إسطنبول: يشكل “الجيش الوطني السوري” المدعوم من أنقرة رأس حربة في الهجوم التركي على القوات الكردية في شمال سوريا، ويضم في صفوفه مقاتلين انخرطوا في الحرب في السنوات الأولى من النزاع بهدف إسقاط النظام السوري.
وكان “الجيش السوري الحر” في طليعة الحراك ضد نظام الرئيس بشار الأسد، لكن مع تشعب النزاع وتعقده، انفرط عقد هذا الجيش الذي كان مدعوما من المعارضة السياسية وبعض الدول الإقليمية والغربية.
وبدأ دور “الجيش السوري الحر” يتراجع منذ العام 2012 مع بروز فصائل جهادية مثل جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة في سوريا، وتنظيم الدولة الإسلامية، لم يتمكن من منافستها لافتقاره إلى الدعم والتمويل.
وبعدما غاب كليا عن المشهد السوري لسنوات، عاد “الجيش السوري الحر” إلى الظهور بمشاركته في آب/ أغسطس 2016 في أول هجوم نفذته أنقرة على مناطق في شمال سوريا قرب الحدود التركية وأتاح طرد تنظيم الدولة الإسلامية من عدة بلدات وخصوصا جرابلس.
وبعد ذلك شاركت هذه الفصائل في عملية “غصن الزيتون” التي شنتها القوات التركية على وحدات حماية الشعب الكردية في منطقة عفرين.
غير أن مشاهد لعناصر من الجيش السوري الحر قرب جثة مقاتلة كردية تم التمثيل بها قرب عفرين أو يقومون بأعمال نهب في البلدة بعد السيطرة عليها، ساهمت في ضرب صورته كقوة غير منضبطة.
وبعدما كان “الجيش السوري الحر” يعتبر الذراع العسكرية للمعارضة السورية في المنفى، تتبنى “الحكومة السورية المؤقتة” التي تتخذ من تركيا مقرا لها اليوم “الجيش الوطني السوري” المشارك في الهجوم الذي باشرته أنقرة الأربعاء لطرد مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية من شريط واسع في شمال شرق سوريا.
وفيما تصنف تركيا “وحدات حماية الشعب” الكردية منظمة “إرهابية” لاعتبارها امتدادا لحزب العمال الكردستاني، تحظى الوحدات بدعم من الغرب إذ لعبت دورا أساسيا في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية.
ويقول الخبير في مركز “إيدام” للدراسات في إسطنبول أمره كورسات كايا إن “الجيش الوطني السوري هو العنصر المحلي في العملية التركية. إنها قوة مهمة في الهجوم”.
– “دور جوهري”
ويوضح أن “هذه المجموعة مؤلفة بصورة أساسية من مقاتلين من السنة العرب وتركمان”، مضيفا أن “وجودهم في العملية يشكل مصدر معلومات ثمينا”.
وزاد الجيش الوطني السوري عديده في تشرين الأول/ أكتوبر ليصل مبدئيا إلى حوالي 810 آلاف مقاتل، من خلال الاندماج مع الجبهة الوطنية للتحرير، ائتلاف من الفصائل المسلحة الناشطة بصورة خاصة في منطقة إدلب في شمال غرب سوريا.
ويتلقى عناصر الجيش الوطني السوري التمويل والتدريب والتجهيز من تركيا.
وقال المتحدث باسم الجيش الوطني السوري الرائد يوسف حمود: “تمت تعبئة 14 ألف عنصر من الجيش الوطني السوري للمشاركة في العملية. ويمكن زيادة هذا العدد أو خفضه على ضوء سير المعركة”.
وأوضح أن “عددا كبيرا” من هؤلاء المقاتلين يتحدرون من بلدات في شمال شرق سوريا مثل تل أبيض ورأس العين، تسعى أنقرة لطرد وحدات حماية الشعب منها.
وقال: “هؤلاء الجنود طردوا من بلداتهم وقراهم حين سيطرت وحدات حماية الشعب على هذه المناطق”.
ويقول المحلل في معهد “ميدل إيست إنستيتيوت” تشارلز ليستر إن تركيا نشرت “حوالي ألف مقاتل” على محوري تل أبيض ورأس العين منذ بدء هجومها.
ويتابع: “يبدو أن الجيش الوطني السوري يتحرك حاليا تحت سيطرة صارمة من الجيش التركي وأنقرة تستخدمه كقوة في الخط الأمامي. وبالتالي، يبدو دوره جوهريا في الوقت الحاضر”.
ويستبعد المحلل كايا أن تتكرر خلال الهجوم الحالي التجاوزات التي ارتكبها المقاتلون السوريون في عفرين.
ويقول: “الجيش التركي درّب هذه القوات خصيصا لهذه العملية. وبالتالي، نتوقع أن تبدي مستوى أعلى من الانضباط بالمقارنة مع المجموعات الأقل تنظيما في سوريا”.
ويضيف: “تركيا اختارت القوة السورية الأكثر اعتدالا واحترافا للمشاركة في هذه العملية. ويجب ألا يغيب عن أذهاننا أن القوات الخاصة التركية على الأرض ستراقب الهجوم وتتدخل عند حصول أي تجاوزات”.
(أ ف ب)
كل العار لهؤلاء الاوباش