نواكشوط – «القدس العربي»: للشهر الثامن وبنفس طويلة لا ملل فيها ولا كلل، لم يفوت الموريتانيون فرصة في الداخل أو في الخارج إلا وانتهزوها لمناصرة ومؤازرة الأهالي في غزة، ولدعم المقاومة بشتى أنواع الدعم.
وكالعادة، نُظمت في نواكشوط، يوم الجمعة، مسيرتان كبيرتان مُناصِرتان للأهل في غزة، ورافضتان لجرائم الإبادة والتجويع، ومساندتان للمقاومة.
وتولى الرباط الوطني الموريتاني لنصرة الشعب الفلسطيني تأطير إحدى المسيرتين تحت شعار “لا للمساواة بين الضحية والجلاد”، بينما تولت المبادرة الطلابية لمناهضة الاختراق الصهيوني وللدفاع عن القضايا العادلة تأطير المسيرة الثانية تحت عنوان “مقاومةٌ حتى التحرير”.
وكانت المسيرتان مناسبة دعا فيها الخطباء لاستنهاض الهمم ومواصلة الدعم، وعدم التكاسل والتراجع عن نصرة الحق الفلسطيني، وعن تعرية أطراف المؤامرة الغربية والعربية المدبرة لتشريد الشعب الفلسطيني الصامد.
وشارك الموريتانيون السفارة الفلسطينية بنواكشوط إحياءها للذكرى الـ 76 للنكبة الفلسطينية، تحت شعار “فلسطين باقية والاحتلال إلى زوال”.
وحرصت الأوساط الرسمية والحزبية في موريتانيا على مشاركة السفارة الفلسطينية فعاليات هذه الذكرى المؤلمة، والتي تضمنت بين أنشطة أخرى، عرض فيلم حول انعكاسات النكبة وأضرارها المتعلقة بالتهجير والنزوح من الأرض، والدمار الذي سببه هجوم الاحتلال الصهيوني على غزة في عدوانه المتواصل حالياً.
وأكد متحدثون في منبر استذكار النكبة “أن الشعب الفلسطيني وأحرار العالم في العديد من العواصم والمدن يحيون كل سنة الذكرى المأساوية للنكبة الفلسطينية التي لا تزال تلقي بظلالها الحالكة على الشعب الفلسطيني”.
وأضاف الخطباء “أن السنوات الست والسبعين التي مضت على النكبة الفلسطينية خلفت ستة ملايين لاجئ فلسطيني يعانون من ويلات التشرد، وفقدان الأمان بعد أن كانوا يعيشون حياة هادئة في مدنهم وقراهم”.
وعبر رئيس حزب الإنصاف الحاكم ماء العينين ولد أييه في مداخلة له “عن دعم الشعب الموريتاني بمختلف توجهاته السياسية وأحزابه، للقضية الفلسطينية”.
وشارك الرباط الوطني الموريتاني لنصرة الشعب الفلسطيني بخطب ومحاضرات وقصائد شعرية، في مهرجان “طوفان الأحرار” الذي نظمه الائتلاف العالمي لنصرة القدس وفلسطين وحركة الإنسان والمدنيات التركية بالشراكة مع جمعية البركة الدولية، قبل أيام بمدينة إسطنبول التركية.
وكان المهرجان فرصة لحشد أصوات جميع رواد العمل من أجل القدس وفلسطين من كل الأقطار والأحرار والشرفاء، بمشاركة رموز الأمة وشخصيات وازنة من كل دول العالم.
وفي إطار المناصرة الفكرية، أكد المفكر الموريتاني الشهير أبو العباس ابرهام في مقال تحليلي بمناسبة ذكرى النكبة أن “إسرائيل لا تقف اليوم على قدَميها، بل تحتاجُ لـ”كلّ شيء يطير”، كما قال نيكسون يوماً.
وأضاف: “إسرائيل ليست قائمة بوجودِها الذاتي، بل بالجسر الجوّي الأمريكي: ففي المواجهة الملحمية في 2023-2024 فقدت إسرائيل أولاً قوّة الردع، فرغم امتلاكها أكثر النيران وحشية في العالَم، إلاّ أنّها لم تعُد رادِعة، إنّها أشبَه بالجيل الأخير من التنانين، الذي ما زال يلفَحُ النار، ولكنّه آيل للانقراض، ثمّ إنّ إسرائيل فقدت قدرتها على التصعيد؛ واستعانت أكثَر مرّة بالولايات المتحِدة للتهدئة على جبهات أخرى”.
وزاد: “إسرائيل غير قادرة على المحاربة على كلّ هذه الجبهات: إنّها تحتاج النار الأمريكية معها، فنصف القذائف الإيرانية على إسرائيل أسقطته أمريكا والباقي تقاسمته إسرائيل وحلفاؤها العرب”.
وقال: “حلّ الدولتين لم يعد ممكناً بسبب ابتلاع فلسطين وتحويل ما تبقّى منها إلى سجن كبير في غزّة ومتنفّس للطبقة الليبرالية في رام الله. وعليه، فإنّ إسرائيل تسعى إلى حلٍّ جديد، وهو المذبحة والإحراق والإبادة والتهجير بتحويل غزّة إلى مكان غير قابِل للعيش”.
“ثمّ إن إسرائيل، يضيف الكاتب، لم تعد ملجأ اليهود؛ فمنذ السابع من أكتوبر غادر أكثر من نصف مليون يهودي إسرائيل، وكثُرت تقديمات الإسرائيليين على الجنسيات الأوروبية والأمريكية، وظهرت في أوساط الجيل الجديد ثقافة يهودية هوياتية تقوم على المواطنة العالمية، لا على المرجعية الإسرائيلية؛ وكلّ هذه الإشارات تصبّ في نهاية إسرائيل، فقدرة إسرائيل على الإلزام بالأمر الواقِع انهارت”.