الصحف المصرية: المعركة مع كورونا اجتماعية قبل أن تكون طبية والانتصار عليه بالتباعد الاجتماعي ومخاوف من المقبل

حسنين كروم
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: الموضوعات الرئيسية في صحف أمس الأربعاء 3 يونيو/حزيران كانت عن الاجتماع الذي عقده الرئيس السيسي مع رئيس الوزراء ومحافظ البنك المركزي لمناقشة آثار كورونا على الوضع الاقتصادي وضرورة التماشي مع الموجة العالمية لفتح الأسواق، ولو تدريجيا تجنبا للخراب الاقتصادي، خاصة أن مصر لا تحتمل ذلك مدة ولو متوسطة، وإن كانت من الأمانة الإشارة إلى أن النظام نجح حتى الان في توفير كل السلع الغذائية، والأغراض التي يحتاجها المواطنون، بفضل الجهود التي قام بها الجيش في مجال الإنتاج، رغم أنها تلقي انتقادات عديدة من رجال الأعمال، وكذلك دخول الشرطة طرفا في حل المشكلة، بالاتفاق مع السلاسل التجارية الكبيرة بمساعدتها في شراء السلع بأسعار الجملة، وبيعها بأسعار مخفضة. كما انتشرت سيارات الجيش في كل مكان لبيع الكمامات والمطهرات بأسعار رخيصة، لكن المشكلة التي تؤرق النظام والناس هو الرغبة في عودة الحياة الطبيعية.

صيدليات تخفي أدوية وترفع أسعار أخرى وازدهار السوق السوداء والمستشفيات الخاصة تتاجر بالمرض والعلاج

واهتمت الصحف بما تحقق من إنجازات كبرى في عدد من المحافظات، والانتهاء من إقامة محطات عملاقة لتوفير مياه الشرب النظيفة لها، واستمرار مد شبكة الطرق العملاقة للربط بين جميع المحافظات. واهتمت الصحف كذلك بالاضطرابات في أمريكا والتطورات العسكرية في ليبيا، وقرب ذكرى هزيمة يونيو/حزيران 1967 أمام إسرائيل، ووفاة الفنان حسن حسني.

ارتفاع عن المعدل

وإلى حقيقة موقف مصر من فيروس كورونا، ومدى انتشاره حيث أثار مخاوفنا أمجد الخولي استشاري منظمة الصحة العالمية، في حديث له نشرته مجلة «آخر ساعة» أكد فيه تصاعد الإصابات في مصر، وزيادة أعداد الوفيات وقال متشائما: «إجمالي حالات الإصابة المؤكدة في مصر آخذ في التصاعد، وقد لاحظنا ارتفاعا يدعو إلى القلق والخوف في معدلات الإصابة في الأسبوعين الأخيرين عن المعدل المعتاد، الذي ظلت الأعداد ثابتة عليه في السابق، ولا يزال معدل الوفيات مرتفعا نسبيا عن المعدل العالمي، ونؤكد ضرورة الانتباه إلى هذه الوتيرة المتسارعة في أعداد الإصابات، والحذر من استمرار معدل الوفيات على ارتفاعه، وفهم أسباب
هذا التسارع ومضاعفة الجهود لاحتوائه. أما عن نسبة التعافي فتعتبر جيدة قياسا بالأعداد الكلية».

