النظام السوري مسؤول عن قرابة 77 % من عمليات قتل الأطفال

هبة محمد
حجم الخط
0

دمشق – «القدس العربي» : بمناسبة اليوم العالمي للطفل، سلَّط تقرير حقوقي الضوء على جانب من الأوضاع الكارثية التي وصل إليها الأطفال في سوريا، واستعرض حصيلة أبرز انتهاكات حقوق الإنسان التي مارستها أطراف النزاع والقوى المسيطرة ضدَّ الأطفال، موثقاً مقتل أكثر من 23 ألف طفل على يد قوات النظام السوري، واعتقال نحو 3700 آخرين، وذلك على الرغم من ترسانة القوانين الدولية التي تُعنى بحقوق الأطفال ومصادقة سوريا على اتفاقية حقوق الطفل، إلا أّنَّ الانتهاكات بحق الأطفال في سوريا لم تتوقف منذ قرابة أحد عشر عاماً.
وأفاد تقرير أصدرته الشبكة السورية لحقوق الإنسان بالتعاون مع آلية الرصد والإبلاغ في منظمة اليونيسف، عن الانتهاكات بحق الأطفال في سوريا، بأنَّ ما لا يقل عن 30 ألف طفل قد قتلوا في سوريا منذ آذار/ مارس 2011 بينهم نحو 200 بسبب التعذيب، إضافةً إلى أكثر من 5 آلاف طفل ما زال معتقلاً أو مختفياً قسراً.
وقال التقرير، الذي اطلعت «القدس العربي» على نسخة منه، إن سوريا قد صادقت على اتفاقية حقوق الطفل في عام 1993، كما صادقت على البروتوكولين الاختياريين الملحقين باتفاقية حقوق الطفل، وأشار التقرير إلى أن جميع أطراف النزاع انتهكت حقوق الطفل، إلا أن النظام السوري تفوق على جميع الأطراف من حيث كمِّ الجرائم التي مارسها على نحو نمطي ومنهجي.
المدير التنفيذي للشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، يقول في هذا الصدد: «لقد تبين لنا من خلال قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان الممتدة على مدى 13 عاماً أنَّ انتهاكات النظام السوري بحق الأطفال في سوريا كانت في قسم كبير منها مقصودة ومدروسة، وتهدف إلى إيقاع أكبر ألم ممكن بحق الأهالي والأحياء والقرى التي عارضت نظام الأسد».
وأشار التقرير إلى إقحام الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً في تجارة المخدرات وبشكل خاص حبوب الكبتاغون المنتشرة في العديد من المناطق السورية وبشكل خاص في مناطق سيطرة قوات النظام السوري، ويسيطر عليها النظام السوري بشكل مركزي ويتحكم في شبكاتها.
لم تحترم أيّ من أطراف النزاع القوانين الدولية التي تُعنى بحقوق الطفل، بمن فيهم النظام السوري الذي صادق على اتفاقية حقوق الطفل. وأضافَ التقرير أنَّ كثيراً من الانتهاكات التي مارستها بقية أطراف النزاع بحق الأطفال قد تشكل جرائم حرب إن ارتكبت على خلفية النزاع، وانتهاكات واسعة للقانون الدولي لحقوق الإنسان إذا تم ارتكابها بحق الأطفال الخاضعين لهذه القوات.

في اليوم العالمي للطفل: قتل أكثر من 23 ألف طفل واعتقل أكثر من 3 آلاف

وسجَّل التقرير مقتل 30127 طفلاً على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، بينهم 23022 قتلوا على يد قوات النظام السوري، و2049 على يد القوات الروسية، و958 على يد «تنظيم الدولة الإسلامية»، و74 على يد هيئة تحرير الشام، وأضافَ أنَّ قوات سوريا الديمقراطية قد قتلت 260 طفلاً، فيما قتلت جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني 1009 أطفال، وقتل 926 طفلاً إثرَ هجمات لقوات التحالف الدولي، و1829 طفلاً قتلوا على يد جهات أخرى.
وأظهر تحليل البيانات أنَّ النظام السوري مسؤول عن قرابة 77 % من عمليات القتل خارج نطاق القانون.
وعلى صعيد الاعتقال/ الاحتجاز والاختفاء القسري، والتعذيب، قال التقرير إنَّ ما لا يقل عن 5229 طفلاً لا يزالون قيد الاعتقال/ الاحتجاز أو الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، بينهم 3696 على يد قوات النظام السوري، و47 على يد هيئة تحرير الشام، و803 على يد قوات سوريا الديمقراطية، و364 على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني. وأضاف التقرير أنَّ 319 طفلاً منهم، كان قد اعتقلهم تنظيم داعش قبل انحساره ولا يزالون قيد الاختفاء القسري.
تحدث التقرير عن إخضاع النظام السوري الأطفال للمحاكم الاستثنائية كمحكمة الميدان العسكرية ومحكمة قضايا الإرهاب دون تخصيص قاضي أحداث خاص بهم باستثناء حالات قليلة معدودة، وصدرت بحقهم العديد من الأحكام القاسية بالسجن لأعوام طويلة وحتى الإعدام. وأشار إلى تسجيل العديد من الحالات التي تم فيها اعتقال الأطفال وهم في عقد حياتهم الأول وأفرج عنهم وهم بالغون، وأن العديد من الأطفال تم نقلهم لحضور جلسات محاكمتهم مقيدين وبثياب مهترئة وتظهر عليهم آثار التعذيب ونقص الغذاء بشكل واضح ووحيدين من دون أن يصحبهم محام أو أحد من ذويهم، ولم يستمع القاضي لأقوالهم أو يراعي سنهم، ويعتبر قضاء الأحداث هو المختص دون سواه في محاكمة الأحداث الجانحين من ناحية الاختصاص الشخصي والنوعي والمكاني، وهو اختصاص مستقل ومطلق ولا يجوز لمحكمة أخرى أن تحاكمهم وإن كانت استثنائية ذات اختصاص بموجب قانون.
وطبقاً للتقرير، فغالباً ما يتعرض الأطفال للتعذيب منذ اللحظة الأولى للاعتقال، وقد يُفضي التعذيب إلى موت الطفل المعتقل، وقد سجل التقرير مقتل 198 طفلاً بسبب التعذيب في سوريا منذ آذار 2011.
وقد وثق تعرض ما لا يقل عن 1681 من المدارس ورياض الأطفال في سوريا لاعتداءات من قبل أطراف النزاع والقوى المسيطرة، ووثق ما لا يقل عن 889 حادثة اعتداء على منشآت طبية. واعتبر التقرير أنَّ مخلفات الأسلحة التي استخدمها النظام السوري وحلفاؤه في قصف المناطق غير الخاضعة لسيطرته بشكل واسع ودون تمييز من أبرز المخاطر التي تهدد حياة المدنيين وبشكل خاص الأطفال وتأتي في مقدمتها الذخائر العنقودية ذات الطبيعة العشوائية، وقد سجَّل مقتل ما لا يقل عن 889 طفلاً عبر المئات من حوادث انفجار الألغام الأرضية المضادة للأفراد في سوريا.
سجل التقرير ما لا يقل عن 1493 حالة تجنيد لأطفال ضمن صفوف قوات النظام السوري يتوزعون إلى 1167 ذكراً و326 أنثى، وتسبَّبت عمليات تجنيد الأطفال من قبل قوات النظام في مقتل ما لا يقل عن 67 طفلاً منهم في ميادين القتال.
قال التقرير إن قوات النظام السوري مارست العنف الجنسي تجاه الأطفال بعدة أنماط، وأشار إلى ما لذلك من تداعيات جسدية ونفسية طويلة الأمد على الأطفال الضحايا، وسجل في المدة التي يغطيها ما لا يقل عن 539 حادثة عنف جنسي لأطفال.
واستعرَض التقرير انتهاكات هيئة تحرير الشام، التي إضافةً إلى عمليات القتل والاحتجاز، أنشأت عشرات مراكز تدريب خاصة بالأطفال وألحقتهم بدورات عسكرية وشرعية متزامنة بهدف التأثير على معتقداتهم وقيمهم وحثهم على حمل السلاح والقتال في صفوفها، وغالباً ما اتبعت العديد من أساليب «تنظيم الدولة» في تجنيد الأطفال في مرحلة مبكرة من حياتهم لضمان ولائهم وبقائهم مدة أطول. وقد وثق التقرير اعتداء الهيئة على 3 مدارس و2 من المنشآت الطبية حتى 20 تشرين الثاني 2023.
وتحدث عن استخدام قوات سوريا الديمقراطية الأطفال في عمليات التجنيد القسري على نطاق واسع، على الرغم من توقيع الإدارة الذاتية الكردية على خطة عمل مشتركة مع الأمم المتحدة لوقف عمليات تجنيد الأطفال في صفوف قواتها وتسريح من تم تجنيده منهم. وقد وثَّق التقرير ما لا يقل عن 296 طفلاً لا يزالون قيد التجنيد لدى قوات سوريا الديمقراطية، إضافةً إلى مقتل قرابة 260 طفلاً منذ تأسيس قوات سوريا الديمقراطية. كما سجَّل التقرير اعتداء قوات سوريا الديمقراطية على ما لا يقل عن 37 مدرسة وما لا يقل عن 12 منشأة طبية حتى 20 تشرين الثاني 2023.
أوردَ التقرير أبرز الانتهاكات التي مارستها جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني، وقال إنه إضافةً إلى عمليات القتل والاحتجاز، فقد جندت فصائل المعارضة المسلحة الأطفال ضمن صفوف قواتها مستغلةً الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها الطفل، وبحسب التقرير فإنَّ 12 طفلاً قتلوا خلال مشاركتهم في ميادين القتال إلى جانب فصائل في المعارضة المسلحة. كما سجل ما لا يقل عن 37 مدرسة و15 منشأة طبية تعرضت لاعتداءات على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني حتى 20 تشرين الثاني 2023.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية