شغلت محطات التلفزيون الخاصة والرسمية قضية التحصيل العالمي في زمن الكورونا، فبعد جدل تخفيض معدل النجاح في البكالوريا إلى 9 من عشرين، وبعد التنبؤات بأنه بعد قرار كهذا سيتدهور المستوى وسيهدى النجاح للجميع، حسب مقولة «عاشور العاشر» التي صاحبت الكثير من التعليقات الساخرة من هذا القرار، إلا أن الأمر لم يكن كما توقعه الكثيرون ممن يخافون على تدهور مستوى الجامعة ومن قلبهم عليها، والتي لن يكون بمقدورها استيعاب الكم الهائل من الناجحين.
إذ بلغت نسبة من نجحوا بفضل «هبة» وزارة التربية لا تتعدى الواحد في المئة، أو أقل، بل حتى من تحصلوا على نتائج جيدة في الفصلين الأول والثاني وممن كانوا يتوقعون نتائج أفضل بكثير، خاب ظنهم. وأكثر من ذلك فهناك من وجد نفسه غائبا عن الامتحان وهو ناجح. مثلما حدث لتلميذتين مكفوفتين، يحياوي آية وقرقط نوارة من مدينة بسكرة، بينما نجحتا في معدل 65، 12 و 13،56.
هذا بعد تدخل النائبة في البرلمان وسيلة طيب لدى وزير التربية لتصحيح الخطأ الإداري، الذي كاد أن يحرمهما من النجاح.
كما انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي رسالة التلميذة بورنان آمال من مدينة تڤرت، التلميذة المجتهدة، كما جاء في رسالتها لكنها وجدت نفسها في معدل صفر، والسبب أنها غشت في الامتحان كما يدل كشف نقاطها. مع أن الكل يشهد أن ذلك لم يحدث بشهادة رئيس المركز وكل من معه!وهناك من نجحوا لكن لم يكتب لهم أن يروا ذلك ويفرحوا بالنجاح وغادروا في ظروف مأساوية، تركت أحزانا على الجميع. مثلما حدث للتلميذة «حجري ايناس» التي توفيت قبل ساعات من إعلان نجاحها في البكالوريا، مما أدخل مدينة عين تموشنت في حزن عميق. إيناس التي تحصلت على تقدير «جيد» ومعدل 34, 13 كانت مصابة بمرض مزمن والمتمثل في نقص « الهيموغلوبين». والتي توفيت عشية الثلاثاء بعد تدهور حالتها الصحية وانتقالها إلى المستشفى حيث لفظت أنفاسها الأخيرة. رحمة الله عليها وعلى التلميذ بن جبارة صلاح الدين صاحب 18 عاما الذي وافته المنية في حادث مرور أياما قلائل قبل إعلان نتائج البكالوريا، التلميذ تحصل على معدل 14 من عشرين. الكل يتذكر صلاح الدين بحسرة وأسى. لكنه قضاء الله وقدره. صلاح الدين حافظ لكتاب الله وزائر لبيت الله.
انتفاضة الطلبة المظلومين الأحرار: ثورة الصغار
تهانينا لكل الناجحين والمتفوقين، ممن استحوذوا على اهتمام المسؤولين والإعلام المتنوع. لكن نقاط الظل كثيرة في بكالوريا 2020 والتي ما زالت تؤجج منصات التواصل الاجتماعي وتخلف الكثير من الجدل والسخط بين التلاميذ من الأحرار والنظاميين. إضافة إلى نشر فيديوهات على قنوات «اليوتيوب» تكشف وتفضح الكثير من الممارسات التي رافقت عملية تصحيح الامتحان والهفوات الكبيرة، التي التصقت بهذا الإمتحان المصيري، حيث ظهرت شعارات كثيرة مثل «أنا طالب حر أريد حقي في البكالوريا… أنا طالب حر… أنا مظلوم… الطلبة المظلومين يسمعون صوتهم للوزير… ولرئيس الجمهورية… كما جاء في قناة «فيلو 2020» الخاصة بدروس فلسفة مطالب المظاهرات، التي برمجت ليوم 18 الشهر الجاري وتمثلت تلك المطالب في: إعادة تصحيح وصب نقاط التلاميذ المطالبين بالطعن، المطالبة بالحق في الطعون دون اجراءات تمس مستقبله (التلميذ) بالضرر. إذا تأكد من وجود تلاعب بمستقبل التلاميذ نطالب بمعاقبة المسؤولين، وأخيرا تخفيض سعر الترشح في البكالوريا إلى 2000دج (حقوق التسجيل للأحرار). ومشكل التلاميذ الأحرار كان قد طرح في 2018 .