المقبل مرعب

أما عماد الدين حسين في «الشروق» فنقل لنا ما كتبه أحد زملائه قبل أيام على صفحته على الفيسبوك نقلا عن أحد الأطباء في مستشفى جامعي في القاهرة: «لو تقدر.. إقفل على أهل بيتك بباب إسمنت مسلح، طوال شهر يونيو/حزيران لأن المقبل مرعب» والدكتور أيمن أبوالعلا وكيل لجنة الصحة في البرلمان تحدث لإحدى الفضائيات الأسبوع الماضي قائلا: «العالم كله في ملكوت، واحنا في ملكوت تاني خالص» والدكتورة يمن الحماقي رئيسة قسم الاقتصاد في جامعة عين شمس تحدثت للإعلامي وائل الإبراشي في القناة الأولى قبل أيام، ومن بين ما قالته: «لا تراهنوا على وعي المواطن». الأرقام تقول أن انتشار فيروس كورونا صار متفشيا في العالم وفي مصر، ووصلنا في الأيام الأخيرة إلى عدد إصابات يزيد عن 1500 يوميا، وصار الحصول على مكان في أحد مستشفيات العزل صعبا جدا. هذا الوضع وبعض القصص والحكايات التي نسمعها في الأيام الأخيرة، تجعلنا ننصح كل شخص بأن يحرص ألا يمرض، وأن يتجنب هذا الفيروس اللعين قدر المستطاع، حتي لا يدخل في الدوامة التي يحكي عنها بعض المرضى. ويواصل الكاتب كلامه قائلا، قبل أيام قرأت على الفيسبوك ما كتبته الزميلة سلوى عزب في قسم الشؤون الخارجية في جريدة «الجمهورية» بعد وفاة شقيقتها نجلاء رحمها الله. خلاصة ما قالته إنه نظرا لامتلاء غالبية المستشفيات، فقد تم إجراء مسحات للمصابة في مكان خاص بـ15 ألف جنيه، علما أن المسحة الواحدة طبقا لكلامها تتكلف 2800 جنيه، لأن عمل المسحة في المستشفى الحكومي لا يحدث إلا بعد ظهور أعراض واضحة للإصابة. للمصابة ثلاثة أشقاء أطباء، وأخت صحافية، ولديهم علاقات مجتمعية واسعة، ورغم ذلك عانوا كثيرا حتى يتم إدخال أختهم المستشفى، ونظرا لتدهور الحالة فقد ماتت بعد أربعة أيام فقط. الزميلة سلوى عزب كتبت باستفاضة عما شاهدته في المستشفى من صعوبات، وهو أمر لن أكرره هنا، لأن هدفنا هو حل المشكلات وليس زيادتها. لكن الخلاصة التي وصلتني من كلامها هي ضرورة أن يتحلى كل شخص بأقصى درجات الوعي الصحي والمجتمعي، حتى لا يجد نفسه تائها بين مستشفيات وأجهزة وروتين وارتباك ومخاوف، خصوصا أن الفيروس ضرب العالم كله بصورة مفاجئة.

أيهما تفضل سرير البيت أم سرير العزل؟

ويواصل عماد الدين حسين كلامه في «الشروق»: «الأوضاع في المستشفيات في غاية الصعوبة، وكان الله في عون الجهاز الطبي، ليس فقط هذه الأيام، ولكن المهم في الأيام المقبلة، حينما تتزايد الإصابات كما هو متوقع. قبل أيام رأينا نموذج السيدة المصابة، وهي نائمة قرب مستشفى منشية البكري، وبعد لغط كبير على وسائل التواصل الاجتماعي، جاء بيان المستشفى، ليقول إنه عندما جاءت السيدة، كان المستشفى ممتلئا، بل هناك عشر حالات انتظار. لا يعقل إطلاقا أن يرفض أي مستشفى دخول مريض، إذا كانت هناك أماكن متاحة، وبالتالي يجب على كل مواطن أن يتخذ أقصى درجات الحذر والوقاية، حتي لا يصاب ويدخل في هذه الدوامة اللعينة. وبالمناسبة فحتى لو كنت غنيا، فقد لا تشفع لك كل أموالك مع هذا الفيروس. شخصيا سمعت العديد من القصص عن مواطنين مصابين، ولا يجدون مكانا، في مستشفيات خاصة يقال أن تكلفتها في اليوم الواحد قد تصل لعشرين ألف جنيه. نتيجة كل ذلك، فإن البديل الأفضل أن يحرص الجميع على التحلي بأكبر قدر من الوعي والوقاية. للأسف مايزال هناك كثيرون لا يصدقون خطورة الوضع. ومن سوء حظنا أن حجم الإصابات عندنا بدأ يتزايد في اللحظة التي يشهد فيها العديد من دول العالم انخفاض عدد الإصابات، وفتح العديد من مجالات الاقتصاد. وبما أن الرهان على وعي المواطن فقط، قد لا يكون كافيا، فعلى الحكومة أن تفكر في وسائل أخرى لإجبار كل مواطن على البقاء في بيته، طالما أنه لا يحتاج إلى النزول. يقول الكاتب، أعجبني ما كتبه الإعلامي محمد على خير على صفحته قبل أيام، حينما، دعا المواطنين إلى اتباع الآتي طوال شهر يونيو/حزيران الحالي: الحرص على ارتداء الكمامة في العمل والمواصلات، وعدم الذهاب للأسواق والمولات إلا للضرورة القصوى، وكذلك للمساجد حتى لو تم فتحها، وعدم زيارة أحد أو استقبال أحد في المنزل، واتباع تعليمات الأطباء لتقوية جهاز المناعة، وغسل اليدين بشكل مستمر، وأن يتذكر كل شخص يشعر بالخنقة والضيق، أن سرير بيته أحلى مليون مرة من سرير مستشفى العزل».

النشاط الثقافي

ومع ذلك بدأت الحكومة في اتخاذ الاستعدادات لاستعادة النشاط فقالت سحر المليحي في «المصري اليوم» عن استعدادات وزارة الثقافة: «تدرس وزارة الثقافة استثمار وتجهيز المساحات المفتوحة في ساحات دار الأوبرا، استعدادًا لعودة النشاط. وشددت الوزيرة الدكتورة إيناس عبدالدايم، على ضرورة تنفيذ برامج فنية وثقافية تهدف إلى الارتقاء بالذوق العام، ونشر الوعي بقضايا المجتمع إلى جانب الإجراءات الاحترازية اللازمة لضمان سلامة الجمهور والفنانين والعاملين، بعد انحسار فيروس «كورونا المستجد»، واستئناف الحياة الطبيعية من جديد، مطالبة بضرورة الحرص على الاستمرار في تقديم رسالة الوزارة الهادفة إلى تشكيل الوعي والحفاظ على قيم المجتمع، بعد انحسار فيروس «كورونا المستجد»، واستئناف الحياة الطبيعية من جديد مطالبة بضرورة الحرص على الاستمرار في تقديم رسالة الوزارة الهادفة إلى تشكيل الوعي والحفاظ على قيم المجتمع».

الوجه البشع

وظهر الوجه البشع لفئات استغلت المرض للمتاجرة به وامتصاص دماء الناس، وهم أشبه بأثرياء الحروب، فقد قامت المستشفيات الخاصة برفع أسعارها بطريقة غير معقولة، قال عنها في «المساء» سمير رجب: «عاد أثرياء الحرب ليطلوا بوجوههم الكريهة من جديد مع معارك البشرية ضد فيروس كورونا، ها هي المستشفيات الخاصة في مصر التي حددت أسعارا خيالية للإقامة والعلاج تتراوح بين 300 و400 ألف جنيه! وها هي مصانع العطور التي طوتها ملفات النسيان، إذا بها تنشط وتفيق وتعيد تصنيع منتجاتها التي تعرضها بأضعاف مضاعفة، وللأسف يتلقفها الناس في لهفة وتسابق غريب من خلال طوابير تمتد إلى عدة كيلومترات، وها هي الكمامات التي تحولت إلى مصدر لنشر الفيروس وليس الوقاية منه بسبب الصناعة الرديئة والمواد بالغة السوء! الحال نفسها بالنسبة للأدوية المتعارف عليها، والتي قفز سعر علبة مخفضات الحرارة من 15 إلى 130 جنيها، وأشياء كثيرة يندى الجبين عن ذكرها. لذا فالسؤال البديهي والتلقائي: هذه الحمي التي تفشت بسبب انتشار الفيروس وأعني بها حمى الاستغلال والتلاعب الرخيص بمقدرات الناس وفقدان القيم مسؤولية من؟ أنا شخصيا أرى أنها مسؤوليتنا كشعب أولا وأخيرا فالحكومة ـ والحق يقال- فعلت وتفعل ما عليها لكنها لم تقل لك ألق بأولادك وذويك في براثن اللصوص والحرامية وتجار الحرام. وإن كان ذلك لا يمنع الحكومة من اتخاذ أقسى أنواع المحاسبة ضد مستشفيات المرض وليس علاجه وضد مصانع العفن والفساد وضد كل من انتزع ضميره من أعماق فؤاده وجعله مضغة في أفواه أعتى عتاة الإجرام».

