‘في سياسة الغموض النووي التي تتخذها اسرائيل، يوجد نوع من الميزة الكبيرة ولا ينبغي هجرها، الا اذا نشأ تهديد نووي مثبت من جانب دولة معادية’. وكي لا يكون هناك اي خطأ اضاف نئمان امورا قاطعة مهمة صدرت ايضا في مقال نشر في ‘يديعوت احرونوت’ في ايار/مايو 1996: ‘توصيتي لسياسة اسرائيل هي الانتقال من موقف الغموض النووي الحالي لها، الى الردع المسنود الى قدرة نووية معلنة، بما في ذلك قدرة الضربة الثانية القاضية اذا ما وعندما يتبين في يوم من الايام ان لدى الايرانيين سلاحا نوويا فاعلا’. ان الانشغال الذي لا يتوقف، اليوم ايضا، في مسألة الغموض، يتجاهل، لشدة الاسف، امكانية الضرر الشديد الذي يتجاهله معظم المؤيدين لالغاء الغموض عن وعي وعن غير وعي. فهذا الضرر المحتمل يختبئ خلف تعديل تشريعي صغير، شبه هامشي، في سجل القوانين الامريكي، الذي يسمى ‘تعديل سيمغتون’ على اسم المبادر له، السناتور الديمقراطي الراحل ستيوارت سيمغتون. التعديل، الذي اقر في’ اطار قانون المراقبة على المساعدات الخارجية الامريكية، يقضي بانه ‘محظور على الولايات المتحدة منح مساعدة أمنية، او اقتصادية، دولة تنقل الى دول اخرى، او تتلقى من دول اخرى، معلومات تعنى بعتاد للتخصيب النووي او لدولة تطور سلاحا نوويا، او تحاول استخدامه’. هذا التعديل، لا يسمح للادارة ولا حتى للرئيس، بأي تفكير. فهو يقضي بشكل واضح وحاسم بانه في السيناريو الذي يوصف في القانون ملزمة الولايات المتحدة بان توقف فورا المساعدة من اي نوع. وقد اجتاز ‘تعديل سيمغتون’ اختبار الواقع. في المرة الاولى استخدمه الرئيس جيمي كارتر، الذي أمر في 1977 باستخدام العقوبات’الامنية والاقتصادية ضد باكستان، بعد أن تبين أن هذه الدولة الاسلامية تعمل سرا على اقامة منشأة لتخصيب اليورانيوم. في المرة الثانية التي استخدم فيها التعديل كانت في مايو 1998، في اعقاب التجربة النووية التي اجرتها الهند. وبعدها، بعد عدة ايام، جرت تجربة نووية باكستانية. في حينه أمر الرئيس بيل كلينتون باستخدام العقوبات، الامنية والاقتصادية، ضد الدولتين. ان المعنى العملي للقانون الامريكي بسيط وواضح: اذا انتقلت اسرائيل من سياسة الغموض الى الاعلان بانها قوة عظمى نووية، حتى لو لم تجر تجربة اسرائيلية على السلاح النووي، من شأن التغيير في السياسة ان يؤدي الى بدء نقاش جماهيري في الولايات المتحدة، في اطاره سيطالب كل كارهينا بالتفعيل الفوري لتعديل سيمغتون بالنسبة لاسرائيل ايضا. ”””’ كل من يدعي اليوم انه حان الوقت لالغاء سياسة الغموض النووي ملزم بان يتذكر حقيقة واحدة: منذ سنوات عديدة ودولة اسرائيل تتلقى من الولايات المتحدة كل سنة نحو 7 مليارات دولار. نصف المبلغ مساعدة امنية والنصف الاخر مساعدة اقتصادية. وفي هذا الاطار يتاح لاسرائيل شراء طائرات قتالية متطورة ومنظومات دفاع مضادة لصواريخ العدو، واضافة الى كل هذا تمنح الولايات المتحدة اسرائيل ضمانات لتجنيد مليارات الدولارات في السوق المالية الامريكية. لا حاجة لان يكون المرء اقتصاديا عميق الفكر او عبقريا سياسيا كي يفهم اي ضربة اقتصادية أمنية ستقع على وجود اسرائيل اذا ما أغلقت الولايات المتحدة صنبور الدعم والمساعدة، انطلاقا من اضطرارات الواجب الدستوري في تفعل ‘تعديل سيمغتون’. ولهذا الاعتبار فان سياسة الغموض التي تبلورت في السبعينيات من القرن الماضي يجب أن تستمر.