تستمر العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي في التدهور السريع وتصل إلى مستوى القطيعة بين البرلمان الأوروبي ونظيره المغربي، على خلفية ملفات متعددة منها حقوق الإنسان، وفرضية رشوة الرباط نوابا أوروبيين، وأخيرا ملف التجسس بيغاسوس. وعلاقة بالنقطة الأخيرة، يتساءل المراقبون لماذا لا تنفي إسرائيل بيعها الرباط هذا البرنامج، لتخفيف الضغط عليه من طرف الأوروبيين. ويمتد التساؤل: لماذا تفاقمت مشاكل المغرب في علاقاته الدولية بعد التطبيع.
وكان البرلمان الأوروبي قد أنشأ لجنة للتحقيق في تعرض دول عضو في الاتحاد الأوروبي للتجسس، وكذلك رؤساء بعض الدول والحكومات مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس حكومة إسبانيا بيدرو سانشيز. ورغم شراء عدد من الدول برنامج بيغاسوس، يجري التركيز على المغرب، رغم النفي القاطع للأخير اقتناء البرنامج. وخصص البرلمان الأوروبي جلسات لبحث تأثيرات هذا البرنامج، مستمعا لعدد من المتضررين المفترضين الذين وجهوا تهما للمغرب ودول أخرى مثل حالة إسبانيا في علاقتها بإقليم كتالونيا.
يصمت أنصار التطبيع عن تقديم تفسير مقنع لتصرفات إسرائيل التي تسببت للمغرب في مشاكل شائكة في علاقاته الدولية
وعمليا، يعد برنامج بيغاسوس، الذي تنتجه الشركة الإسرائيلية NSOمن أهم برامج التجسس في العالم، وهو بمثابة سلاح خطير، لهذا لا يمكن تصديره أو تفويته لأي دولة إلا بموافقة وزارة الدفاع الإسرائيلية، وكذلك بموافقة رئاسة الحكومة، أي يخضع لشروط دقيقة بشأن الاستعمال. وهذا يعني وجود أرشيف يتضمن عمليات البيع بين الشركة ودولة ثالثة، وكذلك المصادقة على التفويت بين الدول مثلما يحدث مع السلاح. ونعني بالتفويت، الأخبار التي تشير إلى فرضية شراء دول خليجية «مضادة لثورة الربيع العربي» البرنامج وتفويته بترخيص من إسرائيل لعدد من الدول الأخرى. واستعملت إسرائيل هذا البرنامج ضمن مخططها للتطبيع للتقرب من عدد من الدول وعلى رأسها الخليجية، التي كانت تخاف من الربيع العربي ومن إيران. ذلك أن مواجهة المعارضين لا تتم بأسلحة متطورة، بل بالتجسس والاعتقال، ويشكل المعارضون في العالم العربي الأغلبية في اللوائح التي تشير إلى الأسماء التي تعرضت للتجسس. ومنذ اندلاع أزمة بيغاسوس، ينفي المغرب اقتناء البرنامج الإسرائيلي. واتهم صحفا عالمية مثل «الغارديان» و«واشنطن بوست» وكذلك مؤسسات حقوقية مثل أمنستي أنترناشنال باستهدافه لأسباب سياسية. وكرد فعل، لجأ إلى القضاء الأوروبي، أولا إلى الفرنسي ضد جرائد مثل «لوموند» و«ميديابات»، حيث طالبها بأدلة مقنعة لتأكيد الاتهامات. ورفض القضاء الفرنسي الدعوى خلال السنة الماضية. كما لجأ إلى القضاء الإسباني ضد الصحافي إغناسيو سيمبريرو للغرض نفسه، وقد تصدر محكمة إسبانية في مدريد حكمها نهاية الشهر الجاري أو المقبل. في هذا الصدد، يتم طرح سؤال مهم للغاية وهو: لماذا لا تنقذ إسرائيل المغرب من الضغط الأوروبي في ملف بيغاسوس بنفيها بيعه البرنامج؟ علاقة بهذا، تلتزم إسرائيل الصمت حول الزبائن الذين اقتنوا برنامج بيغاسوس، وبعد انفجار هذه الفضيحة وتحت الضغط الأوروبي قامت بتقديم معطيات، خاصة للجانب الفرنسي حول مختلف الزبائن. وبعد عملية التطبيع بين المغرب وإسرائيل، يمكن لهذه الأخيرة، سواء عبر الشركة NSO أو وزارة الدفاع أو رئاسة الحكومة الإسرائيلية تبرئة المغرب من التهم التي يتم توجيهها له، عبر إصدار شهادة تنفي بيعه هذا البرنامج السري الخاص بالتجسس. ويعتبر التصرف الإسرائيلي مثيرا للغاية، يضاف إلى هذا، قرار واشنطن اعتبار بداية نوفمبر 2021 برنامج بيغاسوس آلية تهدد «النظام الدولي»، ووضعت اسم الشركة في اللائحة السوداء، وبدأت تسمح للمتضررين باللجوء إلى القضاء الأمريكي، وهو ما قام به عدد من صحافيي جريدة «الفارو» من السلفادور الذين رفعوا دعوى ضد الشركة الإسرائيلية في محكمة في سان فرانسيسكو.
