رأي القدس قبل اقل من اسبوع من توجه الناخبين الامريكيين الى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس جديد، تجري بلادهم مناورات ضخمة مع اسرائيل تحت اسم ‘التحدي القاسي 2012’ تستمر لمدة ثلاثة اسابيع ويشارك فيها 3500 جندي امريكي والف جندي اسرائيلي.اللفتنانت جنرال كريغ فرانكلين قائد القوة الجوية الثالثة الذي يتولى الاشراف على هذه المناورات مع نظيره الاسرائيلي الجنرال نيتزان نوريال وصفها ‘بانها اكبر مناورات في تاريخ العلاقات العسكرية الطويلة بين الولايات المتحدة واسرائيل’.المحللون العسكريون الاسرائيليون والامريكيون يرون ان هذه المناورات التي تركز على سلاحي الطيران والدفاع الصاروخي تأتي في اطار الاستعدادات لحرب يشنها البلدان ضد ايران.هذه المناورات كانت مقررة في ابريل (نيسان) الماضي ويتم الاعداد لها منذ عامين، ولكنها ارجئت الى اواخر الشهر الحالي بناء على طلب اسرائيلي ما زال غامضا. ولم يتم اعطاء اي تبرير رسمي له.هناك عدة نقاط يمكن التوقف عندها في محاولة لاستقراء ما بين سطور تصريحات الجنرالات الامريكيين والاسرائيليين وعلاقتها المباشرة وغير المباشرة ببعض التطورات السياسية والعسكرية الاخرى في المنطقة.’ اولا: اقتصار المناورات على سلاح الجو واجراء تدريبات على غارات جوية تستهدف اهدافا بعيدة المدى، يؤكد ان المنشآت النووية الايرانية هي المقصودة وليس غيرها استنادا الى التهديدات الاسرائيلية والامريكية التي لم تتوقف طوال العامين الماضيين على الاقل.’ ثانيا: التركيز على الدفاع الصاروخي واختبار القبة الحديدية الاسرائيلية وصواريخ باتريوت المضادة للصواريخ كلها تؤشر الى السلاح الاقوى في يد ايران وحزب الله وربما سورية ايضا التي تملك مجتمعة ترسانة هائلة من الصواريخ الباليستية من مختلف الاحجام والمديات.’ ثالثا: تتزامن هذه المناورات مع قرار اسرائيلي مفاجئ بتقديم موعد الانتخابات البرلمانية الاسرائيلية من تشرين الاول (اكتوبر) الى كانون الثاني (يناير) 2013، وهي انتخابات من المتوقع ان يحقق فيها بنيامين نتنياهو وحزب الليكود الذي يتزعمه انتصارا ساحقا، يمنحه تفويضا مفتوحا لخوض الحرب ضد ايران.’ رابعا: اختيار الثلث الاخير من شهر كانون الثاني (يناير) لاجراء الانتخابات البرلمانية الاسرائيلية، وكذلك المناورات العسكرية قبل ذلك بثلاثة اشهر خطوة محسوبة بعناية، لان الرئيس الامريكي الجديد يتولى مهامه رسميا في هذه الفترة بالذات، مما يعني ان احتمالات اندلاع الحرب ستكون في شهر شباط (فبراير) او اذار (مارس) على اقصى حد.’ خامسا: من المقرر ان يبقى في فلسطين المحتلة الف جندي امريكي حتى شباط (فبراير) المقبل، بينما يتواجد الالفان وخمسمائة جندي الآخرون المشاركون في المناورة المذكورة في اوروبا مما يؤكد احتمالات الحرب في ذلك الشهر بالذات.’ سادسا: وجود ثلاث حاملات طائرات امريكية، في منطقة الخليج العربي واخرى بريطانية، علاوة على مئات البوارج والسفن والزوارق الحربية التي اجرت وتجري مناورات متواصلة.ربما يجادل البعض بان هذه المناورات تصب في اطار الحرب النفسية المتأججة حاليا بين ايران وخصومها الامريكان والاسرائيليين والاوروبيين، وبهدف ارهاب الاولى ودفعها الى التخلي عن طموحاتها النووية، وربما يكون هذا صحيحا، ولكن من الواضح، ومن خلال تصريحات المسؤولين الايرانيين ان ايران لن ترفع الراية البيضاء، ولن ترضخ للضغوط الامريكية الاسرائيلية.هناك طبخة ما جرى اعدادها في المطابخ الامريكية الاسرائيلية ضد ايران والمنطقة، واوشكت على النضوج، وبدأ الجميع ينتظر ساعة الصفر وانطلاق الطائرات بالتالي لقصف المنشآت الايرانية.الهجوم الامريكي الاسرائيلي لن يكون سهلا ودون خسائر، وهذا ما يفسر التأجيلات المستمرة، والمناورات المكثفة بحرا وجوا.اقتصار المناورات على سلاحي البحرية والطيران والدفاع الصاروخي يؤشر الى انها ستكون حربا بحرية جوية ولن تكون هناك حرب برية على غرار ما حدث في العراق وافغانستان.انها ام الحروب جميعا، وسيكون العرب من اكبر ضحاياها، ولن يكونوا في موقع المتفرج، وانما الطرف الذي سيفاجأ بتورطه في حرب كانوا شاهد الزور فيها.Twitter: @abdelbariatwan