‘الموت لامريكا’

حجم الخط
1

‘الواقعة ليست هي الأولى من نوعها. فمنذ بدء ثمانينيات القرن الماضي كان يتظاهر في كل سنة في الرابع من تشرين الثاني آلاف الايرانيين بالقرب من المبنى الذي كان فيما مضى سفارة الولايات المتحدة في طهران، في الذكرى السنوية للسيطرة على السفارة واحتجاز عشرات من العاملين فيها رهائن مدة 444 يوما. والمراسم معروفة، فهناك خطب تشهير على ألسنة قادة ايرانيين بالولايات المتحدة واسرائيل، وصيحات ‘الموت لامريكا، الموت لاسرائيل’ واحراق علميهما. ومع مرور السنوات تضاءل أثر المظاهرة وأصبحت رتيبة وقل عدد المشاركين فيها بالتدريج.
تظاهرت هذه السنة بالقرب من السفارة استرعت انتباها خاصا لسبب مزدوج. وكانت في هذه المرة أكبر تظاهرة منذ سنوات وشارك فيها ليس مصادفة عشرات آلاف الاشخاص. وأهم من ذلك أنها تمت مع بدء المحادثات المباشرة بين الولايات المتحدة وايران، وتبين أنه برغم تحسن الجو بينهما يوجد في القيادة العليا للنظام من يهتم بافساد الفرح. إن الخطبة المركزية في التظاهرة لم يخطبها شخص رسمي كما في الماضي بل سعد جليلي الذي أجرى المحادثات في الشأن الذري في حينه، لكن من الواضح أنه لو كان النظام معنيا بمنع التظاهرة الكبيرة لما تمت.
ليس الهجوم المنظم على الولايات المتحدة واسرائيل مفهوما من تلقاء ذاته. فقد كانت ايران حليفة مركزية للولايات المتحدة الى سنة 1979. ولم تحارب الولايات المتحدة ايران قط ولم تقتل ايرانيين ما عدا قليلين، وأكثرهم على غير عمد. وهو حكم اسرائيل ايضا. وفي مقابل ذلك بدأ العراق في ثمانينيات القرن الماضي حربا مع ايران دامت ثماني سنوات استعملت فيها سلاحا كيميائيا ومئات الصواريخ على ايران وقتلت 210 آلاف ايراني على الأقل. وبرغم ذلك تهتف الجموع في ايران ‘الموت لامريكا، الموت لاسرائيل’، لا ‘الموت للعراق’.
وينبع الغضب الموجه على الولايات المتحدة من مستويين، فهناك في الأساس المستوى الايديولوجي الديني، فالنظام ومؤيدوه يرون أن الولايات المتحدة هي جذر الشر في العالم، وعداؤها من أبرز رموز الثورة الاسلامية. وهم يرون أن الغرب هو المصدر الرئيس لامراض المجتمع الايراني، وأن الولايات المتحدة هي رأس حربة الحضارة الغربية الفاسدة. والمستوى الثاني هو علاقة الولايات المتحدة بايران. فالنظام يرى أن امريكا هي أول عدو لايران وهي تسعى الى اسقاط النظام وتفرض عليه عقوبات اقتصادية وتعمل على تقليص تأثيره في منطقة الخليج وتهدد باستعمال القوة العسكرية عليه.
وكل ذلك طور في ايران علاقة عداء وشك عميق في الامريكيين تستمد منه حقيقة أنه تطورت في الولايات المتحدة ايضا نظرة سلبية الى ايران. إن القطيعة مع الولايات المتحدة منذ كانت الثورة تفضي الى إضرار عظيم بايران. وقد كان استعمال الحظر الغربي على نقل السلاح الى ايران من العوامل المهمة في فشلها في حربها للعراق. والعقوبات الاقتصادية تسبب ضررا باهظا للاقتصاد الايراني. وتحتاج صناعة النفط وهي العمود الفقري لاقتصاد ايران على عجل الى استثمارات وتكنولوجيا غربية. وتحتاج ايران قبل كل شيء الى مواجهة حقيقة أن القوة العظمى الامريكية تهددها تهديدا استراتيجيا. ومع ذلك يصد النظام الايراني عن تحسين العلاقات بالادارة الامريكية خشية أن يفقد بذلك أحد الرموز المهمة للثورة الاسلامية.

اسرائيل اليوم 7/11/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عبد اللطيف - الجزائر:

    كيف يقول كاتب المقال أن الأيرانيين لا يقولون الموت للعراق ألا يعرف اننا شعب مسلم مند ألاف القرون أم أن الوضع الأمني و الثقافي في الوطن الاسلامي جعله يظن أننا جاهلون لدرجة نتمنى الموت لبعضنا البعض الشعب و الحكومة الأيرانية تعرف جيدا من هو العدو و من هو الصديق

إشترك في قائمتنا البريدية