تونس ـ «القدس العربي»: قال المعارض المصري ورئيس حزب «غد الثورة» إن «قطار الموجة الثانية من الربيع العربي سيحطّ قريبا في مصر»، مشيراً إلى أن «الرئيس عبد الفتّاح السيسي قد يواجه مصير الرئيسين السابقين أنور السادات، وحسني مبارك»، وفيما بين أن مصر اليوم «فقدت دورها المحوري في العالم العربي وأصبحت تابعة للإمارات، التي تحولت لمدير شؤون إسرائيل في المنطقة، حذّر من محاولة المجلس العسكري في السودان، تكرار «الانقلاب» في مصر. ووصف دعم نظامي الإمارات ومصر، للجنرال خليفة حفتر بأنه «جريمة أخلاقية وسياسية» ضد إرادة الشعب الليبي.
نور، بدأ حواره مع «القدس العربي»، بالحديث عن التعديلات الدستورية الأخيرة، معتبراً أنها «مهزلة تضمن لعبد الفتاح السيسي البقاء في الحكم حتى 2030، رغم أن الأخير يسعى للبقاء حتى سنة 3000! لكن ليس كل ما يسعى إليه السيسي سيتحقق، فقد حاول من قبله، أنور السادات أن يمدد فترة حكمه ولم يتمكن من ذلك، كما فشل حسني مبارك في ذلك. أعتقد أن الشعب المصري والتغيرات التي تحدث في المنطقة العربية لن يسمحا بهذا الأمر. فقطار الموجة الثانية من الربيع العربي سيتوقف قريبا في مصر وعندها لن يكون هناك لا سيسي ولا تعديلات دستورية، ومصر لديها استحقاقات كبيرة لتغيير مقبل، وقد يكون غير بعيد». وكان نور، قد دعا، قبل نحو شهر، مئة شخصية مصرية في الداخل والخارج، إلى «حوار وطني بهدف إنقاذ مصر وتشكيل بديل وطني مقبول داخليا وخارجيا».
حول ذلك قال: «دعوة المئة جاءت في أعقاب ما سمي باستفتاء التعديلات الدستورية في مصر، وأنا وغيري من القوى الوطنية المصرية نعتقد أن هذا الاستفتاء كان نقطة فاصلة في ضرورة التحرك لإنقاذ ما تبقى من ثورة يناير/كانون الثاني، فهذا الاستفتاء المزوّر قضى على آخر مكتسبات هذه الثورة وبالتالي كان لا بد من التداعي بين شركاء ثورة يناير من أجل مواجهة هذه الهجمة المستمرة منذ الانقلاب على الثورة. جاءت الدعوة في يوم إعلان النتائج نفسه، وهذا أعطاها زخما كبيرا، وتلقينا ردود فعل معظمها إيجابية، لكن ثمة ردود سلبية لها علاقة بحالة الاستقطاب المتزايد التي عاشتها الجماعة الوطنية المصرية منذ انقلاب 2013 وحتى الآن».
وأضاف: «إذا كان الانقلاب لم ينجح في تحقيق الكثير من أهدافه، فمن الحكمة أن نعترف أنه نجح في تكريس حالة الفرقة بين الأشقاء والشركاء في ثورة يناير/كانون الثاني، من خلال بث أسباب الفرقة والشقاق، فكانت هذه الدعوة هي محاولة لقرع أجراس الخطر حول طبيعة التهديدات الوجودية لمصر، سواء المخاطر التي تحدث بفعل التآمر على الداخل عبر إفقار الناس وتجويعهم والمس بكرامتهم، أو المخاطر التي تتصل بالخارج وأهمها ما يسمى صفقة القرن، فنحن لدينا شكوك كبيرة أن هذا الرجل (السيسي) ينفذ سياسات صهيونية لن تمنعه من التضحية بأرض مصر وكرامتها».
دور مصر المفقود
وحسب نور، فإن «مصر في عهد السيسي فقدت دورها المحوري في العالم العربي وأصبحت تابعة للإمارات»، مشيرا إلى أن تراجع الدور المصري «مرتبط بحكم رجل ضعيف أتى به تحالف إقليمي ضيق كي يفرض به سياسات محددة على مصر والمنطقة».
وتابع: «مصر تتبع الآن الإمارات، فعندما نسمع سفير الإمارات في واشنطن، يوسف العتيبة، يقول إن بلاده ستقود الشرق الأوسط الجديد، علينا أن نعرف حجم التراجع الذي أصاب مصر لصالح هذا المخطط، الذي يؤكد أن الإمارات أصبحت مديرا لشؤون إسرائيل في هذه المنطقة، هي بالفعل تقود الشرق الأوسط الجديد، لكن ليس لحساب شعب الإمارات الذي نحبه ونقدّره، إنما لصالح الكيان الصهيوني الذي يلعب دورا كبيرا في التخطيط لما يحدث في هذه المنطقة من العالم». وحول دعم النظام المصري للجنرال خليفة حفتر ضد حكومة الوفاق الوطني، اعتبر أن «من أخطر الأدوار المشبوهة التي تورّط فيها نظام السيسي بوصفه تابعا للإمارات، هو ما يحدث في ليبيا، حيث يتم ارتكاب جريمة أخلاقية وسياسية عبر دعم حفتر ضد إرادة الشعب الليبي وثورة شباط/فبراير. فإدارة الثورة المضادة أرادت محاصرة الموجة الأولى من الربيع العربي فأصابت مصر بما أصابتها، ثم جاء الدور على ليبيا، وستثبت الأيام هذه المؤامرة الكبيرة التي تورط فيها السيسي».
