النقابات الجزائرية تندد بزيادات الأجور البسيطة وتدعو الرئيس تبون للتدخل

حجم الخط
3

الجزائر- “القدس العربي”: فجّرت الزيادات الأخيرة التي أقرتها الحكومة في أجور موظفي القطاع العام، غضب النقابات الوطنية الكبرى التي عبّرت عن صدمتها من ضآلة هذه الزيادات وعدم تناسبها مع تدهور القدرة الشرائية. وتسود حالة من الغليان الاجتماعي في الجزائر، بسبب موجة الغلاء غير المسبوقة التي تعرفها أسعار المواد الاستهلاكية، رغم محاولات السلطات ضبط الأسعار.

لم يحقق الحدث المنتظر بالإعلان عن رفع أجور القطاع العام في الجزائر، ارتياحا كبيرا في صفوف العمال وممثليهم داخل النقابات، ذلك أن هذه الزيادات كانت في نظرهم هامشية ولا تخفف عنهم وطأة غلاء المعيشة المحسوس بقوة هذه الأيام. وفي وقت كان ينتظر تغير في قيمة النقطة الاستدلالية (حاليا 45 دينارا) التي يحسب على أساسها الأجر، قررت الحكومة عبر المرسوم الجديد، رفع الرقم الاستدلالي وهو معامل حساب الأجر، لتتراوح قيمة الزيادات في الأخير بين 2000 و7000 دينار لأغلب الموظفين، أي ما يعادل 15 إلى 50 دولارا بسعر التداول الرسمي.

وفور الإعلان عن هذه الزيادات التي ستصب بأثر رجعي ابتداء من شهر مارس/ آذار الماضي، تحركت عدة نقابات في البلاد لتعبر عن خيبة أملها من طريقة مراجعة الأجور، على اعتبار أن الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمن، وأمام الضغط الكبير الذي خلفه تراجع القدرة الشرائية، كان قد أكد بعد التوقيع على قانون المالية 2022 (قانون الموازنة العامة) نهاية السنة الماضية، أن الدولة ستمضي قدما في إعادة النظر في النقطة الاستدلالية، وهو ما كان سيعود حسبه على العمال والموظفين بتحقيق نسبة مهمة من المردودية.

وفي سياق ردود الفعل، دعت النقابات الوطنية المستقلة لقطاع التربية في بيان وقعته 10 منظمات الرئيس عبد المجيد تبون للتدخل شخصيا من أجل إعادة النظر في سلم الأجور الخاص بموظفي وعمال قطاع التربية الوطنية، مع تحميل الحكومة المسؤولية الكاملة لما قد ينجر من غضب عمالي في ظل ما وصفته بالتدني الرهيب للقدرة الشرائية. وذهب البيان لحد اعتبار أن تقديم الخدمة العمومية في المدرسة قد أصبح مهددا بسبب عدم قدرة العنصر البشري المؤطر لها على مواجهة ظروف الحياة. وتعد نقابات التربية في الجزائر الأكثر تنظيما وقدرة على شن الإضرابات، ونجحت هذه التنظيمات في السنوات الأخيرة من افتكاك الكثير من المكاسب الاجتماعية.

من جانبها، حددت النقابة الوطنية المستقلة لمفتشي العمل مطالبها في 4 نقاط هي إعادة النظر في التعديل الأخير الذي مس الرقم الاستدلالي الأدنى ورفع قيمة النقطة الاستدلالية بما يتناسب مع تحسين الظروف الاجتماعية والمهنية للموظف وإعادة النظر في النظام التعويضي لجهاز الوظيف العمومي والشروع في إصلاحات جذرية وعميقة لقطاع الوظيفة العمومية. ووصفت النقابة حياة الموظف الحالية بالبائسة واعتبرت أن الزيادات لا تكفيه حتى لتلبية أبسط متطلباته اليومية.

وليس الوضع أحسن حالا في قطاع التعليم العالي، فقد أصدرت النقابة الممثلة له بيانا يدعو الرئيس تبون إلى التدخل من أجل إعادة النظر في الزيادات الأخيرة التي أصابت حسبها الجميع خاصة ذوي الدخل المحدود بالصدمة والإحباط، لأنها لم ترق لآمال العمال. وطالبت النقابة الوطنية لمستخدمي التعليم العالي، من الطبقة العمالية الاستعداد لمواجهة هذا الوضع بما يكفله القانون والدستور من أساليب الاحتجاج.

وبنبرة انتقاد أقل حدة، أكد المجلس الوطني المستقل لمستخدمي الجماعات المحلية، أن الزيادات الأخيرة ستساهم نوعا ما في رفع الأجور لكنها تبقى غير كافية ولا تلبي حاجيات المستخدمين، ما يجعلها معاكسة للتوقعات. ويضم قطاع الجماعات المحلية مئات الآلاف من العمال، وهم موظفو البلديات والولايات وهياكل الدولة في كل مناطق البلاد. ودعت هذه النقابة لإقرار زيادات أكثر عبر برنامج زمني قصير المدى، وطالبت وزير الداخلية باعتباره الجهة الوصية على قطاع الجماعات المحلية إلى إعادة النظر كليا في أجور الموظفين.

ويبقى مشكل الأجور في الجزائر عويصا، على الرغم من بعض الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الحالية والسابقة لتحسين الرواتب التي تلتهم سنويا نحو 28 مليار دولار خاصة مع تضخم القطاع العام الذي يوظف وفق الإحصائيات الرسمية 4.1 مليون عامل. وكان الرئيس تبون قد قرر رفع الحد الأدنى المضمون للأجر من 18 ألف دينار إلى 20 ألفا منتصف سنة 2020 كما أعلن عن خفض الضريبة على الدخل وإلغائها لمحدودي الأجر قبل سنة، لكن كل ذلك ظل غير كاف لمواجهة موجة الغلاء التي تحسس لها الجزائريون بقوة في فترة ذروة فيروس كورونا، وأرجعت الحكومة ذلك إلى زيادة أسعار المواد الأولية في الأسواق الدولية بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الشحن الدولي وغيرها من العوامل غير المتحكم فيها.

وتنفق الجزائر نحو 17 مليار دولار سنويا من ميزانيتها على كل أشكال الدعم الموجهة للمواطنين. وتم مؤخرا إقرار منحة للبطالة قيمتها نحو 120 دولارا لكل مواطن لم يعثر على عمل وهي خطوة وصفها الرئيس تبون بالسابقة في العالم الثالث.

وتتحمل الحكومة فارق الأسعار بالنسبة لمادتي الخبز والحليب اللتين تباعان بأثمان بسيطة، ويتم تسقيف مواد واسعة الاستهلاك مثل الزيت والسكر، بينما يتم تقليص تكاليف الإنتاج الفلاحي عبر دعم الأسمدة وبعض وسائل الإنتاج. لكن مع ذلك، شهدت الأسعار ارتفاعا ملحوظا في الخضر والفواكه والعجائن واللحوم والأسماك ومعظم المواد الاستهلاكية، بشكل يصل أحيانا إلى ضعف سعرها الأولي خاصة في المواسم مثل شهر رمضان. وأدى هذا الاضطراب إلى قيام وزارة التجارة بحملة واسعة تستهدف المضاربين في السلع وأقرت الحكومة قانونا تصل فيه عقوبة تخزين السلع بغرض المضاربة إلى 30 سنة سجنا.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول امحمد الأول:

    لا يمكن وصف نسبة الزيادة في الأجور إلا بالصدمة وخيبة الأمل الكبيرة …… منتهى الإهانة لمنتسبي القطاع العام.

  2. يقول قريدش:

    الإضراب هو الحل

  3. يقول البويري ع،:

    النقابات في الجزاءر!!!كذبة ابريل

إشترك في قائمتنا البريدية