جرت العادة أن الطلبة الأحرار وغيرهم من الموظفين يعيدون امتحان شهادة البكالوريا للحصول على معدل جيد يمكنهم من اختيار التخصصات التي يرغبون فيها. وتطالب الأستاذة صاحبة القناة تدخل الوزير في حل هذه المعضلة قبل أن تتفاقم الأمور لا سيما بعد حملة على الفيسبوك للتلاميذ والدعوة للتظاهر أمام مديريات التربية في كل الولايات.
لباس الناجحات لم يعجب غيرهن
يتركون الجوهر ويركزون على المظهر. لحد إشعال الفتن من كل الجهات. لم تسلم التلميذات المتفوقات من الانتقادات والعنف اللفظي تجاههن. والسبب يرجع للباس الذي ظهرن به على مختلف وسائل الإعلام. حيث انتشرت تعليقات كالنار في الهشيم تتعرض للتلميذات النجيبات وتعرضهن لسيل من الانتقادات المبتذلة والعنيفة في بعض الأحيان. في البداية أشاد الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي بأخلاق أصحاب المعدلات العالية، لا سيما وأنهن ممن يحفظن كتاب الله. ومن المحجبات. وفي المقابل لاقت إحدى المتفوقات وابلا من النقد والتجريح لارتدائها سروال جينز.
وطال النقد حتى والدها، الذي حسب رأيهم «عرف كيف يعلمها ولم يعرف كيف يربيها» وهناك من أمرها بأن تلبس شيئا أوسع مما ترتديه. «والعلم بلا أخلاق كالشجرة بلا أوراق» وغيرها من التعليقات التي ليست سوى أفكار مسبقة من أناس يحكمون على المظهر الخارجي ولا يمكنهم أن يحاوروا ويناقشوا ويقبلوا بالمختلف عنهم ولو في الزي. هناك من تضامن معها وهنأها، معتبرا أن الله وحده يعلم ما في القلوب وقد تكون أكثر تقوى من منتقديها ومن يقذفونها. وهناك من يعرفها ويعرف دماثة أخلاقها وأخلاق أسرتها.في المقابل وبعد ظهور التلميذة بوغواو صونيا، إبنة إحدى قرى بجاية، والتي تفوقت على كامل الولاية بمعدل يفوق 18، والتي ليس لها ثانوية في مقر سكناها. ونجحت بجدارة وستحقق حلمها في دراسة الطب وتخصص أمراض القلب لمعالجة والدتها المريضة. لكن وبمجرد رؤيتهم لها بالحجاب برفقة والديها ثارت ثائرة الذكور، وهناك من لم يرد أن يبارك لها «ماتشي مبروك: ليس مبروك» وكأنها أفغانية «! ونعتها بـ»الغراب». و»هناك من بكى منطقة القبائل من وجود أفغانستان في قلبها»! وهناك من «طالبها بنزع قطعة القماش والتي تلفها والتي شكلت فيها نقطة عار لأصولها»!أناس وضعوا قانونا جديدا يتعلق بالسببية اللباسية والنجاح.
كما علق أحد الأساتذة على الموضوع، متسائلا هل هناك علاقة سببية بين النجاح واللباس؟! بل أكثر من ذلك الكل يريد المرأة، حسب أهوائه، ونظرته لجسدها، وليس لما تحققه من إنجازات تعود بالخير على المجتمع كله.هذا العنف وتلك الكراهية والتصنيف القبلي للبشر ولا سيما لتلاميذ مقبلين على الحياة، يدخلان في باب التحرش والتحريض على البغضاء. والرجال من أكثر المعلقين على الشكل دون نقاش أو حوار وهم المثيرون لقضايا اللباس، ويطلقون أحكاما جائرة. فهل أصبح «الدواعش» في كل مكان ومن كل الاتجاهات؟
ارفعوا أيديكم وأذى ألسنتكم عن الناس. وابعدوا مبيداتكم عن زهورنا!
منيا بن فيغولي: تحت وابل الانتقادات
تتعرض الفنانة والناشطة منيا فيغولي الملقبة بـ«نعناعة» إلى حملة انتقادات كبيرة جدا على قنوات اليوتيوب ووسائل التواصل الاجتماعي، بعد نشرها لفيديو صدم المتابعين وغيرهم، والذي تصف فيه الجزائريين بالمكبوتين وأنهم بمجرد رؤية فتاة ترتدي سروال جينز فقط و»تي شيرت» يرونها كقطعة لحم ويسيل لعابهم «يريڤو». ثم تجد الكل ينادي بالقصاص في حال حدوث جريمة؟! فلو طبق القصاص، تقول، لأعدم الكثيرون منهم. وقد كانت تتكلم بإشارات وإيماءات ساخرة. وبهذا تكون منيا بن فيغولي قد فتحت أبواب جهنم عليها، من داخل الجزائر وخارجها، من نساء ورجال أيضا، عبر فيديوهات غزيرة، وتلقت من خلالها وابلا من الشتائم والسخط والسخرية، إضافة إلى رسومات كاريكاتورية في الفيسبوك تصورها وتبديها غير جميلة، مع إضافة تعليقات مثل: «الشعب الجزايري راه يريڤ عليك». أي الشعب الجزائري يسيل لعابه عليك. وهناك من صورها بجانب ممثلة عالمية ذات 25 سنة حققت نجاحات بأعمالها الفنية وجمالها المبهر… معظم النساء يفتحن حسابات بصورها إلا أنها تبدو متواضعة. وصورة منيا بن فيغولي نعتت بكل الأوصاف. فمن صفحة «بيوتي ألجيريان» ردود الأفعال الغاضبة لم تتوقف وقد لا تتوقف وخاصة بعد ردها على قناة دزاير توداي، الجزائر اليوم على اليوتيوب، وكان الرد بثقة عالية في شخصيتها وجمالها وهي ترتدي قبعة وداخل سيارة، ربما سيارة صديقتها أميرة، التي تذكرها دائما. وأنها تقبل نفسها كما هي وفي كل حالاتها قبل الشهرة.
هذا كان ردا على من نشر صورها، كما قالوا وقالت «قبل التحلاب» وهي عبارة انتشرت في السنوات الأخيرة، من اللغة التي ارتبطت بظهور وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تعبر على النقلة التي يعرفها الشخص في مسار حياته والتي تقلبه 180 درجة، سواء من حيث المظهر، وخاصة الشكل، والأفكار، وخاطبت منتقديها بأنهم إذا أرادوا صورا أخرى لها قبل صورتها الحالية قد تنشر صورا لها تعود إلى العشر سنوات الماضية، حتى تكون لهم مواد ثرية ليزيدوا من انتقاداتها. واثقة ومصرة على الاستفزاز. وبدت قوية. وذكرتهم بأنها هي من نشرت تلك الصور وفخورة بصورها وشكلها. وهي شخصية تتحمل مسؤوليتها وتحب نفسها لدرجة لا يمكن تصورها وتقول لهم لو كنتم تحبون أنفسكم مثلي كانت المشاكل والهموم ستكون أقل. وقالت إن سمة الجزائري إن لم يجد عيبا يصنعه، في ردها على من اتهمها بأنها من جماعة من يريدون إخراج المرأة عارية، وانتقدت من وصفها بـ»الفمينيست» والتي تعتقد أن هناك من لا يعرف معنى الكلمة، وإذا أرادوا ستضع لهم تعريف مصطلح «فيمنيست»!
المهم ردها وتوضيحها سيزيدان من الهجوم عليها. فبقدر ما وضحت أمورا كثيرة فبقدر ما زادت من لهجتها المحقرة لمن انتقدها وبأنهم لا يفقهون شيئا! كان بإمكانها أن تركز على الإيجابيات في تصريحاتها، لأن الكثير من «النصائح» التي قدمتها للشابات مفيدة لتكوين شخصية قوية غير مهزوزة. لكن في خطاب مقابل مستخف بالرجال وصادم لهم، قد تفقد الكثير من متابعيها، لكن ربما لها القوة على تحمل الآتي.
لقد بدت متعاطفة مع الفتيات والنساء اللواتي قتلن على أيدي الرجال من العائلة أو من غيرهم. وكشفت أنها تنتقد من يربط ذلك باللباس، لأن هناك بناتا صغارا قتلن ولا يمكن أن يكون السبب اللباس، لكنها تمادت في الأوصاف والنعوتات المقللة من شأن منتقديها من الرجال، مع أن نساء كثيرات انتقدنها أيضا.
٭ كاتبة من الجزائر
مينى فغولي عندها الحق بصح مكانش لازم عليها تجمع كل الرجال… يوجد منهم المثقف المحترم
شكرا أستاذة مريم على هذه المتابعة لأخر الأخبار المثيرة التي تعكس جانبا من العقلية الجزائرية والعربية عامة، في تعاملها مع المرأة سلبا وإيجابا، والتي أعتقد أن ظاهرة التطرف تتزايد يوما بعد يوم، وأن بجانبا كبيرا من هذه السلوكات التطرفية تفتعله جهات سياسية تهدف بالدرجة الأولى إلأى إلهاء الجزائريين عن قضايا مصيرية مهمة كالانتخابات والفساد والحراك ، لحساب هذا النوع من الجدل العقيم في أشياء تافهة.
مشكورة دكتورة على تغطيتك الشاملة لمنتقدي حاملي شهادة البكالوريا الى كلام مونية بن فغولي الذي اشعل مواقع التواصل الاجتماعي هاته الايام ،التي بالغت في استفزاز الشاب الذي صنع الحراك لاكتر من 20 جمعة دون قطرة دم او تحرش جنسي …اظنها مجرد خطة لعمل (البوز)وزيادة نسبة المشاهدين ،لانه أنا شخصيا لم اكن اعرفها …