تجار الأزمة

ولم يبتعد أكرم القصاص في «اليوم السابع» عن موضوع الاستغلا وتجار الأزمات فقال: «مثل كل أزمة، هناك قطاعات مختلفة تتحرك لمواجهة فيروس كورونا، الذي دخل في تطور بالنسبة لارتفاع أعداد المصابين، الأمر الذي غيرت فيه الحكومة ولجنة التحرك بروتوكولات العلاج، وتوسيع العزل المنزلي، وتقديم الأدوية بسرعة بمجرد ظهور الأعراض، من دون انتظار التحليلات التي قد تستغرق وقتا، رئيس الوزراء وجّه المحافظين إلى أهمية التعامل بسرعة، وحسم مع الحالات المشتبه في إصابتها، وعدم تجاهل أي حالات أو شكاوى، لأن تقديم العلاج في وقته للمرضي بالفيروس يرفع من نسبة الشفاء ويقلل الوفيات. وعلى الرغم من تأكيد وزارة الصحة على أن الأدوية والجرعات متوفرة بكميات كبيرة وهناك أكثر من 10 ملايين جرعة علاج، فإن هناك في الجانب الآخر نقصا في كثير من الأدوية في الصيدليات بالنسبة لأدوية الأمراض المستعصية، وبعض الأمراض التي يستخدم فيها المرضى أدوية موجودة في بروتوكول العلاج،، والسبب في جزء منه نشر بروتوكولات علاج على مواقع التواصل أدت إلى التكالب على الأدوية، واختفاء أصناف مهمة مثل فيتامين سي والزنك والكثير من أدوية الكحة، وإلى جانب التكالب، فإن بعض الصيدليات استغلت الأزمة وأخفت الأدوية، وبعض الأصناف تضاعف سعرها في سوق سوداء ولدت من خلال تجار الأزمة، ممن لا يهمهم مرض أو فيروس، ويهدفون إلى تحقيق أرباح حتى لو على حساب المرضى. وهناك ضرورة لتشكيل لجان مراقبة وتفتيش تتابع عمل الصيدليات، وتتصدى لتجار الأزمة، الطبيعي في كل دول العالم أن صرف أي دواء لا يتم إلا من خلال «روشتة» طبيب معتمدة، لكن عندنا العادي هو الوصفات الطبية العشوائية والبروتوكولات التي انتشرت، وأصبح المريض الذي يعاني من أمراض مناعية أو خطيرة، لا يجد الدواء، وهو أمر في حاجةلتدخل لمراقبة عمل هذه الصيدليات. وتجارة الأزمة لا تتوقف فقط على الدواء، لكن أيضا على بعض المستشفيات والمعامل الخاصة، التي استغلت الأزمة ورفعت أسعار العلاج بدرجات تتجاوز الفندقة إلى أرقام خيالية، وهو أمر يمثل ضغطا جديدا على المستشفيات العامة والمركزية، وحتى الآن، فإن مستشفيات وزارة الصحة والجامعية هي التي تقوم بالدور في مواجهة فيروس كورونا. وفي حالة التزام المستشفيات الخاصة بأسعار معقولة، يمكن أن تخفف الضغوط على النظام الصحي، وهو دور طبيعي في ظل أزمة عالمية وجائحة تهدد المجتمع كله، لكن واضح أن بعض أو كل المستشفيات الخاصة ترى أنها فرصة للاتجار يجب استغلالها، وهو سلوك مشين يتنافى مع أي حس إنساني أو مجتمعي، وبالطبع تبرر هذه المستشفيات رفع الأسعار بارتفاع تكاليف التشغيل، لكن الأسعار تتجاوز كل التكاليف، وتدخل في تجارة غير مشروعة. وتبدو المستشفيات الخاصة خارج نطاق أي سيطرة، وتتعامل على أنها خارج البلد وأن كل من يتعامل معها رجل مال، وبعض هذه المستشفيات تبالغ في أسعار الخدمة، وتتهرب من سداد الضرائب، وهو أمر يبدو مرفوضا في الوقت العادي، وفي زمن الوباء يعتبر جريمة، وعلى الرغم من تدخل الحكومة لتحديد أسعار العلاج في المستشفيات الخاصة، فإن الأرقام مرتفعة ويجب التدخل لترشيد عمل هذه المستشفيات مادام ليس لديها أي شعور بالتضامن مع المجتمع، وتحرص فقط على الاتجار في المرض والعلاج. وهناك فواتير يتم نشرها لو صحت، فنحن أمام استغلال للأزمة يتجاوز الجريمة، إلى ما يعتبر نوعا من المافيا. في كل أزمة، هناك من يتاجر ويستغل، ودور الدولة هو مواجهة كل هذا بحسم، ونحن في فترة طوارئ وظروف خاصة، وفي أكبر الدول الرأسمالية، هناك إمكانية لفرض طريقة عمل لهذه المنشآت ضمن خطط الدولة، ولا يفترض التهاون مع مثل هذه السلوكيات المدمرة التي تتنافي مع أبسط أسس الطب والإنسانية».

