الرباط – «القدس العربي»: قطعت نقابات وتنسيقيات مهنية الهدنة العفوية التي تزامنت مع احتفالات رأس السنة الميلادية الجديدة، وعادت لتصدر بيانات تصعيدية وتسطير برنامج احتجاجي لنيل المطالب التي تتضمنها ملفات قطاعية لكل نقابة حسب مهنة المنتمين لها.
بين «تنسيقية» مدرّسي التعاقد التي أعلنت عن التصعيد بوقفات احتجاجية وإضراب يمتد لمدة أسبوع، وبين نقابة أخرى في قطاع المالية، سطرت بدورها برنامجاً احتجاجياً يمتد من 20 كانون الثاني/ يناير، إلى العاشر من شباط/ فبراير، تعود صيغة الوقفات الاحتجاجية والإضرابات لتهيمن على خطابات النقابات والهيئات المهنية القطاعية.
عودة الاحتجاج إلى قطاع التعليم
وهكذا قررت «التنسيقية الوطنية» للمدرّسين، أو ما يصطلح عليه في الإعلام المغربي بـ «أساتذة التعاقد» العودة إلى الاحتجاج من خلال تسطير برنامج «نضالي» بعد أن أعلنت عن فشل الحوار مع وزارة التعليم، كما وصفت تلك الجولات الحوارية بـ «سياسة الهروب إلى الأمام».
قرار العودة إلى الاحتجاج بررته التنسيقية المذكورة، بكون «نهج حوارات ماراثونية» الغرض منها فقط «إطالة زمن التفاوض قصد الترويج لمخطط جديد تحت اسم النظام الأساسي لمهن التربية والتكوين أو المرسوم».
وأكد «أستاذة التعاقد» عودتهم إلى الاحتجاج في الأيام المقبلة، مجددين تشبثهم بمطلبهم الوحيد، المتمثل في «توفير مناصب مالية ممركزة وتحويل مناصبهم إلى الوظيفة العمومية عبر الإدماج في أسلاكها بأثر رجعي مالي وإداري، إنصافاً لهم وجبراً للضرر المادي والمعنوي الذي لحق به». وحسب تعبير التنسيقية، فإن هذا الأمر «لا يتطلب إلا إرادة سياسية للدولة دون الإكثار من الحوارات والتصورات والشعارات الفارغة».
وأبرزت التنسيقية أنها سطرت برنامجاً احتجاجياً يتضمن إضراباً، اليوم الخميس، كما ستخوض إضراباً وطنياً لمدة أسبوع يمتد من 17 إلى 22 من الشهر الحالي سيكون مرفقاً بأشكال «نضالية موازية جهوية أو إقليمية حسب الخصوصية». وجددت التنسيقية رفضها القاطع لأي حلول «ترقيعية» للملف تركز فقط على تلميع نمط التوظيف بالتعاقد وتجويده.
كما أعلنت أنها ستستمر في الامتناع عن القيام بعدد من الأنشطة والعمليات التي يقوم بها المدرسون، حيث قررت مقاطعة منظومة «مسار» وكل العمليات المتعلقة به، والاستمرار في مقاطعة حصص «المواكبة» وكذا تأجيل تسليم النقط للإدارة وأوراق الفروض.
تأتي قرارات التنسيقية بعد أن فتحت وزارة التعليم باب الحوار من جديد، لكن يبدو أن نتائج اللقاءات لم ترض أساتذة التعاقد، وهو ما عبرت عنه التنسيقية بـ «سياسة الهروب إلى الأمام» وأيضاً «إطالة زمن التفاوض».
نقابة المالية
في إطار عودة التصعيد بعد هدنة رأس السنة الميلادية الجديدة، قررت النقابة الوطنية الديمقراطية للمالية المنضوية تحت لواء «الاتحاد المغربي للشغل» تنظيم وقفات احتجاجية على صعيد كافة أقاليم البلاد، يوم الخميس 20 كانون الثاني/ يناير بكل الفروع التنظيمية أمام مقرات العمل من الساعة 10 صباحاً إلى 12 ظهراً.
ليس هذا فقط، بل قررت أيضاً النقابة المهنية في قطاع المالية، تنظيم وقفة احتجاجية مركزية أمام مقر الوزارة بالرباط يوم الخميس 27 كانون الثاني/ يناير 2022 ابتداء من الساعة 11 صباحاً.
