المغرب: قرار الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو وغالانت يخلّف ارتياحاً كبيراً لدى أحزاب معارضة

حجم الخط
0

الرباط – «القدس العربي»: عبّرت أحزاب وشخصيات مغربية عن ترحيبها الكبير بقرار محكمة العدل الدولية القاضي بإصدار مذكرة توقيف في حق رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، وتضمّنت البيانات والتدوينات ما يشبه لحظة فرح بإحقاق الحق وتمكين الشعب الفلسطيني الأبي من الإنصاف والعدل الذي طال انتظاره لعقود طويلة خلت كلها ألم وأمل أيضا.
ولم يخف حزب «التقدم والاشتراكية» المعارض ارتياحه الكبير وأمله في تحقيق العدالة، بعد قرار الجنائية الدولية القاضي باعتقال «رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، وذلك على خلفية مسؤولياتهما الجنائية الأساسية المترتبة عن ضُلوعهما في اقتراف أفعال تشكِّلُ جرائمَ حربٍ وجرائم ضد الإنسانية».
ودعّم الحزب اليساري الذي سارع إلى التعبير عن موقفه، قرار الجنائية الدولية الذي وصفه بـ «المهم»، كما وجّه النداء إلى «كافة الدول والهيئات والضمائر الحية عبر العالم، من أجل التعبير القوي والعارم عن تأييد «هذا القرار».

دعوة لإيقاف التطبيع مع الكيان الصهيوني

وأكد الحزب صاحب شعار «الكِتاب» في البيان الذي اطلعت «القدس العربي» عليه، «على الضرورة المستعجلة لكي يتحمل المجتمع الدولي كامل مسؤوليته، بالصرامة اللازمة، من أجل التنفيذ الفعلي لهذا القرار دون تهاون أو التفاف، ومن أجل توفير الحماية للشعب الفلسطيني عاجلاً، وإيقاف المجازر الشنعاء والجرائم البشعة التي يواصل ارتكابها الكيان الصهيوني في حقّ الشعبِ الفلسطيني الأعزل».
في هذا السياق، وتماشياً مع قرار المحكمة الجنائية الدولية، يبرز البيان، فإن «حزب التقدم والاشتراكية ينادي المنتظم الدولي وكل دول العالم إلى العمل بكل الوسائل الممكنة من أجل تجميد عضوية الكيان الصهيوني في الأمم المتحدة، وفرض عقوبات مشدّدة عليه، ووقف الدعم العسكري والإعلامي والمالي عنه، وإقرار المقاطعة التجارية والاقتصادية ضده، ووقف جميع أشكال التطبيع والعلاقات والتعاون مع هذا الكيان الذي يقوده مجرمو حرب، إلى أن يتم إيقاف حرب الإبادة الجماعية في فلسطين والعدوان على لبنان وإقرار كافة الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني واحترام السيادة الوطنية اللبنانية».

قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني

في السياق نفسه، سارع حزب «العدالة والتنمية» المعارض إلى إصدار بيان اعتبر فيه القرار «فرصة تاريخية للدولة المغربية ولكل الدول العربية والإسلامية لتصحيح ما يجب تصحيحه، وقطع كل العلاقات مع الكيان الغاصب (إسرائيل) ومع مسؤوليه مجرمي الحرب».
وأضاف البيان الذي تلقت «القدس العربي» نسخة منه، أن هذه أيضاً «فرصة لكل دول العالم للاصطفاف في الجانب الصحيح من التاريخ والوقوف في وجه هذا الكيان العنصري الاستيطاني الذي أصبح مسؤولوه مطلوبين كمجرمي حرب لدى المحاكم الدولية، والتعجيل بإيقاف العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني وتمكينه من حقه المشروع في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف».
وأشاد حزب «العدالة والتنمية» بالدول التي أعلنت أنها ستنفذ قرار المحكمة وستعتقل مجرمي الحرب «نتنياهو» و»غالانت»، داعياً جميع دول العالم وخصوصاً منها المصادقة على «ميثاق روما» للمحكمة الجنائية الدولية لتحمل مسؤولياتها القانونية والالتزام بتعهداتها، وذلك بمتابعة تنفيذ هذا القرار لإعادة الاعتبار للقانون الدولي وللقانون الدولي الإنساني والانتصار للعدالة الجنائية، بما يحقق مبدأ عدم الإفلات من العقاب، وأن لا أحد فوق القانون.
وقال الحزب الذي يقوده عبد الإله بن كيران (رئيس الحكومة المغربية الأسبق) إنه تلقى بارتياح كبير مذكرتي الاعتقال اللتين أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية أمس الخميس، في حق مجرمي الحرب نتنياهو وغالانت، بسبب وجود ما اعتبرته المحكمة «أسبابا منطقية للاعتقاد بأنهما ارتكبا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة»، وأنهما «أشرفا على هجمات على السكان المدنيين في قطاع غزة»، وعلى «استخدام التجويع كسلاح حرب، والقتل والاضطهاد، وغيرها من الأفعال غير الإنسانية».
وتابع البيان أنه بمناسبة صدور هذا القرار التاريخي وغير المسبوق من المحكمة الجنائية الدولية، فإن حزب العدالة والتنمية وهو يتابع تطورات وتفاعلات حرب الإبادة الجماعية الصهيونية – الغربية في حق الشعب الفلسطيني بغزة منذ أكثر من سنة، يجدد مواقفه الثابتة الداعمة للشعب الفلسطيني وللمقاومة الفلسطينية المشروعة ضد الاحتلال الصهيوني، ودعوته لقطع كل العلاقات وإلغاء كل الاتفاقيات مع هذا الكيان الغاصب.

