المواجهة المقبلة لن تكون مع تنظيم “الدولة” بل بين القوى الحليفة لإيران والقوى المؤيدة للولايات المتحدة

مصطفى العبيدي
حجم الخط
0

بغداد – “القدس العربي”: يتابع العراقيون مؤشرات لافتة عن تزايد الحراك الأمريكي في المشهد العراقي هذه الأيام مقابل تحرك للقوى الشيعية في البرلمان لإصدار قرار بإخراج القوات الأجنبية مما ينذر بمواجهة متوقعة بين حلفاء إيران والولايات المتحدة تكون ساحتها العراق.

وتقود الولايات المتحدة سلسلة مواقف وأحداث متسارعة فيما يبدو أنه محاولة لرسم ملامح المرحلة المقبلة من الصراع الأمريكي الإيراني في العراق بما يحمله من نذر تصعيد التوتر في ذلك الصراع.

فخلال أيام توافد على العاصمة العراقية وإقليم كردستان عدد من المسؤولين الأمريكان، منهم وزير الخارجية مايك بومبيو الذي التقى الرئاسات الثلاث، إضافة إلى رئيس الأركان الأمريكي ونائب قائد قوات التحالف الدولي، وجرى استقبالهم من قبل كبار المسؤولين، وتم التأكيد على أهمية الشراكة الاستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة، مع إعلان الحكومة العراقية حرصها على إقامة علاقات متوازنة مع جميع الحلفاء والأصدقاء.

وبعيدا عن حملة الأحزاب الشيعية ضد التواجد الأمريكي العسكري في العراق فإن حكومة عادل عبد المهدي، ماضية في التعاون بين القوات المسلحة العراقية والأمريكية. وقد دافع عبد المهدي عن وجود القوات الأمريكية وغيرها من القوات الأجنبية في العراق، مؤكدا أنه انخفض من 11 ألف إلى 8 آلاف حاليا، نافيا تمركز القوات الأمريكية في قواعد خاصة بها.

كما شهدت بغداد زيارة رئيس الأركان الأمريكي الجنرال مارك ميلي، الذي أجرى مباحثات مع رئيس الأركان العراقي الفريق عثمان الغانمي، تركزت حول استمرار التعاون والتنسيق بين البلدين في مجال تطوير قدرات الجيش العراقي ومكافحة بقايا تنظيم “الدولة” إذ أكد الغانمي أن “علاقتنا مع الولايات المتحدة علاقة قوية ومتينة، ونحن على اتصال دائم ومستمر مع القادة والمستشارين الموجودين في العراق”.

وفي موقف نادر غاب عن الشارع العراقي منذ انسحاب القوات الأمريكية عام 2011، فوجئ رواد شارع المتنبي، قلب الثقافة في العاصمة العراقية، بالجنرال الأمريكي اوستن رينفورث، نائب قائد قوات التحالف الدولي يرافقه قائد عسكري عراقي بحماية جنود عراقيين وأمريكان، وهم يتجولون وسط جموع حاشدة من عشاق الثقافة والمعرفة ويلتقطون صور السيلفي معهم ويحتسون الشاي في مقهى الشابندر المشهورة. ولوحظ أن الجمهور استقبل الزوار بمزيج من الترحيب والاستغراب والرفض ربما بسبب المفاجأة غير المتوقعة، لتواجد قائد عسكري أمريكي وسط الناس، ولتنطلق على الفور حملة استنكار متوقعة من جميع الأحزاب والقوى الشيعية التي أغاضها التواجد العسكري الأمريكي في شوارع بغداد مجددا.

ولم تقتنع القوى الشيعية بتوضيح قيادة عمليات بغداد حول جولة الجنرال الأمريكي في شارع المتنبي بأنها لم تكن مهمة عسكرية وجاءت لمرافقة صحافية أمريكية تعد تقريرا عن الوضع المستقر في بغداد، بل سارع بعض النواب للمطالبة باستضافة رئيس الوزراء في البرلمان للاستفسار عن تلك الزيارة وعن زيارة سبقتها للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى جنوده في قاعدة عراقية بدون اللقاء بالمسؤولين العراقيين، حيث ستعزز الزيارتان حجج طرح مشروع إخراج القوات الأجنبية من العراق في البرلمان، بالتزامن مع تسريبات في الشارع عن نية ميليشيات شيعية مهاجمة القوات الأمريكية في العراق عقب صدور القرار المرتقب إذا لم تنسحب.

وفي شأن ذي صلة أكد شهود عيان ووسائل إعلام محلية مشاهدة أرتال من الشاحنات الكبيرة التي تنقل معدات عسكرية أمريكية ثقيلة على طريق كركوك صلاح الدين وبحماية قوات عراقية وأمريكية، وذلك بعد أيام من الإعلان عن قيام قوة أمريكية بتنفيذ عملية إنزال جوي قرب الحويجة غرب كركوك قتلت خلالها قادة من تنظيم “الدولة”.

وكانت المصادر أشارت إلى دخول بعض القوات الأمريكية المنسحبة من سوريا إلى مناطق في شمال العراق وسط تأكيدات كردية على تمتين العلاقة مع الولايات المتحدة. وذكر نائب رئيس حكومة الإقليم قوباد طالباني على صفحته الشخصية في موقع التواصل “تويت”: إنه ونيجيرفان بارزاني اجتمعا مع بومبيو في اربيل، وإن الاجتماع بحث تطوير العلاقات بين الجانبين واستمرار الدعم الأمريكي للإقليم”.

أما الحدث اللافت الذي عده المتابعون في العاصمة العراقية أنه يندرج في إطار الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على العملية السياسية في العراق، فقد احتضنت الولايات المتحدة في ولاية ميشيغن مؤخرا، اجتماعا لمجموعات سياسية عراقية في الخارج معارضة للعملية السياسية الجارية منذ 2003، وبحضور بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي وأسفر عن الإعلان عن قيام حكومة انتقالية، في حدث عده البعض تذكيرا بقيام الولايات المتحدة برعاية العديد من اجتماعات المعارضة للنظام السابق قبل احتلال العراق، وهو ما خلق ردود أفعال غاضبة من القوى المشاركة في العملية السياسية، وأعاد المناكفات المتشنجة بين القوى السياسية بين مؤيدي العملية السياسية والرافضين لها.
ويتفق المتابعون لهذه التطورات في المشهد العراقي على أن الولايات المتحدة تسعى لإرسال رسائل إلى القوى السياسية في العراق وإيران بأن لديها العديد من الأوراق والوسائل والآليات لفرض وجودها في العراق والتأثير على مجريات الأحداث، وبالتالي عدم إمكانية تجاهل نفوذها فيه، وهو ما يؤكد التوقعات بأن المواجهة المقبلة في العراق لن تكون مع تنظيم “الدولة” بل بين القوى الحليفة لإيران والقوى المؤيدة للولايات المتحدة، والتي يخشى أن يكون وقودها الشعب العراقي المبتلى بالصراعات المحلية والدولية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية