المغاربة يواجهون غضبهم من غلاء الخضار بالسخرية… ومواطن يواعد الطماطم والبصل: «نلتقي لاحقا»

 عبد العزيز بنعبو
حجم الخط
7

الرباط ـ «القدس العربي»: استبدل المغاربة بغضبهم من ارتفاع أسعار الخضار سخرية لاذعة وبليغة من خلال تدوينات تنوعت في صياغتها وتوحدت في مضمونها، وكانت النكتة سبيلها نحو التعبير عن واقع صار معه السوق مثل جحيم، يلزم المقبل عليه أن يتسلح بكثير من الصبر والإيمان والقدرة على الإمساك باللهب.
إلى وقت قريب كانت “الطماطم” أو باللغة الدارجة المغربية “مطيشة” ورفيقتها في الطبخ البصل “البصلة”، بمثابة بحر الرجز بالنسبة للشعراء فهو حمارهم، فقد تعارف المغاربة على أن وجبة “البيض ومطيشة” يعني البيض والطماطم، هي الأسهل والأكثر شهرة والأقل كلفة، كان هذا في زمن غابر، أما اليوم فقد تحولت الطماطم إلى فاكهة “محرمة” ومن يقترب منها عليه أن يدفع ثمن خطيئته من ميزانيته الخاصة.
من النكات التي جاءت على شكل صورة، تلك التي تم تداولها على تطبيق التراسل الفوري “واتساب”، وتظهر فيها سيارة مصفحة من النوع المخصص لنقل الأموال أو الأشياء الثمينة، وقد كتب على جانبها “نقل البصلة ومطيشة”، بمعنى نقل البصل والطماطم.
ذلك هو دأب المغاربة، النكتة سبيلهم للتعبير، وذلك ما قام به عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ومن بينهم نجد شخصيات عامة ومشهورة في الوسط الفني والإعلامي، حيث نشر المخرج التلفزيوني، العيادي الخرازي، تدوينة قال فيها: “قصة واقعية: مطيشة وصلت 15 درهماً!، كان هذا قبل أيام، السعر تغير، انخفض قليلاً، وصار إلى حدود السبت 11 شباط/ فبراير عشرة دراهم، في أسواق مدينة سلا المجاورة للرباط”.
تدوينة أخرى نشرها السيناريست حسن مجاهد، على فيسبوك، وهي عبارة عن مجموعة من الصور هي أفكار لعيد الحب، حيث تحولت الطماطم إلى باقة ورد، وفي أخرى الثوم أيضاً والبطاطس، أما البصل فقد تحول إلى قطع شكولاتة في علبة فاخرة.
بلاغة السخرية لم تتوقف عند هذا الحد، فقد نشر مواطن على المنصة ذاتها، تدوينة قال فيها: “دابا لي عندو البصلة ومطيشة يلوحها في اڤيطوا مي حتاجش يديها الجوطية”، بمعنى: من لديه البصل والطماطم يعلن عنها في موقع خاص بالبيع والشراء الرقمي، دون الحاجة إلى حملها للسوق”.
مواطن آخر نشر كلمة وداع للطماطم والبصل مع صورة للسلاطة، وقال: “وداعاً أيتها المعشوقة، البصلة ومطيشة بـ 10 دراهم، نلتقي لاحقاً”، فيما نشر مدون صورة سيارة نقل الأموال، وكتب تعليقاً قال فيه: “شركات نقل الأموال تضيف الخضراوات المغربية النفيسة البصلة ومطيشة”.
ومع ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق وتوجه أصابع الاتهام بشكل مباشر إلى المضاربين والوسطاء، تدخلت الحكومة وأرسلت إشارات تطمئن من خلالها المواطنين، فوزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح، صرحت بأن أن أسعار اللحوم والخضر ستعرف انخفاضاً خلال الأيام أو الأسابيع القليلة المقبلة.
وجاء تصريحها للصحافة عقب اجتماع للجنة الوزارية المركزية المكلفة بتتبع الأسعار، حيث أكدت أن الحكومة باشرت إجراءات وصفتها بـ “مهمة” للحد من ارتفاع الأسعار وضمان تموين الأسواق.
وخصت بالذكر في تصريحها اللحوم، التي قامت الحكومة بإجراء يتمثل في إلغاء الضريبة على القيمة المضافة، ووقف استيفاء الرسوم الجمركية على استيراد الأبقار الموجهة للذبح.
الوزيرة لم تنس ذكر أسباب ارتفاع الأسعار، ومنها ما هو موضوعي مثل الجفاف وبرودة الجو، لكنها أشارت إلى وجود عدد من التلاعبات والمضاربات في الأسواق، ولأجل ذلك شددت على ضرورة تكثيف المراقبة ومواصلتها ميدانياً وتعبئة كل القطاعات والمصالح المعنية.
وبادرت وزارة الداخلية إلى عقد اجتماع للجنة مشتركة رفيعة المستوى لليقظة، مكونة من وزراء الاقتصاد والمالية، والفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، والصناعة والتجارة، والانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، بالإضافة إلى وزير الداخلية.
وأوضحت وكالة الأنباء المغربية أن اللجنة ستعمل بشكل متواصل، إلى غاية انقضاء شهر رمضان المقبل، بهدف تتبع وضعية تموين الأسواق الوطنية ومستوى أسعار المواد الأساسية، ومعالجة الإشكالات وتأطير وتعزيز تدخلات المصالح المكلفة بالمراقبة وبحماية المستهلك وآليات التنسيق بين مختلف الإدارات والهيئات المعنية.
وتدارست اللجنة في اجتماعها سبل تنزيل مختلف الإجراءات الضرورية التي من شأنها تلبية متطلبات السوق الوطنية وتوفير مخزون كاف وبكيفية منتظمة من جميع المواد الأساسية، فضلاً عن التدابير الكفيلة بضمان سلامة المستهلك والحفاظ على قدرته الشرائية ومحاربة مختلف الممارسات المخالفة للقانون.
أما حديث المضاربات فقد كان حاضراً في تصريح أدلى به أحمد رحو، رئيس مجلس المنافسة (مؤسسة رسمية)، قال فيه إن أن هناك ممارسات يلجأ إليها المضاربون والوسطاء تؤدي إلى الزيادة في أثمنة بعض المواد؛ مشدداً على أن ذلك يتطلب يقظة وتعبئة مستمرتين لمواجهتها خاصة مع اقتراب شهر رمضان الكريم الذي يكثر فيه الطلب على المواد الاستهلاكية عموماً.
وإلى حين عودة الطماطم والبصل وباقي الخضر إلى أرض الواقع بعيداً عن التحليق في علياء الغلاء، تبقى السخرية المغربية حاضرة في اليومي المعيش، الذي يتجلى في مواقع التواصل الاجتماعي وفي جلسات المقاهي وفي نقاشات المواطنين مع الباعة في الأسواق.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Akram alani:

