“الميادين” تتهم بالجملة…”الجديد” بالمرصاد لرئيس الحكومة… واللثام للميليشيات المذعورة

حجم الخط
2

“ليستة” اتهامات بالجملة يصدرها موقع قناة “الميادين” على لسان أحد الأقلام المثابرة على الكتابة من قلب ثكنة عسكرية، على ما يبدو، تعود إلى “حرس ثوري” ما، أو جهاز استخبارات رديف، فهي تأتي بالضبط على مقاس اشتراطات الأنظمة الممانعة في عزفها على نظرية مؤامرة كونية، تُدار تحديداً من “الاستخبارات الأمريكية”!
المقال المعنون بـ (“الدعارة الأكاديمية”.. هكذا تخترقنا الاستخبارات الأمريكية) مخصص للحديث عن “موجة أخرى من رجال الاستخبارات الأمريكية” يدخلون كلاعبين “في الموجات المُتلاحقة من موسم الفوضى، الذي انطلق عام 2011 من جوع الناس وفقرهم وتوقهم إلى الحرية، مُحوِّلاً إياهم إلى حطبٍ في الحرائق الإمبريالية في المنطقة”.

علي فرزات

علي فرزات

لا يستطيع الكاتب أن يورد أدلة دامغة على اتهاماته فيعود إلى كلام قديم يكتفي بمجرد ذكر المثقفين والأكاديميين على لسان رئيس أمريكي ليصبح دليلاً لإدانتهم، كأن يتحدث بيل كلينتون مثلاً عن “مبدأ جديد أسماه التوسّع الديمقراطي شمل المُثقّفين والأكاديميين”.
هكذا سنجد أن جون بول سارتر، وبورخيس، وجورج أورويل (وروايته “مزرعة الحيوانات” متهمة كذلك)، وعلي فرزات ورزان زيتونة (بسبب حصولهما على جائزة زاخاروف)، وجمانة حداد، إلى مراكز أبحاث ومؤسسات حقوقية وهيئات أهلية، بل ومهرجانات وأيام مسرحية وموسيقية وسينمائية وثقافية، وجوائز، من بينها “نوبل”، و”البوكر”، و”بيجاسوس”.. يتحركون كلهم بإمرة “الاستخبارات الأمريكية”، أو أنهم مستدرجون عبر مؤسسات وسيطة مفبركة.
ولا تتوقف سلسلة الاتهامات عند أسماء شخصيات ومؤسسات، بل تصبح الموضوعات بذاتها متهمة، إذ، بحسب المقال “تتركَّز موضوعات واهتمامات المراكز والأوساط الأكاديمية المذكورة، على الحراك المدني (البرتقالي) والربيع العربي، الإسلام السياسي، المرأة والجندر والمثليّة، الأقلّيات وقضايا الانفصال، وموضوعات ذات طابع حقوقي وصحافي”.
هكذا، أنّى، وكيفما تلفّت، أخي المواطن، الناشط، المبدع،.. ستجد أنك قد تورطت في واحدة من المؤسسات أو الموضوعات، أو الجوائز “المشبوهة”!
ما العمل؟ التوبة إلى “اتحاد الكتاب العرب”، كما كان في عهد زعيمه التاريخي علي عقلة عرسان، أو أقرب اتحاد أو رابطة أو ثكنة رديفة!

بالعين المجردة

صحيح أنه ليس من السهل الحديث عن الفساد والفاسدين من دون وثائق ولا محاكم، لكن أحياناً يمكن رؤيته بالعين المجردة، تماماً كما فعل رامي الأمين على قناة “الجديد” اللبنانية متعقباً كتاباً أصدره رئيس الحكومة اللبناني المكلف حديثاً حينما كان وزيراً للتربية والتعليم العالي، وعلى نفقتها، ومن تعب موظفيها.
بات الكتاب أشهر من “دولة الرئيس”، وعلامةً فارقة في مسيرته، بل أصبح نذيراً وملخصاً للمستقبل الذي ينتظره لبنان.
يعرض تقرير “الجديد” الكتابَ الضخم ويستغرق في تقليب صفحاته. إنه أقرب إلى ألبوم صور هائل، يستعرض، وكما يشير العنوان “الكتاب التوثيقي لولاية الوزير البروفسور حسان دياب” إنجازاته أثناء توليه وزارة التربية، بل إن العنوان نفسه يظهر الهزل الذي يضمه الكتاب بين جنباته. فأي “أنا” مغتبطة بحالها هذه التي نجدها في كلمات “ولاية، الوزير، البروفسور”، مع أن المؤلفين العظام حينما يكتبون أول ما يفعلونه هو إهمال ألقابهم.

لا تقصّر رسالة رامي الأمين المتلفزة في “التمسخر” على المؤلف، موردةً حجمه وقياسه ووزنه، بل وكلفته كذلك، على لسان مسؤولة الإنتاج في شركة المطبوعات والتوزيع والنشر، التي تقدّر أن كتاباً بهذه الفخامة لا بدّ أن تكلف الألف نسخة منه حوالى 14 ألف دولار. مع استحالة أن يكون هناك قارئ ما للكتاب.
بعد حكاية الكتاب تلك لا نحسب أن أحداً سيجادل في صلاحية الرجل لرئاسة حكومة في بلد يحتاج إلى معجزة لتجاوزه أزماته المستعصية.
بقي أن نقول إن الزميل الأمين بالغَ قليلاً بظهوره الشخصي في التقرير، حتى لو كان مبرره تقليب الكتاب وعرضه أمام الكاميرا، وحتى لو كان الهدف التعاطي مع الكتاب بحركات ساخرة، كذلك لا بدّ من اختصار فواصل الصمت الطويلة من الكلام المرافق.

لثام الميليشيات المذعورة

يعنون فيديو لـ “سي أن أن” بـ “ملثمون يجتاحون شوارع بيروت ويهاجمون المتظاهرين ورجال الأمن”. تشاهد، فتدهمك هتافاتهم “شيعة شيعة”، القناع يموّه لكن الهتاف صريح ومكشوف أكثر من اللازم. ربما الهدف من اللثام تمويه شخصي بالإضافة لمزيد من الانخراط والذوبان في الجماعة. إنهم مخيفون بالطبع باعتداءاتهم الواضحة، واستعدادهم الأكثر وضوحاً لارتكاب المزيد، لكن لا شك أن اللثام دليل ذعر أيضاً، انظر إلى اللبنانيين العزل في الشوارع، بوجوههم المكشوفة، وصراخهم العاري، تعرف أن الحق لا يحتاج إلى لثام.

القناع يموّه لكن هتاف ميليشيات “حزب الله” صريح ومكشوف أكثر من اللازم.

“الخوذ البيضاء”

فيديو جديد، من مئات الفيديوهات لـ “الخوذ البيضاء”، يصوّر انتشال أحد أفرقتهم في الشمال السوري لطفلة من تحت الأنقاض (كم تشبه عملية انتشال طفلة من تحت أنقاض بيتها عملية الولادة الحقيقية). بطل الفيديو فتاة اسمها إسلام هبرة، تبلغ من العمر 9 أعوام. عيناها، صوتها، رجاءاتها وهي تتوسل إنقاذ ما تبقى من جسدها تحت الإسمنت، لا يمكن أن تنسى. لكن بطل الصورة المقابل هو لوغو (شعار) “الخوذ البيضاء”، وبالطبع، في كل مرة، في كل مشهد مماثل، لا يغيب عن البال السؤال عن دور المخابرات البريطانية، والأمريكية، والإسرائيلية، في دعم “الخوذ البيضاء” في عمليات إخراج الناس من تحت الأنقاض!

كاتب فلسطيني سوري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد_المغرب:

    درجة انخراط القوم في نظرية المؤامرة ستجعلهم ينسون انهم هم من اختار نائب رئيس الجامعة الامريكية كمرشحهم لخلافة الحريري ويتهمونه انه نتاج مؤامرة صهيو/امريكية إن سولت له نفسه ان يسير عكس التيار

  2. يقول أسامة كليّة سوريا/ألمانيا Ossama Kulliah:

    شكراً أخي راشد عيسى. يحتار المرء بقصة المؤامرة الكونية التي يختلقها حلف المقاومة والممانعة, المشكلة جميعنا يعرف أنها فبركات لكن السؤال وإلى متى!
    أمر آخر يحيرني وهو الخوذ البيضاء, هل عملها لاإنساني لأن فيديوهاتها دعائية أكثر مما يجب. هل بالفعل ارتباطها بالمساعدات البريطانية الأمريكية هو بالدرجة الأولى عمل مخابراتي, وخاصة الإسرائيلية. أم أن كل مايدور في سوريا هو أولاً وأخيراً يرتبط بأصابع مخابراتية أكانت بريطانية أمريكية إسرائيلية فرنسية تركية إيرانية روسية, وأخيراً أسوأها جميعاً أي السورية والتي أوصلتنا بزعامة بشارون أسدوف إلى هذه الفوضى الخناقة والمأساة التي نعيشها.

إشترك في قائمتنا البريدية