الرباط – “القدس العربي”:
دخل الأمن المغربي على خط فيديو مدته 40 دقيقة، عبارة عن حلقة أولى من برنامج على الإنترنت اسمه “المواعدة العمياء”، مستنسخ من برنامج أمريكي.
ووفق ما تداولته مواقع إخبارية محلية، فقد فتحت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تحقيقا في شبهة المساس بالأخلاق العامة والتحريض على الإخلال العلني بالحياء بواسطة الأنظمة المعلوماتية، وذلك على إثر تداول شريط فيديو تظهر فيه فتاة بصدد محاكاة برنامج أجنبي على شبكات التواصل الاجتماعي.
المصادر نفسها أفادت بأن اليقظة المعلوماتية للأمن المغربي رصدت مؤخرا تداول شريط فيديو، وقامت بمعاينة وجرد الوقائع المنشورة، وإحالتها على “المكتب الوطني لمكافحة الجرائم المرتبطة بالتكنولوجيات الحديثة” التابع للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وذلك من أجل البحث فيها تحت إشراف النيابة العامة المختصة.
أصل الحكاية التي قلبت مواقع التواصل الاجتماعي وأغضبت الرأي العام في المغرب، يعود إلى حلقة أولى من برنامج “المواعدة العمياء” وهو نسخة مغربية من برنامج المواعدة الأمريكي Blind dating، وفق تصريحات منتجيه.
البرنامج المذكور الذي بلغت مشاهده 40 دقيقة بالتمام والكمال، كان عبارة عن فتاة شبه عارية بتنورة قصيرة جدا والأذرع عارية وأمامها خمسة شبان خلف ستارة بيضاء بعضهم بـ “الشورت”، لتبدأ حكاية اختيار “فارس الأحلام” بناء على أسئلة ومعايير صنفت في خانة “التافهة”، وتكتمل المشاهد “الباسلة” وفق التعبير المغربي وتعني لا طعم لها، بإقحام كلبة في الاختيار وجعلها معيارا بالنسبة للشابة.
موجة الغضب لم تتوقف في مواقع التواصل الاجتماعي وسارت بها التدوينات التي بلغ بعضها حد التهجم الشخصي على “بطلة” الفيديو، وكان لبعض المنتقدين رأي يقول إن هذه الحلقة هي عبارة عن “دعارة على المباشر”.
بالنسبة للرأي العام، فقد عبّر عن هوية المجتمع المغربي التي تبقى محافظة رغم مظاهر الانفتاح، كما ركز على محتوى الفيديو المثير المخالف للقيم والمبادئ الاجتماعية التقليدية، كما اتهم القناة بالسعي إلى تشجيع الأفكار الخارجة عن المألوف والتي اعتبرها مهددة للقيم الروحية.
أول المواقف التي تقف على خط المحايدة والانتقاد الموضوعي للبرنامج المنشور على قناة موجودة على يوتيوب، ما سجله “يوتيوبر”، حين استغرب أولا من كون كل الشبان موضوع اختيار الشابة باستثناء واحد غادروا الدراسة باكرا، بمعنى أن مستواهم العلمي والأكاديمي محدود، وفي ذلك إشارة إلى التشجيع على أن “فارس الأحلام” ليس من الضروري أن يكون متعلما.
كما ركز صاحب القناة على ملاحظات تخص الأسئلة التي تطرحها الشابة على فرسان أحلامها المفترضين، حيث لا وجود لأي سؤال جوهري، فقط “التفاهة” مثل ماركة الملابس وصفات الفتاة التي يريد وليس يحب واكتمل المشهد بحضور كلبة التي صارت معيارا أو اختبارا لاختيار “فارس الأحلام”.
وتطرق المدون إلى نسبة المشاهدة التي بلغت 700 ألف مشاهد في يوم واحد، ولم يستبعد أن تصل إلى مليون في اليوم الثاني، وهو نتاج طريقة اشتغال أصحاب برنامج “المواعدة العمياء” في نسخته المغربية الذي جعل من الإثارة في لباس الفتاة ونوعية المشاركين العمود الفقري لجذب انتباه عموم رواد “يوتيوب”، ليخلص إلى أن الحل الأمثل هو المقاطعة لمن يرفض مثل هذه الفيديوهات، ليستطرد متسائلا: لماذا الكل ينتقد البرنامج وفي الوقت نفسه الكل يشاهده؟
https://facebook.com/61555563480362/videos/1834959930285804
موقف آخر غاضب جدا، صدر عن الإعلامي المغربي صامد غيلان، الذي وصفه بكلمة قدحية، وقال إن البرنامج المذكور يهدد القيم الاجتماعية ويعرض الأجيال القادمة لمخاطر كثيرة وكبيرة، مطالبا بتدخل السلطات الأمنية بوقف تداول هذا النوع من المحتوى الذي سيكون له تأثير سلبي على عقول الشباب. وحسب غيلان، فإن الفيديو المذكور ينتقص من الكرامة الإنسان، مشددا على ضرورة وقفه لما له من آثار سلبية كبيرة على الشباب الذين يجب إنتاج محتوى يساهم ببناء شخصيتهم وليس تدميرها.
موقف صارم آخر جاء من الفنان المعتزل هاشم بسطاوي، المعروف بتحوله إلى التدين بعد سنوات من التمثيل في الدراما والسينما، وانتقاده الدائم للمشهد الفني المغربي وعموم الفنانين.
واختار أن يهاجم كل الصفحات على منصات التواصل الاجتماعي التي تعود لبعض “مؤثرين” أو نجوم “السوشيال ميديا” وما ينشر من محتوى “مخل” حسب رأيه، موجها خطابه للجميع لأنهم استغربوا من برنامج “المواعدة العمياء” الذي أثارت حلقته الأولى موجة من الغضب لدى الرأي العام.
أما “بطلة” الفيديو المثير للغضب والجدل معا، فقد خرجت بتصريحات في مقطع جديد، طلبت فيه المسامحة من المغاربة بكل بساطة، واختصرت غضبهم في “التنورة” القصيرة جدا والتي أكدت أنها “شورت” وليس العكس، كما أنها لم تظنها ستكون بذلك الشكل القصير، وعرجت على مسألة الكلبة وإقحامها في اختيار “فارس أحلامها” لتقول للجميع إنها تعتبرها ابنتها وليس مجرد حيوان أليف، ولم يفتها الإشارة إلى كونها تعيش في هولندا وليس في المغرب، لذلك “لا عتب على البحار” كما قال معلق، فيما ذكّرها آخر بأن ذلك اللباس حتى في أوروبا غير لائق، وفي تعليق ثالث قالت سيدة يبدو انها مغتربة أيضا، إنه ليس عاديا أن ترتدي مثل ذلك اللباس، “لأن بناتنا ولدن وكبرن في أوروبا وعلمناهن اللباس الطويل والمستور”.