تونس- “القدس العربي”: تعرّضت الاستشارة الإلكترونية التي أعلن عنها الرئيس قيس سعيد، أمس الإثنين، لانتقادات واسعة في تونس، وخاصة بعد نشر محتواها على مواقع التواصل.
وتشمل الاستشارة ستة محاور هي الشأن السياسي والانتخابي والشأن الاقتصادي والمالي والشأن الاجتماعي والتنمية والانتقال الرقمي والصحة وجودة الحياة والشأن التعليمي والثقافي.
وعلق المحلل السياسي عبد اللطيف دربالة بالقول “هذا الاستفتاء الإلكتروني يزعم الرئيس سعيد أنّه سيكون أساس تغييره للدستور والنظام السياسي والقانون الانتخابي بالبلاد، بإرادته المنفردة، وعلى أساس أنّ “الشعب يريد”، وأنّ تلك نتائج الاستفتاء الإلكتروني الشعبي، الذي لا تنظّمه أصلا أيّ هيئة مستقلّة، وإنّما تديره أجهزة الدولة الواقعة مباشرة تحت سيطرة وهيمنة وتوجيه رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد الذي احتكر جميع السلطات، وجعل نفسه بأمره الرئاسي فوق الدستور والقانون، بما يفقد نتائج الاستفتاء المفتعل أيّ شفافية ونزاهة ومصداقيّة”.
وتحت عنوان “عبثية الاستشارة الإلكترونية”، كتب القيادي السابق في حزب نداء تونس، خالد شوكات “الانتخابات التي شهد العالم بأسره بنزاهتها، أوصلت إلى رئاسة الدولة رجلا شعبوياً يستبطن الانقلاب على الديمقراطية (…) لو حوّلنا هذه الممارسة الانتخابية إلى حالة استشارية إلكترونية، وعدنا إلى تلك النسب الخيالية، حيث القائد الملهم الذي يفوز بمعية أنصاره بهذه الاستشارات الصورية، هل ما تزال هذه الحيل تنطلي على بشر يعيشون في القرن 21؟”.
ودوّن الوزير السابق عبد اللطيف المكي “الكثيرون استغربوا من مستوى وطبيعة الأسئلة في ما سُمي استشارة إلكترونية ومن بداهة مقترحات الأجوبة، ولهم الحق في ذلك. لسنا في حاجة لوسائل جديدة لمعرفة ما يريده الشعب في البيئة والتنمية وغير ذلك، فالأهداف معروفة بأكثر من طريقة ومنذ أمد بعيد، والسؤال الحقيقي هو حول كيفية تحقيق ذلك ومستلزمات ذلك، وهما سؤالان يجب أن يجيب عنهما السياسيون المترشحون للحكم، وفي مقدمتهم السيد قيس سعيد الذي جمع كل السلطات وهو يعلم أن السؤال موجه إليه ولكنه لا يريد أن يجيب ولا أظنه يستطيع”.
وأضاف “الهدف إذا من طرح ما سمي بالاستشارة هو ربح الوقت وإضفاء نوع من الشرعية على أعماله، فهي إذا عملية تلبي حاجة سياسية لديه ولا علاقة لها بمصالح الشعب. من ناحية أخرى، فإن هذا المشروع ذي الأهداف الشخصية يقع تنفيذه بوسائل وإمكانيات الدولة وبالمال العام، مما يرتقي إلى قضية فساد حقيقية”.
وتابع المكي بقوله “من ناحية ثالثة، فإن الإشراف على ما سمي بالاستشارة يتم من قبل جماعة سعيد، بحيث لا شفافية في عدد المشاركين ولا في الأجوبة، فالذين قالوا ذات يوم لسعيد إن عدد مناصريه المتظاهرين بلغ مليونا وثمانمائة ألف يمكن ان يزوروا عدد المشاركين وطبيعة أجوبتهم ولا يمكن لأحد أن يتثبت من ذلك. كما يمكن اختراقها من جهات معادية لتونس وللديمقراطية لتضخيم عدد المشاركين، فضلا عن أشياء أخرى”.
وكان الرئيس قيس سعيّد أعلن في كانون الأول/ ديسمبر الماضي عن تنظيم استشارة شعبية (إلكترونية ومباشرة) مع بداية العام وحتى 20 آذار/مارس المقبل، لتمكين التونسيين من التعبير عن آرائهم حول الوضع العام في البلاد، يتبعها استفتاء شعبي عام في 25 تموز/يوليو حول “إصلاحات دستورية” ستعدها لجنة خاصة، وتراعي فيها نتائج الاستشارة الشعبية السابقة.
وأعلنت السلطات التونسية، بداية العام الحالي، بدء عمل المنصة الإلكترونية المخصصة للاستشارة الوطنية، على أن يتم القيام بـ”عمليات بيضاء” حول هذه الاستشارة، وهي ذات طابع تجريبي في دور الشباب ضمن جميع الولايات التونسية (24 ولاية)، وتتواصل لمدة أسبوعين، على أن تفتح المشاركة للعموم بداية من 15 كانون الثاني/يناير الحالي.
فيما دعت أحزاب المعارضة إلى عدم المشاركة في هذه الاستشارة التي قالت إنها مجرد “حملة انتخابية مبكرة” للرئيس سعيد، مشيرة إلى وجود “شبهات فساد ومحسوبية” في المنصة الإلكترونية المخصصة لها.