تتحدث أحدث التسريبات عن أن مسؤول الطب الشرعي في فريق الإعدام المؤلف من 15 شخصاً الذي وصل إلى إسطنبول في اليوم نفسه الذي شهد اختفاء الصحافي المغدور جمال خاشقجي في قنصلية بلده في إسطنبول، قد طلب من الموجودين في غرفة الإعدام أن يستمعوا إلى الموسيقى أثناء قيامه بتقطيع جسد الخاشقجي أمام أنظار القنصل نفسه.
إنه مشهد جدير بأفلام الرعب التي تتفنن السينما الأمريكية فيها بابتكار أفظع وسائل القتل والتنكيل بالجسد البشري، ولم يخطر حتى في بال مخرج سلسلة أفلام «المنشار» الشهيرة أن يتخيل ويصور مشهداً بهذه البشاعة.
لا أحد، في الوقت الحالي، يستطيع تأكيد أن الأمر جرى بهذا الشكل. ولكن لكي يستطيع أحد ما نفي حدوثه، عليه أن يقدم للرأي العام إثباتاً لطريقة أخرى في قتل الخاشقجي داخل القنصلية قد لا تقل فظاعة وبشاعة من السيناريو المسرب. أما الإنكار التام فهو لن يقنع أحداً، والقرائن، بخصوص الجريمة والمجرم، من الكثرة بما يزيد عن المطلوب في أي محكمة قد تتولى هذه القضية المفضوحة.
السؤال البديهي أمام هول هذه الجريمة، ليس من فعل ذلك أو أمر بفعله، بل لماذا كل هذا الاستهتار بالعواقب، ما دام بإمكان أكثر أجهزة الاستخبارات تخلفاً في العالم أن يقوم بالتخلص من شخص ما من غير أن تخلف وراءها كل هذه القرائن وربما الأدلة؟
حتى طرح هذا السؤال يبدو في غير محله، بالنظر إلى سيادة قانون الغاب في العلاقات الدولية في السنوات الأخيرة، وازدهار الجريمة المعفاة من العقاب بوتيرة لم يسبق لها مثيل فيما نعرفه من التاريخ. دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن، روسيا، تقوم بتصفية خصومها السياسيين أمام أنظار العالم، في موسكو نفسها وفي دول أجنبية. هذا إذا لم نذكر هجمات طيرانها على مراكز حيوية في سوريا خلفت مئات القتلى المدنيين. أما الدول التي تحكمها طغم عائلية أشبه بالمافيات، فهي تفترض أن كل شيء مباح وتتصرف على هذا الأساس. ومثالها الحدي نظام بشار الكيماوي. وقد رأينا كيف كافأته على جرائمه الموصوفة، إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، حين نزعت سلاحه الكيماوي مقابل استمراره في القتل، ليتبين لاحقاً أن نزع السلاح المذكور نفسه لم يتم، بدلالة الهجمات الكيماوية التي تواصلت بعد الصفقة.
ربما المثال الأقرب إلى جريمة إخفاء وقتل جمال خاشقجي هي جريمة اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري، سواء في كون القاتل مكشوفاً، أو في إفلاته من العقاب، أو في الغاية من الجريمة، أو في دوي صدى الجريمتين في الرأي العام.
سيادة قانون الغاب في العلاقات الدولية في السنوات الأخيرة، وازدهار الجريمة المعفاة من العقاب بوتيرة لم يسبق لها مثيل فيما نعرفه من التاريخ
لماذا أراد القاتل أن يعرف الرأي العام أنه القاتل؟ كي يثبت قدرته على فعل ما يريد من غير أن يتعرض لأي مساءلة. لقد قام، قبل قتل الخاشقجي، بتجربتين أثبت فيهما أنه قادر وغير خاضع للمساءلة، مرة مع الحكومة الكندية، وثانية مع الحكومة الإسبانية. وجعلهما ترضخان أمامه. أما الخاشقجي فلا هو دولة، ولا ثمة دول تحميه. هو مجرد مواطن سعودي، للحاكم حرية التصرف بمصيره، كما يعتقد، أو وفقاً للدستور غير المكتوب لهؤلاء الحكام الذين ابتلت بهم شعوب بحالها.
بهذه الحسابات قام «المنشار» بارتكاب جريمته أمام الملأ، ليقول للقاصي والداني أنه يستطيع أن يفعل ما يشاء. هذه الرسالة لن تصل إلى أهدافها لو تمت الجريمة خفيةً، بالوسائل الاستخبارية المألوفة. كان يجب أن تكون على الملأ لكي تصل الرسالة وتكون فعالة.
أما وقد تحولت قضية الخاشقجي إلى قضية رأي عام عالمي، فلا نعلم، إلى الآن، هل ستكون هناك نتائج مختلفة عما ألفناه في أمثلة سابقة؟ صحيح أن عين المنشار مركزة على واشنطن فقط، وغير مكترثة ببقية العالم، تركيا أو أوروبا أو غيرها، وصحيح أن تغريدات ترامب بشأن القضية مطمئنة للمنشار عموماً، ولكن هناك في الولايات المتحدة جهات أخرى غير الرئيس أو صهره كوشنر المضمونين «في الجيب» يمكن أن يفسدوا حسابات المنشار ويحشروه في زاوية ضيقة: هناك الكونغرس والصحافة، وبخاصة واشنطن بوست التي كان المغدور يكتب فيها بانتظام. وقد قال مدير تحريرها، في تصريحات إعلامية، إن العلاقات الأمريكية ـ السعودية لا يمكنها أن تستمر على ما هي عليه إذا ثبت تورط الحكم في السعودية في جريمة الخاشقجي.