وصف التعديلات الدستورية بـ«المهزلة»… واعتبر دعم القاهرة لحفتر «جريمة أخلاقية وسياسية» ضد الليبيين
وبخصوص الحراك الشعبي في كل من الجزائر والسودان رأى المعارض المصري أن ذلك «يشكل جزءا من الموجة الثانية من الربيع العربي التي جاءت لاسترداد الكثير مما فقدناه في الموجة الأولى بفعل التآمر الإقليمي والدولي الذي حدث ضد الربيع العربي».
وزاد: «نحن في المجلس العربي للدفاع عن الثورات الديمقراطية، تبنّينا فكرة الموجة الثانية وبشرّنا بها منذ سنوات، وكنا على يقين أن هذه الموجة ستبدأ من الغرب (بلدان المغرب العربي) كما بدأت الأولى، ولهذا كان لنا موقف واضح منذ البداية في شأن الوضع في الجزائر والعهدة الخامسة وموقف القوى الديمقراطية وقد ساندنا ذلك (أدبيا ومعنويا) من خلال المجلس العربي وقنواتنا الإعلامية».
وأضاف «ما حدث في السودان يؤكد أن الشعب الذي صبر 30 سنة على نظام عمر البشير، قادر على إحداث التغيير والتمسك بحقوقه، ونشعر بالتفاؤل رغم المخاوف من محاولة النظام العسكري في السودان تكرار أجندة النظام العسكري في مصر. لكن أعتقد أن الشعب السوداني تعلم كثيرا من الدروس التي أخفقنا في التعاطي معها في الحالة المصرية. وبالتالي، أحيي ثورتي الجزائر والسودان وأعتقد أنها ثورات متجاوزة للقبعات الإيديولوجية والسياسية والحزبية. هي إرادة شعوب وعلينا أن نقف بجانب هذه الشعوب لتحقيق إرادتها ومطالبها».
الثورة قد تصل الخليج
وعن إمكانية وصول الموجة الثانية من الربيع العربي إلى بلدان الخليج، قال: «كانت لدينا قناعة في الموجة الأولى من الربيع العربي أنه ليس من مهام الثوار تصدير الثورة إلى أي بلد في المنطقة، لكن بعدما بان وبشكل واضح حجم التآمر الذي تعرضت له الموجة الأولى من الربيع العربي، فأعتقد أنه لا بد من التفكير جديا أن يكون التعاطي مع الموجة الثانية في جزء منه هو تأمين هذه الموجة من إدارة الثورات المضادة التي تتم في دولة الإمارات العربية».
وأوضح أن «العالم أصبح قرية صغيرة، والشعوب العربية، سواء كانت في الخليج أم خارجه، باتت تدرك أنه ينبغي أن تحصل على حقوقها وحريتها وكرامتها، والأنظمة التي لا تراعي هذه الاعتبارات، أعتقد أنها ستدفع ثمنا باهظا لهذا الاستهتار بحقوق شعوبها وإرادتها».
وبين أن «الشهور المتبقية من العام الحالي ستشهد تغييرات كثيرة، سواء عبر الصندوق الانتخابي كما في تونس أو عبر الحراك الثوري كما حدث في الجزائر والسودان».
واستدرك «أنا لا أتنبّأ ولا أتحدث عن أمور غيبية، لكني أعتقد أن اتجاه الشارع العربي اليوم هو نحو التغيير، فمؤامرة صفقة القرن ستكون كاشفة لبعض الأنظمة التي قد تنهار عروشها بسبب التورط في هذه المؤامرة».
تهديدات
كذلك، كشف نور عن تلقيه «عددا من رسائل التهديد من قبل القنوات الإعلامية التابعة لنظام السيسي، ولدينا عدد كبير من الفيديوهات التي تتضمن دعوة صريحة لاغتيالي. لكن أود القول إن من واجه نظام مبارك لا يمكن أن يشعر بالخطر مع نظام السيسي، فرغم شراسة هذا النظام لكنه أحمق، ونحن مسلّمون أمرنا لله أولا وأخيرا، ثم مدركون طبيعة هذا النظام ودوره، فأنا لست قلقا ومطمئنا لوجودي في تركيا، وأعتقد أنها بلد آمن ومحترم. على الأقل وفرت لنا مساحة من الحرية لم نجدها في أي من الدول العربية الأخرى».
ويسعى نور حاليا لتوثيق سيرة المفكر والأديب الراحل المصري الراحل عبد الله النديم (خطيب الثورة العُرابية) عبر فيلم وثائقي ستبثه قناة «الشرق» التي يملكها، وفق ما قال، مضيفاً أن «النديم الذي توفي ودفن في اسطنبول يعتبر من أبرز المعارضين المصريين في الخارج، وهو ما يفنّد الرواية التي تشكك في وطنية معارضة الخارج».
ولفت إلى أن «بمراجعة التاريخ نرى أن المعارضة من الخارج هي جزء من التراث النضالي المصري، سواء في زمن الثورة العُرابية (عبد الله النديم) أو مرحلة سعد زغلول وثورة 1919 وما بعدها. وأردت من خلال تسليط الضوء على شخصية عبد الله النديم، التأكيد على أننا المعارضة المصرية في الخارج موجودة منذ أكثر من قرن، فالقصة ليست وليدة الأمس ولا علاقة لها باتفاق أو خلاف مع تركيا، بل هي وليدة أنظمة تنفي أبناءها وتمنعهم من التعبير عن رأيهم، فأنا واحد من الناس ممنوع من العودة إلى بلدي، رغم أنه صدر حكم قضائي يسمح باستلامي لجواز السفر الخاص بي، لكن النظام المصري ما زال يرفض تنفيذ حكم قضائي نهائي وواجب النفاذ! نحن لسنا هاربين من بلدنا بل منفيون منه، وبالتالي حالة عبد الله النديم معبّرة جدا عن حالتنا».