المهاجرون العراقيون على أبواب أوروبا صفعة لأحزاب السلطة

مصطفى العبيدي
حجم الخط
3

بينما تنشغل أحزاب السلطة في الصراع على نتائج الانتخابات والتهديد بالحرب الأهلية، يقاسي العراقيون في الداخل والمهاجرون على حدود أوروبا، بعد يأسهم من المستقبل في بلدهم.

بغداد-»القدس العربي»: فضيحة جديدة مدوية تعصف بالعملية السياسية وصناع القرار في العراق، بتدفق آلاف العراقيين نحو حدود الاتحاد الأوروبي للفرار من جحيم بلدهم، الذي يعاني من التدهور والانهيار الشامل، جراء الإدارة الفاشلة والفساد ونهب خيرات البلد والتبعية وضياع كرامة الإنسان، إضافة إلى انهيار كل الخدمات الأساسية فيه.
وكانت مفارقة مؤلمة انه رغم حجم المعاناة والمخاطر التي يتعرض لها المهاجرون وخاصة النساء والأطفال على الحدود الأوروبية، إلا أن أغلبهم يؤكدون في لقاءاتهم مع القنوات الفضائية أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، استعدادهم للبقاء أشهر في العراء وتحمل البرد القارس والمخاطر الجدية على ان يعودوا إلى جحيم العراق، ليكشفوا أمام العالم حقيقة الأوضاع المزرية وحجم المعاناة التي يعيشها العراقيون طوال 18 عاما جراء عملية سياسية فاشلة تقودها أحزاب همها السلطة ومنافعها، انتهكت كل الحقوق ونهبت خيرات البلد، وتركت الشعب تحت رحمة الجوع والفقر، إلى درجة جعلت الشباب يتخلون عن وطنهم بحثا عن أي وطن بديل يحفظ لهم إنسانيتهم وكرامتهم ومستقبلهم.
وإزاء الحرج والضغوط الدولية التي تعرضت لها بغداد، بسبب تدفق المهاجرين العراقيين على حدود أوروبا، فإن حكومة مصطفى الكاظمي، قامت بإجراءات تركزت على التنسيق مع الدول الأوروبية لإعادة المهاجرين إلى العراق، بدون الاهتمام بمعالجة جوهر القضية، وهي ان تدهور الأوضاع في العراق هي التي دفعت الناس إلى الفرار منها.
ولهذا الغرض، استقبل الكاظمي، نائب رئيس المفوضية الأوروبية مارغريتيس شيناس والوفد المرافق له في بغداد، الذي نقل له قلق الاتحاد الأوروبي ، كما اتصل بنظيره البولندي ماتوش مرافيتسكي، لبحث سبل وقف تدفق العراقيين نحو حدود الاتحاد الأوروبي، حيث أكدت بولندا «أن الكاظمي تعهد بإعادة جميع العراقيين المهاجرين العالقين».
ومن أجل ذلك، بادرت الحكومة العراقية إلى إيقاف الرحلات الجوية من العراق إلى بيلاروسيا، التي ينطلق منها المهاجرون نحو أوروبا، إضافة إلى الاتصال بالمهاجرين لإقناعهم بالعودة إلى العراق، حيث أعلنت وزارة الخارجية العراقية، عن استعدادها لإعادة العراقيين من بيلاروسيا، وعلى نفقة الحكومة مع تعهدها بمنح جوازات عبور لمن لا جوازات لديه، حيث وافق على العودة عدد محدود من المهاجرين، مع إقرار العراق بعدم قدرته على إجبار الباقين على العودة.
وفيما اعترفت الخارجية أن «الملف اتخذ طابعا سياسيا، وان هناك عمليات منح غير قانوني لسمات الدخول إلى بيلاروسيا، وأن المهاجرين العراقيين وقعوا فريسة لشبكات التهريب» فإن وزيرة الهجرة العراقية فيان فائق، أبلغت وفد الاتحاد الأوروبي «أن العراقيين وقعوا ضحية الصراع السياسي بين بيلاروسيا والاتحاد الأوروبي، وانهم يتعرضون لأقسى أنواع التعامل البعيد عن المعايير الإنسانية والدولية».
ورغم محاولات الحكومة العراقية، التهرب من مسؤوليتها عن هجرة العراقيين لوطنهم، وإلقاء التهم على تجار تهريب البشر، فإن العراقيين يعرفون المسبب الحقيقي وراء اللجوء إلى هذا الخيار القاسي.
