المغرب: انطلاق الموسم الدراسي بصيغة «التعليم عن بعد» في المناطق الموبوءة والحكومة تتجه إلى تمديد الطوارئ الصحية

الطاهر الطويل
حجم الخط
1

الرباط ـ «القدس العربي»: تتجه الحكومة المغربية إلى تمديد حالة الطوارئ الصحية لفترة جديدة، بعد تسجيل حصيلة ثقيلة وغير مسبوقة في المغرب للمصابين بفيروس كورونا المستجد، بلغت إلى حدود عشية الأحد2234 حالة جديدة، حوالي نصفها في مدينة الدار البيضاء وحدها، وهو ما حدا بالسلطات إلى إصدار قرار بإغلاق هذه المدينة وحظر التنقل الليلي فيها لمدة 14 يوماً.
وأعلنت وزارة الصحة المغربية عن تسجيل 2234 إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) و1345 حالة شفاء، و32 حالة وفاة خلال الـ24 ساعة. وأوضحت أن الحصيلة الجديدة رفعت العدد الإجمالي لحالات الإصابة المؤكدة في المغرب إلى 72 ألفاً و394 حالة منذ الإعلان عن أول حالة في 2 آذار/ مارس الماضي، ومجموع حالات الشفاء التام إلى 55 ألفاً و274 حالة، بمعدل تعاف يناهز 76,4 في المئة، فيما ارتفع عدد الوفيات إلى 1361 حالة، بمعدل فتك يبلغ 1,9 بالمائة. وتتوزع الحالات المسجلة عبر جهات المغرب بين كل من جهات الدار البيضاء – سطات (948 حالة) ودرعة – تافيلالت (287) ومراكش – آسفي (228) وبني ملال – خنيفرة (165) والرباط – سلا – القنيطرة (130). كما تم تسجيل 118 حالة إصابة في جهة طنجة – تطوان – الحسيمة، و109 جهة سوس – ماسة، و94 جهة فاس – مكناس، و87 جهة الداخلة – وادي الذهب، و38 حالة في جهة العيون – الساقية الحمراء. وتم أيضا تسجيل 17 حالة إصابة في جهة كلميم-واد نون، و13 جهة الشرق.
وأصبح مجموع الحالات النشطة التي تتلقى العلاج حالياً، يبلغ 15 ألفاً و759حالة، أي بمعدل 43,4 حالة لكل 100 ألف نسمة. في حين يصل مجموع الحالات الخطيرة أو الحرجة الموجودة حالياً في أقسام الإنعاش والعناية المركزة إلى 201 حالة، 33 منها تحت التنفس الاصطناعي – الاختراقي.
في ظل هذه الوضعية، تستعد الحكومة المغربية لدراسة تمديد حالة الطوارئ الصحية، حيث سيتدارس مجلس الحكومة الذي سينعقد غداً الأربعاء مشروع مرسوم يتعلق بتمديد مدة سريان مفعول حالة الطوارئ الصحية في سائر أرجاء الأراضي المغربية لمواجهة فيروس كورونا «كوفيد- 19» علماً بأن آخر تمديد لهذه الحالة ينتهي الخميس 10 أيلول/ سبتمبر.
وأضاف بلاغ صحفي في الموضوع أن المجلس سيتدارس أيضاً مشروع مرسوم بقانون يتعلق بسنّ تدابير استثنائية لفائدة بعض المشغّلين، المنخرطين في «الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي» والعاملين لديهم المصرح بهم، وبعض فئات العمال المستقلين، والأشخاص غير الأجراء المؤمنين لدى الصندوق، المتضررين من تداعيات تفشي جائحة فيروس كورونا.
وجاءت هذه التدابير الجديدة مع انطلاق الموسم الدراسي الجديد في المغرب، الإثنين، حيث قررت السلطات المحلية اعتماد صيغة «التعليم عن بعد» في العديد من المدن المغربية كالرباط ومراكش ومكناس وطنجة… ويتعلق الأمر بالأحياء الموبوءة؛ حيث يكون التلاميذ مطالبين بتلقي الدروس من أساتذتهم عن طريق الإنترنت أو متابعتها عبر بعض القنوات التلفزيونية الرسمية.

