امتنع لاعبو المنتخب الإيراني عن ترديد نشيد إيران الوطني أمام العالم، وهو هدف سجله المنتخب في شباك النظام في إيران. هذا الموقف الشجاع قال الكثير في وقفة واحدة طولها دقيقة أو اثنتان. يحمل المنتخب القومي عادة رسائل من بلده إلى العالم، هذه المرّة حمل المنتخب رسالة إلى بلده نفسها، إلى النظام نفسه وإلى الجماهير المنتفضة بـأنه منها ومعها. سؤال آخر يطرح، هل سيحاسبُ اللاعبون على موقفهم هذا عند عودتهم إلى بلادهم! أم أنَّ الأمر سيمرُّ مرور الكرام! أغلب الظن أنها مغامرة وتحد شجاع وكبير. تقول كلمات النشيد الوطني الإيراني:
«بزغت من الأفق شمس الشرق.. تلك التي تستنير بها أبصار المؤمنين بالحق.. إنه رمز إيماننا.. ونداؤك أيها الإمام للاستقلال والحرية.. منقوش في أرواحنا..
أيها الشهداء ما زالت صيحاتكم تملأ مسامع الزمن.. فلتبق خالدة وأبدية، أيتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية» (عن ويكبيديا).
كلُّ جديد وله بهجة، كانت بهجة الإيرانيين كبيرة في ثورتهم التي انطلقت عام 1977 وانتصرت عام 1979 رغم البطش والوحشية الذي ووجهت بهما الجماهير. رحل الشّاه إلى مصر، وانتهت الحقبة البهلوية، وفرح معهم مئات الملايين من شتى أقطار العالم، إلا أن نجاح الثّورة في قلب نظام الحكم هو البداية، والامتحان الحقيقي، هو في النتائج بعيدة المدى لأي ثورة كانت.
ملايين الإيرانيين باتوا يشعرون باستنفاد الخمينية لنفسها، ويطمحون إلى حرية أكثر واقتصاد أفضل، وإدارة أنجع للصراع مع القوى الإقليمية والدولية
يتوقع الناس مساحات أكبر من الحرية التي ناضلوا لأجلها، وإذا كان نظام الشاه الآفل قد قتل المعارضين، وزجّ بهم في السُّجون وقمع المتظاهرين بالحديد والنار، ومنع النساء من ارتداء الحجاب، فما الذي يفعله النظام الحالي بمعارضيه؟ وكيف يتعامل مع المتظاهرين والمحتجين، ومع حقوق المرأة الشخصية، وما الفرق بين منع الحجاب وفرضه بالقوّة على النساء! إضافة إلى هذا، ينتظرُ الناسُ مردوداً اقتصادياً ينعكس عليهم كأفراد وأسر ومجتمع، وتوزيعاً أكثر عدلا للثروة والموارد القومية بين مختلف شرائح المجتمع والأقاليم والقوميات وغيرها، ينتظرون خدمات أفضل في شتى مجالات الحياة اليومية، وبلا شك أنهم يتوقعون من الثورة أن تتعلم من أخطائها، وأن تنقّي نفسها من الانتهازيين والمتسلِّقين، وأن تكون قادرة على إصلاح مسيرتها من خلال النقد الذاتي، والإصغاء للمعارضين.
كان منتخب إيران في كرة القدم عام 1998 متحمّسا جدا في مواجهة منتخب أمريكا، وسجّل هدفين مقابل هدف واحد في فوز اعتُبر تاريخياً، أشعل المنطقة كلها بالفرح، ومعهم كل المتضررين من سياسة أمريكا في العالم، أما اليوم، فقد وقف المنتخب مقهوراً، محتجّا، ولعب بشعور داخلي من الهزيمة، وتعاطف معه عشرات الملايين. لقد سبقت الانتفاضة الحالية التي بدأت في أيلول/ سبتمبر الماضي احتجاجا على موت فتاة اعتقلت بسبب ارتدائها الحجاب بشكل لم يعجب حراس الآداب، احتجاجات أخرى على غلاء المعيشة وظروف الحياة وغيرها، إلا أن الانتفاضة الأخيرة التي لم تنطفئ بعد، وانتقلت من مرحلة الاحتجاج إلى انتفاضة على واحدٍ من أعمدة وأساسيات النظام، وهو موقفه من المرأة وحقوقها العامة والشخصية، فالنساء في مظاهراتهن يلقين الحجاب جانبا، ويقصصن شعرهن احتجاجاً. الانتفاضة تحولت إلى اجتماعية سياسية، وليس على الحادثة بعينها فقط، وفي هذا إشارة واضحة إلى أن ملايين الإيرانيين باتوا يشعرون باستنفاد الخمينية لنفسها، ويطمحون إلى حرية أكثر واقتصاد أفضل، وإدارة أنجع للصراع مع القوى الإقليمية والدولية.