وتعد هذه هي المرة الثالثة التي لا تساعد فيها إسرائيل المغرب، بل تزيد من تفاقم مشاكله الإقليمية، رغم وجود خطاب لأنصار التطبيع يقدمون إسرائيل بمثابة المنقذ والمساعد للمغرب. وكانت المرة الأولى، عندما تسببت إسرائيل في رفع التوتر مع الجزائر بسبب تهديدات وزير خارجية إسرائيل يائير لابيد خلال أغسطس 2021 للجزائر انطلاقا من الرباط، وترتب عن هذا التصرف، قرار الجزائر قطع العلاقات مع المغرب، بل التهديد بالحرب وعدم تجديد اتفاقية الغاز عبر أنبوب «المغرب العربي – أوروبا» وإغلاق الجزائر مجالها الجوي في وجه الطيران المغربي. وكانت المرة الثانية، عندما امتنعت إسرائيل عن الاعتراف بمغربية الصحراء الغربية، بينما كان يتم ترويج لرواية مختلفة، وهي دعم إسرائيل لمغربية الصحراء، بل مساندة المغرب للحصول على اعتراف دول أخرى.
ويشكل الموقف الإسرائيلي بشأن الصحراء صدمة للرأي العام المغربي، وكأنه تعرض للخديعة، ويتساءل: ماذا ربحنا من التطبيع؟ بينما المرة الثالثة هي التسبب في أزمة للمغرب مع الاتحاد الأوروبي بسبب برنامج بيغاسوس، وذلك من خلال رفض إصدار شهادة عدم بيع البرنامج للمغرب، بل ورطت إسرائيل المغرب أكثر عندما سربت هيئات إسرائيلية رسمية لجريدة «هآرتس» معلومات مفادها وقف بيع هذا البرنامج إلى عدد من الدول ومنها المغرب. ويأخذ هذا الملف بعدا أكبر للرباط بحكم أن الأزمة الناتجة عن التجسس تهم شريكا كبيرا مثل الاتحاد الأوروبي للمغرب في المجال الاقتصادي والسياسي، ويكفي ذكر رقم 65% من التبادل التجاري المغربي يتم مع أوروبا، كما أن الدول الأوروبية هي المستثمر الأول في المغرب لمعرفة أهمية الاتحاد الأوروبي لمصالح المغرب.
وهكذا رفضت إسرائيل الاعتراف بمغربية الصحراء، والآن ترفض تقديم مساعدة للمغرب في ملف بيغاسوس من خلال عدم إصدار شهادة تنفي بيع البرنامج للرباط. يحدث هذا في ظل صمت أنصار التطبيع عن تقديم تفسير مقنع لتصرفات إسرائيل التي تسببت للمغرب في مشاكل شائكة في علاقاته الدولية.
تقديم تفسير مقنع لتصرفات إسرائيل التي تسببت للمغرب في مشاكل شائكة في علاقاته الدولية.
كاتب مغربي من أسرة «القدس العربي»
من المقال: ” لماذا لا تنفي إسرائيل بيعها الرباط هذا البرنامج”
.
اسرائيل لم تفعل لأن المغرب لم يقتني البرنامج، بالعكس، صرحت شركة بغاسوس، انها تتعامل مع 21 زبون في أوروبا.
.
و بالتالي .. لا يمكن لأوروبا تجريم البرنامج على دولة معينة .. و هي الزبون الرئيسي له.
.
هذا و قد طالب المغرب الى درجة التحدي أن يأتوه بأدلة .. حتى عند القضاء .. و لا توجد لذيهم أذلة.
خلاصة جيدة و متميزة و صائبة .
التطبيع خيانة و الأشد قسوة من دوي القربى الاستقواء و الاستعانة بالصهاينة ضد الجار و الصديق و الاخ مألها الفضيحة و الخسران..
