الرباط ـ « القدس العربي»: توجهت بوصلة المغاربة نحو الموسم الدراسي الجديد الذي لم يتبق على افتتاحه سوى أيام معدودة، وسط تضارب الأنباء حول الزيادة في أسعار الكتب والدفاتر والمستلزمات المدرسية، ناهيك عن عودة الجدل من جديد حول ما وُصف بـ”جشع” المدارس الخصوصية.
الثابت رسمياً أنه لا زيادة في أسعار الكتب والدفاتر والمستلزمات المدرسية، وهو ما أعلنته “رابطة الكتبيين المغاربة”، مؤكدة استقرار الأسعار دون زيادة، لكنها في المقابل نبهت إلى الغلاء الذي يطال فقط المقررات المستوردة التي تعتمدها المدارس الخصوصية، وحمّلت هذه الأخيرة مسؤولية إرغام الأسر على اقتنائها.
وأوضح الحسن المعتصم، رئيس “رابطة الكتبيين المغاربة”، متحدثاً لـ “القدس العربي”، أنه لا زيادة ستعرفها الكتب المدرسية في سلك التعليم العمومي، وعزا ذلك إلى توفير دعم مباشر لتلاميذ الأسر المستفيدة من الدعم الاجتماعي، والذي يهدف إلى تخفيف العبء عليها وضمان حصول التلاميذ على المقررات الدراسية الضرورية.
وأشار المعتصم إلى أنه فيما يخص الأدوات المدرسية والدفاتر والمحفظات أيضاً، فبدورها لن تعرف أي زيادة، “بل على العكس، هناك تخفيضات مقارنة بالسنة الفارطة”، كما أنه “اليوم، تتوفر هذه الأدوات بأسعار مختلفة ومناسبة للجميع، حسب الجودة”.
وأبرز المتحدث أن الزيادة في أسعار الكتب باللغتين الإنجليزية والفرنسية والمواد العلمية باللغة الفرنسية المستوردة من الخارج، “تخص فقط المقررات المعتمدة في مؤسسات التعليم الخصوصي”، محمّلاً المسؤولية في ذلك لهذه المدارس “التي تفرض على الآباء شراء هذه المقررات”.
ووفق الحسن المعتصم، فإنه “في كثير من الأحيان، يكون للمدارس الخصوصية دور مباشر في اختيار هذه الكتب، وهذا الأمر يطرح مجموعة من التساؤلات”، ولم يفصح عن طبيعة هذه التساؤلات، لكن وفق المتداول بين عموم المغاربة، فإن اختيار مقررات بعينها وبأسعار غير معقولة مقارنة مع مقررات التعليم العمومي، يؤكد أن أصحاب المدارس الخصوصية يسعون لهامش ربحي ينهك جيوب الأسر التي اختارت تدريس أبنائها لديهم، كما أنها لا تناسب الثقافة المغربية التي تطمس في كثير من الأحيان بسبب كتب دراسية غير مناسبة للطلاب المغاربة، يوضح عدد من المدونين.
بعض المدافعين عن المدارس الخصوصية يؤكدون أنها تراعي المصلحة التعليمية الفضلى للتلاميذ، ولا تنظر إلى باقي التفاصيل، ولا يهمها السعر بقدر ما يهمها ما سيجنيه الطالب من سنوات دراسته وخروجه متفوقاً.
الحديث لا يتوقف هنا، بل يزيد إلى غلاء رسوم التسجيل، والزيادة فيها بشكل غير منطقي، لتعود بذلك المدارس الخصوصية إلى واجهة الجدل في المغرب، بعد أزمة وباء كورونا التي شهدت موجة غضب وسخط كبيرين على قرارات اتخذتها تلك المدارس بخصوص أداء مستحقات شهور لم يكن فيها التعليم حضورياً وكانت الفصول الدراسية فارغة، الشيء الذي تسبب في هجرة جماعية لعدد من التلاميذ وعودتهم إلى حضن المدرسة العمومية.
وتتلازم كلمة “الجشع” مع المدارس الخصوصية المغربية، كلما جرى حديث عنها أو عن قرارتها عند اقتراب افتتاح كل موسم دراسي، وأحدثها تداول الزيادات التي وصفت بـ “الصاروخية” في رسوم الدراسة، وهو الوصف نفسه الذي أطلقه الفريق النيابي لحزب “التقدم والاشتراكية” المعارض بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي) في سؤل كتابي وجهه لوزير التربية الوطنية، أشار فيه إلى وجود “زيادات صاروخية في أسعار المدارس الخصوصية”، حيث إن “أغلب المؤسسات التعليمية الخصوصية التي رفعت من الواجبات الشهرية لم تضف أي جديد على مستوى البنيات التحتية والمرفقية لتلك المؤسسات، ولم تأت بأي جديد في المجال البيداغوجي والديداكتيكي، ولا في طرق التدريس، أو على مستوى الكوادر التربوية والإدارية العاملة فيها”.
