المطلوب: سياسة متسقة

حجم الخط
0

يجب على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع وجود مستوى التأييد العام الذي يحظى به أن يرسم الآن سياسة استراتيجية حكومية واضحة ولا سيما فيما يتعلق بالمستوطنات. فقد امتنع الى الآن لأنه يرأس ائتلافا حكوميا مؤلفا من مجموعات متناقضة ولا سيما الفصائل المختلفة في الليكود عن محاولة التوصل الى هذا الانجاز.
والى ذلك يواجه نتنياهو ضغوطا لا تنقطع من الامريكيين والاوروبيين. وتهدده أكثر من مرة وسائل الاعلام المعادية وتخيفه بصورة مفرطة، استطلاعات متقلبة للرأي. إن التأليف بين هذه العوامل جعله ينحرف في احيان متقاربة عن مساره وأفضى ذلك الى شلل وسياسة متعوجة تسهم في جهود أعدائنا وتُبلبل اصدقاءنا. وإن موضوع البناء في المستوطنات الذي يوجد فيه اختلاف عميق وشرعي في داخل اسرائيل، هو المجال الأكثر اشكالية.
‘ يُطمئن نتنياهو الجهات من اليمين بأنه سيستمر في الموافقة على البناء في المستوطنات. لكن البناء في المستوطنات مجمد في واقع الامر في الفترة الاخيرة ردا على الضغط الامريكي. ويُقاد العالم كله الى وهم يرى أن المستوطنات هي العقبة الرئيسة التي تقوم في وجه السلام. إن سياستنا المتناقضة تُمكن أعداءنا من عدم التفريق بين البناء في الكتل الاستيطانية المركزية وفي شرقي القدس التي ستكون دائما جزءا من اسرائيل وبين البؤر الاستيطانية المتفرقة والمستوطنات الموجودة في المناطق المأهولة بالعرب في الأكثر. هذا الى أنها تعرض اسرائيل على أنها غير قادرة على تأدية عملها وأنها مُخادعة.
يستغل أعداؤنا البلبلة لاقناع جزء كبير من العالم بالتنديد بكل بناء وراء الخط الاخضر بأنه غير قانوني حتى حينما يكون الحديث عن الضواحي اليهودية لشرقي القدس. وهم يستخدمون ذلك ويستعملونه بعد ذلك معيارا لتحديد حدودنا المستقبلية بأنها تلك المحدودة بالخط الاخضر مع زيادة تعديلات ضئيلة دونما نظر الى الحدود القابلة للدفاع عنها. يجب على نتنياهو أن يستغل الفرصة وأن يطور استراتيجية بعيدة المدى بالتعاون مع قادة ائتلافه الحكومي. وعليهم أن يلتزموا بزيادة البناء في تلك المناطق وراء الخط الاخضر التي ستبقى بلا شك مع اسرائيل. ومع ذلك ينبغي الحفاظ في مستوطنات متفرقة موجودة في المناطق المأهولة بأكثرية عربية، على الوضع الراهن في كل ما يتعلق بالتوسيع.
يجب حتى على اولئك الذين يؤيدون بصورة ظاهرة كل جوانب مشروع الاستيطان وحق اليهود الشرعي في العيش في كل أجزاء ارض اسرائيل، يجب أن يعترفوا بأنه حان الوقت لقرارات صعبة لأجل حماية مصالح الأمة الامنية. فالاصرار على توجهات الحد الأقصى في وضع كهذا قد يهدد الأمن الجوهري وأمورا حيوية اخرى يُستعمل في اطارها علينا ضغط للقيام بتنازلات اخرى. والحديث بصورة مميزة عن جهود لتُفرض علينا خطوط وقف اطلاق النار في 1949 مع تغييرات في الحد الأدنى وتقسيم القدس مع ذلك.
من المؤسف جدا أن الامريكيين ما زالوا يعتمدون على الفرض الخاطئ الذي يرى أنه يوجد شريك فلسطيني في السلام. وهم يضغطون علينا للقيام بتنازلات غير واقعية اخرى تضعضع أمننا. اذا فشلت المحادثات فسنصبح خاسرين في لعبة تبادل الاتهامات، وقد نواجه آثارا مُدمرة.
‘ ينبغي ألا نستهين بقوة أعدائنا، فقد بلغت حركة القطيعة والعقوبات تقدما كبيرا في اوروبا وهي تتقدم مسافة بين الليبراليين وفي الاكاديميا في الولايات المتحدة. وأعداؤنا مصممون على استنساخ القطيعة التي استُعملت على نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا لجعل اسرائيل تركع.
‘ لا يوجد منافس سياسي حقيقي لنتنياهو ولذلك فهو في موقع استعمال ضغط على شركائه في الائتلاف الحكومي وعلى الصقور الذين يسيطرون على الليكود العمل معا لأجل المصلحة القومية، لأجل صوغ جوامع مشتركة لاحراز سياسة استراتيجية شاملة تُمكننا من مواجهة الضغوط الدولية.
‘ اذا لم يكن أصحاب الايديولوجيا المتطرفون من اليمين أو من اليسار مستعدين للتوصل الى اجماع على هذه الشؤون فيجب على نتنياهو أن يزن حل الحكومة وانشاء ائتلاف حكومي جديد بدلا منها. وسيحظى بالتأييد الحماسي للكثرة الغالبة من الاسرائيليين.

اسرائيل اليوم – 22/12/2013

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية