بيروت – «القدس العربي» : في كل عام يكون الجمهور اللبناني على موعد مع الموسيقي وعازف الكمان المميز جهاد عقل. ضيف مرحب به من الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق عربية والمايسترو أندريه الحاج ومكانه محجوز سلفاً، وموعد منتظر من الجمهور الذي يتابع تلك الحفلات بتفاوت ملحوظ.
بداية هذا الأسبوع كان الحفل ما قبل الأخير من موسم حفلات الخريف، الشتاء والربيع للأوركسترا، وتم تخصيصه لجهاد عقل كان غنياً وممتعاً والجمهور افترش الارض.
رافق عقل بكمانه الحفل بكامله من المقطوعة الأولى، حتى الأخيرة، قاطعه الحضور مراراً في تصفيق حاد. سلطنت أوتاره وتجلت وكان السرور والحبور بادياً على الحاج وعقل والأوركسترا كاملة.
تضمن البرنامج تنوعاً راقياً، بدءاً من مقطوعة خاصة بأندريه الحاج، ومن ثم أحمد فؤاد حسن الجذل في ما كتبه، مروراً بكارم محمود، الأخوين رحباني، احسان المنذر، زياد الرحباني، ملحم بركات وزكريا أحمد. برنامج غطى مراحل وحقبات، ومناطق وأنواع فنية رصينة وطربية وتحتمل مساحة واسعة من آهات وتجليات الكمان منفرداً. المحطة الأبرز في ذاك البرنامج كانت مع «راح حلفك بالغصن يا عصفور»، وهي من كلمات ميشال طراد وألحان الأخوين رحباني وغناء وديع الصافي. ونترك الحديث عن خاصيتها وصعوبتها لملك الكمان جهاد عقل في هذا الحوار إثر الحفل:
■ لك موعد ثابت في كل موسم من حفلات المعهد الموسيقي الوطني. كيف تبني اختياراتك؟
ـ توافق توقيت الحفل مع شهر رمضان المبارك، ولهذا الشهر طقوسه التي تعيدنا إلى كل جميل بناه من سبقونا في هذه الحياة. وللحفاظ على هذا الإرث الفني نعمل على الدوام لتقديم تلك الأعمال الخالدة التي تركها لنا عمالقة في عالم الفن سواء في لبنان، مصر أو أي بلد عربي آخر. من هذا المنطلق جاء اختيار البرنامج.
■ كم تسري تلك الأعمال الجميلة في مسامك الفنية، لأن الحضور تساءلوا مراراً بأنك الوحيد دون أوراق نوطا؟
ـ لأن الفرقة الموسيقية الكبيرة تكون مسؤولة عن كل حرف سيعزف للجمهور يجب أن تتزود بالنوطا، خاصة مع وجود القائد الصديق اندريه الحاج، الذي كان ضابطا لكل الإختيارات الجميلة التي سمعتموها. فيما يخصني، للسوليست أن يتميز بذاكرة واسعة وحفظ للمقطوعات التي هو بصددها. لا أعاني مطلقاً مع الحفظ، لكني أركز على الإحساس بالجملة الموسيقية في المقطوعة. لنأخذ كمثال أغنية «راح حلفك بالغصن يا عصفور»، فبعد التوافق على ادراجها في البرنامج، وجدت صعوبة في تنفيذها. إنها من المقطوعات الصعبة جداً، يستحيل عزفها قبل التمكن من الأغنية بحد ذاتها. رحم الله وديع الصافي وهو من عمالقة الفن اللبناني والعربي، لهذا كنت في اصرار على التعامل مع هذه المقطوعة لأتمكن من ترجمتها بصورة جميلة عبر الكمان رغم صعوبة المهمة. ما أعنيه أن غناء الأستاذ وديع صعب تجسيده على آلة الكمان. الحمد لله تحديت الواقع ونفذت المهمة بجدارة. من هنا ارتكز في اخياري على جمال القطع الموسيقية التي اقدمها.
■ لم تتسع المقاعد وافترش الجمهور السلالم. ماذا يقول لك هذا الإقبال على عزفك؟
ـ هذا الترحيب هو أجمل ما أملك، وهو رصيدي الأكبر في الحياة. الحمد لله لهذا الحب وهذا الإعجاب والتقدير من الناس لكمان جهاد عقل. إنه الأغلى والأسمى في حياتي والحمد لله.
■ هل ترحب بحفلات المعهد الموسيقي المجانية، والتي تجمع جمهوراً كبيراً جداً؟
ـ أحبذ وأشجع الحفلات المجانية، وللناس حق الحضور والمتابعة، ولا يجب ربط كل الموسيقى والفرح ببدل مادي. الفن أولاً رسالة عطاء ويجب تخصيص مساحة مجانية منه للناس. وليس لأحد حجب هذا الجمال وهذا العطاء لسبب مادي. أرحب بتلك الحفلات فالهدف الأسمى منها هو اسعاد النفوس المتعطشة لهكذا موسيقى وفن.
جهاد عقل فلسطيني ولبس لبنانيز