الرباط –« القدس العربي»: على إيقاع اعتصام آلاف الأساتذة أمام مقر وزارة التربية الوطنية في المغرب، عقد وزير التعليم اجتماعاً مع النقابات الأكثر تمثيلية في قطاع التعليم بناء على طلب لقاء صدر من الهيئات النقابية، ليكون ملف أساتذة التعاقد أهم ملف على طاولة اللقاء بعد أن دخلت احتجاجات الأساتذة أسبوعها السادس واستمرت حتى في أيام العطلة الدراسية بعدما أعلن الأساتذة عن برنامج احتجاجي بالعاصمة الرباط مدة ثلاثة أيام ابتداء من الإثنين إلى غاية اليوم الأربعاء للمطالبة بإدماجهم في الوظيفة العمومية. لقاء النقابات والوزارة شطر منه قالت مصادر نقابية إنه لتدارس ملف أساتذة التعاقد أمس الثلاثاء وشطر آخر سيتم تخصيصه غداً الخميس لتدارس الملفات العالقة الأخرى في قطاع التعليم.
وفيما حط آلاف الأساتذة الرحال أمام مقر وزارة التعليم في إصرار على تحقيق مطلبهم الأساس وهو «إسقاط التعاقد»، أصرت الوزارة على محاورة ممثلي النقابات دون استدعاء الطرف المعني بالاحتجاجات التي شلت غالبية المدارس العمومية وتهدد بسنة دراسية بيضاء، وهو «التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد». الإطار الذي يلف جيل المدرسين ممن شغلتهم الدولة بتعاقد لا يتيح لهم نفس وضعية المدرسين المدمجين في القانون الأساسي لوزارة التربية الوطنية رغم القيام بنفس الواجبات، وهو الأمر الذي سبق أن صرحت الحكومة عبر ناطقها الرسمي، مصطفى الخلفي، بأنه مناف للحقيقة، مفضلة استعمال تسمية «الأساتذة موظفي الأكاديميات» عوض «الأساتذة المتعاقدين» ومعتبرة أن التعديلات التي تم إدخالها تمكنهم من نفس الحقوق أسوة بزملائهم المدمجين في القانون الأساسي لوزارة التعليم .
وقبل اعتصام الثلاثاء، جابت مسيرة حاشدة قلب العاصمة الرباط، حمل فيها الأساتذة الشموع والبالونات وانتهت باعتصام إلى غاية الساعة التاسعة ليلاً أمام مقر البرلمان، مرددين شعارات تطالب بإدماجهم في الوظيفة العمومية ومنددة بالفساد وما أسموه «تمرداً» في شعاراتهم «أعلنا التمرد حتى إسقاط التعاقد»، «هي كلمة واحدة..هذه المنظومة فاسدة» ، «هي كلمة صريحة والفساد عطا الريحة «… ولم تعرف المسيرة أي احتكاك مع رجال الأمن رغم منعهم من التجمع مساء الإثنين في الساحة التي أعلنوها كبؤرة لتجمع الأساتذة وانطلاق مسيرتهم من قرب وادي أبي رقراق ، فاختاروا الانتقال نحو البرلمان . مسيرات الأساتذة واعتصاماتهم الجهوية والوطنية تتواصل رغم تلويح وزارة التعليم بورقة الطرد لمن لم يلتحقوا بفصول الدرس، بل إنهم عكسوا الآية وحموا البطاقة الحمراء في وجه وزير التعليم، حيث رفع آلاف الأساتذة بطاقات حمراء خلال مسيرة مساء الإثنين ورددوا شعارات تطالب برحيل، سعيد أمزازي، وزير التعليم الذي جالس النقابات الست دون حضور لممثلي الأساتذة رغم إصرار النقابات نفسها على ضرورة إشراك «التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد» في جلسات الحوار مع الوزارة.
تنسيقية أساتذة التعاقد أكدت لـ«القدس العربي» أنه لم يتم استدعاؤها بشكل رسمي لأي حوار، لا سواء من طرف وزارة التعليم أو من طرف الحكومة، وأن اللقاءات التي تمت مع الفرق البرلمانية هي في إطار حملة التعريف بملف الأساتذة «المتعاقدين» ، كما نفت في ندوة صحافية سابقة أي إلغاء أقدمت عليه الوزارة للتعاقد، وهو ما أكده محمد آيت أحمد، عضو المجلس الوطني لـ»التنسقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد»، قائلاً إن «الخطوات الاحتجاجية الأخيرة التي أقدمت عليها التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد جاءت في إطار الرد على ما يسمى بالتوظيف الجهوي والرد على ما أشار إليه وزير التربية الوطنية في ندوته الأخيرة من تلويح بالطرد ومن ترهيب للأساتذة»، مؤكداً في تصريح لـ«القدس العربي» أن «ما قاله الوزير بخصوص التوظيف الجهوي وإلغاء التعاقد هو مجرد مغالطات، لأن في اعتقادنا كتنسيقية، التعاقد ما زال سارياً بمضمون جديد وبلغة جديدة، وما تم تغييره هو مجرد مفاهيم، وتم إسقاط مفهوم التعاقد وليس التعاقد، كما أن ما صرح به الوزير سابقاً بخصوص تفعيل مسطرة ترك الوظيفة لا يمكن إلا أن يؤجج الأوضاع «.
وعن الحوار وعدم استدعاء تنسيقية الأساتذة، نفى آيت أحمد أي مبادرة من قبل الوزارة في هذا الاتجاه رغم الدعوات للحوار، قائلاً: « فيما يخص الحوار وادعاء بعض الأطراف أن الوزارة قد استدعت التنسيقية، فإننا نؤكد أننا لم نتلق أي دعوى رسيمة بخصوص حوار رسمي مع الوزارة أو مع الحكومة، وأن ما يتعلق باللقاءات مع البرلمانيين هي لقاءات تواصلية للتعريف بقضيتنا وليست حواراً، هي لقاءات كباقي اللقاءات مع المنظمات الحقوقة والمجتمع المدني».