المعهد الملكي للموسيقى العربية الأثر المُضيء بأنوار الفن المصري

كمال القاضي
حجم الخط
0

يجسد مبنى معهد الموسيقى العربية أو المعهد الملكي للموسيقى تحفة مُعمارية فريدة من نوعها، فقد تأسس المعهد الكائن بشارع رمسيس بالقاهرة في عام 1914 وكان لمصطفى بك رضا المُبادرة الأولى للدعوة لحفظ التراث الموسيقي العربي.
وتجاوباً مع دعوة رضا بك والفنان محمد أحمد الحفني تم عقد أول مؤتمر للموسيقى العربية في القاهرة عام 1932 دُعيت إليه معظم الدول التي تمتلك تراثاً موسيقياً، وضم مبنى المعهد الوفود المشاركة وتم اعتماده كمؤسسة تعليمية شاملة منوط بها دراسة الموسيقى العربية دراسة أكاديمية بأصول علمية ومنهجية صحيحة.
ومن بين الأعلام الموسيقية الشهيرة التي تخرجت في المعهد العريق الذي قام بافتتاحه الملك فؤاد الأول، المايسترو عبد الحليم نويرة والموسيقار محمد عبد الوهاب، وقد أطلق على معهد الموسيقى العربية اسم الملك فؤاد فسمي بمعهد فؤاد الأول أو المعهد الملكي حسب تسمية الموسيقيين له حينئذ.
لقد شهد معهد الموسيقى العربية بداية الكثير من نجوم الموسيقى والغناء أبرزهم الشقيقان إسماعيل شبانة وعبد الحليم حافظ اللذان درسا فيه دراسة وافية للموسيقى على يد كبار الأساتذة والمُلحنين والموسيقيين المتخصصين في العزف والصولفيج والفوكاليز والموشحات والإيقاع والتاريخ الموسيقي وغيرها من المواد التخصصية المهمة.
وعلى مدى سنوات طويلة تجاوزت النصف قرن أو يزيد استمر المعهد في أداء رسالته التعليمية بالقواعد العلمية السليمة إلى أن أنشئت أكاديمية الفنون بعد قيام ثورة يوليو وضمت بين تخصصاتها دراسة الموسيقى فأنشئ المعهد العالي للموسيقى العربية الذي استوعب الحاصلين على الشهادة الثانوية من ذوي المواهب في المجال الموسيقي والغنائي.

مؤسسة تعليمية حرة

وبوجود أكاديمية الفنون تحول المعهد الملكي إلى مؤسسة تعليمية حرة للدارسين من غير شروط أو قيود تحول دون تمكنهم من الدراسة فلم يشترط المعهد إلا الموهبة فقط في الدارس كي يلتحق بقافلة الطُلاب ويُصبح مُقيداً في سجلات المعهد وله نصيب من فرص التعلم بالتخصصات المُختلفة.
وبهذا التسهيل والتيسير تمكن عدد كبير من أصحاب المواهب التلقائية الفطرية من الالتحاق بالدراسة، لكن في عام 2001 تم تسجيل المعهد كأثر لمرور مئة عام على إنشائه وتم ضمه إلى المركز الثقافي القومي «دار الأوبرا المصرية» وأعيد ترميمه وتجديده بمعرفة هيئة الآثار المصرية وأضيفت إليه بعض التقنيات الفنية الحديثة كتقنيات الصوت والإضاءة لزوم تشغيل المسرح المُلحق به وهو مسرح محمد عبد الوهاب الذي تم استغلاله في إقامة الحفلات الغنائية والموسيقية ليستعيد المعهد القديم مجده ودورة التنويري الفائت.
كما شمل التطوير المكتبة الموسيقية التي تحتوي على تسجيلات موسيقية وغنائية نادرة للرواد والرائدات، غير أن المعهد يضم في جانب منه متحفاً خاصاً بمُقتنيات الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب ونوته الموسيقية وغرفة نومه وغرفة مكتبة وقطع الأثاث المُفضلة لديه، وفي قاعة الذكريات بالمتحف ذاته توجد جميع أفلامه السينمائية كالوردة البيضاء ويوم سعيد إلى آخر العناوين، فضلاً عن احتواء قاعة الذكريات على أهم مُقتنيات الموسيقار ومتعلقاته الشخصية في مرحلة الطفولة والصبا والشباب.
ومن أهم محتويات المعهد الذي تحول إلى متحف لحفظ التراث الموسيقي بيانو به ربع تون وهي درجة عزف موسيقية لا توجد إلا في هذا البيانو فقط لذا اعتبره الخُبراء والمتخصصون من أندر الآلات الموسيقية في العالم فهو قطعة فريدة من نوعها وغير مُكررة.
يُذكر أن أول أوبريت غنائي تم تقديمه في افتتاح المعهد الملكي كتبه أمير الشعراء أحمد شوقي وشارك بالغناء فيه محمد عبد الوهاب وكان لا يزال طفلاً صغيراً في طريقة للاكتشاف، وقد حدث بالفعل واكتشفه شوقي وتبناه حتى صار من ألمع نجوم الغناء والموسيقى في العالم العربي.
ويواصل المعهد الأثري الكائن في شارع رمسيس دوره الإبداعي بشكل مُختلف عبر الحفلات التي تنظمها دار الأوبرا المصرية وتُقام على مسرح عبد الوهاب ويتم خلالها إحياء تراث أم كلثوم وعبد الوهاب وفيروز والرحبانية ووديع الصافي ورياض السنباطي وفريد الأطرش ومحمد الموجي وبليغ حمدي وكمال الطويل وغيرهم من رموز الموسيقى والغناء العرب.
ويتيح المعهد أيضاً الفرصة أمام الموهوبين من ذوي الهمم للالتحاق بالدراسات الحرة المسائية لاكتشاف مواهبهم في العزف والتلحين والغناء وتمكينهم من ممارسة نشاطهم الفني بعد إنهاء الدراسة بشكل طبيعي.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية