تونس- “القدس العربي”: استنكرت المعارضة التونسية قيام السلطات باعتقال نائب رئيس حركة النهضة، علي العريض، بتهمة “التورط” في ملف التسفير إلى بؤر التوتر، وهو ما اعتبرته حركة النهضة محاولة من الرئيس قيس سعيد للتغطية على “فشل” الانتخابات البرلمانية.
ودونت المحامية إيناس حراث، عضو هيئة الدفاع عن العريض: “أصدر حاكم التحقيق بالمكتب 12 بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب بطاقة إيداع في حق رئيس الحكومة السابق علي العريض في ما سمي بملف التسفير. وكان قد مثل إراديا وفي حالة سراح طبقا لموعد مسبق، وتم استنطاقه طيلة ساعات، وترافع عنه فريق دفاعه طيلة ساعات أيضا”.
وأضافت في تدوينة لاحقة: “لنتفق على بعض البديهيات يا سادة: الإيداع على ذمة التحقيق إجراء يفترض أن يكون احترازيا وهو يختلف تماما عن قضاء عقوبة سجنية، وبالتالي القول الرائج حاليا: من أخطأ يجب محاسبته، دليل ضحالة الثقافة القانونية لا أكثر، فالمودع على ذمة التحقيق ليس متهما، ولا شيء يمنع صدور حكم بعدم سماع الدعوى في حق شخص كان محل بطاقة إيداع”.
وتابعت بالقول: “الإشكال تحديدا هو في الإيقاف التحفظي لأن الأصل في الإنسان هو الحرية، لذلك قيّد المشرّع حالات الإيداع وربطها بأهداف تبررها، كضمان عدم اقتراف جرائم جديدة أو التأكد من أن المعني لن يهرب وسيقوم بقضاء العقوبة حين يصدر بشأنه حكم أو لسلامة سير الأبحاث، وبالتالي في غياب هذه المبررات وفي حالة شخص يمثل من تلقاء نفسه كلما وقع استدعاؤه للمثول، ولا يتوقع منه ارتكاب جرائم أو إفشاء أسرار البحث بما يمنع إيقاف أشخاص آخرين أو الفرار، يصبح الإيداع إجراء متعسفا خطيرا على الحقوق والحريات، ودليلا على غياب ضمانات المحاكمة العادلة”.
وكتب المحامي أمين بوبكر، عضو هيئة الدفاع: “رغم كل الدفوعات (المرافعات) الإجرائية والجوهرية التي قدمها فريق الدفاع خلال جلسة استنطاق استمرت على مدى 12 ساعة، قرر قاضي التحقيق المتعهد بالمكتب 12 بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب إيقاف رئيس الحكومة الأسبق علي العريض إيقافا تحفظيا على ذمة البحث”.
وأضاف: “الثابت أن قاضي التحقيق -الذي أثبت استقلالية في السابق- خضع هذه المرة لضغوط رهيبة صادرة عن كاتبة العدل حالت دون صموده في وجهها. السيد علي العريض لم يُوقف بسبب الملف والحجج الدامغة التي تضمنها، بل للتغطية على فشل المنقلب الذريع في كسب ثقة التونسيين خلال الانتخابات التشريعية. العريض صامد في سجنه والانقلاب ساقط لا محالة عاجلا أم آجلا”.
واستنكرت حركة النهضة “الاستهداف الممنهج لنائب رئيس حركة النهضة (باعتباره) محاولة يائسة ومفضوحة من سلطة الانقلاب ورئيسها قيس سعيد، للتغطية على الفشل الذريع في الانتخابات التشريعية المهزلة التي قاطعها أكثر من 90 في المئة من الناخبين”، مطالبة بإطلاق العريض فورا.
كما أكدت في بيان الإثنين، أنه قياداتها “لا علاقة لهم أصلا بملف التسفير. والزج بهم في هذه القضية وغيرها بملفات خاوية وتهم ملفقة، يراد من خلالها الضغط على السياسيين الرافضين للانقلاب وهرسلتهم (الضغط عليهم)”.
وقالت الحركة إن استهداف قياداتها وسائر المعارضين، لن يحسّن حياة التونسيين ولن يحلّ مشاكل المواد الغذائية المفقودة والأسعار الملتهبة، وهو محاولة من سعيد “للتلهية والتغطية على الفشل. كما أن الشعب التونسي الذي انتفض في صمت وعبر عن سحب الوكالة من قيس سعيد عبر مقاطعته الواسعة للانتخابات، لن تنطلي عليه حيل المحاكمات المفبركة”، مؤكدة استعدادها لـ”دفع ثمن إنقاذ تونس من الأخطار التي تتهددها والخراب الجاثم عليها”.
ودون الوزير السابق رفيق عبد السلام بالقول: “لأن ساكن قرطاج في مأزق كبير بعدما لفظه الشعب هو ومشروعه الوهمي وانتخاباته الوهمية والمزيفة، فقد اتجه إلى إشفاء غليله في رئيس الحكومة الأسبق المناضل الصلب علي لعريض. هذا وسام عزة وشرف للعريض. سيسقط هذا الانقلاب قريبا بحول الله، ويتحرر العريض من قيود السجن، ويتحرر معه كل الوطن الحبيس من كابوس هذا الانقلابي المخادع”.
وأضاف النائب السابق عبد اللطيف العلوي: “علي العريّض هو كابوس كل المستبدّين، وقدره أن يشهد نهايتهم جميعا. صباح الخير يا حرية”.
وكتب عبد اللطيف المكي رئيس حزب العمل والإنجاز: “كل التضامن والدعم للمناضل علي العريض في هذه المحنة وهذا الاستهداف”.
ودوّن سيف الدين مخلوف، الناطق باسم ائتلاف الكرامة، ساخرا “بعد زلزال إلغاء الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي، يبدو أن الانقلاب وجد الحل السحري لتوفير آلاف المليارات لإنقاذ المؤسسات العمومية المنهارة والمخابز المفلسة ومصانع الحليب الخاسرة ولتوفير المحروقات المفقودة والدواء والحبوب والسكر والكهرباء والغاز، وذلك بإيقاف رئيس الحكومة الأسبق علي العريّض! قلت لكم وأكرر: سارعوا لإسقاط الإنقلاب قبل أن يدمّر ما تبقى من الدولة”.
وسبق أن قامت السلطات التونسية بإيقاف نائب رئيس حركة النهضة، نور الدين البحيري لأكثر من شهرين، بتهم تتعلق بـ”الإرهاب”، قبل أن تقوم بإطلاق سراحه لاحقا.
كما قامت بالتحقيق مع رئيس الحركة، راشد الغنوشي، وبعض قياداتها، بتهم تتعلق بـ”الإرهاب” و”تبييض الأموال” و”التسفير” وغيرها، وهو ما اعتبرته الحركة محاولة من الرئيس قيس سعيد للتخلص من خصومها السياسيين.