الممنوعات العشرة

وإلى المساجد وقرار وزارة الأوقاف الذي نص على فتح المساجد في المناطق الحدودية فقط ، أي في مرسى مطروح وشلاتين والبحر الاحمر: «أعلنت وزارة الأوقاف حالة الطوارئ في داخلها للبدء في التجهيز للمرحلة الأولى من خطة عودة المساجد للعمل حال إقرارها من لجنة أزمة كورونا، التي يترأسها رئيس مجلس الوزراء خلال الأيام المقبلة، وأشارت المصادر إلى أن هناك أصواتا داخل الوزارة كانت تنادي بفتح المساجد الكبرى في القاهرة فقط وإحكام القبضة عليها، إلا أن الوزارة انتهت بتفضيل فتح المساجد في المحافظات الحدودية، حيث رجحت المصادر أن تشمل المرحلة الأولى فتح أعداد كبيرة في تلك المحافظات، قد يصل العدد إلى 4 آلاف مسجد. وبحسب الخطة فإنّ الفتح لن يشمل كل المساجد على مستوى تلك المحافظات، فسيتم اختيار مساجد بعينها كذلك هناك 10 ممنوعات كلية لن يسمح بها داخل المساجد خلال المرحلة الأولى، حيث سيمنع فتح الزوايا والمصليات وأماكن الوضوء والحمامات، والأضرحة، وعقد القران، وعدم فتح القاعات للأفراح، ودور المناسبات للعزاء ومنع الدروس والندوات والفاعليات، ومنع الدروس النسائية ومصليات النساء، كما تشمل الممنوعات العشر استمرار منع إقامة صلاة الجنازات داخل المساجد، والإبقاء على الصلوات الرئيسية فقط، حيث سيتم فتح المساجد للصلاة وغلقها بعد الصلاة مباشرة واعتبار ذلك مسؤولية شخصية للإمام والعاملين».