إغلاق الدار البيضاء

إلى ذلك، أعلنت الحكومة المغربية مساء أمس الأحد، في بلاغ عاجل، عن إغلاق مدينة الدار البيضاء بشكل كلي، ودخولها في حجر صحي مشدد، على إثر وجود بؤر منتشرة للوباء في معظم مناطقها، مما ساهم في رفع الحصيلة الوبائية اليومية الأحد، في المغرب إلى أكثر من 2000 إصابة.
وجاء في البلاغ أنه سيتم إغلاق جميع منافذ عمالة الدار البيضاء، وإخضاع التنقل منها وإليها لرخصة استثنائية مسلمة من طرف السلطات المحلية، وإغلاق جميع المؤسسات التعليمية، من ابتدائي وإعدادي وثانوي وجامعي، واعتماد صيغة التعليم عن بعد. كما سيتم إغلاق أسواق القرب في الساعة الثالثة زوالاً، وإغلاق المقاهي والمحلات التجارية في الساعة الثامنة مساء، والمطاعم في الساعة التاسعة ليلاً. وسيتم أيضاً إقرار حظر التنقل الليلي بجميع مناطق الدار البيضاء، من الساعة العاشرة ليلاً إلى الساعة الخامسة صباحاً، مع السماح بالتنقل للكوادر الصحية والأمنية، والعاملين في القطاعات الحيوية والحساسة، وقطاع نقل السلع والبضائع، شريطة توفرهم على ما يثبت عملهم الليلي. وأضاف البلاغ الحكومي أن العمل بهذه الإجراءات سيستمر طيلة أربعة عشر يوماً المقبلة، مع إخضاع الوضعية الوبائية في المدينة لتقييم دقيق ومستمر لاتخاذ القرار المناسب بشأنها. وقال وزير الصحة المغربي، خالد آيت طالب، إن الحالات التي تبدو عليها أعراض فيروس «كورونا» ستمضي في الزيادة حتى تتجاوز الحالات التي لا تظهر عليها أعراض، مؤكداً أن ذلك سيشكل تحدياً كبيراً للمنظومة الصحية التي ستجد صعوبة في استيعاب مزيد من الحالات في الأيام القادمة. وأضاف في تصريح للصحافة: «لقد فعلنا ما يلزم من أجل احتواء انتشار الفيروس في الدار البيضاء من خلال اتخاذ الإجراءات الوقائية وإقامة الحواجز الصحية والأمنية وتقليص الحركية، وكذا على مستوى التواصل، وذلك بهدف تشجيع الناس على الامتثال لتدابير الحجر. ومع ذلك، ما زلنا نشهد ارتفاعاً كبيراً في عدد الحالات».
وأكد الوزير المغربي أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة على مستوى محافظة الدار البيضاء ترمي إلى احتواء ووقف انتشار جائحة فيروس كورونا، وتمكين المنظومة الصحية من التكفل بحالات الإصابة على نحو ملائم. وأفاد أن الحالة الوبائية في المغرب عرفت منحى تصاعدياً خلال الأسابيع الأخيرة، مع تسجيل رقم قياسي في عدد الإصابات، مشيراً إلى أن 42 في المائة من مجموع هذه الحالات سجلت في جهة الدار البيضاء. وأضاف أن هذه الجهة تمثل اليوم استثناء من خلال تسجيلها لعدد كبير من الحالات الحرجة، أي 89 مريضاً من بين 201 حالة مسجلة، وهو ما يمثل نسبة حوالي 45 في المائة من مجموع هذه الحالات.
ونبه إلى أن «هذا يفسر انتشار الفيروس بقوة اليوم، ما يعني أن الحالات التي تبدو عليها الأعراض ستمضي في الزيادة حتى تتجاوز الحالات التي لا تظهر عليها أعراض، ما يشكل تحدياً كبيراً للمنظومة الصحية التي ستجد صعوبة في استيعاب مزيد من الحالات في الأيام القادمة». وتابع: «نحن أمام خطر استفحال الوضعية الوبائية، لذلك من اللازم اتخاذ إجراءات وتدابير صارمة من أجل تدارك الموقف، وإلا فإن الأمور قد تخرج عن السيطرة».

