الرباط – «القدس العربي» : أعلنت “النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام” عن نجاح إضرابها الثاني الذي جاء بنسبة 90 في المئة، فيما كانت نسبة نجاح الإضراب الوطني الأول ما بين 75 و100 في المئة حسب الأقاليم والمستشفيات والمراكز الصحية.
وقال الدكتور عبد المالك لهناوي، نائب الكاتب العام للنقابة، في تصريح لـ “القدس العربي”، إن الإضراب هو جزء من برنامج احتجاجي شامل سطرته النقابة، امتد على مدى ثلاثة أسابيع، وعبر مختلف الأشكال الاحتجاجية من إضرابات وطنية ووقفات احتجاجية بكل الجهات إلى جانب إعلان “أسبوع الغضب”، وتوزعت أشكاله الاحتجاجية بين الوقفات الجهوية والإقليمية، وتوقيف جميع الفحوص الطبية في مراكز التشخيص، مع الدخول في “إضراب الخواتم الطبية طيلة أسبوع الغضب”.
وأوضح المتحدث أنه إلى جانب نجاح الإضراب، كانت هناك وقفات احتجاجية شملت جميع الأقاليم تقريباً، وذلك خلال الأسبوع الثاني من برنامج النقابة “النضالي”.
أما بخصوص مدى تفاعل القطاع الحكومي الوصي مع البرنامج الاحتجاجي، فأفاد نائب الكاتب العام للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، بأن أول لقاء مع وزير الصحة الجديد كان الأسبوع الماضي في مقر الوزارة في الرباط، وكانت مناسبة لبسط كل نقاط “الملف المطلبي الوطني”.
وأضاف الدكتور لهناوي أن “كلمات أعضاء المكتب الوطني الثلاثة الذين مثلوا النقابة في الاجتماع مع وزير الصحة، شرحت المواقف الرسمية من أجل وضعه في الصورة العامة، لأنه وافد جديد”. وأوضح أن “إعلان قرار الإضراب كان قبل مجيء الوزير الجديد، وحصل في سياق وطني محتقن، ولا مجال للتراجع عنه”، لكن في المقابل، يبرز المتحدث نفسه، أظهر وفد النقابة الرغبة في حوارات قريبة فيو لجان تقنية لعرض ردودنا على بنود مشاريع القوانين المطروحة”. واستدرك قائلاً: “لكنهم تراجعوا عن أفعالهم بطريقة مبهمة رغم حسن نوايانا، وما زلنا متفائلين”، كما شدد على ضرورة إعطاء الوزير الجديد فرصة لكي يرتب أموره داخل الوزارة. ولفت الانتباه إلى أنه “إذا طال الأمر فسوف نستمر في الاحتجاج”.
وسألت “القدس العربي” عبد المالك لهناوي عن أولويات الملف المطلبي الذي تضعه النقابة على طاولة الوزارة، فأجاب أنها “تتعلق بالقوانين المهيكلة للمنظومة الصحية، وأولها الحفاظ على الضمانات الخاصة بالعاملين في قطاع الصحة كموظفين، وكذلك صرف رواتب العاملين الذين جرى نقلهم تلقائياً إلى المجمعات الصحية الترابية (البلدية) من الميزانية العامة، إلى جانب الاستجابة للملاحظات التي سجلناها على القانون الأساسي والذي تضمن تراجعات كبيرة”.
ومن المطالب الملحة أيضاً، يوضح الدكتور لهناوي: “تلك التي تتعلق بتحفيز العاملين في القطاع الصحي، وخاصة الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان، في ظل ما يعرفه القطاع من هجرة كبيرة نحو الخارج، إلى جانب الهجرة إلى القطاع الخاص”.
وحسب المتحدث، فإن الوزارة تتحدث عن عدة أهداف لإصلاح المنظومة الصحية، من بينها تحفيز العنصر البشري، وقال: “لذلك نحن في النقابة كأطباء وصيادلة وأطباء الأسنان، نطالب بخطوات وإجراءات ملموسة في إطار التحفيز ومنها السلم الوظيفي والدرجات خارجه، حتى لا يضطر الطبيب الانتظار إلى حين التقاعد دون أن يصل إلى الترقية التي يستحقها جراء مسيرته المهنية الطويلة”.
وتطرق المسؤول النقابي إلى المطلب الملح الآخر المتعلق بالزيادة في الرواتب، موضحاً: “نحن الفئة الوحيدة التي لم تستفد من الزيادة في الرواتب داخل سلك الوظيفة العمومية على الصعيد الوطني”، وشدد على أن “جميع رواتب الموظفين شملتها الزيادة إلا الأطباء”.
وفي ما يخص أفق الحوار مع وزارة الصحة، قال عبد المالك لهناوي لـ”القدس العربي”: “النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام متفائلة وتؤمن بالحوار أولاً، أما الاحتجاج فنكون مضطرين له، وسوف نواصل برنامجنا الاحتجاجي إلى حين الاستجابة لكل مطالبنا الملحة والمشروعة”.
وكانت النقابة قد استعرضت أسباب برنامجها الاحتجاجي، ومنها النظام الأساسي النموذجي الذي وصفته بـ”الفضيحة”، لأنه باعتقادها “يحمل في طياته فصولاً ملغومة تخص الممارسة اليومية بالمؤسسات الصحية، وتضرب في العمق مجموعة من الحقوق الأساسية والمكتسبات المكفولة في النظام الأساسي للوظيفة العمومية، بل ويعطي للمدير العام صلاحيات للعزل والطرد التعسفي والشطط في استعمال السلطة والتقرير في مواقيت العمل ومقرات العمل كما أراد، ويحرم فئة الأطباء من الترقي في الدرجة بالصيغة القديمة بتحديد كوطا (حصة) مشؤومة”.
وزادت النقابة موضحة أن “التراجع الذي حمله مشروع قانون المالية (الموازنة العامة) ما هو إلا النقطة التي أفاضت الكأس”، وأنه “حتى في حالة تجاوزها، فستظل الكأس ممتلئة بالمشاكل وبمسلسل الإجهاز على حقوق الأطباء، لذلك فإن مسببات الاحتقان الحالي تتجاوز بكثير هذه النقطة وحدها، بل تتعلق بملف مطلبي متكامل”.
وأشارت في بيانها إلى غياب ضمانات حقيقية لحفاظ الأطباء في القطاع العام على صفة “موظف عمومي كامل الحقوق”، كما أن هناك “تجاهلاً كلياً لكل النقاط الخاصة بالمطالب ذات الأثر المادي، والأخرى التي تخص ضمانات الوضعية الاعتبارية”، بالإضافة إلى ملاحظات مثل تلك المتعلقة بالنقط المطلبية التي بقيت عالقة، و”عدم الالتزام الحكومي والتراجع المستمر عن كل ما اتفق عليه، والذي تم توقيع محضر اتفاق عام بشأنه يوم 29 كانون الأول/ ديسمبر 2023″، وبالمحضر الخاص بين النقابة ووزارة الصحة نهاية كانون الثاني/ يناير 2024.