كانت فرحة مزدوجة، يوم الأربعاء الماضي، عندما أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) عن منح المغرب الى جانب البرتغال واسبانيا شرف استضافة كأس العالم في عام 2030، وفتح الباب أمام السعودية لشرف استضافة مونديال نسخة 2034.
المغربيون تفاجأوا بالخبر، على اعتبار ان قرار تحديد هوية المستضيف كان سيحدده الفيفا السنة المقبلة، لكن بسبب غياب أي مرشح آخر سمح للملف المشترك بين المغرب وجارتيها الشماليتين اسبانيا والبرتغال، أن يحسم الامر، في حين أن الأزمات الاقتصادية الطاحنة أثرت على قرارات كثير من الدول الطامحة والآملة بالاستضافة، خصوصا أن الأمر أصبح أكثر تطلباً برفع عدد المتأهلين الى النهائيات من 32 منتخباً، مثلما كان الحال في المونديال الاخير في قطر في نهاية السنة الماضية، الى 48 بدءاُ من المونديال المقبل في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، وأيضا بسبب غياب الاتفاقات الثنائية او الثلاثية بين الدول الجارة. ففي الأحول الطبيعية كان من الممكن التفكير في استضافة شمال افريقية عربية مشتركة، بين المغرب والجزائر وتونس مثلاً، لكن بسبب الخلافات السياسية بين الأولين، لم يتم التفكير في الأمر من أساسه.
وبسبب رمزية سنة 2030، حيث سيكون قد مر 100 سنة على أول مونديال، وتحديدا في الاوروغواي عام 1930، فان الفيفا ارتأى اقامة أول ثلاث مباريات في الاوروغواي والارجنتين والباراغواي، عوض ان تتكبد هذه الدول، التي تعاني اقتصاديا، عناء تكاليف التحضير لاستضافة مونديال مضخم يجمع 48 منتخباً، واكتفى بان تكون البداية من هناك، وبينها المباراة الافتتاحية، التي سيستضيفها ملعب «سينتيناريو» الشهير في العاصمة الاوروغوانية مونتيفيديو. وكي يرضي الفيفا هذه الدول الثلاث، فانه اعتبرها كلها متأهلة الى نهائيات ذلك العام من دون خوض التصفيات، ما يعني ان ستة منتخبات من الـ48 ستتاهل الى نهائيات مونديال 2030، قبل 7 سنوات من اقامته، وهي سابقة في تاريخ اللعبة.
الجدل الذي يتعين على الفيفا ان يحسمه الآن، هو أين ستقام المباراة النهائية لمونديال 2030، حيث تتسابق الصحافة الاسبانية على اصطياد تصريحات وتعليقات من المسؤولين، عن رغبة وتأكيد بان نهائي المونديال سيكون في اسبانيا، فبدأها ميكيل إثيتا القائم بأعمال وزير الرياضة بقوله إن نهائي كأس العالم 2030 سيقام في بلاده على الأرجح، وأبلغ محطة «أوندا ثيرو» الإذاعية: «من المتوقع أن تقام المباراة النهائية في إسبانيا» مضيفا أنه من السابق لأوانه تأكيد هذا الأمر، فيما أعرب مدرب المنتخب الإسباني لويس دي لا فوينتي عن أمله بأن تقام المباراة النهائية في بلاده، معتبراً أن «هناك الكثير من الملاعب الجميلة في جميع أنحاء إسبانيا».
لكن رئيس الجامعة (الاتحاد) الملكية المغربية للعبة فوزي لقجع أعرب عن رغبة الرباط في استضافة المباراة النهائية لمونديال 2030. وقال في تصريحات لإذاعة «مارس» الرياضية: «نأمل، هذا هو الهدف، أن نعيش نهاية استثنائية عالمية إن شاء الله بملعب سيكون رائعا واستثنائيا في الدار البيضاء»، حيث سيتم بناء ملعب جديد، مضيفا: «سنتوج (مشروع تنظيم كأس العالم) إن شاء الله باحتفالات في الملعب الكبير للدار البيضاء في مباراة نهائية تاريخية إن شاء الله». وتدخلت الأرجنتين أيضا، إذ عبر مسؤولون حكوميون والاتحاد الوطني للعبة عن الرغبة في استضافة «أكثر من مباراة واحدة» في النهائيات. وأوضح لقجع أن ممثلي المغرب وإسبانيا والبرتغال سيجتمعون يوم 18 أكتوبر/تشرين الأول الجاري في الرباط لمناقشة التحضير للبطولة.
وستحتضن ست مدن مغربية مباريات كأس العالم، بينها مدينة الدار البيضاء حيث ستشهد بناء استاد عالمي جديد، بأحدث ما توصلت اليه التكنولوجيا من ابداع، وسيتسع الى أكثر من 90 ألف متفرج بحسب التقارير، ما سيعد خطوة هائلة من عملية قطف ثمار التخطيط والتنفيذ الاحترافي الذي انتهجه المغاربة على مدى السنوات العشر الماضية، وقادهم الى انجازات هائلة محلياً وقاريا وعالمياً، بينها الانجاز التاريخي في الحلول رابعاً على العالم في مونديال 2022، وانجازات وألقاب أخرى تحققت عبر المنتخبات بمختلف فئاتها السنية، وأيضا الفرق المحلية، الرجالية والنسائية.
لكن الفرحة أيضاً ستعم العالم العربي، لو نجحت السعودية في مسعاها لاستضافة مونديال 2034، وكأن الفيفا عبًد الطريق لها بفرصة ذهبية للحظي بشرف الاستضافة، عبر ازاحة القارات الاوروبية والأمريكية الجنوبية والافريقية من الدخول في دائرة المنافسة بمنحها 2030، ما يعني أن السعودية، ولا سواها، ستكون مرشحة بقوة للحصول على الاستضافة، ليبقى السؤال المهم: هل تتشارك مع آخرين، في ظل «الثلاثيات» المعتادة، على غرار الولايات المتحدة وكندا والمكسيك في 2026، والمغرب واسبانيا والبرتغال في 2030، أم ستكون قادرة وحدها على استيعاب الضيوف وتحمل تكاليف التحضيرات؟ وأيضا هل تتشارك مع دول خليجية، أو مع جيرانها العرب أم مع آخرين؟ على غرار الفكرة الأولية عبر ملف السعودية ومصر واليونان. دعونا نترقب ونرى.