القرارات الليلية

وخلف قرار الحكومة المغربية، القاضي بإغلاق جميع المؤسسات التعليمية في الدار البيضاء، من ابتدائي وإعدادي وجامعي، واعتماد صيغة التعليم عن بعد، موجة غضب عارمة واستنكاراً شديداً في صفوف العديد من المواطنين، وفق ما أورد موقع «الجريدة 24».
كما أحدث هذا القرار المفاجئ الذي تم إصداره ليلاً ارتباكاً شديداً لدى هيئة التدريس التي وجدت نفسها أمام هذا المتغير دون سابق إنذار. وامتلأت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بتدوينات غاضبة تصف هذا الإجراء بـ«القرار الليلي المفاجئ» وغير الصائب، فيما اختار البعض السخرية والتهكم على «القرارات الليلية العشوائية» التي لا تراعي مصلحة المواطن. ولاحظ البعض متندراً أن الحكومة المغربية لا تعمل إلا مساء الآحاد، حيث تصدر قراراتها الليلية.
على صعيد آخر، طالبت نقابة تعليمية وزارة التربية الوطنية والتكون المهني والتعلم العالي والبحث العلمي بإجراء «تقييم عاجل لبنيات استقبال التلاميذ ومدى احترامها للشروط الصحية المنصوص عليها من خلال وضع شبكة تتضمن مؤشرات للإنجاز وإسقاطها في تقارير، بشكل يبيّن مكامن القوة والضعف في منظومة الحماية والتدخل السريع والفعال».
وحرصت «الجامعة الحرة للتعليم» (الذراع النقابية لحزب الاستقلال المعارض) على تنبيه الحكومة المغربية ووزارة التعليم إلى «الإيمان بوحدة الصف بين كل الشركاء الاجتماعيين لتقوية الجبهة ضد الوباء وإصدار قرارات قابلة للتطبيق تبدد الضبابية وتزرع الثقة». وجددت النقابة مطلبها لوزير التربية الوطنية سعيد أمزازي بـ«إشراك النقابات التعليمية في لجان اليقظة الإقليمية، اعتباراً لأدوارها الطلائعية في تسهيل الدخول المدرسي، وكذا الإفراج عن كل المراسيم الاتفاقية والقضايا العالقة كتعبير واقعي عن العمل الجاد الذي قامت به الأسرة التعليمية في ضمان الاستمرارية البيداغوجية وإنجاح تحدي امتحانات السنة أولى بكالوريا (الثانوية العامة). واعتبر المكتب التنفيذي للجامعة الحرة للتعليم أن «إعادة فتح المدارس هو خيار صعب جداً، لكنه يبقى الأفضل لضمان تكافؤ الفرص للمتعلمين، بشرط الصرامة في مواجهة تفشي الجائحة بمسؤولية ووعي جماعي الذي يفرض على كل مواطن أن يساهم في حماية نفسه ومجتمعه» وفق ما أورد موقع «لكم».
وعلقت صحيفة «أوجوردوي لوماروك» (المغرب اليوم، الناطقة بالفرنسية) على انطلاق الموسم المدرسي الجديد في المغرب، فكتبت تحت عنوان «ارتباك عام» إن حالة الارتباك التي يعيشها آباء وأولياء التلاميذ ببعض المدن أو الجهات تستدعي اتخاد بعض الإجراءات الضرورية للتحكم في الوضع. وفي واقع الأمر، يتذكر الجميع التصريحات القوية لوزير التعليم، قبل أيام قليلة، عندما صرح عبر وسائل الإعلام وفي البرلمان بأن الدخول المدرسي لن يؤجل، وأن العودة إلى الأقسام الدراسية ستتم وفق النمط الحضوري إذا رغب الآباء في ذلك أو عن بعد. لكن عشية الدخول المدرسي، تم تسجيل العديد من القرارات على صعيد بعض المدن، تتناقض مع تصريحات الوزير. وفي نهاية المطاف، فإن الأمر لا يتعلق بأي تناقض، وإنما بمشكل على مستوى التنسيق والتواصل مع الرأي العام».