ولذا فإن العديد من السياسيين انتقدوا حكومتي بغداد وأربيل، وحملوهما مسؤولية هجرة الشباب وتركهم الوطن، حيث أعلن عضو برلمان إقليم كردستان دياري أنور، المباشرة بجمع تواقيع لاستضافة رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، من أجل توضيح أسباب تزايد أعداد المهاجرين من الإقليم» مؤكدا ان «الحكومة هي المسؤولة عن تزايد هجرة الشباب الكرد إلى أوروبا، بسبب الفساد والسرقات المستمرة».
وكان رئيس «مؤسسة لوتكه لشؤون اللاجئين والمهاجرين» في إقليم كردستان العراق آري جلال أكد إن «نحو 4 آلاف كردي عند الحدود البيلاروسية البولندية، إضافة إلى 1200 كردي عبروا تلك الحدود خلال الأشهر الثلاثة الماضية» كاشفا «أن العديد منهم لقوا حتفهم عند الحدود البولندية» بسبب صعوبة الوضع هناك، حسب قوله. ويذكر ان بعض القنوات العالمية، نقلت تصريحات المهاجرين الأكراد العالقين الذين انتقدوا فيها الأوضاع في الإقليم التي أجبرتهم على محاولة الهجرة إلى أوروبا.
ولا خلاف ان المهاجرين العراقيين العالقين على حدود بعض دول الاتحاد الأوروبي يتعرضون لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، سواء ممارسات حرس الحدود بضربهم وإهانتهم وعدم فتح معسكرات إيواء لهم على الحدود وتركهم في الغابات، أو في مواجهتهم أقسى الظروف المناخية، مع وجود عدد كبير من النساء والأطفال بينهم، حيث كشفت أزمة المهاجرين زيف شعارات أوروبا حول حقوق الإنسان والحريات، عندما غلبت السلطات الأوروبية، الجانب السياسي والأمني على الإنساني في أزمة المهاجرين. وهو ما جعل منظمات حقوقية ودولية تعلن عن تضامنها مع مأساة المهاجرين وتدعو الدول المعنية إلى التعامل معهم وفق قواعد القانون الإنساني الدولي، ومراعاة أسباب الهجرة.
وبينما تنشغل أحزاب السلطة في العراق، في الصراع على نتائج الانتخابات والتهديد بالحرب الأهلية لتقاسم كعكة الحكومة، يقاسي العراقيون داخل بلدهم والمهاجرون على حدود أوروبا، بعد يأسهم من المستقبل في بلدهم، عقب قمع حراك تشرين وتكرار أحزاب السلطة في الانتخابات الاخيرة.
وإذا كان صحيحا ان المهاجرين أصبحوا ضحية لعبة سياسية خبيثة، تتقاسمها حكومات عراقية فاشلة وفاسدة، ومافيات الإتجار بالبشر، إضافة إلى استغلالهم كورقة في الصراعات الدولية بين الدول الأوروبية، فالمؤكد ان المهاجرين وجهوا صفعة قوية جديدة لحكومة وأحزاب السلطة في بغداد وأربيل، اللتان تتباهيان بتحقيق الإنجازات واستقرار الأوضاع . ولعل حركة الهجرة الجديدة وتضحيات العالقين هناك، وقبلها انتفاضة تشرين فرصة لأوروبا والمجتمع الدولي لكي يضغطوا على الحكومة العراقية وأحزاب السلطة، من أجل مراجعة العملية السياسية الفاشلة والعقيمة ومراعاة حقوق العراقيين.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول احمد:

    المهاجرين من شمال العراق حصرا وهو المدعوم من امريكا والكيان الصهيوني ودول الخليج والهجرة سببها دكتاتورية عائلة البرزاني وفسادها

  2. يقول زيد:

    بلد غني ذهب غنيمه للناهبين الفاجرين من قادته فيما الشعب بين مغيب جائع او مشرد مجهول المصير.

  3. يقول حامد الانباري:

    معظم المهاجرين هم اكراد من شمال العراق. عائلتي للبرزاني والطالباني هي سبب هذه الهجرة بسبب سيطرة هاتين العائلتين على موارد الاقليم لمصالحها الشخصية وعدم توفير اي فرص عمل للشباب المثقف سوى اعمال لا تحتاج الى شهادة من تنظيف و عمال بناء …. هاتين العائلتين يمتلكان اكثر من ملياري دولار ولا يهمهم ما يحصل لابناء جلدتهم طالما هم المستفيدين. احتجاجات طلاب الجامعات في محافظ السليمانية دليل على ذلك.

إشترك في قائمتنا البريدية