انتصار العدالة

وأعلن الحزب نفسه أن «انتصار العدالة الجنائية الدولية بالرغم من كل الضغوطات الظاهرة والمستترة التي واجهتها المحكمة، وإصدارها مذكرة باعتقال أكبر مسؤولي الكيان الصهيوني، وإدراجهما بذلك في سجل مجرمي الحرب، يؤكد أن هذا الكيان كيان محتل وغاصب وهمجي، وأن الشعب الفلسطيني يتعرض لعملية إبادة جماعية وهو يقاوم من أجل تحرير أرضه من نير الاستعمار الصهيوني، وأن مقاومته المشروعة وتضحياته الجسيمة كسرت كل الحصانات التي طالما استأثر بها الكيان الصهيوني بدعم من الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، والتي سمحت له بمواصلة جرائمه تحت عناوين مضللة من مثل الدفاع عن النفس ومواجهة معاداة السامية، وهي عناوين جعلته يسمو فوق جميع المواثيق والمؤسسات الأممية والشرائع السماوية، ويفلت في كل مرة من العقاب، وهو ما لم يعد ممكناً اليوم».
وأكد أن «هذا القرار الجنائي الدولي يمثل إدانة قانونية وأخلاقية تاريخية وغير مسبوقة للكيان الصهيوني، وهو في الوقت نفسه إدانة لكل الدول الغربية التي زرعت هذا الكيان في قلب الأمة العربية والإسلامية، والتي مازالت ترعاه وتمده بأعتى الأسلحة وبالدعم الاستخباراتي والمالي والدبلوماسي والسياسي، وهي بذلك شريكة بطريقة مباشرة قانونياً وأخلاقياً في جرائم القتل والتهجير والاغتيالات والتطهير العرقي وجرائم الإبادة الجماعية».

صفعة لداعمي دولة الاحتلال

وقال يوسف بوستة، الناشط السياسي وعضو حزب «فدرالية اليسار الديمقراطي» المعارض، إن «القرار صفعة للداعمين لدولة الاحتلال سواء الغرب الإمبريالي أو الرجعية العربية، قبل أن يشكل إدانة لدولة الاحتلال العنصرية، التي استباحت كل شيء ومارست كل الأشكال العدوانية لتتفوق على النازية والفاشية، باستهداف المشافي والمدارس والمساجد والكنائس والمباني السكنية والطواقم الطبية والإسعاف والطرقات وكل البنيات التحية وما صاحب ذلك من تهجير وتجويع».
وأضاف بوستة متحدثاً لـ «القدس العربي»: «كل عناصر وأركان جريمة الإبادة الجماعية، وكل أركان وأجهزة الاحتلال من حكومة وجيش وشرطة ومليشيات مجرمة»، وأبرز موضحاً أن «هذا القرار يشكل أيضاً إدانة صارخة للصمت المريب لجل الدول، خاصة رعاة الديمقراطية الغربية ودعاة حقوق الإنسان، وعجز النظام الدولي في حماية الشعب الفلسطيني من جرائم الاحتلال الصهيوني، وعجزه كذلك على فرض احترام القانون الدولي الإنساني والكيل بمكيالين كلما تعلق الأمر بدولة الاحتلال، ما يؤكد تحكم وتغلغل الحركة الصهيونية العالمية واختراقها للعديد من الدول والأنظمة».
وحسب السياسي المعارض، فإن «قرار المحكمة الجنائية الدولية ينصف الشعب الفلسطيني المظلوم»، إلا أن «تحقيق العدالة والقصاص من المجرمين أفراداً وجماعات، وإنصاف الشعب الفلسطيني باسترجاع حقوقه الكاملة في أرضه وحقه في دولة وطنية ديمقراطية وعاصمتها القدس، تبقى بعيدة المنال ولا تستطيع أية قرارات والتي تعد بالعشرات ضد الاحتلال، أن تجد طريقها إلى التنفيذ ما دامت سيدة العالم أمريكا تصول وتجول وتقبل وترفض ما تشاء حسب المصالح في ضرب صارخ للقانون الدولي وللعدالة الإنسانية».