أما الحكومة التركية فقد تعاملت مع القضية بتكتيك يبدو ناجحاً، إلى الآن، من حيث استثمار الفرصة من جهة، وعدم الصدام المباشر مع السعودية من جهة أخرى.
فالتسريبات الكثيرة المنسوبة إلى «مصادر تركية مطلعة» نجحت في تحويل القضية إلى قضية رأي عام عالمي، بدلاً من حصرها في العلاقات الثنائية بين البلدين، بما يجنب تركيا مواجهة مصير كل من كندا وإسبانيا. وباتت «كرة النار» في حضن واشنطن أكثر من أنقرة. وواشنطن هي الوحيدة القادرة على التأثير على مجريات القضية ومآلاتها المحتملة. ومن جهة أخرى، تجنبت المستويات العليا من المؤسسة السياسية التركية التورط في تبني التسريبات، واستخدمت عموماً لغة مرنة في مقاربة الموضوع. وهذا مما يترك الباب مفتوحاً أمام صفقة محتملة تحتاجها تركيا، في المستويين السياسي والاقتصادي. وكان تشكيل «الفريق المشترك» لإجراء التحريات داخل القنصلية أولى إشارات تلك الصفقات المحتملة، وبخاصة أن العاهل السعودي قد شكر تركيا ودافع عن العلاقات بين البلدين. نحن نعرف نوع تلك «العلاقات» المضطربة في السنوات الأخيرة. ينطبق الحكم نفسه على مغادرة القنصل السعودي إسطنبول من غير أن تعترضه السلطات التركية.
لا بد من الإشارة، أخيراً، إلى الحالة المأسوية للإعلام العربي التي كشفتها قضية الخاشقجي بأكثر مما فعلت أي مناسبة سابقة. فهذا الإعلام المنقسم، عموماً، بين تمويل سعودي وآخر قطري، وبالنظر للشقاق الحاد بين البلدين، رسب في امتحان قضية إنسانية تستحق أن يتضامن فيها جميع العاملين في الإعلام مع زميلهم المغدور، هذا إذا صرفنا النظر عن الجانب السياسي للقضية.
كاتب سوري
مع أن الظروف المصاحبة لإختفاء السيد الخاشقجي ، الذي أرجو أن يكون حياً ، تدعو للقلق الشديد ، إلا أنه بدون الجثة أو دليل شرعي قاطع ، لا يمكن الجزم بوفاته .
مهما يكن ما ستأتي به الأيام القليلة القادمة ، فقد أصاب نظام المملكة ضرر كبير ، و ذلك لإشتراكه مع معظم الأنظمة العربية في غياب ثقافة الحوار مع معارضيه ، بل التعسف و الإستعلاء في التعامل معهم . لذا قد تذهب بعض أدوات الأنظمة في التعامل مع المعارضين بأبعد مما يتطلب الأمر لإثبات ولائها
الاعدام في مملكة الرعب بالسيف ولكن هذه المرة جاء بالمنشار إمعانا في دموية القتل وفي كم الحقد ضد الشهيد الصحافي جمال خاشقجي الذي لم يرتكب جريمة يعاقب عليها بحد السيف فقط لأنه انتقد الوريث المجرم محمد بن ابيه
و المصيبة قال اشترى لوحة للسيد المسيح باربعمائة وخمسون مليون دولار.ويا سمو الامير محمد بن سلمان السيد المسيح الذي اشتريت صورته قال احبو اعدائكم و لم يقول اقطعوا اعدائكم بالمنشار.
تغيير ولي العهد السعودي هدف استراتيجي تركي حيث يشكل تحالفه مع ابن زايد خطرا كبيرا على تركيا ويعتبر عدوا وخطرا وجوديا عليها ، ولكن حفظ خط الرجعة في حال غطت امريكا على الجريمة امر ضروري ايضا .. لاول مرة تتعامل تركيا بكياسة في ملف شائك وخصوصا من المعارضة الداخلية التركية التي تلعب على وتر القومية والسيادة لجر الحزب الحاكم الى مالاتحمد عقباه .
كلام سليم..هذه الدكتوريات تقتل بالعلن لتتباهى بالقتل ولتخويف باقي الشعوب العربية من مصيرها الاسود والمظلم..لقد أمنوا العقوبة لان الدول العظمى وأوروبا المتشدقة بالديمقراطيات الزائفة سعيدة جداً بوجود جلادين من بني جنس العرب للسيطرة على الشعوب العربية دون ان تتكلف الدول الغربية حتى ثمن رصاص القتل. نفاق في نفاق..أما الصحافة العربية فهي منافقة لا دين ولا مبدأ لها