لا يستطيع النظام، أي نظام، أن يواصل حكم شعبه بحجة الأخطار الخارجية المحدقة به، وفي حالة إيران، فإن شعارات الموت لأمريكا والموت لإسرائيل، إضافة إلى التدخلات الخارجية، ليست ضمانة لاستقراره، فالناس في نهاية الأمر يريدون حريات شخصية وفرص عمل، ورواتب تمنحهم القدرة على العيش بكرامة. إشارات كثيرة تقول إن نظام آيات الله استنفد نفسه، وبات رحيله قضية وقت، قد ينجح بتأجيله بضع سنين أو عقود، ولكن النهاية باتت حتمية في المنظار التاريخي لأعمار الدول والأنظمة، وإذا أراد أن ينجو من مصير المحو التام، فعليه بتغيير وإلغاء الكثير من أسس الدستور، الذي قامت عليه الجمهورية الإسلامية، وفتح الطريق للأحزاب غير الدينية للمنافسة على السُّلطة، خصوصا أن شرائح وأحزاب أخرى شاركت في الثورة ضد الشاه، قضى عليها النظام أو همّشها، لها أفكار ورؤى اجتماعية مختلفة، خصوصا ما يتعلق بحقوق المرأة.
أخيراً، إذا كنا نتمنى الفوز للفرق العربية لنفرح، فإن المنتخب الإيراني يستحق الفوزّ والفرح والتشجيع لأجله ولأجل المنتفضين.
*كاتب فلسطيني
لقد إستولى الخميني على الثورة الإيرانية بحجة رعايته الدينية لها !
أعدم الخميني أكثر من خمسة آلاف من معارضيه بالسجون الإيرانية سنة 1988 !!
ولا حول ولا قوة الا بالله
قال لي صديقي المعارض الإيراني بأن الثوار الإيرانيون قرروا عدم ترك الشوارع لغاية هزيمة النظام الإيراني !
إنتشرت الآن خلايا مسلحة بين الإيرانيين للرد على رصاص الحرس الثوري الإيراني !!
يأمل الإيرانييون بإنضمام الجيش الإيراني الضعيف لهم !!!
و لا حول و لا قوة الا بالله
المنتخب الإيراني دائما لا يقرأ النشيد مع موسيقى النشيد الوطني
وليس امتناعه هذه المرة احتجاجا وممكن الرجوع إلى مشاركة إيران في موسكو
*هي مغامرة بدون شك.
واحتمال عقابهم بعد رجوعهم كبير..
مقال رائع يستعرض الوضع السياسي في إيران من خلال احتجاج فريقه وعزوفه عن غناء النشيد الوطني !! وهو أمر صعب فالنشيد الوطني يعني الكثير للمواطن ولكن يبدو أن الإيرانيين توقفوا عن ذلك !! مقالك يردني لرواية جميلة لآذار نفيسي ترصد الأوضاع السياسية والإقتصادية والثقافية في إيران بعد الثورة !! مثبت أن أي نظام شمولي هو نظام ديكتاتوري مستبد وأن الثورات في منطقتنا لم تسفر إلا على أنظمة أكثر ظلمًا واستبدادًا ، الشعب الإيراني شعب رائع يستحق الأفضل وأظن أن مطالبه باتت واضحة وحادثة الفتاة والحجاب كانت الشرارة الأولى ، الجيل الصاعد يمقت هذه العزلة يبررها النظام ، يريد انفتاح وتعاون بين العلالين السني والشيعي يريد حياة كريمة ونظام يحتوى كل الأطياف الفكرية والتوجهات ولكن أظن أن الأمر سيكلف ثمنًا باهضًا ولكنه آت لا محالة !!
يبدو أننا نشهد مرحلة جديدة من النضال على كافة المستويات والملفت استغلال المنصات الرياضيه لمثل هذه الإحتجاجات !!