المقاومة هي السبيل لتغيير المعادلة

ويشدد بوستة على أن «المقاومة فقط تبقى هي السبيل لتغيير هذه المعادلة، وهي الوسيلة التي يفهمها العدو عندما توجعه، أما القرارات فإنها لم تسلم من اتهامات بمعاداة السامية والسخرية من الجميع». ومع ذلك، يستطرد المتحدث قائلاً إن «قرار الأمر بالاعتقال لقادة الاحتلال يبقى مهماً؛ لأنه سيضع كل الدول المعنية في المحك».
على مستوى منصات التواصل الاجتماعي، حبلت بالتدوينات المعبرة عن الدعم والتأييد لقرار الجنائية الدولية، ومنها ما كتبه الإعلامي ومدير القناة الثقافية المغربية عبد الصمد بن شريف، الذي سرد تفاصيل الخبر وتوقف عند رد «نتنياهو المصاب بجنون العظمة»، الذي قال: «لن يمنعني أي قرار شائن معاد لإسرائيل من مواصلة الدفاع عن أنفسنا ولن نستسلم للضغوط»، مضيفاً أن «المحكمة الجنائية الدولية وجهت لنا تهماً وهمية وتجاهلت جرائم الحرب الحقيقة التي تنفذ ضدنا».
وحسب بن شريف، فإن تصريحات ومواقف «هذا الشخص المغرور بنفسه، والذي يتلذذ ويستمتع بقتل الأطفال والنساء والشيوخ والتدمير الشامل والتطهير العرقي والإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين واللبنانيين، غريبة، خاصة أنه تحدث عن الدفاع عن الإنسانية والإفلاس الأخلاقي والديمقراطية والدفاع عن النفس».
وكتب الإعلامي لحسن لعسيبي، تدوينة مقتضبة ضمّنها نص القرار، وختم بقوله «كما كان منتظراً نتنياهو يعد الأمر معاداة للسامية وأنها قضية دريفوس جديدة (بهت الذي كفر)». ومن جهتها، اعتبرت أمينة ماء العينين، القيادية في حزب «العدالة والتنمية» المعارض، القرار «إنجازاً تاريخياً طال انتظاره».
الباحث يحيى اليحياوي، استهل تدوينته بالذين قالوا إن قرار الجنائية الدولية «رمزي»، موضحاً أن ذلك «صحيح إلى حد ما، لكنه سيكون فعلياً بوجه هذين المجرمين، إن هما سافرا إلى 124 دولة من دول العالم الموقعة والمصدّقة على قانون المحكمة… باستثناء الولايات المتحدة، التي لا تجرؤ على التوقيع، لأنها تعرف حجم الفظاعات التي ارتكبتها بالعديد من جهات العالم، وبغزة تحديداً منذ مدة».
لذلك، يوضح اليحياوي، «ترى أميركا أول من ندد بالقرار». وحسب الباحث، فإن «توجيه التهم مباشرة لنتنياهو وغالانت، بانتظار باقي العسكر، هو توجيه للتهمة ذاتها لكل من ساندهما في الحرب على غزة، وزودهما بالسلاح وضمن لهما الحماية بالمنظمات الدولية»، ويبرز صاحب التدوينة أنه «على الرغم من أن القرار صادر عن قضاة معترف لهم بالنزاهة، وليسوا عرباً ولا مسلمين، فقد اعتبر بن غفير حكمهم معاداة للسامية»، وهو ما وصفه اليحياوي بـ «رقصة الذبيح»، لأنه «تناسى أن سردية الضحية التي بنوا عليها استيطانهم لأرض فلسطين، قد تهاوت بهذا القرار القضائي القاطع».
ووجه الباحث انتقاده للمطبعين أو الذين هم في طريقهم للتطبيع مع «دولة حكامها مجرمو حرب»، موضحاً أن «وضعهم محرج للغاية، مع أنفسهم ومع شعوبهم سواء بسواء، أما أصحاب (كلنا إسرائيليون) بالمغرب، فلم أعد أسمع لهم (لا حساً ولا خبراً)»، مفسراً ذلك بأن «شظايا مذكرات الاعتقال ستطالهم أيضاً لأنهم اصطفوا خلف مجرمين باتوا اليوم مطلوبين للعدالة بالاسم والصفة»، وختم بقوله: «ربك يمهل ولا يهمل».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية