الرباط –« القدس العربي»: رغم وصفها إعلامياً بـ»الاستفزاز»، تجاهل المغرب الرسمي إجراء جبهة البوليساريو مناورات عسكرية في المناطق العازلة الصحراوية الواقعة خلف الجدار الأمني الذي يشيده المغرب على حدوده مع الجزائر وموريتانيا وتعتبرها الجبهة مناطق محررة.
وتأتي هذه المناورات العسكرية والمراقبون ينتظرون بقلق موقف جبهة البوليساريو من مرور المشاركين برالي موناكو – دكار في معبر الكركرات على الحدود مع موريتانيا بعد تهديداتها، كون المعبر بـ»مناطقها» المحررة ولم يتم التنسيق معه وقبل أيام من عقد مجلس الأمن الدولي جلسة للاستماع لتقرير يقدمه مبعوث الأمم المتحدة حول تطورات العملية السلمية للنزاع الصحراوي المفتوح منذ 43 عاماً.
وقالت جبهة البوليساريو على موقعها الإلكتروني إن قواتها أجرت، الأحد، مناورة عسكرية بالقطاع الشمالي في منطقة أمهيريز داخل المنطقة العازلة بالذخيرة الحية حضرها «رئيس الجمهورية الأمين العام لجبهة البوليساريو القائد الأعلى للقوات المسلحة السيد إبراهيم غالي، وأعضاء من الأمانة الوطنية والحكومة والأركان العامة للجيش، ووفود من مختلف المؤسسات الوطنية والمناطق الصحراوية»، وإن هذه المناورات استمرت لعدة ساعات في «الناحية العسكرية الرابعة»، وشاركت فيها ونفذتها «وحدات من مقاتلي الناحية من مشاة محمولة، ووحدات الدفاع الجوي، والهندسة ووحدات الإمداد والإسناد المختلفة».
وأوضحت أن تنفيذ مثل هذه التمارين القتالية يأتي «بهدف تدريب الوحدات والأفراد على أعمال قتالية قريبة من الواقع، فضلاً عن اختبار الجاهزية القتالية للوحدات ومدى قدرتها على تنفيذ المهام بالدقة المطلوبة».
وقال قائد الناحية العسكرية الرابعة محمد علال إن «مختلف الأنشطة العسكرية التي تقام بمنطقة مهيريز، بما في ذلك المسابقات العسكرية والمناورة العسكرية، تأتي كتتويج لسنة من الجهد والمثابرة والعمل المتواصل للجيش الصحراوي»، وأضاف أن هذه الأنشطة العسكرية «تندرج في إطار التحضير للاستعداد القتالي، تجسيداً لشعار الرفع من مستوى الاستعداد لأعلى درجاته من خلال التنافس الذي تقدمه مختلف النواحي العسكرية الصحراوية».
وقال إن مختلف الأعمال القتالية التي قامت بها وحدات المناورة، وهي الأعمال التي اتسمت فعلاً باحترافية كبيرة في جميع المحطات وبمستوى تكتيكي وعملياتي جد فعال، يعكس جدية الجانب التخطيطي والتنظيمي، كما يعكس الكفاءة العالية للإطارات العسكرية في مجال إدارة مختلف الأعمال القتالية ومهارة وقدرة الأفراد على التحكم في استعمال مختلف منظومات الأسلحة والتجهيزات الموضوعة في الخدمة، والحرص الدائم على حماية الأراضي المحررة من الإرهاب والجريمة المنظمة، والعمل على استكمال السيادة على كامل التراب الوطني».
وقالت مصادر إعلامية مغربية إن الجبهة تصر على استفزاز المغرب في سيادته وتحريك ميليشياتها المسلحة في المنطقة العازلة التي تخضع لاتفاق ترعاه الأمم المتحدة يقضي بوقف شامل لإطلاق النار.
ووصف مصطفى الخلفي، الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، في وقت سابق، تحركات البوليساريو في المناطق العازلة بـ»اليائسة» وتضعها في مواجهة مع المجتمع الدولي.
وحذر مجلس الأمن الدولي في قراره 2414 ذي الصلة بالنزاع والصادر نهاية نيسان/أبريل الماضي من أية إجراءات تغييرية أو خطوات استفزازية بالمنطقة، وعبر نهاية 2017 عن قلقه من وجود العناصر العسكرية بالمنطقة العازلة الكركرات، داعياً إياها إلى الانسحاب الفوري حفاظاً على أمن واستقرار المنطقة، ولخفض التوترات الأخيرة بين المغرب والبوليساريو.
وقال مصطفى الخلفي، الأسبوع الماضي، حول تهديدات للجبهة للمشاركين برالي موناكو – دكار، إن «مجلس الأمن الدولي كان صريحاً وواضحاً في قراراته بأن أي سلوك في المنطقة العازلة هو بمثابة استفزاز وتهديد للاستقرار في المنطقة بصفة عامة»، وأن قرارات مجلس الأمن الدولي دعت البوليساريو إلى الامتناع عن القيام بمثل هذه الاستفزازات في المنطقة العازلة، مشيراً إلى أن الأمر يتعلق بـ»استفزازات يائسة تضع الانفصاليين في مواجهة مع المنتظم الدولي».
ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي يوم 29 كانون الثاني/ يناير الجاري اجتماعاً يقدم خلاله «هوست كوهلر» المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء، تقريراً حول المائدة المستديرة التي عقدت في جنيف الأسبوع الأول من كانون الأول/ديسمبر الماضي، تمهيداً لتقديم أفكار تعيد الروح للتسوية السلمية للنزاع المجمدة منذ 2012.
وأولت الصحف المغربية اهتماماً بتقرير صحيفة «نيويوركر» الأميركية حول التحركات الأخيرة التي يقوم بها جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأميركي، بشأن قضية الصحراء، بعد عودته بقوة للعب دور لحل نزاع الصحراء، وقد ساعد على تنظيم المائدة المستديرة في جنيف، وكان وراء تقليص مدة «مينورسو» من سنة إلى ستة أشهر، ونجح في الحصول على مصادقة مجلس النواب الجديد ذي الغالبية الديمقراطية على ميزانية المساعدات الخارجية، مستثنية الصحراء الغربية من الاعتمادات الموجهة للمغرب، وذلك في خروج عن قاعدة ترسخت في السنوات الأخيرة.
ويصف الإعلام المغربي جون بولتون بالمعادي للوحدة الترابية للمغرب ومؤيداً لجبهة البوليساريو، ونسبت «صحيفة نيويوركر» لمصادر رسمية مغربية أن الرباط لن تعلق على هذا الأمر، خاصة أنه لم يصبح قراراً نهائياً، فيما يرجح المراقبون أن يصادق مجلس الشيوخ على المشروع نظراً لوجود غالبية جمهورية فيه.
وقال سفير المغرب في الأمم المتحدة، عمر هلال، للصحيفة عن تحركات بولتون، إن «العلاقات بين البلدين أقوى من أن يؤثر عليها أي شخص»، وأكد هلال أنه «لا مجال لتنظيم استفتاء في الصحراء..لأن الاستفتاء مات، وأن المشكلة الحقيقية قائمة بين المغرب والجزائر، وليس بين المغرب والصحراويين».
ونقلت الصحيفة الأمريكية تصريحاً لبولتون أنه «لا يمكن الصبر أكثر على استمرار النزاع»، وإنه «ملتزم بإنهاء النزاع» وقال: «نفكر في الذين ما زالوا لاجئين في مخيمات تندوف، وعلينا أن نسمح لهؤلاء وأطفالهم بالعودة والحياة بشكل طبيعي».
وقالت صحيفة «أخبار اليوم» إن هناك حنيناً لدى بولتون لإحياء مشروع المبعوث الأممي السابق جيمس بيكر، الذي طرحه سنة 2003، بتنظيم «استفتاء لتقرير المصير» ولعب بولتون مساعد بيكر في حينه دوراً مهماً في صياغة القرار، وهو ما يرفضه المغرب في حينه.
حذر مجلس الأمن الدولي في قراره 2414 ذي الصلة بالنزاع والصادر نهاية نيسان/أبريل الماضي من أية إجراءات تغييرية أو خطوات استفزازية بالمنطقة، وعبر نهاية 2017 عن قلقه من وجود العناصر العسكرية بالمنطقة العازلة الكركرات، داعياً إياها إلى الانسحاب الفوري حفاظاً على أمن واستقرار المنطقة، ولخفض التوترات الأخيرة بين المغرب والبوليساريو