رسالة رئيس الحكومة

وتحت عنوان «تعبئة استثنائية لموسم دراسي استثنائي» أصدر رئيس الحكومة المغربي سعد الدين العثماني، أمس تصريحاً صحافياً جاء فيه: «نبدأ، يوم الإثنين، موسماً دراسياً استثنائياً، في ظل وضعية استثنائية في بلادنا، وتحولات مباغتة. وإذا كنا خلال المراحل الأولى من انتشار الوباء، بفضل تلاحمنا ومجهوداتنا الجماعية، حققنا نجاحات وجنبنا بلادنا الأسوأ، فإننا منذ حوالي شهرين، نشهد تطوراً غير مطمئن، يتطلب أعلى مراتب التأهب والحذر».
وأضاف قوله: «إن الوضعية الراهنة تضاعف من مسؤولياتنا لإنجاح هذ الاستحقاق الوطني، الذي يروم تدبير وتيسير عودة ما يفوق سبعة ملايين تلميذة وتلميذ إلى فضاءات التربية والتعليم، مع تأثير ذلك على معظم الأسر (في المغرب). وبهذه المناسبة، فإننا مدعوون لبذل قصارى ما نستطيع، لإنجاح العملية التربوية والتعليمية لبناتنا وأبنائنا، مع الحفاظ على صحتهم وصحة أفراد الأسرة التعليمية، وكذا توفير الشروط البيداغوجية واللوجستيكية والصحية المناسبة، حسب الظروف وتطور الوضعية». وأثنى رئيس الحكومة على الجهود التي بذلتها الأسرة التعليمية في المغرب من وزارة وكوادر تربوية وإدارية، لإتمام السنة الدراسية الماضية، رغم مباغتة الوباء لهم وللمنظومة التعليمية، التي حاولت التكيف مع إكراهات الحجر الصحي. كما شكر أسر التلاميذ التي واكبت تلك التغييرات، وأسهمت في هذا «النجاح الجماعي». وأوضح أن «العودة إلى المدارس في هذه الظرفية الوبائية الحرجة فرضت ترتيبات غير مألوفة، ونحن واعون بأنها ليست مثالية، لكن أملتها ضرورة الاستجابة لأولويات متعددة، ومتناقضة في بعض الأحيان» على حد قول رئيس الحكومة.
واستطرد قائلاً: «إنه دخول مدرسي استثنائي، يستلزم تضامن الجميع وانخراطهم للتكيف مع أساليب وطرق بيداغوجية جديدة، ولتوعية بناتنا وأبنائنا وتشجيعهم على احترام القواعد الاحترازية، ولتتبع ومراقبة المؤسسات التعليمية من حيث التزامها بالضوابط والاحتياطات المطلوبة، وللاستعداد المستمر للتأقلم مع التطورات المباغتة».وأوضح أن الحكومة لن تدخر جهداً من أجل كسب الرهان، لكنها ـ وفق تعبيره ـ لن تستطيع ذلك وحدها، في غياب دعم قوي من لدن أفراد الأسرة التعليمية، وانخراط واسع لأسر وجمعيات أولياء التلاميذ، وتعاون كافة الفاعلين إن الأمر، مشدداً على ضرورة الالتزام الجماعي والانضباط الكبير بالتدابير الوقائية، من أجل تحقيق «نجاح جماعي».
وناشدت جمعية حقوقية والي مراكش لفتح المجازر البلدية أمام المهنيين والعاملين، من أجل التخفيف من معاناة العاملين فيها وتوفير مورد عيش للعديد من الأسر وإنقاذها من البطالة والفقر والتهميش. وجاء في رسالة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (فرع المنارة مراكش) أنها تتابع معاناة العديد من المهنيين والعاملين بالجزارة وبائعي اللحوم، بسبب إغلاق المذابح البلدية الكائنة بالحي الحسني أمامهم بمناسبة عيد الأضحى منذ يوم 29 تموز/ يوليو المنصرم. كما أن عملية الإغلاق تمت على خلفية إصابة بعض العاملين بكوفيد 19. ومنذ ذلك التاريخ والعاملون في المذبح أصبحوا عاطلين عن العمل، بحكم طبيعة عملهم كمياومين، يفتقدون إلى أية تغطية صحية أو رعاية اجتماعية، مما زاد من تأزيم وضعيتهم، وجعلهم يعيشون البطالة والهشاشة وعدم القدرة على تأمين عيشهم وعائلاتهم» وفق ما ورد في موقع «صباح مراكش».
وطالبت والي مراكش بالتدخل لإعادة فتح المذابح البلدية، لتوفير مورد عيش للعديد من الأسر، وإنقاذها من البطالة والتهميش والفقر، كما ناشدته بتوفير شروط الصحة والسلامة، والمستلزمات الوقائية والحمائية من انتشار الوباء، وتهييء أماكن العمل لجعلها صالحة لمزاولة المهنة، مع ما يتطلب ذلك من مراقبة المنتج بما يضمن توفره على شروط السلامة والصحة الغذائية، احتراماً لصحة المواطنات والمواطنين وسلامتهم.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول حمزة المجرح:

    و هذا بفضل سياسة جلالته الحكيمة و إستباق رئيته التي جعلت من المغرب نمودج يحتدى به حتى أن بعض الدول طلبت المساعدة من المغرب … مقتبس من الإعلام المغربي

إشترك في قائمتنا البريدية