونبقى في «الأخبار» مع مقال رئيس تحريرها الأسبق جلال دويدار وقوله: «تملكتني الدهشة بعد قرار النيابة بحبس ستة من العاملين في مرفق السكة الحديد لاتهامهـــــم في تحقيقــــات حادث محطة مصر، كنت اتوقع أن تتجاوز الأعداد هؤلاء الستة نتيجة لهول الحادث والخسائر، ومساحة السلبية والمواقف والقرارات الخاطئة. هذا الأمر وتجنباً لتكراره يحتم سرعة التحرك لمواجهة الأسباب وراء هذه السلوكيات الوظيفـية.
على ضوء فداحة مأساة حادث محطة مصر فإنه حان الوقت للإقدام على خطوة جادة وجريئة للمواجهة تقضي بإعادة النظر في التشريعات واللوائح لتضمينها البتر التام لكل من يجرم في حق المسؤولية التي يتولاها في هذه الدولة. هذا الإجراء لابد أن يكون باتاً وحاسماً، بالنسبة لتلك العناصر التي تكون مسؤولة عن أرواح المواطنين.
أغرب ما سمعنا ارتباطا بهذه القضية أن المهندس أشرف رسلان رئيس هيئة السكة الحديد، كان قد أصدر قراراً بعدم السماح لمثل هذه العناصر المنحرفة بقيادة جرارات القطارات، في أعقاب ذلك تضمن القرار تحويلهم للعمل في وظائف إدارية. في أعقاب صدور هذا القرار قام عدد من سائقي القطارات المناهضين للانضباط والسلوك السليم، بالتظاهر في محطة مصر، حيث مارسوا الضغط والإرهاب، وكان من نتيجة ذلك خضوع قيادات في وزارة النقل وتدخلها لإلغاء هذا القرار الإصلاحي. لا جدال أن هذا التراجع كان واحداً من الأسباب الرئيسية في استمرار وتعاظم الإهمال والتسيب اللذين أديا إلى حادث محطة مصر».

كاريكاتير

الغريب أنه وقع حادث قطار آخر في محطة أبو قير في الإسكندرية لم ينجم عنه ضحايا أو خسائر لخروجه عن القضبان، ولأول مرة أخبرنا الرسام في «المصري اليوم» عمرو سليم بأنه يوجد في مصر منصب مدير عام الكوارث في مصر المحروسة لانه ذهب إلى مقابلته فوجده يتحدث في الهاتف ويقول: لأ حضرتك اليومين دول شغالين حوادث قطارات بس الحرايق الأسبوع الجاي.

جامعة المنصورة

وإلى محافظة الدقهلية وعاصمتها المنصورة واحتفال جامعتها بمرور مئة عام على إنشاء المدينة التي قال عنها في «الأهرام» إبراهيم العشماوي: «تزامن عيد الدقهلية القومي هذا العام مع حدث فريد ومهم، يذكر بانتصارات المصريين على كل الغزاة ودحر حملات الاستعمار والأطماع الغربية، وهو الاحتفال بمرور 800 سنة على تأسيس مدينة المنصورة، التي عرفت في سنواتها الأولى بـ«جزيرة الورد». الفعاليات التي تضمنها مهرجان جامعة المنصورة على مدى أسبوع جسدت وعي المصريين بوهج الأحداث الكبرى في تاريخهم. أعجبني اهتمام الجامعة بتسيير قوافل طبية وصحية إلى بعض المناطق التي وقعت فيها المواجهات مع القوات الصليبية، مثل جديلة. كما سعدت بالتفاعل الكبير من عمداء وأعضاء هيئة التدريس وطلاب 18 كلية في جامعة المنصورة الذين انخرطوا في الأنشطة المختلفة، فضلا عن تفاعل محافظة الدقهلية والمديريات المعنية بالثقافة والشباب والرياضة والأندية الرياضية. المنصورة التي تأسست لمواجهة الحملة الخامسة للفرنجة بعد سقوط دمياط وولدت في أحضان المقاومة المصرية أصبحت حاليا منارة طبية وعلمية وثقافية كبيرة، تقدم لمصر نماذج شاهقة تستلهم منها الأجيال معانى العزة والكرامة وتمدنا بطاقة إيجابية لا تنتهي من الحب والإيثار والتلاحم في مواجهة الصعاب».

جامعة زويل

وإلى جامعة الدكتور أحمد زويل التي يرأس مجلس أمنائها العالم المصري الأمريكي الدكتور مصطفى السيد، الذي توصل إلى استخدام ذرات الذهب للقضاء على السرطان نهائيا ونشرت له «الوطن» حديثا أجراه معه حسين عوض الله وقال فيه: «أتمنى أن أحقق هدف وحلم الراحل أحمد زويل. لقد تحدثنا كثيراً قبل وفاته عن آماله للمدينة واتساعها لمزيد من الطلاب، وتعميم تجربتها بالمنشآت التعليمية، ولو تم استكمال المدينة ستكون أفضل شيء أنجزته مصر على مدار الأربعين عاماً السابقة. والطلاب في المدينة من أفضل الطلاب حول العالم، وعلينا أن نفخر بهم، والأساتذة من أفضل ما يمكن، ولابد من استكمال هذا المشروع العظيم ونجذب العقول الرائعة له لصنع الأبحاث الجديدة، والدفعة التي تخرج معظمها سيسهمون في بناء الدولة. هناك تبرعات كثيرة تصلنا وبالتأكيد المدينة تحتاج لمزيد من الدعم، حتى نسير على خطة زيادة عدد طلاب الجامعة واستيعاب أكبر عدد ممكن. والمدينة تتلقى حالياً الدعم مباشرة بتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسي، خاصة أنه يولي البحث العلمي عناية واهتماماً كبيرين.
قريباً سيطبق العلاج على البشر في مصر وبدأت التجارب السريرية في الولايات المتحدة الأمريكية بالطريقة نفسها، وحالياً يوجد 25 شخصاً نجحت عليهم التجارب وصحتهم جيدة وتخلصوا من السرطان بشكل نهائي، وهناك محاولات كبيرة لكي يطبق وسيتم تقديم آخر نتائج التجارب على الكلاب والقطط لوزارة الصحة للتدقيق في صحتها، وإبداء رأيها، ولا بد أن تقتنع وزارة الصحة بكل الأبحاث حتى يتم التطبيق لأنه مرهون بإقرار وزارة الصحة. هل العلاج بالذهب مكلف؟ غير مكلف لأنه نانو قطعة صغيرة جداً من الذهب أقل بكثير من الجرام فلن تكون مثل تكاليف جرعة من الكيميائي الباهظة والمجهدة للجسم، وأقصى تقدير بالتكلفة نفسها ولن يزيد أبداً».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية