‘من الصحيح الى الآن أن ‘معركة’ العالم ‘المتنور’ مع حاكم سورية تبدو عالقة اذا لم نشأ المبالغة: فرئيس الولايات المتحدة ينتظر مجلس النواب؛ ورئيس وزراء بريطانيا فشل في الحصول على دعم من البرلمان. ولا يوجد الآن دعم دولي أو داخلي لعملية امريكية تردع الاسد وتبرهن على أن الولايات المتحدة ما زالت زعيمة العالم الحر. ‘تحدث اوباما ووزير خارجيته وديفيد كاميرون حديثا عاليا عن ضربة مؤلمة لنظام الحكم في دمشق، حينما يُستعمل السلاح الكيميائي. وإن استيقاظهم المتأخر يوحي بتسليم بذبح عشرات آلاف المواطنين السوريين بسلاح غير كيميائي، أي أن تقنية القتل وحدها هي التي تقلقهم لا القتل الجماعي نفسه. ويبدو أنهم أحدثوا توقعات عالية كثيرا لعملية عسكرية، توقعات لا يستطيعون أو لا يريدون الوفاء بها. وقد تسلقوا شجرة عالية جدا، ولا يعرفون كيف ينزلون عنها. فلا عجب أنهم في موسكو ودمشق وطهران يفركون أيديهم في متعة. لا تستطيع الادارة الامريكية أن تُبيح لنفسها الاستمرار في الجلوس على شجرة عالية، وفي طريق مسدود لا مخرج فيه. ولن تعيد عملية عسكرية متأخرة ومقلصة بناء الردع ايضا. ‘إن الخشية هي أن تتم بدل الهجوم محاولة النزول عن الشجرة، وإظهار نجاح ما يعيد بناء جلالة شأنهم، التي قد أُضر بها. وقد يحاولون التوصل الى ‘انجاز’ سريع يمحو الضعف والتردد اللذين ميزا علاجهم لما يجري في سورية. ويأتي هذا الوضع بعد سلسلة أخطاء في قراءة الواقع في العالم العربي والاسلامي عامة، وفي مصر خاصة، وبعد العلاج الساذج للمشروع الذري الايراني. يجب على اسرائيل أن تأخذ في حسابها أن الخيبة الامريكية والاوروبية، بسبب العلاج المتخاذل للتحديات التي عرّضهما لها العالم الاسلامي قد تفضي الى انفجارها في وجه اسرائيل بصورة خطيرة. إن حاجة اوباما وكيري والدول الاستعمارية في اوروبا، المُلحة الى ‘انجاز’ ما قد تفضي بهم الى محاولة احراز ‘نجاح’ في اسرائيل خاصة (يشهد مرة اخرى بقراءة مختلة للواقع). ومعنى ذلك أنه بدل أن يتحسن أمن اسرائيل نتاج ضربة قاسية لسورية، واشارة رادعة لايران، قد تكون نتيجة الازمة الحالية ضغطا متزايدا سافرا على اسرائيل في اتجاه ‘حل’ الدولتين، حل ليست له أية صلة بالسلام، لكنه قد يبدو في واشنطن ولندن من نوع سلم للنزول عن الشجرة السورية. اعتادوا أن يقولوا في الماضي: ‘إضرب اليهود وأنقذ روسيا’. ولا يُفترض أن تكون اسرائيل دائما في المركز، لكن يجب عليها مع كل ذلك أن تأخذ في حسابها أنه سيوجد من يريد أن يتبنى هذا الشعار. ومن المهم أن نحلل بصورة صحيحة الواقع المركب وأن نتنبأ بتطورات محتملة وأن نستعد لها مسبقا. وعلينا أن نُبين في حزم أن حل الخيبات الامريكية والاوروبية لن يتم على حساب اسرائيل، وأننا لا ننوي أن نكون وسيلة لعلاج خيبات اوباما ووزير خارجيته. ينبغي أن نُبعد عن المسيرة السياسية أولا جهات اسرائيلية حتى في داخل الحكومة متحمسة لضغط خارجي لأجل ‘حل’ ليس حلا. إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مدفوع الى اتخاذ قرارات صعبة، مثل فصم الصلة الكاذبة بين السلام والدولة الفلسطينية غرب الاردن. ‘ اسرائيل اليوم 3/9/2013