    To all who complained of shortage fruits or vegetables , try to implant these in short space in your home or apartment, it very easy and available seeds and plants . Depends on yourself.

    1. يقول علي الجزائري:

      ! كيف لشعب بحجم 37.08 مليون نسمة أن يغرس خضاره و فواكهه و زيته و سكره و طماطمه المعلبة و صابونه و..و في بيته .. ؟ هل تدري ما تقول؟!

    2. يقول هيثم:

      الى الأخ علي الجزائري: فعلا يمكن أن يقوم المرء بزراعة واستغلال بعض المنتجات مثل الخضر و الفواكه في شرفة الشقة أو على سطح المنزل الذي يقطنه. لكن ليس مل انواع المزروعات و تبقى الكميات محدودة جدا من اجل استهلاك أسرة صغيرة غير أن هذا ليس متاحا للجميع . على اليوتوب توجد بعض الأمثلة. طبعا أسعار الخضر و الفواكه و اللحوم والبيض و الحليب و مشتقاته ارتفعت بشكل صاروخي في المغرب و الأسباب متعددة ومتداخلة و يعد التصدير الى الخارج بالنسبة للخضر والفواكه بالخصوص السبب الرئيسي في الغلاء.

  2. يقول مواطن:

    هذا الارتفاع تتحمله الحكومة التي ضيقت معيشة المواطنين منذ أن تولت مهمتها. رئيسها يعيد تربية المغاربة كما قالها سابقا.

  3. يقول lahocine:

    ناس بلا ضمير يستغلون الفرص ، بلا رحمة ولا شفقة يقومون بزيادة الاسعار ، أو بالاحتكار عن طريق تخزين السلع بقصد زيادة اسعارها ، و قد قامت السلطات بوضع اليد على كثير من هذه النماذج البشرية. اغنياء الحروب و مستغلي الفرص، وحوش في أجساد بشرية. حسبنا الله و نعم الوكيل.

  4. يقول Jamil:

    الغلاء و الفقر يولدان الانفجار.

  5. يقول الركوع للخالق:

    قالها الصحابي الجليل عمر لو كان الفقر رجل لقتلته.

إشترك في قائمتنا البريدية