مقاله تحليليه قيمة المحتوى كاتبنا ، وقد يظن بعض الناس أن مشاركة النساء في الثورات حديثة العهد ،و لطالما ارتبط مفهوم الثورة تاريخياً بالدم والعنف والقائد الرجل كوسيلة لتغيير الأوضاع والسلطة السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وبحسب تعريف الثورة فهي التغييرات الجذرية في البنى المؤسسية للمجتمع، تلك التغييرات التي تعمل على تبديل المجتمع ظاهرياً وجوهرياً من نمط سائد إلى نمط جديد يتوافق مع مبادئ وقيم وأيديولوجيا وأهداف جديدة.
وعلى رغم التغيرات التي طرأت على المجتمعات تاريخياً ما زالت فكرة “الثورة” جاذبة لكل من يريد التغيير إن كان على الصعيد الشخصي أو العام أو على صعيد قيود اجتماعية نمطية أو سياسية وثقافية.
هذا لا يعني أن المرأة العربية حديثة العهد بالتعبير والاحتجاج والثورة، إذ سبقتها ملكة مصر كليوباترا الثانية التي قادت تمرداً ضد بطليموس الثامن وطردته مع كليوباترا الثالثة خارج مصر وكان ذلك عام 131 قبل الميلاد، وأيضاً قادت زنوبيا ملكة تدمر ثورة ضد الإمبراطورية الرومانية وسيطرت قواتها على مصر الرومانية وأجزاء من آسيا الصغرى وكان ذلك عام 270 ميلادية،( يتبع)
( تكمله ثانيه ) وفي أوروبا القديمة عام 280 قبل الميلاد قامت أميرة أسبرطة تشيليدونيس بإمداد المحاربين بالمؤن أثناء حصار المدينة وكانت تضع حبل المشنقة حول عنقها لتظهر لزوجها كليونيموس أنها لن تؤخذ وهي على قيد الحياة.
وفي ايران أدت وفاة الشابة الكردية مهسا أميني بعد احتجازها من قبل “شرطة الأخلاق” في إيران إلى اشتعال احتجاجات شعبية وحملات إعلامية ضد قانون الحجاب القسري والنظام الإيراني برمته.
تلك الفتاة التي ماتت بسبب ظهور جدائل من شعرها تحولت إلى رمز جديد قدمت حياتها دفاعاً عن حرية المرأة الإيرانية وفضح الأوضاع غير الإنسانية التي تعانيها في مجتمع لا يزال يعيش في ظلمات القرون الوسطى ويجد في شعر المرأة “عورة” تثير مشاعر الرجال.
شعار “المرأة، الحياة، الحرية” يتردد بقوة في شوارع إيران ضد تطبيق قانون “الحجاب الإلزامي” وضد قوانين سنت عقب الثورة الإيرانية عام 1979.
وفاة مهسا الشرارة التي أطلقت ثورة عارمة على امتداد ايران في العشرات من المدن والبلدات الإيرانية، حيث لم تتوقف التظاهرات الشعبية، لا سيما تلك التي قادتها شابات إيرانيات من الفئة العمرية التي لا تتجاوز الخمسة وعشرين عاماً.( يتبع)
( تكمله اخيره ) عشرات ،لا بل مئات التظاهرات المنتشرة في احياء المدن الكبرى مثل طهران وأصفهان ومشهد وقم وغيرها، كلها بدأت في الساعات الأولى حاملة شعار التنديد بقتل مهسا أميني التي قتلها رجال النظام، وسرعان ما تحولت الى التنديد بـ”الديكتاتور” أي المرشد علي خامنئي، ثم بالنظام ورموزه وشخصياته التاريخية والرمزية مثل مؤسس الجمهورية الإسلامية الإمام الخميني وقائد “فيلق القدس” التابع لـ”الحرس الثوري” قاسم سليماني الذي قتل في غارة أميركية في بغداد في مطلع العام 2020، الى ما هنالك من شعارات داعية الى الثورة والحرية والكرامة ومواجهة النظام الثيوقراطي المهيمن على إيران منذ انتصار “ثورة” الخميني عام 1979.
تضامن الجميع مع هذه الثورة الاجتماعية وفي إشارة دعم واضحة للاحتجاجات في بلادهم، قرر لاعبو منتخب إيران عدم ترديد النشيد الوطني قبل مباراتهم الافتتاحية في كأس العالم لكرة القدم أمام إنجلترا في مونديال قطر قبل اسبوع .
لذلك صمت كل عناصر التشكيلة الأساسية لإيران المكونة من 11 لاعباً أثناء عزف النشيد الوطني في استاد خليفة الدولي.
سلمت اناملك كاتبنا وما خطه يراعك ..دمت بخير دائما.