كعادته، يختار الأديب الأردني أحمد العلاونة موضوعاً جذاباً لكتبه وكتابه الأخير «بين الموهبة والموت» ـ منشورات المجلة العربية الرياض ـ الكتاب الشهري ـ رئيس التحرير: محمد بن عبد الله السيف. هذا الكتاب الذي صدر مؤخراً لأحمد العلاونة يستحق الكتابة عنه، فهو يتحدث عن عشرات المبدعين الذين رحلوا عن كوكبنا قبل أن يبلغوا سن الأربعين.
غسان كنفاني والحدس
أذكر أنني كنت جالسة في المقهى برفقة المبدع الشهيد غسان كنفاني حين قلت له وأنا في العشرينيات من العمر: لا أظن أنني سأعيش حتى الأربعين من العمر. وقال غسان: أنا واثق من أنني سأموت قبل الأربعين. وكان حدسه صادقاً.
كتاب يغريك بقراءته
يمتاز هذا الكتاب لأحمد العلاونة أنه لا يطيل. ففي حديثه مثلاً عن الشاعر بدر السياب، يقول لنا أحمد العلاونة ما قل ودل: ولد العراقي السياب في محافظة البصرة (1926) وتخرج من دار المعلمين العالمية. نزعت أشعاره إلى الشكوى والألم والأنين بسبب فقره ودسامة شكله وفقده لأمه وهو صغير. امتاز بجمالية الحضور وغنى الرموز. ظهرت دراسات تقنية تضعه في قمة الريادة بالشعر الحر. وترجم شعره إلى عدة لغات. ومات بالسل في مستشفى الكويت وصدرت عنه كتب كثيرة، أهمها كتاب الدكتور إحسان عباس: السياب دراسات في حياته وشعره.
أسمهان و«باحثة البادية»
لعل الجيل الجديد لم يسمع بأسمهان ولا بصوتها الجميل حتى وجدها البعض أجمل من صوت الكبيرة أم كلثوم ـ ويقول المؤلف عنها: تنتمي إلى طائفة الدروز. تزوجت مرتين وقيل إنها أفضل من غنت الموشحات النبوية ومثلت بعض الأفلام. وقتلت غرقاً بانزلاق سيارة في ترعة بين القاهرة والسويس، وهي شقيقة الفنان الشهير فريد الأطرش الذي نافس المطرب عبد الوهاب. أما «باحثة البادية» فهو الاسم المستعار لأديبة مصرية كبيرة أعطت الكثير.
غسان كنفاني: الخسارة الكبرى
استطاع عملاء إسرائيل في لبنان اغتيال غسان كنفاني عام 1972 حين فجروا سيارته.
غسان كنفاني: قتلوه
في كتاب أحمد العلاونة «بين الموهبة والموت» يتعرف القارئ على كثير من المعلومات حول المبدعين الذين رحلوا قبل الأربعين. وحتى الشهير غسان كنفاني المناضل والمبدع، لا يعرف الكثيرون أنه ولد في عكا/فلسطين سنة 1936 ورحل مع أسرته بعد نكبة فلسطين إلى لبنان فدمشق وعمل في الكويت مدرساً، ونشط من خلال حركة القوميين العرب في الكويت، ثم ذهب إلى بيروت محرراً في جريدة «المحرر» وأصبح رئيساً لتحريرها، وانضم إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ورأس «مجلة الهدف» الناطقة باسم الحركة 1969 وأصبح عضواً في مكتب الحركة السياسية وناطقاً باسمها.
وقبل كل شيء كان أديباً مبدعاً، من أهم رواياته: «رجال في الشمس» و»ما تبقى لكم» وله «أدب المقاومة في فلسطين المحتلة» و»المقاومة ومعضلاتها» و«الأدب الصهيوني» وتم اغتياله في لبنان 1972 في تفجير سيارته.
أحمد العلاونة وكتبه الاستثنائية
أصدرت الدكتورة نادية غازي العزاوي كتاباً ضخماً عن أحمد العلاونة.. 495 صفحة، طباعة جيدة وغلاف فاخر بعنوان «نقوش على جدران الزمن» ـ تأملات نقدية في منجزات أحمد العلاونة، صدر عن دار البشائر الإسلامية. وهو كتاب ضخم ينصف عطاء أحمد العلاونة الذي لا يكتب عنها إلا ويسميها أستاذتي.
ولعل كتابه الأخير بين الموهبة والموت يلخص إبداعه، حيث لا يطيل لكنه أيضاً يمنح القارئ باختزال، معلومات مهمة حول الموضوع الذي يحاول الإحاطة به.
المخدرات وقيادة السيارات
وقبل أن أُضجر القارئ، أنتقل إلى موضوع آخر وزمن آخر.. وأتحدث عن شرب الكحول وتناول المخدرات (الكوكايين مثلاً) قبل قيادة السيارات. وهو أمر تفكر الحكومة الفرنسية بزيادة العقاب عليه. النجم الفرنسي الفكاهي بيار بالماد، انكشف وكان يتناول (سمومه) في بيته ويتعامل مع شياطينه الداخلية بمتعة حين اصطدم بسيارة كاد يقتل ركابها. المرأة الحامل في شهرها السابع أجهضت، والصبي (7 سنوات) في المقعد الخلفي أصيب بجروح خطيرة، كما قائد السيارة. حوادث كثيرة مشابهة. امرأة قتلت طفلة عمرها 6 سنوات، لأنها كانت تقود سيارتها وهي ثملة ومخدرة بالكوكايين.. قتلتها.
رفع مبلغ العقوبات: نعم!
تفكر الدولة الفرنسية بزيادة العقوبات على هذا النمط من الجرائم، وكثيرون مثلي سيؤيدون ذلك.. فليس من حق بيار بالماد، أو سواه، قتلنا لمجرد أنه ثمل ومخدر ومشهور…
وأعتقد أن منع شرب الكحول مستحيل في فرنسا، ولكن منع توزيع المخدرات مفيد. والأفضل ألا نقود سياراتنا في ما يشبه مستشفى المجانين!