حزب يساري آخر معارض أيضاً، هو “فدرالية اليسار الديمقراطي”، وضع علامة استفهام أمام الموضوع نفسه، وزاد عليه في مراسلة وقعتها نائبته البرلمانية فاطمة التامني، ووجهتها للوزير شكيب بنموسى، حمّلتها القلق من كون “الأسر المغربية تواجه أزمة حقيقية في كل دخول مدرسي جديد، في كل ما يتعلق بالمستلزمات والأدوات المدرسية، وما تتطلبه من مصاريف تثقل كاهل العائلات في ظل تزايد ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة”.
وحسب البرلمانية المذكورة، فإن الأمر سيان “سواء بالنسبة للتعليم العمومي والخصوصي الذي تزداد حدة تكاليفه المرهقة للأسر”، لكنها خصت بالذكر المدارس الخصوصية التي “تخالف كل سنة وظيفتها باعتبار ما ينص عليه القانون أولاً، أو ما تدعيه من كونها مؤسسة تربوية، رغم الاستفادة الضريبية والامتيازات التي تتمتع بها، لكنها تتجه إلى الجانب الربحي الصرف”.
وإلى جانب رسوم التسجيل أو إعادة التسجيل، ذكرت النائبة فاطمة التامني، موضوع الكتب والمستلزمات الدراسية، حيث إن “العديد من مؤسسات التعليم الخصوصي على الصعيد الوطني تصب في اتجاه واحد، بحيث تفرض بيع الكتب المدرسية ومسلتزماتها للتلاميذ”.
وحسب البرلمانية عن الحزب المعارض، فإن هذا الأمر يتكرر عند “بداية كل موسم دراسي، مما يتناقض مع الوظيفة التعليمية لفائدة الجانب التجاري”، لأن “الأثمنة المرتفعة للمستلزمات والكتب”، هو ما يتم تسجيله عند كل دخول دراسي جديد، ناهيك عن فرض “مقررات بعينها أمام ضعف تدخل ومراقبة القطاع الوصي”، في مقابل انخفاض أسعار المنتجات نفسها في باقي المكتبات والمحلات المخصصة لذلك.
وتساءلت النائبة التامني عن “التدابير التي تعتزم الوزارة القيام بها من أجل حماية الأسر المغربية من جشع أرباب التعليم الخصوصي”، وأيضاً توفير الحماية لـ “حقوق أصحاب المكتبات من ممارسات ربحية من طرف مؤسسات دورها الأساسي يتعلق بالجانب التربوي وليس بالأنشطة التجارية”، وزادت مستفسرة الوزير بنموسى عن “الإجراءات التي يمكن اعتمادها من أجل فرض رقابة على المناهج والمقررات المعتمدة، من الجانب المادي من حيث التكلفة والمعنوي المتعلق بالمضامين والمحتويات”.
الجدير بالذكر أن الحكومة كانت قد قررت تعويض مبادرة “مليون محفظة” بالدعم المباشر للأسر التي لديها أبناء في سن التعلم، وجاء ذلك بعد مصادقتها على مشروع مرسوم يتعلق بنظام الدعم الاجتماعي المباشر، قدمه الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، فوزي لقجع.
وحسب بيان للوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، فإن “هذا المشروع يندرج في إطار المبادرة الملكية الرائدة (مليون محفظة)، حيث سيتم صرف مبالغ مالية إضافية للأسر المستفيدة من نظام الدعم الاجتماعي المباشر، برسم كل دخول مدرسي جديد، مما سيساعد الأسر المعوزة المستفيدة من هذا الدعم على التخفيف من تكاليف وأعباء الدخول المدرسي، وما يقتضيه من اقتناء الكتب واللوازم المدرسية”.
وأوضح البيان نفسه أنه تم تحديد قيمة المبالغ التي ستمنح للأسر في إطار إعانات الحماية من المخاطر المرتبطة بالطفولة، بخصوص أولادهم المتعلمين في السلك الابتدائي والسلك الثانوي الإعدادي والسلك الثانوي التأهيلي المسجلين في المؤسسات التعليمية العمومية، وذلك في حدود ستة أولاد، بحيث يصرف مرة واحدة برسم شهر أيلول/ سبتمبر من كل سنة.