الكاتب دقيق في التحليل و الااستفاضة في الإقناع .
بارك الله فيك.
المكسي بلباس الغير عريان.
شكرا للكاتب مرة أخرى.
الجار ؟؟؟ نعم الجار ونعم الصديق .
ومن سيصدق شهادة تصدر من شركة اسرائلية ؟ اللوبيات موجودة في البرلمان الاروبي و تستخدمها دول عدة لكن يكثر صياح هذا البرلمان حين يتعلق بمنافسة مصالح بعض اعضائه من الدول و بعض الاحزاب اليسارية التي تعمل مجانا لفائدة اطراف معروفة
يا استاد مجدوبي انك تعرف اكثر مني اليهود و مكرهم فهم كما يقول المثل عندنا يبيعون القرد و يضحكون على من اشتراه.
المغرب يتعامل مع اسرائيل بالطريقة التي تتعامل بها معه. يحاول المغرب الاستفادة عسكريا من علاقته، بينما تتطلع اسرائيل الى الرقي بالعلاقة لفتح السفارات بين البلدين. اسرائيل مستفيدة اعلاميا من التطبيع مع المغرب و الاخير يستفيد عسكريا من التطبيع
البرلمان الأوروبي يتحرك بتعليمات من فرنسا ومضايقة المغرب. ومن بين الاسباب لذالك فرنسا تريد أنبوب الغاز النيجيري المغربي ان يعبر عندها هي الأولى لتصبح المورد الأول لأوروبا بعد أن تحصل على نسبة مهمة مجانية.والمغرب يفضل أسبانيا بحكم تواجد أنبوب المغرب العربي الجاهز . عكس انشاء أنبوب من مدينة طنجة الي موانى فرنسا . هاذا سبب من كل الاسباب التي تريد أن تضايق به فرنسا المغرب
ماجاء فلمقال ولفت انتباهي وهته المرة الثالثة التي تورط فيها اسرائيل المغرب فبعد ان ورطته مع جزائر بعد تهديد وزير خارجيتها الجزائر من الرباط ادت لغلق الاجواء والحدود و انبوب الغاز والمرة ثانية عند عدم اعتراف بمغربية الصحراء الغربية والمرة ثالثة بيغاسوس وعدم اعطاءه شهادة تبرئه ؟ ماذا تريد اسرائيل من كل هذا
أعتقد أن ملف التجسس على قادة سياسيين اوروبيين بواسطة الانظمة الخبي..ثة بيغاسوس لا يشكل معضلة للمغرب لصعوبة إثبات التهمة بأدلة مادية قاطعة لأن الإشكالية تقنية جد معقدة وليس من السهل الفصل فيها, هنغاريا أيضا وجهت لها نفس التهمة وهي العضو في الإتحاد الأوروربي وكان ردها مشابها للرد المغربي: النفي ثم المطالبة بحجج مقنعة. ملف حقوق الإنسان أيضا لا يشكل حاجزا يضع العلاقات الإقتصادية على مفترق الطرق لأن سبقته تقارير دورية أكثر انتقادا لأوضاع حقوق الإنسان والحريات على امتداد العقدين الماضيين ولا زالت دار لقمان على حالها. الذي يقلق السلطات بالمغرب بالذات هو ملف تهمة ارشاء نواب برلمانيين أوروبيين خاصة بعد اعتراف بعضهم بالتهم المنسوبة إليهم وتمسك القضاء البلجيكي في هذه القضية بمتابعة مسؤولين كبار منهم سفير ورئيس جهاز استخبارات, الأمر الذي يشكل امتحان صعب للسلطات المغربية.
في رأيي المتواضع، لو لم يطبع المغرب مع إسرائيل لوجد الغرب الف عذر للضغط على المغرب ومحاولة اخضاعه.
مثلا تركيا مطبعة حتى النخاع مع إسرائيل.
والغريب أن من يعيب على المغرب التطبيع يعيش في بلدان ليس فقط مطبعة مع إسرائيل بل تدعمها بالغالي والنفيس
الله يعطيك الصحة يا سيمو
بالاضافة الى ذلك ، موضوع بيغاسوس لا يستحق كل هذا الاهتمام وبالتالي لا يستدعي ان تؤكده او تنفيه اي جهة، الكل مسؤول عن حماية نفسه ضد عمليات التجسس.
انها مجرد اعذار واهية كتلك التي كان يستعملها الاوربيون في القرنين الماضيين لتبرير تدخلاتهم في مستعمراتهم