يحتالون على أنفسهم

منذ أيام قليلة بدأت الدولة المصرية إجراءات «التعايش» مع الوباء بشكل مختلف.. بدأت، كما يقول محمد صلاح البدري في «الوطن»: «في تشكيل وعي المواطنين بدلاً من الرهان عليه.. وهو في رأيي أفضل ما قامت به الحكومة منذ أن بدأت الأزمة. لقد أصبح قناع الوجه إلزامياً في معظم الأوقات.. تمتلئ صفحات التواصل الاجتماعي بشكوى من ثقل هذا الذي يجثم على الأنفاس، ولكنه أمر أكثر من جيد في رأيي، بل ربما كان أفضل بكثير من فرض حظر التجوال الإلزامي الذي تطبقه الحكومة منذ أكثر من شهرين.. المعركة اجتماعية قبل أن تكون طبية، لا علاج حتى الآن على الرغم من كل خلطات الأدوية التي نراها كل يوم.. كلها مجرد «تصبيرة» للمريض بدلاً من أن يبقى بلا علاج نهائياً.. العلاج الوحيد هو الالتزام.. التباعد.. الحياة بشكل يحميك ويحمي من حولك.. منذ أيام قليلة احتفلت نيوزيلندا بخروج آخر مريض مصاب بفيروس كورونا المستجد من المستشفيات.. وعدم ظهور حالات جديدة لليوم الخامس على التوالي، نجحت تلك الدولة ذات الخمسة ملايين نسمة في أن تتخلص بالكامل من الوباء.. وبعد وفيات وصلت لسبع عشرة حالة فقط خلال الفترة السابقة.. الأمر لم يكن صعباً على حكومة تدير خمسة ملايين مواطن وحسب.. فقد كان التحدي أمامها أن تقنعهم بالأزمة وتشركهم فيها.. فتمكنت من الفوز في السباق بسهولة.. لقد نجحت نيوزيلندا لأنها حددت هدفها الحقيقي، أن الحل في وعي الناس.. لقد نجحت حين أدرك المواطنون أن العلاج الوحيد هو أن يأتي الفيروس فلا يجد أحداً.. ليموت وحيداً دون عائل، لقد أقرت التباعد الاجتماعي كأسلوب جديد للحياة.. وطبقته بقوة القانون وبحزم لا عاطفة فيه فنجحت.. يحدثنا التاريخ عن تلك الموجات العنيفة من وباء الطاعون التي اجتاحت أوروبا في القرون الماضية، كلها بدأت من العدم، وانتهت إليه أيضاً بعدما تمكنت الحكومات من إقناع الناس بأنهم هم الأزمة والحل في الوقت نفسه.. أن أفضل علاج لأي وباء في العالم هو ألا يحدث من الأساس.. ثم أن حدث هو ألا يصيب عدداً كبيراً من البشر. السؤال الذي يدور في أذهان الجميع منذ أن بدأت الجائحة هو متى ستنتهي؟ ولكنني أعتقد أن الصيغة الأكثر واقعية هو كيف ستنتهي؟ الإجابة عن الصيغة الأولى قد نجدها في نماذج إحصائية متعددة تخرج علينا كل يوم.. كلها ممكنة الحدوث.. وكلها لا دليل أو ضمان على تطبيقها على الأرض.. الوباء لا ينتهي إلا بعد وجود اللقاح.. تلك هي الحقيقة الوحيدة، المشكلة تكمن في الصيغة الثانية، التي أعتقد أننا أكثر قدرة على الإجابة عنها.. سينتهي الوباء حين نعترف أن الحياة ستتخذ شكلاً جديداً.. أن نؤمن بأن التباعد هو العلاج الأكثر فاعلية.. وأنه لا حل سوى إقراره بقوة القانون، لا حل سوى تطبيق العقوبات على كل من لا يرتدي الكمامة بكل حزم.. وبدون الوقوع في فخ الشكليات.. أرى كل ليلة في طريق عودتي من العمل هؤلاء الذين يستخدمون القناع لتغطية ذقونهم دون الأنف.. وأرى من يمسكه بيده في «الميكروباص» حتى يضعه على وجهه وهو يمر من أمام لجان المرور لينزعه مرة أخرى بعدها.. كلهم يتحايلون على القانون، يظنون أن الفهلوة ستنجح كما تفعل كل مرة.. لا يعرفون أنهم يخدعون أنفسهم.. وأن الفيروس لا يصيب الإنسان عن طريق ذقنه ولا يقف فقط عند لجان المرور».

«الميه السخنة»