وتبقى المحطة الكبيرة التي سطرتها النقابة في برنامجها الاحتجاجي هي خوض إضراب إنذاري لمدة 24 ساعة يوم الخميس 10 شباط/ فبراير المقبل.
كما توعدت نقابة المالية بالمزيد من خلال دعوة مجلسها الوطني للانعقاد يوم الجمعة 11 شباط/ فبراير «لاتخاذ كل الإجراءات والتدابير التنظيمية وتسطير برنامج نضالي تصاعدي ملائم للمرحلة حسب تعاطي الوزارة مع الملف المطلبي للنقابة الوطنية الديمقراطية للمالية».
وقالت النقابة في بيان تلقت «القدس العربي» نسخة منه، إن قرار تسطير برنامج احتجاجي تصعيدي يأتي بعد «استنفاد كل الوسائل السلمية وتوجيه عدة مراسلات إلى وزيرة الاقتصاد والمالية من أجل مباشرة التفاوض والحوار حول الملف المطلبي للنقابة الوطنية الديمقراطية للمالية».
وبالنسبة للنقابة، فإن قرار الشروع في «تنفيذ البرنامج النضالي» يبرره «غياب أي مؤشرات لفتح الحوار وتجاهل الوزيرة لمختلف المراسلات ذات الصلة، وباعتبار أن هناك مجموعة من الملفات غير قابلة للانتظار والتسويف والمماطلة وخاصة ما يتعلق بوضع حد للتنقلات التعسفية الجائرة بالخزينة العامة للمغرب، والإسراع بتسوية الملفات العالقة الأخرى وفي مقدمتها إقرار نظام أساسي عادل ومنصف لموظفي الوزارة».
وطالبت بتسوية ملف المتصرفين والتقنيين، وإقرار الدرجة الاستثنائية بالنسبة للمهندسين، وإصلاح منظومة العلاوات، وتسوية ملف المحققين، وإدماج حاملي الشهادات العليا في سلالم الأجور المناسبة، وتسوية وضعية الموظفين الموضوعين رهن الإشارة والمنتسبين للإنعاش الوطني، وضمان ديمومة وتمويل الخدمات الاجتماعية.
بالعودة إلى معترك قطاع التعليم الذي يعتبر ثاني أسخن قطاع في المغرب بسبب تناسل الاحتجاجات التي شملت معظم فئات المنتمين إليه، نقف عند دعم نقابة حزب «العدالة والتنمية» لمطالب الأساتذة المصنفين في السلم العاشر والمعروفين اختصاراً في الإعلام المغربي بـ»أساتذة الزنزانة 10».
فقد أعلنت «الجامعة الوطنية لموظفي التعليم» دعمها لمطالب المدرسين المذكورين، وترجمت ذلك بدعوة «مناضليها ومناضلاتها وعموم الشغيلة التعليمية إلى إنجاح المحطة الاحتجاجية يومي 17 و18 كانون الثاني/ يناير.
وعللت النقابة دعمها برفضها ما أسمته «منطق التجاهل والتسويف الذي تنهجه وزارة التربية الوطنية في تعاطيها مع الملفات المطلبية للشغيلة التعليمية المتضررة».
ولم تترد الجامعة الوطنية لموظفي التعليم في الحديث عن «اجترار النقاش فيما تم حسمه سابقاً من خلاصات، وما تم إقراره من قرارات واضحة بين الوزارة والنقابات التعليمية، وهو ما يؤدي إلى تنامي موجات الاحتقان والتوتر في الساحة التعليمية على نحو يهدد الاستقرار التربوي والأمن التعليمي».
وكما هو متوقع، تبنت الجامعة بشكل مطلق في بيانها، كل الملفات المطلبية للفئات المتضررة ودعمها الدائم لنضالاتها المشروعة المطالبة بالكرامة والإنصاف.
ولم يفت النقابة مطالبة الحكومة والوزارة الوصية بترقية استثنائية للمدرسين المصنفين في السلم العاشر، على غرار الأفواج التي جرى توظيفها بالسلم 10 حيث ستستفيد من الدرجة الأولى بعد 14 سنة أقدمية عامة كأقصى تقدير، مع جبر الضرر المادي والإداري.
وفي هذا السياق، طالبت النقابة أيضاً الوزارة «بفتح حوار جاد ومسؤول ومنتج للحلول العادلة والمنصفة لكل المطالب العادلة والمشروعة للفئات المتضررة داخل قطاع التعليم».