الجزائر ـ «القدس العربي»: اجتمعت امس الثلاثاء كل أطياف المعارضة الجزائرية في اكبر ندوة وطنية تعرفها البلاد منذ إقرار التعددية السياسية، وهي الندوة التي شهدت مشاركة نوعية من شخصيات حزبية ووطنية، وضمت كل التيارات السياسية من علمانيين واسلاميين.
وكان فندق مازافران ضواحي العاصمة الجزائرية امس محجا لقيادات معارضة لبت دعوة التنسيقية الوطنية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي، والتي تضم أحزابا وشخصيات معارضة قاطعت الانتخابات الرئاسية الاخيرة، والتي اختارت ان تنظم ندوة للتغيير الديمقراطي تعرض فيها ارضية سياسية لضمان انتقال ديمقراطي.
وحضرت شخصيات سياسية ووطنية كثيرة ولم يسبق لها وأن التقت في مكان واحد، اذ حضر كل من رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس ومرشح الانتخابات الرئاسية الاخيرة، ورئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش، ورئيس الحكومة الأسبق احمد بن بيتور الذي ترأس الجلسة، كما شارك في الندوة قيادات في الجبهة الاسلامية للإنقاذ ( المحظورة) وهم علي جدي وعبد القادر بوخمخم وكمال قمازي، وقيادات إسلامية اخرى مثل عبد الله جاب الله رئيس حزب جبهة العدالة والتنمية، ومحمد ذويبي امين عام حركة النهضة، وحضر رئيس التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية محسن بلعباس، والرئيس السابق للحزب سعيد سعدي، وعميد الحقوقيين الجزائريين علي يحيى عبد النور، وسفيان جيلالي رئيس حزب جيل جديد.
وقال علي يحيى عبد النور عميد الحقوقيين الجزائريين إن النظام وصل بالبلاد الى الانسداد، مؤكدا على أن الشعب الجزائري لم يختر يوما من يحكمه على كل المستويات، وان النظام السياسي هو الذي كان دائماً هو من يختار، وان الانتخابات الرئاسية والمقاطعة الواسعة التي شهدتها، خير دليل على ان الشعب الجزائري مازال واعيا وحريصا على مستقبل بلده.
من جهته اكد عبد الرزاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم (اخوان) ان أزمة الجزائر هي في نظام مغلق أغلق كل الأبواب امام المجتمع، وان الهدف الذي رسمته هذه الندوة هو الانتقال الى نظام ديمقراطي تصان فيه الحريات، موضحا ان كل حزب احتفظ لنفسه ببرنامجه، لانه لا توجد فرصة التنافس على أساس البرامج ولا على أساس الأيديولوجيات،لانه لا مجال للإبداع والتنافس السياسي الا بتوفر الحريات وضمان عدم الاعتداء عليها.
وأوضح ان الهدف من هذه الندوة هو التأسيس لعهد الحريات الحقيقية، وان الحرية قناعة راسخة، مشيرا الى ان أحداث العالم العربي علمتنا احداث العالم العربي ان هذه الدول تعاني مشكلا أخلاقيا قبل المشاكل السياسية والاقتصادية، وان الامم التي حققت انتقالا ديمقراطيا سلسا يسبق انتقالها الديمقراطي يقظة فكرية وأخلاقية، وتتوفر لها قيادة سياسية واعية و نزيهة، وأن هذه الندوة أعطت صورة ناصعة للمعارضة غير تلك الصورة السلبية، التي صنعتها اجهزة ومخابر السلطة، وعمقتها أخطاء المعارضة وشتاتها.
وأكد على ان العبرة فيما سيحدث بعد هذه الندوة،خاصة فيما يتعلق بالعمل الميداني المشترك، وإقناع الشعب بجدوى هذا المسعى، وتعبئته وتجنيده لبناء جزائر الغد.
وأعرب مولود حمروش رئيس الحكومة الأسبق عن ارتياحه لهذه المبادرة، مشيرا الى انه كان يحلم برؤية المعارضة مجتمعة منذ اكثر من ربع قرن، بصرف النظر عن توجهات أطراف هذه المعارضة.
وأكد على ان الدولة تعيش حالة انهيار، بسبب التعسف في استعمال السلطة، والمحاباة والفساد، وان البلاد تعيش وضعا هشا للغاية، لانه توجد حكومة لكنها غير قادرة على تجسيد قراراتها في الميدان، وغير قادرة على الدفع بالإدارة لتنفيذ خطتها، حكومة غير قابلة للمساءلة، ولا النقد، ولا يمكن إسقاطها، أي لا يمكن لحزب او لأي هيئة ان تسحب منها الثقة، معتبرا أن هذه الحكومة لا تملك قاعدة اجتماعية سياسية، لا يوجد من يساندها، لذلك تلجأ ان تكون قاعدتها الوحيدة الجيش الوطني الشعبي، وهذه هي الخطورة.
وشدد على أن الجيش يبقى ويتقوى كعماد الدولة وليس الحكومة، وأن أحزاب المعارضة او الموالاة غير قادرة على تشكيل حكومة ودعمها، لان ذلك شبه مستحيل.
كمال زايت