محمد أحمد طنطاوي في «اليوم السابع»: «الكل يعرف مصطلح «تجار الميه السخنة»، الذي يطلق على أصحاب المقاهي ومن يعملون فيها، وكان الجميع يرى أن هذه الفئة تحقق مكاسب خيالية، بأقل التكاليف، نتيجة كثرة عدد المقاهي بصورة ملحوظة لدرجة أن بعض التقديرات تقول إن هناك مليوني مقهى في مصر، ومحافظة القاهرة فقط تستحوذ على نحو 150 ألف مقهى منها، ينفق المصريون عليها مليارات الجنيهات سنويا. وبعيدا عن الأضرار والمشكلات المزمنة المرتبطة بانتشار المقاهي في مصر، إلا أن حجم العمالة غير المنتظمة في هذا المجال قد يصل إلى 5 ملايين مواطن وأسرهم، وقد تضرروا بصورة واضحة من القرارات المرتبطة بحظر التجوال، والضوابط الاحترازية الخاصة بفيروس كورونا، وأنا لا أسرد هذه التفاصيل من أجل إعادة فتح المقاهي، إلا أن الوضع يستحق المتابعة والاهتمام، من زاوية «أكل العيش»، فأغلب من يعملون فيها لا يتمتعون بحماية تأمينية، بل أن أغلبهم عمالة وافدة من خلال الهجرة الداخلية، سواء من محافظات الصعيد أو الوجه البحري. المقاهي والمطاعم والأندية الرياضية، مغلقة تماما منذ بدأت الحكومة تطبيق الإجراءات الاحترازية الخاصة بكورونا، بدون توفير أي حلول تخص فكرة عودة نشاطها مرة أخرى، أو كيف يتم تطبيق آليات التباعد الاجتماعي إذا تمت إعادة فتحها مرة أخرى، وكأن هذه المهن أو هذا النوع من التجارة سيختفي خلال الفترة المقبلة. بعض المطاعم والمقاهي وأندية الإنترنت تحملت رواتب العاملين فيها خلال شهر مارس/آذار، وبعضهم واصل حتى إبريل/نيسان، إلا أن النسبة الأكبر لم تستطع تحمل رواتب مايو/أيار، وبالطبع خلال الأشهر المقبلة، الأمر الذي يحتاج إلى ضرورة النظر إلى هذه الفئة، التي تمثل شئنا أم أبينا شريحة كبيرة من الأسر المصرية، لذلك يجب أن تكون هناك حلول واضحة تتناول مصير ومستقبل هذه الأنشطة خلال الفترة المقبلة، خاصة أن هناك تكاليف ثابتة مرتبطة بالإيجارات ومرافق المياه والكهرباء والخدمات الخاصة بها. الحقيقة التي تغيب عن البعض أن الجزء الأكبر من العمالة في مصر ليس موجودا في المصانع أو الشركات والبنوك، كما يتصور البعض، لكنه موجود لدى أصحاب الأعمال الحرة، مقهى، سوبر ماركت، مطعم، محل ملابس، إلخ. وليس بالضرورة أن تكون هذه المقاهي أو المطاعم أو محلات الملابس لشركات كبيرة أو براندات تجارية عالمية أو محلية معروفة، إنما أغلبها بسيطة العمالة، ولا يوجد فيها أكثر من 5 إلى 7 عمال في المكان الواحد على ورديات منتظمة. أؤكد للمرة الثانية أن الهدف من هذه الكلمات ليس الدعوة لفتح المقاهي أو المطاعم وسط هذه الأجواء الملبدة بالفيروس اللعين «كوفيد 19»، إلا أنها دعوة للنظر بعين الاعتبار إلى «مصدر رزق» توقف بصورة كاملة، ويحتاج العاملون فيه إلى تدخل مباشر، حتى يتمكنوا من المقاومة لحين استعادة النشاط مرة أخرى».

معارك وردود

وإلى المعركة التي خاضتها أمينة النقاش رئيس مجلس إدارة جريدة «الأهالي» وهي من شقين الأول قالت فيه: «القطاع الطبي الحكومي على مدار عقود أدى إلى هجرة عشرات الآلاف من الكفاءات الطبية خارج البلاد؟ ولا أحد يمكن أن يعترض على المشاركة المجتمعية في التصدي للآثار الاقتصادية السلبية لتفشي الوباء لكن المساواة في تحمل تلك الأعباء ليس عدلاً ومشروع القانون، الذي وافق عليه مجلس الوزراء مؤخرًا الخاص بخصم نسبة 1٪ من صافي دخل العاملين في القطاعين الحكومي والخاص ونسبة 5٪ من أصحاب المعاشات لمدة عام بدءًا من يوليو/تموز المقبل على أن يعفى من ذلك من لا يزيد صافي دخلهم شهريا عن 2000 جنيه، مثال على ذلك. فأصحاب المعاشات الذين يصرفون معظم دخلهم في نفقات الدواء والمرض، لا يجوز تحت أي اعتبار الخصم منهم، لا سيما إذا كانت هناك بدائل لا يستعان بها، بينها فرض ضرائب على الأرباح الاستثمارية في البورصة، وعلى الثروات العقارية الفاخرة وسد الثغرات، التي ينفذ منها كبار المتهربين من دفع الضرائب، بدلاً من استسهال اللجوء إلى الجيوب الخاوية. والثانية أهم لأنها قالت: في قلب الأجواء الحماسية الوطنية التي آثارها في قلوب ونفوس المصريين مسلسل «الاختيار» عن البطولات الاستثنائية للجيش في مواجهة الإرهاب فوجئ الجميع بشمول العفو الرئاسي عن مسجونين بمناسبة عيد الفطر منهم قاتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم، على الرغم من أنه محكوم عليه منذ عام 2012 بحكم مؤبد، من دون توضيح للأسباب التي قادت إلى ذلك العفو ومبرراته على الأقل، لإخراس الأصوات التي تنعق على وسائل التواصل الاجتماعي بأن الدولة تحبس المعارضين وتفرج عن القتلة».
وهي تقصد رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى.

البحث عن مبرر

قل لي كم جنازة حضرتها؟ أقل لك من أنت… كان هذا هو رد أشرف زكي على المطرب الشعبي سعد الصغير الذي شارك في جنازة الفنان حسن حسني، بينما غاب العديد من النجوم من تلاميذه، وعندما وجد (الصغير) كاميرا في مدافن الأسرة أحالها إلى فرصة لا تعوض، للمسارعة بتوجيه الاتهام للجميع. طارق الشناوي يتساءل في «المصري اليوم»: «أشرف كتركيبة نفسية لديه فيض من الثبات الانفعالي، فلماذا فقده هذه المرة، واستشاط غضبًا، وأصبح المقياس لديه في الحكم على الإنسان (عدد الجنازات التي حضرها)، بدلا من أن يسأل عن الإنجازات التي حققها. بالمناسبة أشرف لا يشارك في العزاء، أو في الذهاب للمستشفيات بصفته فقط نقيبا، أتذكر في المرحلة الزمنية بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني، عندما كان بعيدا عن كرسي النقابة، وليس منوطًا به أي واجبات اجتماعية، كنت أجده يسارع بتقديم العزاء لأسرة المتوفى، حتى لو لم يكن عضوا بالنقابة التي ينتمي إليها. الصحافة في العادة عند التغطية ترصد حركة النجوم، وتتابع الدموع لو وجدتها، وأحاديث (الموبايل) لو تورط أي منهم في الرد، وفي أحيان كثيرة تسارع بتقديم إجابات عشوائية، لمجرد أنها ينبغي أن تتقدم بإجابة. أتذكر في جنازة فاتن حمامة نشروا صورة لرجل عجوز يبكي في المسجد، أمام النعش، على اعتبار أنه زوج فاتن أستاذ الأشعة الدكتور محمد عبدالوهاب. كنت على علاقة طيبة بالطبيب الراحل، وتعجبت لتلك الجرأة، وتناقلت كل المواقع الخبر نفسه، ولا تزال صورته باكيًا تحتل المساحة نفسها باعتباره زوج فاتن، فلا أحد يعنيه التكذيب، وعندما لم يجدوا عمر الشريف في الجنازة، نشروا على لسانه تلك الإجابة (لم أحضر لأنني أخشي الزحام)، بينما عندما رحل عمر الشريف بعد فاتن ببضعة أشهر، صرح ابنه طارق بأنه بسبب (الزهايمر) لم يكن يدري أبدا أن فاتن قد رحلت، وكثيرا ما كان يسأله في أيامه الأخيرة عنها. صارت الكاميرا بكل جرأة تقتحم الخصوصية في الجنازة والصيوان، بدون أي اعتبار لمشاعر أهل المتوفى، ولا لحرمة الموت، كثيرا ما تابعنا تراشقات لفظية وجسدية داخل الجامع، بينما عدد من الزملاء يتسابقون للحصول على صورة الفنان في الكفن. النجم الذي لا يحضر صار عليه أن يتقدم بشهادة مرضية لتوضيح سبب الغياب، وهكذا قرأت مثلا أن أحد تلاميذ حسن حسني، وهو يقسم على المصحف، بأنه ركب مؤخرا دعامة في قلبه، وصار ممنوعا من مغادرة المنزل، ونجما ثانيا يؤكد أنه كان في طريقه للحضور وفوجئ بتغيير مكان الجنازة. وثالثا أقسم أيمانات مغلظة بأنه لم يعرف أساسا الخبر. لا يوجد ما يبرر البحث عن مبرر، لا أحد من حقه التفتيش عن النوايا، ليس معنى ذلك أن الوسط الفني هو عنوان الوفاء، مع الأسف الوفاء صار سلعة نادرة في المجتمع بكل أطيافه، أغلبنا صار مشغولا بمعاركه الشخصية، الموت تحول إلى مجرد خبر، ومن أول السطر، ليعود بعدها الجميع لاستكمال الصراع، وكأن الموت كأس قد توقفت عن الدوران، بعد أن ارتشف القطرة الأخيرة منه الراحل العزيز».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية